دراسة جديدة تكشف: داعش تتبنى آليات جديدة في تجنيد الإرهابيين
الإثنين 16/أكتوبر/2017 - 12:32 م
طباعة
كشفت دراسة جديدة عن تبنى "داعش" لعدد من الآليات الجديدة في تجنيد الإرهابيين ومنها استقطاب الراغبين في الانتقام ردا على الانتهاكات التي تعرضت لها أو الخسائر التي تكبدتها من جانب بعض الأطراف والميليشيات المنخرطة في الصراعات المسلحة التي شهدتها دول الأزمات، والتي قد ترى أن الانضمام إلى التنظيم يمثل آلية لتحقيق ذلك، خاصة أن الأخير ما زال حريصًا على الترويج لقدرته على استعادة نفوذه في المناطق التي سيطر عليها في الأعوام الأخيرة، رغم أن ذلك لا يتسامح مع المعطيات التي تفرضها التطورات الميدانية في تلك المناطق.
وقالت الدراسة التى جاءت تحت عنوان (تغييرات طارئة: هل يتبنى "داعش" آليات جديدة في تجنيد الإرهابيين؟) الصادرة عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة يوم الأحد, 15 أكتوبر, 2017 فرض التراجع الذي يتعرض له تنظيم "داعش" في مناطق نفوذه، بعد خروج كثير من مقاتليه من العراق عقب معركة تلعفر، واقتراب استعادة المناطق التي يسيطر عليها في سوريا، إشكالية جديدة أمامه تتعلق بنوعية العناصر التي يمكن أن يقوم بتجنيدها خلال المرحلة القادمة، في ظل ضعف الإقبال على الانضمام إليه من قبل الإرهابيين المستعدين لتنفيذ أفكاره، وهى إشكالية يبدو أنها سوف تحظى باهتمام خاص من جانب التنظيم الذي يسعى إلى الحفاظ على بقاءه والظهور في بؤر بديلة خلال المرحلة القادمة.
وتابعت مع بداية تأسيسه، كان تنظيم "داعش" يقوم بتجنيد المتطرفين من أنحاء مختلفة من العالم بغض النظر عن التباينات الفكرية القائمة بينهم، معتمدًا على إمكانية تقليص مساحة تلك التباينات واستيعابها في إطار فكري أوسع، انطلاقًا من المفاهيم والأفكار التي تبناها من البداية لكن في ظل الانحسار الحالي، الذي ساهم في اهتزاز صورة التنظيم بشكل كبير، خاصة بعد أن أدركت العناصر التي انضمت إليه أنه لم ينجح في تحقيق أهدافه، ربما يعول "داعش" في هذه المرحلة على نمط معين من العناصر التي يمكن أن تنضم إليه، غالبًا ما سيختلف، بشكل أو بآخر، عن النوعية التي تمكن من استقطابها عند بداية تأسيسه وسيطرته على مناطق واسعة داخل العراق وسوريا.
وعلى ضوء ذلك، ربما يسعى التنظيم إلى تبني الآليات التالية خلال المرحلة القادمة:
1- استقطاب الراغبين في الانتقام: قد يركز التنظيم على ضم بعض العناصر التي تسعى إلى الرد على الانتهاكات التي تعرضت لها أو الخسائر التي تكبدتها من جانب بعض الأطراف والميليشيات المنخرطة في الصراعات المسلحة التي شهدتها دول الأزمات، والتي قد ترى أن الانضمام إلى التنظيم يمثل آلية لتحقيق ذلك، خاصة أن الأخير ما زال حريصًا على الترويج لقدرته على استعادة نفوذه في المناطق التي سيطر عليها في الأعوام الأخيرة، رغم أن ذلك لا يتسامح مع المعطيات التي تفرضها التطورات الميدانية في تلك المناطق.
2- استغلال المتخوفين من التطهير الطائفي: تبدي مكونات اجتماعية عديدة في بعض مناطق الأزمات مخاوف من احتمال تعرضها لانتهاكات جديدة بعد انتهاء تلك الصراعات، في ظل الإجراءات التي قد تتخذها بعض الميليشيات التي تدعي أنها تشارك في الحرب ضد التنظيم، رغم أنها كانت سببًا رئيسيًا في تصاعد نشاطه واتساع نطاق نفوذه في الفترة الماضية.
3- تجنيد الباحثين عن عائد اقتصادي: لا تعتبر توجهات التنظيم المتغير الوحيد الذي يدفع كثيرًا من العناصر المحلية إلى الانضمام إليه، على خلاف العناصر الأجنبية، التي تبدي اهتمامًا خاصًا بهذا المتغير تحديدًا، حيث توجد دوافع أخرى مثل البحث عن مصدر دخل يوفره التنظيم عبر آليات عديدة على غرار فرض الضرائب والحصول على فدى من عمليات الاختطاف وبيع النفط وغيرها.
أما بالنسبة لفروع التنظيم الموجودة في مناطق أخرى، فإن الخيارات المتاحة أمامها ربما تكون أكثر اتساعًا مقارنة بالتنظيم الرئيسي، نظرًا لتعددها وانتشارها الجغرافي، لكن ذلك لا ينفي في الوقت نفسه أنها تواجه بدورها مشكلة تتعلق بعزوف المتطرفين عن الانضمام إليها، سواء بسب الحروب الفكرية التي تتعرض لها من قبل التنظيمات الأخرى المنافسة، وفي مقدمتها تنظيم "القاعدة"، أو بسب الضربات القوية التي تشنها القوى المنخرطة في الحرب ضد التنظيم.
ويبدو أن ذلك سوف يدفع تلك الفروع خلال الفترة القادمة إلى التركيز على فئات معينة لتجنيدها، وتتمثل في:
1- الكوادر القاعدية: تحرص هذه الفروع على محاولة استقطاب بعض كوادر تنظيم "القاعدة"، خاصة أن التوجهات المتطرفة التي تتبناها يمكن أن تساعدها في هذا السياق، فضلاً عن أنها عناصر تمتلك خبرة في تنفيذ العمليات الإرهابية. وربما يفسر ذلك أسباب تركيز "داعش" على التمدد في مناطق نفوذ فروع "القاعدة"، مثل حركة "شباب المجاهدين" في الصومال، وتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في منطقة الساحل والصحراء، وحركة "بوكو حرام" في نيجيريا، حيث مثلت عناصر تلك المجموعات المكون الرئيسي لفروع "داعش" في هذه المناطق.
2- الكتلة السائلة: وهى الكتلة التي تضم العناصر المتطرفة التي تعمل بشكل فردى، والتي ربما يكون لديها الأرضية الفكرية التي تؤهلها للانخراط في صفوف التنظيم. وتتواجد هذه العناصر في المناطق التي يتصاعد فيها نشاط التنظيم، بشكل يمكن أن يدفعه إلى التركيز على الوسائل الدعوية التقليدية مثل الدعوة الفردية في عمليات تجنيدهم، بدلاً من الاعتماد على الآليات الأخرى مثل مواقع التواصل الاجتماعي التي قد تكون أكثر تأثيرًا في عمليات تجنيد الإرهابيين الأجانب.
3- العناصر الإجرامية: قد تعتمد تلك الفروع على العناصر المنخرطة في أنشطة إجرامية، خاصة أن ذلك يمكن أن يساعدها في توسيع مصادر تمويلها، من خلال عمليات الخطف والتهريب والتي توفر لها موارد مالية كبيرة تستطيع من خلالها تمويل أنشطتها الإرهابية الأخرى.
4- المرتزقة: وهى الفئة التي تسعى للانضمام إلى تلك التنظيمات من أجل الحصول على عائد اقتصادي، بصرف النظر عن توجهاتها الفكرية. ويبدو أن تلك التنظيمات سوف تعول عليها في عمليات التجنيد خلال الفترة القادمة لتعويض التراجع الملحوظ في عدد العناصر الإرهابية التي انضمت إليها في المرحلة الماضية.
وعلى ضوء ما سبق يمكن القول في النهاية إن الضغوط التي يتعرض لها تنظيم "داعش" سوف تفرض عليه خيارات محدودة فيما يتعلق بالفئات التي يستطيع استقطابها للانضمام إليه، وهو ما سوف يقلص من تأثير المتغير الفكري على العلاقة بين التنظيم وتلك الفئات، بشكل قد يعزز من احتمالات انهياره خلال المرحلة القادمة.