قراءة بحثية جديدة: عقوبات الكونجرس على حزب الله تحد من دعمه للتنظيمات الإرهابية
الثلاثاء 07/نوفمبر/2017 - 12:49 م
طباعة
اكدت قراءة بحثية جديدة على إن العقوبات الجديدة التي فرضها الكونجرس الأمريكي على حزب الله تؤسس لمرحلة مختلفة سوف تتجه فيها العديد من القوى الدولية إلى بذل مزيد من الجهود من أجل مواجهة الأنشطة التي يقوم بها الحزب والتي يسعى من خلالها إلى دعم الدور الإقليمي الإيراني، الذي ساهم في تصاعد حدة الاضطرابات وعدم الاستقرار ودعم التنظيمات الإرهابية المختلفة.
وقالت القراءة التى جاءت تحت عنوان "محاصرة الدور:التداعيات الأمنية للعقوبات الأمريكية على حزب الله" والصادرة عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة يوم الثلاثاء, 31 أكتوبر, 2017م أقر الكونجرس الأمريكي، في 25 أكتوبر الجاري، حزمة عقوبات جديدة على ميليشيا حزب الله اللبناني، تضمنتها ثلاثة مشروعات قوانين استهدفت الأنشطة السياسية والاقتصادية والعسكرية للحزب إلى جانب علاقاته الخارجية. وبالنظر في مضمون هذه التشريعات التي تفرض عقوبات شاملة على حزب الله، فإن التقديرات تشير إلى أنها تنسجم مع طبيعة الأدوار التي يمارسها الحزب في المنطقة، خاصة في كل من سوريا والعراق واليمن، والتي تنامت خلال السنوات الأخيرة في ضوء ما تشهده تلك البلاد من صراعات مسلحة ساهم الحزب في تفاقهما لتحقيق أهداف السياسة التي تتبناها إيران.
اهتمام خاص:
وقد اكتسب هذا الملف تحديدًا اهتمامًا خاصًا في المناقشات التي أجريت داخل لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس خلال الشهور الستة السابقة على إصدار التشريعات الجديدة، والتي تركزت حول ثلاثة محاور أساسية تتمثل في علاقة الحزب بإيران، وسد الثغرات التي يستغلها الحزب في الالتفاف على العقوبات السابقة التي أقرت في عام 2015، والتهديد الذي يشكله الحزب وسلاحه وعلاقته مع إيران على مصالح واشنطن وحلفائها.
واللافت للنظر في هذه التشريعات هو تركيزها على الأدوار الإقليمية المشبوهة للحزب، ففي السابق كانت العقوبات ذات الطابع الاقتصادي تركز على عمليات التجارة غير المشروعة مثل شبكة تجارة المخدرات وعمليات غسيل الأموال عبر بعض الدول. لكن العقوبات الحالية تركز على الأنشطة المتعلقة بأدوار الحزب في الصراعات التي تشهدها بعض الدول، وتعمده اتخاذ بعض المدنيين دروعًا بشرية.
وبالطبع، فإن ما يزيد من أهمية تلك التشريعات هو أنها حظيت بتوافق الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس، وهو ما يمكن أن يمثل مقدمة لاستمرار تلك الآلية في مواجهة إيران وتحالفاتها الإقليمية، خاصة مع اتجاه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى وضع استراتيجية جديدة لمواجهة التهديدات التي تفرضها التدخلات الإيرانية في المنطقة، بالتوازي مع السياسة الجديدة التي تتبعها تجاه الاتفاق النووي، والذي ترى أن إيران استغلته لدعم حضورها في المنطقة.
إجراءات متعددة:
حرصت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة الماضية، وقبيل إقرار العقوبات الأخيرة، على شن حملة ضد النشاط الإرهابي للحزب وتهديداته المباشرة لمصالحها. فقبل أسبوعين من إصدار التشريعات الأخيرة، رصدت وزارة الخارجية الأمريكية مكافآت مالية كبيرة تراوحت ما بين 5 و7 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن فؤاد شكر وطلال حمية المتهمين بالمشاركة فى عمليات إرهابية استهدفت مصالح أمريكية عديدة، وهى المكافآت الأولى التي تعرضها الولايات المتحدة بخصوص أعضاء في الحزب منذ عشر سنوات.
كما جرى للمرة الأولى خلال فعاليات عديدة عرض مواد فيلمية للتذكير بالأنشطة الإرهابية التي شنها الحزب ضد الولايات المتحدة، بالتوازي مع توجيه اتهامات لرجل الأعمال قاسم تاج الدين، في 25 مارس 2017، والذي يعد أحد أبرز الكوادر التي يعتمد عليها الحزب، بسبب محاولاته التهرب من عقوبات تستهدفه.
توجه مختلف:
تجنبت العقوبات الجديدة التي أصدرها الكونجرس ضد الحزب التركيز على الجانب الاقتصادي فقط، وهو ما يطرح دلالات عديدة يتمثل أبرزها في أن واشنطن باتت تتبنى رؤية مختلفة تجاه نشاط الحزب في ضوء الدور الذي يقوم به على الساحة الإقليمية، حيث أصبح يمتلك شبكة واسعة من الأنشطة المختلفة، وهو ما اقتضى توسيع نطاق العقوبات لتوائم طبيعتها الاستراتيجية المطلوبة لكبح نشاطاته.
وقد ركزت المناقشات التي جرت داخل الكونجرس الأمريكي واستغرقت نحو ستة أشهر، على تعدد العقوبات لتشمل الأنشطة المختلفة للحزب، على كافة المستويات، فضلاً عن شبكات ودوائر الحزب وعلاقاته مع بعض الكيانات الاجتماعية والإعلامية والتي ينظر إليها على أنها مجرد واجهات استخدمها للالتفاف على العقوبات السابقة التي فرضت ضده عام 2015، إلى جانب الشخصيات والكيانات التي تدعم الحزب أو تتعامل معه، وهو ما يعني أن تحالفات الحزب الداخلية باتت هى الأخرى تحت تأثير هذه العقوبات.
وبدا لافتًا أن النواب الذين طرحوا المشروعات الخاصة بهذه العقوبات ركزوا على بعض القضايا المهمة، مثل تعمد الحزب الزج بالمدنيين في الحروب التى يخوضها لصالح إيران في كل من العراق وسوريا واليمن، وهو مدخل يحتمل أن يمهد لصدور عقوبات أخرى ضد الحزب فى العديد من المؤسسات الحقوقية الدولية التي يمكن أن تركز على التداعيات السلبية التي تنتجها الأنشطة التي يقوم بها الحزب على الساحتين الداخلية والإقليمية.
كما تسعى الولايات المتحدة في هذا السياق أيضًا إلى إقناع الدول الأوروبية بفرض عقوبات على الحزب بشكل يمكن أن يؤثر على مسار العلاقات مع إيران، التي ما زالت تعول على المواقف الأوروبية تجاه السياسة الجديدة التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إزاء الاتفاق النووي تحديدًا، الذي ترى أنه لا يفرض قيودًا شديدة على البرنامج النووي الإيراني، وأن إيران "تنتهك روحه" بشكل مستمر، في ظل تعمدها إجراء مزيد من التجارب الخاصة بالصواريخ الباليستية ودعم الإرهاب.
فضلاً عن ذلك، فإن العقوبات الجديدة تهدف أيضًا إلى مواجهة الدعم الإيراني المستمر للحزب، حيث تشير كثير من التقديرات إلى المعاملات المالية التي تجري بين طهران والحزب والتى تتم عبر "الحقائب المالية"، وهو ما يمكن أن يمثل مقدمة لفرض قيود شديدة على التحركات العابرة للحدود التي تقوم بها إيران للحفاظ على نفوذها داخل بعض الدول وتأسيس ممر استراتيجي يصل بينها وبين حلفائها، وهى التحركات التي باتت تثير قلقًا خاصًا من جانب العديد من القوى الدولية المعنية بأزمات المنطقة.