"الصادعون بالحق" .. الخروج من عباءة الإخوان
الثلاثاء 08/أغسطس/2017 - 08:06 م
طباعة
مقدمة:
إن التتبع الدقيق للجماعات الدينية المتطرفة كافة، وإن اختلفوا في الأسماء الممارسات والقادة والاتجاهات، سنجدهم ينحدرون من نفس البذرة والمنبع، داعش، القاعدة ، التكفير والهجرة، أنصار بيت المقدس، التوحيد والجهاد... وغيرها من الجماعات الجهادية.
فالبذرة هي جماعة الإخوان الإرهابية، أما المنبع فهو سيد قطب وأبو الأعلى المودودي.
في إبريل عام 2017، ظهرت جماعة "الصادعون بالحق" التي أعلنت إنها تستقي أفكارها من التكفيري المتطرف سيد قطب، وإنها تسير على منهاجه، وإنها ظلت أربعون عامًا منتظرين اللحظة المناسبة للإعلان عن أنفسهم، وجماعتهم، راقبوا خلالها الجماعات والتيارات الدينية المتطرفة، ليدعوا أنهم يكفرون المجتمع ولا يقتلوه، مدعين أنهم غير طامحين في سلطة أو نفوذ أو حكم، على خلاف الجماعة الأم لهم الإخوان المسلمين، متباهين بأن زعيمهم وأميرهم مصطفى كامل محمد استقى أفكاره وتتلمذ على يد سيد قطب، وأنه رفيق كفاح الإرهابي أيمن الظواهري.
بوابة الحركات الإسلامية تقدم "جماعة الصادعون بالحق" المصرية المنشأ، ودولية الأفرع في ليبيا والكويت، والصومال، المنشأ والأفكار والمنطلقات الفكرية وأهم قادتها.
النشأة التاريخية:
على الرغم من أن جماعة "الصادعون بالحق" لم تعلن عن نفسها إلا في إبريل عام 2017، إلا أن البيان التأسيسي للجماعة أرجع نشأتها إلى عام 1973، الأمر الذي أعلنه مؤسس الجماعة وأميرها مصطفى كامل محمد، بقوله في البيان التأسيسي: " هَٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"، نحن نعلن للجميع أننا جماعة من المسلمين، أهمّها ما تراه وتسمعه في العالم، لقدْ ظلَلْنَا نراقبُ ونعاينُ على مدى الأربعينَ عاماً الماضيةِ، وبالتحديدِ منذُ عامِ ألفٍ وثلاثمائةٍ وثلاثةٍ وتسعين هـجرية الموافقِ لعامِ ألفٍ وتسعمائةٍ وثلاثةٍ وسبعين ميلادية.. نراقبُ حالَ أمتِنا التي كانتْ يوماً ما تنعَمُ بدينِ اللهِ.. بالإسلامِ.. علماً وتطبيقاً وسلوكاً.. نراها الآنَ والعالمُ منْ ورائِها تعيشُ في شقاءٍ وتنازعٍ وانحلالِ أخلاقٍ، وظلمٍ وتخلفٍ وفقرٍ وعناءٍ وتبعيةٍ لكلِّ ناعقٍ يقودُها إلى مزيدٍ منَ الشقاءِ والتعاسةِ" وأنهم تألموا لما يرونه ويسمعونه في أنحاء العالم، وما آلت إليه أحوال المسلمين، وهو الأمر الذي دفعهم للعلانية لتحمل مسئولية إنقاذ المجتمع مما يعانيه والعودة به إلى طاعة الخالق وإعلان إسلامها كما أعلنته يوم بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام.(1)
يرى البعض أن جذور جماعة "الصادعون بالحق" تعود إلى منتصف الستينات من القرن الماضي، عندما شهدت جماعة الإخوان انشقاقًا ضخمًا أدى إلى تأثر الكثيرين بأفكار سيد قطب المرتكزة على أدبيات "الجاهلية"، و"الحاكمية"، و"العزلة الشعورية"، و"الطليعة المؤمنة"، وجرت بين المنشقين وقادة الجماعة مناقشات أثناء السجن بعد إصدار رسالة "دعاة لا قضاة".(2)
ويعكس البيان التأسيسي أن فكرة الجماعة ظلت موجودة، وإن كان من الصعب الجزم إن عملت في الخفاء طوال هذه الأربعين عامًا أم لا؟، وهنا أقصد الجماعة ككيان تنظيمي، له أعضاء، وفاعل مع المجتمع والبيئة الحاضنة له، فالمقصد هنا الجماعة ككل، وليس نشاط أعضاؤها المتشرذم في جماعة أخرى، فالرصد المبدئي يعكس أن الجماعة لم يكن لها أنشطة على مستوى العمل العام والظهور للعلن لم تكن موجودة بالشكل الموجودة عليه حاليًا.
وبالنظر إلى أعضاء مجلس الجماعة الذين ظهروا في فيديو البيان التأسيسي سنجد أن من المؤسسين كل من أمير الجماعة المصري، مصطفى كامل محمد، الى جانب العديد من الشخصيات، منهم مصريون وهم الأكثر إلي جانب عدد من الشخصيات من ليبيا والصومال والكويت.
نشأة فرع الجماعة بالصومال:
على الرغم من أن نشأة الجماعة كان في مصر، إلا أن عدم وجودها على الأرض بشكل حقيقي مثل نظيراتها من الجماعات المتطرفة، لم يكسبها الثقل على أرض المنشأ المصرية، ولكن الأمر اختلف بعض الشيء لفرع الجماعة في الصومال، والتي ترجع الجذور الأولى لنشأتها إلى جماعة "اتحاد شباب المسلمين" – والتي عرفت لاحقا بـ"الأهل"، والتي ألف عنها الشيخ عبد القادر موسى مذكرات عنها باعتباره رئيس شورى الجماعة في وقت لاحق من عمر الجماعة، والمدافع عنها، المذكرات التي صدرت في إبريل 2016، بعنوان "صفحات من تاريخ اليقظة الإسلامية في الصومال" (رؤية من الداخل) هي من أفضل ما يكتب لتصوير بداية الصحوة الإسلامية عموما وفي مرحلة (الأهل) بشكل أخص.(3)
تأسست جماعة الصادعون بالحق – فرع الصومال - عام 1968، وكانت تتبع أسلوب الدعوة العلنية في بداية الأمر، وكانت مسألة الحكم بكتاب الله من العناوين البارزة في كل خطاباتها، وأن الحاكم الذي لم يحكم بكتاب الله يكون كافرًا أصيلًا… و” لم يكن لدى هذه الجماعة أي فرق بين فرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، وبين أي رئيس في دولة عربية أو أعجمية، ما لم يؤمن بالله العظيم، وما لم يحكم بكتابه الحكيم قضائيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وما لم يعادي الكفر ويوالي المؤمنين.
وقد تجسدت هذه الرؤية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يوم 26 مارس 1969، حيث "قدمت الجماعة خطباءها في كل المناطق، وألقت خطابها الناري الرافض للمشاركة في الهيئات التشريعية التي تشرع للناس ما لم يأذن به الله واصفة إياهم بـ(المشركين الحقيقيين)..وكان ذلك أمام الجماهير، في المساجد، وفي المدارس، والمراكز العامة وفي الشوارع وعلى مسامع الناس”، كذلك رفضت الجماعة المشاركة في صلاة جنازة الغائب على الرئيس جمال عبد الناصر ووصفته بأنه "كلب عقور مخلص للغرب الكافر، بعد أن اتشحت الأجواء بالتعازي والبكاء، وأقيم عليه مأتم وعويل وصلاة الغائب في كل أنحاء جمهورية الصومال، بل إن الجماعة عقدت اجتماع لاختبار مفاهيم الحركة، كان السؤال المطروح على المجتمعين: هل فيكم من شارك صلاة الجنازة على الهالك جمال عبد الناصر؟ جاءت الإجابة بالنفي القاطع والاستغراب، وقال الجميع كيف نصلي على عدو الله".
تمثل الصومال ثاني بلد تحظى فيه جماعة الصادعون بأكبر عدد من المتابعين، حيث تتخذ كل من العاصمة مقديشو ومدينة جروي حاضرة ولاية بونتلاند، ومدينة هرجيسا عاصمة أرض الصومال التي أعلنت انفصالاً عقيماً منذ التسعينيات، مقارًا لها ومراكزا لنشاطتها.
ووفقًا لمركز الإصلاح اليوم، الصومالي، والمعني بدراسة الجماعات الإسلامية في الصومال، فإن عدد المنتمين لجماعة الصادعون بالحق في الصومال يتجاوز الآلاف، متراوحين ما بين مؤيدين للفكرة ومتعاطفين معها، وهذا الرقم قابل للزيادة بحكم واقع قياداتهم من التجار والأكاديميين، وبحكم ارتباطهم بفكر "الإخوان المسلمين" العالمي، كما إن فكر الصادعون لم يكن وليد اليوم، وإنما تمّ طبخه وبلوغه لمرحلة الرشد المتكامل.
شهدت الجماعة فرع الصومال لعديد من الانشقاقات، حيث استقال بعض عناصر الجماعة من مناصبهم سواء في الخارج كبعض العاملين في شركة اتصالات الإماراتية، أو في الداخل مثل إداريين بجامعة جزيرة، وجامعة دار الحكمة التي يعتبر رجال الجماعة أكبر المساهمين فيها، بينما أرجأ آخرون استقالتهم. وجاءت استقالاتهم هذه استباقاً لاحتمال إقصائهم ربما، أو لإظهار أنهم مستعدون لأية تضحية.
ومن بين الشخصيات الصومالية التي ظهرت أسماؤها: الدكتور عثمان عبد الله روبله، والدكتور يوسف أحمد هرابي، والشيخ حسن عبدالله عسبلي، والمهندس يوسف إسماعيل، والدكتور عبد الله شيخ دون عبده، وبشير شيخ محمد عبدي. وهم مثقفون ورجال أعمال ونشطاء اجتماعيون وقياديون من حركة الأهلي في السبعينيات. وينتمي معظمهم إلى جماعة اشتهرت في الوسط الدعوي بجماعة التكفير (جناح الجو)، والتي ظلت في الصومال منذ منتصف السبعينيات من القرن الميلادي المنصرم، ولم تكن أنشطتها الدعوية معلنة مثل الجناح الآخر من جماعة (التكفير) المشهور بجناح (محمود نور) الذي يتخذ حالياً من مدينة قرطو (شمال شرق الصومال) مقراً له.(4)
نشأة فرع الجماعة بليبيا والكويت:
للآسف لم تتوافر المعلومات الكافية عن فرعي ليبيا والكويت لجماعة الصادعون بالحق، حتى موقعهم الإليكتروني، لم تشر إلى أية معلومات عنهم، فيما عدا بعض فيديوهات المبايعة للشباب المنتمي للجماعة.
الأهداف:
الجماعة حددت لنفسها 5 أهداف وهي:
1- الدعوة لإعادة الناس بالدخول في الإسلام الصحيح:
وفقا للموقع الرسمي لجماعة الصادعون بالحق، فإن الهدف من التنظيم هو إعادة إدخال الناس إلى الإسلام، وذلك من خلال: "دعوة الناس إلى حقيقة التوحيد للدخول في الإسلام، واصطفاء العناصرِ الطيبةِ ليكونوا من المؤمنين الموحدين، ولكي يلتحقوا بالصف المسلم تحت قيادةٍ راشدة.. ويقفَ المشركون الذين يطيعون غيرَ الله صفاً آخر تحت قيادةٍ جاهلية. وربما تطول هذه الفترة حسْب علمِ الله وتقديره.. ثم يكونُ الصدعُ بالحق ويفاصلُ المؤمنون المشركين.. ثم يتحقق وعدُ الله إما بنصر المؤمنين والتمكين لهم.. أو باصطفائهم شهداء.. أو بأي صورة يقدرها سبحانه" .(5)
إن هذه المجتمعاتِ القائمةَ اليوم.. تحتاج إلى الدخول في الإسلام من جديد والخروجِ من هذه الجاهلية النكدة التي ارتدّت إليها وهذا تبعةٌ ثقيلةٌ تقع على عاتق جماعةِ الحق.. وفق ما تعلّمته من منهج الحركة.. في تاريخ الرسل والأنبياء. (6)
2- إبلاغ رسالة الإسلام كأمر إلهي:
ترى جماعة أن مهمتهم هو عادة إبلاغ الناس برسالة الإسلام، مثلما كان الرسول يفعل امتثالا لأمر الله، فتقول الجماعة: "كان الأمر الإلهي للرسول بإبلاغ الناس رسالة الإسلام، الأمر الذي ورثه أصحابه ومنهم إليهم ليتبقى عليهم هذا الواجب مستندين لقول الرسول: "بلغوا عني ولو بآية"، فتقول الجماعة: "إنه أمر واجب ولا يجوز النكوص عن حمله.. ومن أجل ذلك نشأت جماعتُنا.. جماعة الصادعون بالحق .. من أجل ذلك قامت جماعتنا (جماعة الصادعون بالحق).. لأداء ذلك الدور وتلك الوظيفة.. لأن هذا هو التكليف الرباني لأنبيائه بالدعوة والبلاغ.. والصدع بالحق.. ثم هو الأمر الواجب لمن تبعهم وآمن بهم". لهذا قررت جماعتنا الصدع بالحق وذلك:
3- تحقيق ألوهية الله وسلطانه في الأرض.. ولنصرة دين الله عز وجل.
4- قول للناس كما قال الأنبياء لأقوامهم.. (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره).
5- لكي يكون الإسلام واقعاً حياً.. في حياة الناس.. وفي واقع الأرض".(7)
أهم الشخصيات:
تضم الجماعة الجديدة بعض الأسماء القيادية، ويأت علي رأسهم أمير الجماعة المصري، مصطفى كامل محمد، إلى جانب العديد من الشخصيات، منهم مصريون وهم الأكثر إلي جانب ليبيا والصومال والكويت، وقد ظهرت بعض الأسماء منهم الدكتور عثمان عبد الله روبله قيادي من حركة الأهلي في السبعينات وهو أكاديمي معروف، وينتمي الى قبيلة أبغال المشهورة في الصومال، وبشير شيخ محمد عبدي من مواليد 1958، رجل أعمال من نشطاء الجماعة القدماء ، وعبد الله شيخ دون عبده ،وينتمي الثلاثة إلي جماعة صومالية تكفيرية، وقد ظلت في الصومال منذ منتصف السبعينيات، الملاحظ هنا أن أغلب أعضاء المجلس ممن كانوا ينتمون لجماعات جهادية تكفيرية سابقة.
1- مصطفى كامل محمد:
وفقًا لموقع الجماعة الإرهابية، فإن الشيخ مصطفى كامل محمد حسين، من مواليد القاهرة يناير ١٩٣٦، التحق بجماعة الاخوان المسلمين عام ١٩٥٢م وكان عمره ١٦ سنه، حكم عليه ١٠ سنوات سجن عام ١٩٥٥، التقى عام ١٩٦٢ بالإرهابي سيد قطب في سجن مزرعة طره وتلقى منه وتتلمذ على يديه، تم اعتقاله مرة أخرى عام ١٩٦٥ لمدة ٧ سنوات، وخرج من السجن في أواخر عام ١٩٧١، من الأوائل الذين دعوا إلى جماعة "الصادعون بالحق" عام ١٩٧٣، كما عمل محاضراً في جامعة أم القرى لمدة ٢٥ عام بكلية الدعوة وأصول الدين.(8)
هو أحد عناصر أول خلية إرهابية في مصر، والتي اشتهرت باسم "خلية المعادي"، والتي تأسست عام 1967، على يد أيمن الظواهري، وكانت تضم 13 شخصاً أبرزهم أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الحالي، ومصطفى كامل محمد أمير التنظيم الجديد، وعبد الهادى التونسي، وعصام القمري ومحمد الظواهري، وعصام هنداوي، وخالد مدحت الفقي، وأمير الدميري وخالد عبد السميع ونبيل البرعي، والسيد إمام عبد العزيز المعروف باسم الشيخ فضل، ونبيل البرعي.
مصطفى كامل يوثق لحياته وانتمائه إلى التفكير القطبي، فيقول أنه قبل دخولي للسجن كنت معجبا بأفكار حسن البنا، وكان عضوّا بجماعة الإخوان، ولكنه عندما التقى بسيد قطب في السجن، انتمى لأفكاره، ووجد فيه ضالته، الأمر لذي دفعه بأن يتقرب منه، ويتتلمذ على يديه ويستقي من أفكاره،
قرأ كل كتابات سيد قطب، وكتابات أبو الأعلى المودودي، ويفند "كامل" في مذكراته المسجلة الفكر الإخواني، وتعارض فكر الإخوان المستقدم من حسن البنا، وفكر سيد قطب، فيقول: "إن فكر الإخوان لا يرى المجتمع الذي يعيش فيه بالمجتمع الكافر، حتى وإن كانت مارستهم للتعاليم الإلهية غير صحيحة، في حين يرى سيد قطب أن المجتمع الذي يرتضي بالحكم بغير الإسلام، فهو مجتمع خرج عن الإسلام، وانحرف عن الإسلام، لأنه وافق بأحكام غير تعاليم الدين الإسلامي، وهو مجتمع مرتد. (9)
2- الدكتور عثمان عبد الله روبله قيادي من حركة الأهل في السبعينات وهو أكاديمي معروف، وهو أمير الفرع الصومالي
3- والدكتور يوسف أحمد هيرابي، ناشط في الصحوة الإسلامية، تخرج من الجامعة الوطنية كلية التربية
4- الدكتور عبد الرحمن طاهر أويس، أستاذ التربية في الجامعة الإسلامية بمقديشو.
5- والدكتور عبد الله شيخ دون عبده، وهو ناشط في المجال التعليم
6- ومن هرجيسا الصومالية، ظهرت إبراهيم علي كنيع
7- محمود إسماعيل يوسف (فوزي)
8- المهندس عبد الله عيسى
9- الدكتور طاهر علي جامع.
10- بونتلاند الشيخ بشير شيخ محمد عبدي حاجي من مواليد 1958، رجل أعمال مثقف من نشطاء الجماعة القدماء، ويقيم في بوصاصو.
11- محمد علي مري (نجيب)
12- والمهندس محمد عبد الرحمن
13- حسين طاهر أفرح
14- عبد الرشيد جامع عرب
15- جمال حسن موسى عميد سابق لكلية التربية بجامعة شرق إفريقيا، ومدير هيئة محلية متعاقدة مع الأمم المتحدة تعمل في مجال التدقيق والإشراف.
المرتكزات الفكرية:
1- تكفير المجتمع: يرى أمير الجماعة الإرهابية، أن الجماعة لم تأتِ لتكفر المجتمع، ولكن ترى أن المجتمع الذي لا يقبل بالرجوع إلى تحكيم شرع الله – وهو مبدأ الحاكمية – فهو كفر عن تعاليم الله ومنهجه، وبهذا فإن أوضاع الناس تتحد ووفقا لموقفهم من الدعوة إما يعود إلى الدين الإسلامي، وإما كافرًا.
وفقًا لرؤية المفكر كمال حبيب المتخصص في الشؤون الإسلامية، فإن جماعة الصادعون بالحق ترى أن المجتمعات المسلمة مقطوعة الصلة بالإسلام بعيدا عن الديانة التي يعلنوها، فالمجتمع كافر ولا يتحقق إسلامه بنطق الشهادتين تتبعهما العبادات، فهؤلاء يؤمنون بقضية الحاكمية، بما يعني أن لا أحد ينازع الله في الحق وفي التشريع، وبالتالي فالحاكم والمشرع والجهات التي تعمل بالقوانين تعتبر جهات كافرة، كما يرفضون الديمقراطية والأحزاب ويرونها من مظاهر الكفر، ويصف "الصادعون بالحق"، بحسب حبيب، المجتمعات بالجاهلية الكافرة ويحاولون إعادتها إلي الإسلام عن طريق ما يعرف بالـ"العصبة المؤمنة" أي التنظيم الذي يعمل وفق شروط خاصة، ولا ينضم إليه أحد إلا بعد التأكد من وصوله إلي البلاغ المبين، ونفس درجة التربية لقيادات التنظيم. (10)
وللجماعة عدة مبادئ يقرها مؤسسها عبر منهجهم ورؤيتهم للدين الإسلامي:
1- الخضوع والاستسلام:
على الرغم من أن الجماعة تؤمن بمنهج الاستسلام والخضوع الكامل لله وبمبادئه فينص ميثاق الجماعة فتحت بند الخضوع والاستسلام: "هي طاعة كاملة لله.. وخضوع شامل في كل اتجاهات الحياة .... يشمل الشارع والبيت والرجل والمرأة والحاكم والمحكوم والأسرة والمجتمع والعواطف والسلوك والدنيا والآخرة". (11)
وترى الجماعة أن مبدأ الخضوع والاستسلام في المجتمعات المسلمة أصبح شعائر تعبدية مقتصرة فقط على الصلاة والصوم، دون أن تكون خضوع لتعاليم الله في شتى نواحي الحياة.
ولذلك فإن المجتمعات المسلمة أصبحت كافرة لأنها لم تعد تطبق تعاليم الحاكم ولا تخضع وتستسلم مبرهنة لوجهة نظرها بالآية: "مَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ". الآية رقم 44 من سورة المائدة. (12)
2- الإسلام في جيل الصحابة:
ترى جماعة الصادعون بالحق أن الإسلام الحق كان في الجيل الأول للإسلام الذين عاصروه أيام الرسالة في حياة النبي، مستندة إلى حديث نبوي للبخاري: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته".
وترى الجماعة أن جيل الصحابة يعد جيلًا فريدًا لا يفسره فقط وجود الرسول بينهم، فهذا الأمر ليس كافيًا لأن يكونوا أفضل أجيال الإسلام، وإنما من وجهة نظر الجماعة أن السبب يعود إلى أن الصحابة انصاعا واستقوا كافة الأوامر والأحكام إلى القرآن الكريم أولا، ثم للرسول واتباعه، دون التأثر أو الرجوع إلى الحضارات المحيطة بهم من رومانية أو إغريقية أو حضارة فارس وغيرها، وفي ذلك ترى الجماعة: "إن النبع الذي استقى منه الصحابة واقتصروا عليه هو نبعُ القرآن.. بالرغم من وجود الينابيع الأخرى مثل الحضارات الرومانية والإغريقية والفارسية وحضارة الهند والصين، لقد كان الرسول يريد صنع جيل خالص القلب والعقل والتصور والشعور.. خالص التكوين من أي مؤثر آخر غير المنهج الإلهي، الذي يتضمنه القرآن الكريم.
لذلك فإن جيل الصحابة استقى من ذلك النبع وحده.. فكان له في التاريخ ذلك الشأن الفريد.. ثم لمّا اختلطت الينابيع تخرج على تلك الينابيع المختلطة.. سائر الأجيال بعد ذلك الجيل.. فلم يتكرر ذلك الجيل الفريد.... إن منهج التلقي للتنفيذ والعمل هو الذي صنع الجيل الأول.. ومنهج التلقي للدراسة والمتاع هو الذي خرَّج الأجيال التي تليه".(13)
3- جماعة الصادعون بالحق... قائمةٌ بالحق:
في هذا الجزء توضح الجماعة أسباب النشأة والعودة للظهور وهو الأمر الذي سبق وأوردناه في أهداف وأسباب عودة جماعة الصادعون بالحق
4- الدين الإسلامي دين رباني:
في هذا المبدأ تتطرق الجماعة لأربعة قضايا تقوم بشرحها وهي جدلية العلاقة بين الدين والمجتمع ولقد أفردها المؤسسون هذه القضايا في:
أ- خضوع الانسان والكون كله للناموس الإلهي
ب- الارتباط الوثيق بين دين الله والعلوم المتعلقة بالنواميس الكونية
ج- الدين الرباني والإنتاج والابداع المادي
د- وشيجة العقيدة هي الوشيجة الوحيدة التي تربط الناس في دين الله
هـ- المجتمع المسلم والمجتمع الجاهلي.
تضع الجماعة في النقطة الأخيرة تعريفًا للمجتمع المسلم والمجتمع الجاهلي، وعليه نستطيع أن نفهم المنطلق التكفيري للمجتمعات المسلمةوغير المسلمة، فترى الجماعة أن المجتمع المسلم: "هو المجتمع الذي يتكون من أفراد ومجموعات من الناس تدين بالعبودية لله في الاعتقاد والتصور.. ولا تدين بالعبودية لغير الله في العبادات والشعائر.. وتدين بالعبودية لله في النظام والشرائع.. فهي تنظم حياتها كلها على أساس هذه العبودية الخالصة لله وحده بلا شريك.
أما المجتمع الجاهلي: "هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم.. فهو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده.. متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي.. أوفي الشعائر التعبدية.. أو في الشرائع القانونية.. وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار " المجتمع الجاهلي" جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلاً"
تدخل فيه المجتمعات الشيوعية، ومجتمعات الهند واليابان والفلبين والأفريقية، وذلك بتصورها الاعتقادي القائم على تأليه غير الله، كما تدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية بتصورها الاعتقادي المحرَّف الذي لا يفرد الله بالألوهية، بل جعلوا له شركاء في صورة من صور الشرك سواء بالبنوة أو بالتثليث.
وأخيـراً يدخل فـي إطار المجتمع الجاهلي.. تلك المجتمعات التـي تزعم لنفسهـا أنها "مسلمة".. لأنها لا تدين لله وحده في نظام حياتها، فهي تدين بحاكمية غير الله.. هذه الحاكمية تجدها في نظامها وشرائعها وقيمها وموازينها وعاداتها وتقاليدها.(14)
نقد المرتكزات الفكرية للجماعة:
1- مركزية الحاكمية القانونية :
يلاحظ في تسجيلات ونشرات الجماعة تركيزها المفرط على فكرة الحاكمية والتشريع لله سبحانه، ويعتبر أي شكل من أشكال التشريع في البرلمانات وغيرها عدوانا على حق الله في التشريع والمجتمعات التي رضيت بهذه الأنظمة باعتبارها مجتمعات جاهلية تحتاج لأن تدخل الإسلام من جديد ،وبالتالي فهي لا تعطي أولوية لجوانب عقدية أخرى مثل الدعوة لغير الله والذبح والطواف على الأضرحة، ومحاربة البدع كما هو شأن جماعات أخرى عرفت في الساحة الدعوية.
وقد جاء في البيان الأول للجماعة: "فلا ديمقراطية تخضعنا لحكم البشر وتخرجنا من حكم الله ولا سيادة للشعب بل السيادة كلها لله والأمة ليست مصدر السلطات بل القرآن والسنة هما مصدر السلطات “. وهذه الرؤية مستقاه من القرآن الكريم مباشرة وإن كان فيها تأثيرات من المفكرين الإسلاميين الذين واجهوا الاستعمار وأذنابه بمدافع أقلامهم وصلتنا وزادتنا اشتعالا مثل حسن البنا وسيد قطب ومحمد قطب، وأبو الأعلى المودودي والندوي وعبد القادر عودة وغيرهم كما يقول الكاتب عبد القادر موسى، وليست كذلك استيرادا من مصر، أو بتأثير الجماعة التي أطلقت الصحافة والمتآمرون بالتكفير- كما يقول عبد القادر موسى-.وهذا التفسير للحاكمية بهذا ” التعميم” ومن دون تفصيل يجعل من التقابل النِّدّي بين الإرادة الشعبية، والحاكمية الالهية حاصلا في الفهم، في حين أن المقصود في نظرنا من فكرة الحاكمية أن يكون مصدر التشريع والقانون هو الشريعة. أما تشريع القوانين التفصيلية فذلك من اختصاص المؤسسة التمثيلية للأمة التي تتقيد بمصدر التشريع والقانون.
2- تكفير المجتمعات الإسلامية:
الذي يبدو من مجمل الخطاب هو تكفيرها للمجتمعات المسلمة ،وهذا يتضح من مضمون خطابها الذي هو الدعوة الى التوحيد فقط (وليس الالتزام التفصيلي أو الإصلاح الشامل) ويبدو ذلك أيضا من مطالبتها للأمة بالإعلان عن هذه العبودية، ومن المراحل الدعوية التي حددت لنفسها وصولا الى التطبيق الكامل لشرع الله.
ويتضح أيضا ذلك رؤيتها للواقع الذي تعالجه؛ فهو واقع بعيد كل البعد عن الإسلام وقبول أحكامه والعبودية لرب العالمين، فالتوصيف الحالي للمجتمع المستهدف هو أنه مجتمع اختار تشريعات الطواغيت الذين يحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله، وهذا المجتمع يختار الهيئات والبرلمانات التي تضع الدساتير، وتترك شرع الله القويم وهذا يتناقض مناقضة صريحة مع ادعائها للاسلام والحال هذه، ولن يكونوا مسلمين إلا بالتبرؤ من كل ما هم فيه واعلان عبوديتهم لله من جديد والتلقي منه كل شيء يخص حياتهم وأمتهم والعالم أجمع، فإذا فعلت الأمة ذلك فقد خطت الخطوة الأولى للنجاة من شقاوة الدنيا والاخرة. جاء في موقع الجماعة بالإنترنت تحت عنوان: ” لماذا نشأت جماعتنا؟” إن انحراف الناس عن دين الله ينبغي معه التوضيح الكامل بأنهم ليسوا في دين الله ..” ويتكرر في بياناتهم وفي موقعهم نحو هذه التصريحات.
وينتج بالإيمان بضلال المجتمع وكفره مفاصلته والعزلة عنه شعوريا، ودعوته إلى اعتناق التوحيد من جديد.
ملامح المنهج الحركي للجماعة:
جماعة ملتزمة بمنهج الرسول في الدعوة: الجماعة – حسب بيانها- تلتزم بمنهج الرسول -صلى الله عليه وسلم-في الدعوة والخطوات التي سلكها، وهي أنها تمر بمراحل الدعوة السرية ومرحلة الجهر والاعلان والابتلاء ثم بمرحلة الدولة والتطبيق الكامل للاسلام حتى إن اسم الجماعة مستوحى من المرحلة الجديدة التي دخلت فيها ، وهي مرحلة الصدع بالحق والاستعداد لتحمل تبعاته مهما كانت، والاسم مأخوذ من المرحلة الثانية لدعوة الرسول-صلى الله عليه وسلم.
جماعة عالمية:
الجماعة جماعة عالمية مركزها في مصر، وتنزل القرارات إلى الروابط والفروع القطرية في الدول العربية والإفريقية ومنها الصومال، وقد جاء هذا الإعلان في بيانين متتابعين يعرض فيهما فكرة التنظيم ورؤيته، والقواعد التي يسير عليها في المرحلة المقبلة.
جماعة لا تسعى للسلطة: الجماعة لا تعتبر نفسها فصيلاً من فصائل الإسلام السياسي أو الجهادي بل لا تعدو أن تكون مجموعة دعوية تحمل بعض الأفكار المتطرفة المستقاة من تأويلات البعض لكتب سيد قطب وشقيقه محمد قطب، فهي في طرحها تخالف الجماعات الإسلامية الأخرى في العام الإسلامي حيث تسعى الى ايجاد الجماعة المسلمة من جديد، وليست مهمتها تصحيح ما هو قائم وموجود، وهذه هي نقطة خلافها مع الحركات التصحيحية الأخرى، التي تعترف بإسلامية مجتمعاتها ثم تنطلق في تصحيح الجوانب الأخرى من السياسة والاقتصاد والتعليم، والاجتماع.
جماعة لا تمارس العنف :
الجماعة لا تمارس العنف كخيار مبدئي تلتزمه اتباعا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-في مراحل دعوته، وبما أنها في مرحلة الصدع بالحق فهي تمر في مرحلة "كفوا أيديكم"، ولا يعني هذا تخليها عن الجهاد، الذي سيأتي في حينه المناسب كما جاء في البيان.
الاعتماد المفرط على وسائل التواصل الاجتماعي: يظهر من تفاعل الجماعة أنها اعتبرت وسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة المثلى والفضاء الآمن الذي تتحرك من خلاله، وتوصل به رسائلها إلى المتلقّين من جميع الأعمار والمستويات، وقد وظفت مهندسي التقنية ومصممي البرامج لإنتاج حلقات عالية الجودة، تجتذب طبقات الشباب، وأعضاء من مستويات عمرية مختلفة، ولكن تبقى المنابر الأخرى مثل المساجد والمدارس والجامعات وقنوات التلفزة شبه محظورة من الجماعة الوليدة.
الخلاصة:
بالقراءة المتأنية نستنتج مما سبق بما لا يدع مجالًا للشك، أن جماعة الإخوان بمنهجها ونهجها وآلياتها هي أصل الجماعات المتطرفة كافة، وإنها أصل كل الشرور التي اتخذت أوجه كثيرة ليظل حسن البنا وسيد قطب، وأفكار التنظيم الخاص للإخوان، المظلة والدليل والأب الروحي لكل الجماعات الإرهابية، حتى ولو اختلفوا في الأولويات والوسائل والممارسات الإرهابية، بتعاليمهم وأفكارهم ورؤاهم لمن يختلفون عنهم، في تكفير الآخر واستباحة دمه وأن الإسلام مقتصر عليهم والبقية فلا دين لهم ولا إسلام.