الهجوم على مسجد الروضة قد يؤشر إلى انشقاقات داخل «داعش»/بلاغ يتهم القرضاوي بالتحريض على مذبحة سيناء/الصوفية.. دولة الأرواح التي يخشاها داعش والأصوليون/مقتل 14 إرهابياً وتوقيف 14 في حملات للجيش والشرط
الأربعاء 29/نوفمبر/2017 - 09:37 ص
طباعة
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف المحلية والعربية بخصوص جماعات الاسلام السياسي وكل ما يتعلق بتلك التنظيمات عربيًا وعالميًا بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات – آراء) صباح اليوم الأربعاء الموافق 29-11-2017.
الجماعة الإرهابية تحاصر ألمانيا
تغاضي ألمانيا عن وجود تحركات التنظيم، كان سببًا في اتساع نشاط الجماعة في ألمانيا التي تعد المركز الرئيسي لنشاط التنظيم الدولي
ربما يتساءل البعض عن السر وراء انتشار أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية في البلدان الأوروبية، بل ووصولهم إلى مرحلة تكوين مراكز قوة تتيح لهم النفوذ إلى دوائر السلطة، والتأثير عليها في اتخاذ قرارات تخدم التنظيم الدولي للجماعة، في حين أن معظم الدول العربية، التي هي بالأساس موطن أعضاء الجماعة، خاصة مصر، تجيد حصارهم وتقليم مخالبهم، حتى لا يتمكنوا من أن يشكلوا دولة داخل الدولة، وهو ما اتضح بعد ثورات الربيع العربي.
في هذا التقرير تأصيل لجذور تكوين الكتلة الإخوانية في دولة ألمانيا، ورصد للمراكز الفكرية والاجتماعية التابعة للتنظيم الدولي للجماعة.
ميونيخ ملجأ «الإخوان»
مهدي عاكف ويوسف ندا أسسا مقرًا للجماعة.. وسعيد رمضان بني مركزا إسلاميًا بتمويل مباشر من المخابرات الأمريكية في الستينيات
لمناقشة الأسباب الحقيقية التي أدت بجماعة الإخوان إلى الانتشار في ألمانيا، علينا قراءة الوضع الألماني إبان هذا الوجود من ناحية، ومن ناحية أخرى وضع جماعة الإخوان، فالوضع في ألمانيا على وجه الخصوص يفصح عن أن الإخوان، قد أحرزوا نفوذًا مهمًا وقبولًا سياسيًا، أكثر من أي مكان آخر في أوروبا.. والتنظيمات الإسلامية في البلدان الأوروبية الأخرى تقتدي الآن بشكل واع بنموذج نظيراتها الألمانية.
فخلال الخمسينيات والستينيات غادر الآلاف من الطلاب المسلمين الشرق الأوسط للدراسة في الجامعات الألمانية، بفعل جذب السمعة التقنية للمعاهد الألمانية.
فبدءًا من عام ١٩٥٤، غادر مصر عدد من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي فرارًا من الاعتقال، وقدمت لهم ألمانيا الغربية ملجأ، مما مكن تنظيم الإخوان أن يزرع خلايا له في ألمانيا، والتي وصلت لحد أنه اتخذ من مدينة ميونخ الألمانية مقرا لعمل التنظيم الدولي للجماعة في عام ١٩٨٣ على يد مهدي عاكف ويوسف ندا.
ومهد لهذا الطريق سعيد رمضان، زوج ابنة حسن البنا، الذي ارتبط بعلاقات قوية مع المخابرات الأمريكية، وهو ما مكنه من تأسيس مسجد في ميونخ بمساعدة رجل الأعمال الإيطالي الجنسية والسوري الأصل غالب همت إبراهيم في الستينيات، ومعهما رجل الأعمال المصري يوسف ندا، وهو ما رصدته المخابرات السويسرية في تقارير لها أن سعيد رمضان قد قام ببناء مركز ميونخ الإسلامي بتمويل ودعم مالي مباشر من المخابرات المركزية الأمريكية، وكشفت عن ذلك مجلة «لوبوان» الفرنسية في تحقيق لها تحت عنوان «عندما كانت المخابرات الأمريكية تمول الإخوان» أن هناك صندوقًا يحمل رقمًا كوديًا «هاه ٤٣٢٠» محفوظ في أرشيف الحكومة السويسرية خاص بسعيد رمضان حول علاقته الوطيدة بالمخابرات البريطانية والأمريكية.
ومن ضمن الوثائق التي يتضمنها هذا الصندوق، مذكرة تحمل تاريخ ٥ يوليو ١٩٦٧ تشير إلى أن سعيد رمضان يتلقى أموالًا من المخابرات الأمريكية.
وقد ظهر الوجود الإخواني في ألمانيا جليا قبيل زيارة الرئيس المصري السيسي لألمانيا في مايو ٢٠١٥، والتي سعى الإخوان فيها إلى حشد أنصارهم للتظاهر ضد الزيارة والسعي لإحراج الرئيس، إذ تعد ألمانيا من أهم المعاقل التي يتحرك فيها التنظيم الدولي في أوروبا والعالم، خاصة أن نفوذ الإخوان هناك لا يعتمد فقط على الأعضاء المنتسبين لها فقط، بل يتكامل معه منظمات تركية تابعة للجالية التركية، وعلى رأسها منظمة رؤيا الملة «ميلي جراش» التي نجح حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس التركي رجب أردوغان، في السيطرة عليها عن طريق صبري أربكان، ابن عم الراحل نجم الدين أربكان رئيس الوزراء التركي السابق المنتمي إلى جماعة الإخوان.
3 مراحل في تاريخ علاقة برلين بالجماعة
اجتماعات مشتركة لمسئولين ألمان مع برلمانيين وقيادات إخوانية في مصر والشرق الأوسط
حرصت جماعة الإخوان على تقوية علاقاتها بالسلطات هناك، وهو ما ترصده دراسة تحت عنوان «ألمانيا والإخوان المسلمين» صادرة عن مركز أبحاث الدراسات الدولية للباحث الألماني «جيدو شناينبرج»، تضمنت تاريخ الإخوان في ألمانيا، علاقة الحكومة الألمانية بجماعة الإخوان إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى، وهي مرحلة تغاضي ألمانيا عن وجود تحركات للتنظيم، ولعل هذا التجاهل كان سببًا في اتساع نشاط الجماعة في ألمانيا التي تعد المركز الرئيسي لنشاط التنظيم الدولي.
أما المرحلة الثانية، فبدأت بعد الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩، حيث بدأت الحكومة الألمانية في اتخاذ موقف احترازي تجاه جماعة الإخوان التي أصبحت بقوة في ألمانيا، واستمرت حتى أحداث ١١ سبتمبر، ٢٠٠١ بدأت ألمانيا فى تكثيف جهود تعاونها مع مصر وغيرها من دول الشرق الأوسط لمواجهة الجماعات الإرهابية. فى تلك الأثناء رفضت الحكومة الألمانية أن تجمعها علاقات مباشرة مع التنظيم الدولي.
ومع الغزو الأمريكي للعراق وزيادة التهديدات الأمنية وخوف الحكومة الألمانية من وصول الإرهاب إلى أراضيها، حرصت ألمانيا على توطيد علاقتها بدول المنطقة لمواجهة مثل هذه التنظيمات الإرهابية.
لكن إلى جانب مشاركة ألمانيا في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، تمت صياغة سياسية غير رسمية سمحت لألمانيا بالتواصل مع الإخوان.. وشهد عام ٢٠٠٢، صياغة مبادرة تعرف باسم «الحوار مع العالم الإسلامي» كجزء من برنامج التوعية الثقافية في وزارة الخارجية.. وأسفرت هذه المبادرة عن تعيين ممثل خاص لتنفيذ المبادرة في وزارة الخارجية الألمانية وعدد من الموظفين في السفارات الألمانية من أجل تولي مهمة تنفيذ هذه المبادرة، ومع عام ٢٠٠٩، بدأت ألمانيا في عقد اجتماعات مشتركة لمسئولين ألمان مع برلمانيين وقيادات لجماعة الإخوان في مصر والشرق الأوسط.
أما المرحلة الثالثة، فبدأت بعد ثورات الربيع العربي مع تزايد احتمالات وصول الإخوان للحكم في دول الربيع العربي، بدأت ألمانيا في مد جسور التفاهم مع الإخوان ساعدها في ذلك علاقتها السابقة معهم.
في نوفمبر ٢٠١١، وبعد فوز حزب النهضة بأكثر من ٤٠٪ في الانتخابات البرلمانية التونسية أعدت وزارة الخارجية ورقة داخلية تحدد الخطوط العريضة لاستراتيجية الارتباط الحذر مع الجماعات الإسلامية في العالم العربي.
منظمات مشبوهة.. مركز الرسالة لجذب الشباب.. والمجلس الإسلامي يدافع عن المعزول
منظمة المرأة المسلمة لتجنيد النساء.. والتنسيق مع الاتحاد الإسلامي التركي
يوجد في العاصمة برلين مركز «الرسالة» الذي يديره جعفر عبدالسلام أحد كوادر الإخوان في ألمانيا، ويعمل الإخوان من خلال هذا المركز على توسيع قاعدة التنظيم في ألمانيا عن طريق جذب شباب وأطفال الجاليات الإسلامية عن طريق مراكز تعليم اللغة العربية والقرآن.
المجلس الإسلامي
يضاف إلى هذه التنظيمات المجلس الإسلامي في برلين، ويديره الشيخ خضر عبدالمعطي الذي يعد المنسق العام للمجلس الأوروبي للأئمة والوعاظ في أوروبا ويعد من أبرز قيادات الإخوان في التنظيم الدولي، ونشط في الفترة الأخيرة في الدفاع عن الإخوان بعد الإطاحة بحكم الجماعة وعزل محمد مرسي.
الجمعية الإسلامية
وهناك الجمعية الإسلامية في ألمانيا، وهي مرتبطة بالمركز الإسلامي للإخوان في ميونخ، ويديره الشيخ أحمد خليفة وهو من أصول مصرية ويعد من أهم الشخصيات الإخوانية في ألمانيا، وهو يعمل في مجال الدعوة وله أنصار بين المسلمين هناك.. ونجد أن من أهم الشخصيات التي يعتمد عليها الإخوان في تحركاتهم نديم محمد عطا إلياس الذي يدير المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، وهو يعد من أشهر الشخصيات الإخوانية ويرتبط به بيت «عطاء الخير» وهو منظمة في ألمانيا تقدم مساعدات للمهاجرين، وهناك شواهد لارتباطها بتنظيم الإخوان.
منظمة المرأة المسلمة
لا تقتصر تحركات الإخوان على المنظمات الدينية أو السياسية بل تعتمد أيضًا على منظمات نسائية، منظمة المرأة المسلمة في ألمانيا، تلعب رشيدة النقزي وهي تونسية الأصل مقيمة في ألمانيا بمدينة «بون» وتحمل الجنسية البريطانية دورًا مهمًا في تحريكها، ورشيدة النقزي رئيس قسم المرأة الحالي باتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، دورًا في التجنيد بين الأوساط النسائية في الجاليات الإسلامية ببون، وتعمل في منظمة المرأة المسلمة مع صبيحة أربكان زوجة إبراهيم الزيات.
المجلس الأعلى للشباب المسلم
وكذلك هناك تنظيم شبابي آخر يطلق عليه المجلس الأعلى للشباب المسلم، وهو تابع للمركز الإسلامي في ميونخ، ويحظى المجلس في السابق بدعم من أطراف سعودية ذات صلات بالفكر الوهابي، ولكن الإخوان سيطروا عليها بالكامل حاليًا ويعمل المجلس بغطاء رابطة مسلمي العالم.
المركز الثقافي للحوار
وهناك أيضا «المركز الثقافي للحوار»، وهو مركز يقع بحي فيدينج، بالعاصمة برلين. وأنشئ عام ٢٠٠٤ ويتبعه مسجد لكن الإخوان سيطروا عليه ويتم جذب عناصر إليه عن طريق مركز لتعليم اللغة الألمانية للآباء والأمهات المهاجرين، فضلا على الدروس الدينية وتعليم اللغة العربية التي تعد من أهم الأنشطة التي يقدمها المركز، بالإضافة لبيع الكتب الإسلامية، ويخطب في هذا المركز ويلقي محاضرات، عدة شخصيات إخوانية مثل فريد حيدر، ومحمد طه صبري، وخالد صديق.
منظمة رؤيا الملة
أما المنظمة الأكبر التي يعتمد عليها الإخوان في تحركاتهم في ألمانيا، فهي منظمة رؤيا الملة «ميلي جراش» التي تأسست في مدينة كولونيا الألمانية في عام ١٩٨٦.
الاتحاد الإسلامي التركي
كما يعتمد الإخوان في تحركاتهم على المنظمات التابعة لتركيا التي يزيد عدد جالياتها فيها على ٢ مليون شخص، ومن أبرزها، الاتحاد الإسلامي التركي، وهو اتحاد يتبع الحكومة التركية في أنقرة ويدار مباشرة عن طريق وزارة الشئون الدينية التركية.
تمويل الإرهاب وغسل الأموال أبرز أنشطة «التنظيم» بالخارج
هناك العديد من المنظمات والجمعيات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية التي يستخدمها الإخوان ويستغلونها في تحركاتهم مثل: منتدى الشباب المسلم الأوروبي، ويضم في عضويته اتحادات الشباب الموجودة في مختلف دول أوروبا ومقره ألمانيا، وهذا المنتدى من أكثر التنظيمات قدرة مالية وحظى في بداية تأسيسه في التسعينيات بدعم من السعودية، وهذا المنتدى على علاقة مباشرة في إدارته بإبراهيم الزيات، بالإضافة إلى محمد عبدالظاهر، وهو مصري الجنسية ويتنقل بين ألمانيا وتركيا، ومسئول اللجنة المالية في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.
ويعد أحد الرواد الأوائل للإخوان في ألمانيا سعيد رمضان الذي كان سكرتيرًا شخصيًا لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا.
أسس «رمضان» في ألمانيا ما أصبحت واحدة من المنظمات الإسلامية الثلاث هناك، الجمعية الإسلامية في ألمانيا، التي ترأسها من ١٩٥٨ إلى ١٩٦٨، وأدارها بعده ابنه هاني رمضان.
تولى غالب همت، وهو سوري يحمل الجنسية الإيطالية.. إدارة الجمعية في الفترة (١٩٧٣-٢٠٠٢)، تنقل همت بين إيطاليا والنمسا وألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة، وقد دققت أجهزة الاستخبارات من كل دول العالم طويلًا في صلات همت الإرهابية.. فهو أحد مؤسسي بنك التقوى، وهو تكتل قوى تسمية المخابرات الإيطالية: «بنك الإخوان المسلمين»، كان قد موّل جماعات إرهابية منذ أواسط التسعينيات إن لم يكن قبل ذلك وساعد همت يوسف ندى، أحد العقول المالية المدبرة للإخوان المسلمين، في إدارة بنك «التقوى» وشبكة من مقرات الشركات في مواقع مثل سويسرا وليشنشتاين والباهاماس، التي تفرض قوانين قليلة على مصادر الأموال وجهاتها.. ويشاع أن كلا من همت وندى قد مررا مبالغ ضخمة إلى جماعات مثل حماس وجبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية وفتحا خط ائتمان سريا لكبار مساعدي أسامة بن لادن وفي نوفمبر ٢٠٠١، صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية كلا من همت وندى بوصفهما مموليّن للإرهاب وبحسب المخابرات الإيطالية، فإن شبكة التقوى موّلت بدورها عددًا من المراكز الإسلامية عبر أوروبا والعديد من المنشورات الإسلاموية.
(البوابة نيوز)
الهجوم على مسجد الروضة قد يؤشر إلى انشقاقات داخل «داعش»
على رغم استهداف تنظيم «داعش» مساجد عدة في مناطق نفوذه، كما في العراق وسورية، إلا أنها المرة الأولى التي يستهدف مسجداً في مصر (مسجد الروضة)، الأمر الذي يحمل مؤشرات الى الأوضاع التي يمر بها التنظيم ومستقبله. ففي الوقت الذي عزا فيه محللون الهجوم إلى «توحش يعكس أزمات عدة لوجيستية وفكرية ومعنوية داخله ما ينذر بدنو تلاشيه»، عدّ مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، الهجوم ضمن استراتيجية جديدة يتبعها التنظيم لـ «الإرباك بالخيارات المفتوحة» تهدف إلى التوسع في العمليات الإرهابية بهدف تأكيد أن لا مكان آمناً حتى إذا كان مسجداً.
ونفذ تنظيم «داعش» عمليات عدة ضد مساجد شيعية في مراكز وجوده الرئيسية في سورية والعراق، بالاضافة الى المسيحيين والإيزيديين، وحتى المناطق التي امتد إليها نفوذه كنيجيريا وأفغانستان كان آخرها اعتداء الشهر الماضي في كابل راح ضحيته 39 قتيلاً بينهم نساء وأطفال، ونُفذ يوم جمعة أيضاً.
في المقابل، ركزت جماعة «أنصار بيت المقدس» التي بايعت «داعش» نهاية 2014، على عمليات تستهدف الجيش والشرطة ثم توسعت في استهداف أقباط، عبر هجمات ضد دور عبادتهم، كان أبرزها استهداف الكاتدرائية في نهاية 2016، ثم استهداف ثلاث كنائس بالتزامن في طنطا والإسكندرية في نيسان (أبريل) الماضي خلال أحد الأعياد المسيحية، خلّفت عشرات القتلى والجرحى، أو في عمليات تستهدف أفراداً منهم في سيناء.
ومع استهداف تنظيم «داعش» في مصر الجيش والشرطة والأقباط، إلا أنه أرجأ مواجهاته مع الصوفية، الذين يقعون ضمن أهدافه منذ نشأته، لكنهم لم يحتلوا أولوية آنذاك وفق الباحث في تيارات الإسلام السياسي صلاح الدين حسن، ويوضح أن «فكر التنظيم حول الصوفية يختلف عن أهدافه الأولى التي يفتي منظروهم باستباحة دمائهم من دون مراجعة. أما في حالة الصوفية فلا بد أن يستتابوا أولاً (مطالبتهم التوبة والرجوع عن التصوف)، وهو ما اتضح أيضاً خلال حوار رئيس ديوان الحسبة في التنظيم الذي نشر في مجلتهم النبأ قبل شهور، حيث أشار إلى خطفهم عدداً من الصوفية وإطلاق سراحهم بعدما تابوا». ولفت إلى أن «داعش حينما ذبح الشيخ الصوفي سليمان أبو حراز، ذبحوه على اعتباره مشعوذاً وساحراً وليس فقط لأنه صوفي».
وأضاف حسن أن «شرط الاستتابة لاستباحة دماء الصوفية وفق فكر التنظيم لم يحدث في الهجوم الأخير على مسجد الروضة في سيناء، إذ فتح فيه مقاتلو التنظيم النار على المصلين من دون سابق تحذير أو إنذار، ومن دون التأكد من أن جميعهم من الصوفية، ما خلق أزمة داخلية داخله، تظهر مؤشراتها في عدم تبنيه الهجوم إلى الآن». وأشار إلى «اختلاف في حالة مهاجمة مساجد الشيعة ومساجد الصوفية داخل التنظير الداعشي ذاته، ما قد يساهم في تفتيت الهجوم الأخير للتنظيم من الداخل، كما حدث في السيناريو الجزائري الذي غالت فيه الجماعة الإسلامية في القتل واستباحة دماء المدنيين، وبعدها تم القضاء على التنظيم». وأشار إلى أن «تضييق الخناق على عناصر داعش، وزيادة حال الرفض المجتمعي له، وفقده حاضناته الشعبية داخل سيناء، جعل التنظيم يلجأ إلى عملية من ذلك النوع، ضد هدف ليس بجديد عنده لكنه لم يدخل صداماً معه بذلك الحجم من قبل».
وأشار مرصد الإفتاء، في بيان في شأن الهجوم على مسجد الروضة، الى أن العملية كشفت عن اتباع التنظيمات الإرهابية استراتيجية «الإرباك بالخيارات المفتوحة في عملياتها الإرهابية والإجرامية والتي تُرجمت في مجزرة مسجد الروضة».
ولفت المرصد إلى اعتماد تلك الاستراتيجية على «التغيير المستمر لخيارات الهجمات الإرهابية من ناحية الهدف والزمان والمكان؛ سعياً للتشتيت والتضليل والتشويش على القوات الأمنية التي تتصدى للجرائم الإرهابية». كما تقوم على «توسيع دائرة الأهداف، بحيث تصل رسالة للدولة والمجتمع مفادها أنه لا يوجد مكان – حتى لو كان مسجداً- هو في مأمن من أن تطاله عملياتهم، مما يشيع حالة من الصدمة والرعب بين المواطنين بهدف زعزعة ثقتهم في قدرة الدولة على توفير الأمن والحماية لهم». ولفت المرصد إلى توقيت العملية التي جاءت «عقب عدة ضربات موجعة وجهتها الدولة المصرية ضد الإرهاب وداعميه».
ولم يتبن تنظيم «داعش» الهجوم رسمياً حتى الآن، على خلاف نهجه في هجمات سابقة، فيما أكد بيان النيابة العامة تورط التنظيم في الهجوم، حيث كشفت التحقيقات عن حمل منفذيه أعلام «داعش».
مقتل 14 إرهابياً وتوقيف 14 في حملات للجيش والشرطة
واصل الجيش المصري حملاته ضد تنظيم «داعش» في سيناء، وقتلت قواته أمس 3 عناصر تكفيرية وأوقفت 5 آخرين في وسط سيناء، كما تمكنت قوات الأمن من القضاء على 11 من العناصر الإرهابية وتوقيف 9 آخرين خلال حملة أمنية موسعة، فيما أحالت محكمة عسكرية مصرية أمس، 11 متهماً في قضية «أنصار بيت المقدس» على مفتي البلاد تمهيداً لإعدامهم، بعد إدانتهم باتهامات عدة.
وأكد الناطق باسم الجيش المصري العقيد تامر الرفاعي في بيان، أمس، أن قوات إنفاذ القانون بالجيش الثالث الميداني قتلت 3 عناصر تكفيرية وأوقفت 5 آخرين خلال مداهمتها بؤراً إرهابية في وسط سيناء، إلى جانب ضبط سيارة تحمل كمية كبيرة من المواد التي تستخدم في تصنيع العبوات الناسفة، مشيراً إلى تدمير 8 أوكار وسيارة دفع رباعي و3 دراجات نارية خاصة بالعناصر التكفيرية، كما تم ضبط عربة نقل محملة بكمية كبيرة من المواد المخدرة. وأكد مواصلة القوات المسلحة جهودها المكثفة في مكافحة النشاط الإرهابي، للقضاء على العناصر التكفيرية والإجرامية وسط سيناء.
ومن جهة أخرى، قالت وزارة الداخلية في بيان لها أمس أنها أجهضت مخططات لتنظيمات إرهابية كانت تهدف إلى تقويض دعائم الأمن والاستقرار بالبلاد إلى جانب تكليف بعضهم بتوفير وسائل الدعم اللوجيستي لعناصر الرصد والتنفيذ.
وأشارت إلى «رصد قطاع الأمن الوطني تحركات لبعض قيادات المجموعات الإرهابية والأوكار التي يستخدمونها للاختباء والتدريب وتخزين أوجه الدعم اللوجيستي، تمهيداً لتهريبها إلى المجموعات الإرهابية في شمال سيناء.
وأضافت أن قوات الأمن استهدفت وكرين بمحافظة الإسماعيلية ومدينة العاشر من رمضان، شرق القاهرة، لتخزين الأجهزة والمعدات المُعدة للتهريب إلى شمال سيناء وعُثر بهما على أجهزة لاسلكي وكمية كبيرة من قطع الغيار الخاصة بالأجهزة اللاسلكية، إلى جانب مداهمة إحدى المزارع بمنطقة جلبانة بمحافظة الإسماعيلية اتخذتها تلك العناصر وكراً تنظيمياً للإيواء والتدريب وللانطلاق لتنفيذ عملياتهم العدائية». وأردفت أنه «حال قيام القوات بمحاصرة المنطقة المحيطة بالمزرعة قامت العناصر الإرهابية الموجودة داخلها بإطلاق أعيرة نارية تجاه القوات بكثافة، ما دفعها إلى التعامل معهم، الأمر الذي أسفر عن مقتل 11 خلال المواجهات».
وضبطت الأجهزة الأمنية عدداً من الأسلحة الآلية والذخائر، إضافة إلى عبوات بدائية الصنع وأخرى داخلها مواد متفجرة و8 مفجرات قنابل وعدة عبوات معدة للاستخدام، وأجهزة لاسلكي، وفق بيان وزارة الداخلية المصرية.
إلى ذلك، أحالت محكمة عسكرية مصرية أمس 11 متهماً في قضية «أنصار بيت المقدس» على مفتي البلاد، وحجزتها للنطق بالحكم إلى جلسة 20 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بعد إدانتهم باتهامات بالتخطيط والتنفيذ للهجوم على مكمن الفرافرة عام 2014، وتفجير منشآت ديبلوماسية وأمنية بوساطة سيارات مفخخة، وتفجير مبنى قطاع الأمن الوطني في منطقة شبرا الخيمة في القاهرة، وقتل أفراد من الشرطة والجيش.
وحوكم في القضية 66 متهماً حضورياً، فضلاً عن 89 متهماً غيابياً، بينهم الضابط المفصول من الجيش المصري هشام عشماوي، وقائد تنظيم «كتائب الفرقان» محمد نصر المتهم باستهداف سفينة أثناء عبورها قناة السويس وضرب مقر القمر الاصطناعي في المعادي، إضافة قيادات أخرى للتنظيم.
وتعرض مكمن بالقرب من واحة الفرافرة غرب البلاد في 19 تموز (يوليو) عام 2014 لهجوم إرهابي أسفر عن استشهاد 21 ضابطاً وجندياً وجرح أربعة آخرين إلى جانب مقتل عدد من العناصر الإرهابية المنفذة.
وفي سياق متصل، شهد رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمد فريد، في حضور عدد من قادة الجيش، تنفيذ إحدى المراحل الرئيسية للمشروع التكتيكي بجنود «طاهر 52» في المنطقة الشمالية العسكرية الذي يأتي في إطار الخطة السنوية للتدريب القتالي لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة.
(الحياة اللندنية)
«قطريليكس» يكشف 6 أبواق إعلامية قطرية لدعم الإرهاب
كشف حساب «قطريليكس» التابع للمعارضة القطرية في تقرير بالفيديو منصات دعم الإرهاب التابعة للدوحة وتنظيم جماعة الإخوان الإرهابية في المنطقة. وتضمن التقرير كلا من «قناة مكملين» (تبث من تركيا وتديرها قيادات إخوانية مدعومة من قطر، متخصصة في تسجيلات مفبركة لتأجيج أمن الشارع المصري)، و«القدس العربي» (تابعة لعضو بارز في وزارة الإعلام القطرية منذ عام 2013، وتضم عشرات الأسماء الممولين من الدوحة)، «قناة المغاربية» (تبث من لندن وتتلقى تمويلا علنيا من قطر، يرأسها نجل عباس مدني، وتلاحقها الحكومة الجزائرية وتعتبرها «قناة مشبوهة»، «التليفزيون العربي» (فضائية أسسها عضو الكنيست عزمي بشارة ويحل ضيفا دائما على القناة لتبرير جرائم النظام القطري)، «العربي الجديد» (موقع وقناة أطلقهما عزمي بشارة من لندن وهو ملتقى كتاب الرأي الداعمين لسياسات قطر التخريبية)، «هايفنجتون بوست عربي» (تأسس بإشراف المدير العام السابق للجزيرة وضاح خنفر عام 2013، ويتخذ لندن مقرا للموقع والدوحة مركز العمليات ومتخصص في الحملات الكاذبة ضد دول المقاطعة>
(الاتحاد الإماراتية)
بلاغ يتهم القرضاوي بالتحريض على مذبحة سيناء
تلقى النائب العام المصري بلاغاً يتهم شيخ الفتنة يوسف القرضاوي بالتورط في التحريض على قتل المصلين بمسجد الروضة ببئر العبد، وقال سمير صبري المحامي مقدم البلاغ إن القرضاوي ظهر في تسجيل مصور، وهو يبيح قتل المصلين، ويفتي بمشروعية اقتحام مسجد ابن تيمية في غزة عام 2009.
وأفتى القرضاوي في التسجيل بمشروعية قتل حركة حماس لجماعة أنصار الشريعة في غزة، مؤكداً أن حماس بقصف مسجد هذه الجماعة وقتل كل من فيه. وأضاف أن الإرهابيين، الذين قتلوا المصلين في مسجد الروضة استندوا إلى فتوى القرضاوي، ومن ثم يعد متورطاً بالتحريض على القتل، مطالباً بالتحقيق معه.
محكمة مصرية تحيل أوراق 11 متهماً بالإرهاب إلى المفتي
قررت محكمة عسكرية مصرية، أمس، إحالة 11 متهماً في قضية «أنصار بيت المقدس» الثالثة إلى المفتي، لأخذ الرأي في إعدامهم، وحددت جلسة 20 ديسمبر المقبل للنطق بالحكم.
ويواجه المتهمون في القضية تهم الهجوم على كمين الفرافرة، ورصد ومراقبة الوحدة على مدى يومين، قبيل ارتكاب جريمتهم، ووضع مخطط لتنفيذ العملية، وارتداء ملابس عسكرية، وإحراز أسلحة نارية وعبوات متفجرة، وقتل 30 من جنود الوحدة.
ويحاكم في القضية 66 متهماً حضورياً، و89 متهماً غيابياً، من بينهم هشام علي عشماوي ضابط الصاعقة المفصول، ومحمد أحمد نصر قائد تنظيم كتائب «الفرقان» المتهم باستهداف سفينة أثناء عبورها لقناة السويس، وضرب مقر القمر الصناعي بالمعادي، وسلمى المحاسنة عضو مجلس شورى التنظيم وفقاً للتحقيقات.
(الخليج الإماراتية)
الطريقة الجريرية في مرمى نيران الإرهاب بسيناء
الطريقة الجريرية التي استهدفها عناصر الإرهاب الغاشم الجمعة الماضية أثناء خطبة الجمعة بمسجد الروضة بمنطقة بئر العبد بشمال سيناء وأدى إلى سقوط 310 شهداء وما يقرب 128 مصابا، تعد إحدى الطرق الصوفية التي تفرعت عن الطريقة الأحمدية أو البدوية التي تنسب إلى السيد أحمد البدوى أحد أقطاب المتصوفة الأربعة والذي يلقب بـ"أبو الفتيان"، والطريق انتشرت في مصر في مدينة طنطا بمحافظة الغربية ومنها إلى كثير من الدول الإسلامية منها ليبيا.
كما تعد الطريقة الجريرية إحدى الطرق الصوفية الرسمية المسجلة وفق القانون 118 لسنة 76 ولأتباعها مساجد وزوايا عديدة في مختلف المحافظات ويعد الشيخ عيد أبو جرير هو المؤسس الأول للصوفية في سيناء، بل يعتبر الأب الروحى للطرق الصوفية في سيناء ليس هذا فحسب بل يعد عيد أبو جرير أحد أبطال المقاومة الشعبية ضد إسرائيل في فترة الاحتلال.
ويعد الشيخ منصور عيد شريف أبو جرير، شيخ الطريقة الجريرية الأحمدية، التابعة لمشيخة الطرق الصوفية المصرية، والذي توفى عن عمر ناهز الستين عامًا، من أشهر مشايخ الطريقة الجريرية، والشيخ منصور، الخليفة الخامس للشيخ عيد أبو جرير، مؤسس الطريقة الجريرية الأحمدية المتصوفة، وتولى شياخة الطريقة أواخر عام 2011 خلفًا للشيخ نصير سلمى نصير أبو جرير.
ويتبع الطريقة الجريرية الأحمدية المتصوفة عشرات الآلاف من المريدين بالمحافظات المصرية وفلسطين والأردن ودول الخليج.
يعتبر الراحل الشيخ منصور أبو جرير من أبرز القيادات البدوية في سيناء التي لعبت دورًا بارزًا في مقاومة الاحتلال الصهيوني إبان فترة الاحتلال لسيناء، ومن أبرز أعضاء منظمة سيناء العربية، وأحد كبار المجاهدين حاصل على نوط الامتياز من الطبقة الأولى، تقديرًا لمعونته الصادقة للقوات المسلحة في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، تعرض للاعتقال على يد الاحتلال الصهيوني عام 1974م لمدة عامين، حتى تم الإفراج وترحيله إلى مصر. كان الشيخ الراحل عضوًا في مجلس الشورى، عن شمال سيناء، لدورة كاملة في الفترة من 2001 حتى 2005 م، ويعتبر من أبرز أفراد قبيلة السواركة بسيناء.
ولم يكن استهداف الطريقة الجريرية في سيناء الجمعة الماضية من جانب عناصر الإرهاب والاعتداء على مسجده الروضة هو الأول بل أنه في 19 نوفمبر 2016 تم اختطاف أحد كبار مشايخ الطرق الصوفية وهو الشيخ سليمان أبو حراز البالغ من العمر 98 عاما وذبحه على أيدي عناصر تنظيم داعش.
ويعد حادث مسجد الروضة بمنطقة بئر العبد بشمال سيناء وهو مسجد الطريقة الجريرية هو الأبشع من جانب جماعات الإرهاب والعنف من خلال استخدام عربات الدفع الرباعى بواسطة ما يقرب من 30 إرهابيا وقاموا بمهاجمة المصلين داخل المسجد أثناء الاستماع لخطبة الجمعة مطلقين رصاصات الغدر ضد المصلين ولم يتوقفوا إلا بعد أن سقط من داخل المسجد بين قتيل وجريح لدرجة أنهم لم يرحموا براءة الأطفال داخل المسجد بصحبة ذويهم فسقط 27 طفلا شهيدا.
أبو العزائم: حملة إحياء الأخلاق النبوية ترد على محاولات تشويه الإسلام
قال الشيخ علاء أبو العزائم، رئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية: إن إطلاق دار الإفتاء المصرية، حملةً عالمية باللغة الإنجليزية في الفضاء الإلكترونى بمناسبة المولد النبوى الشريف، محاولة لإحياء القيم والأخلاق النبوية، وتقديم فهم جديد لحياة النبى صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته العطرة والتعمق في الجمال الروحى والأخلاقى لسيدنا محمد.
وأوضح أن تلك الخطوة تعد ردا جيدا على ما يقوم به العناصر الإرهابية من تشويه صورة الإسلام.
وتابع: "على الحملة أن تقدم النماذج العملية والصحيحة لتطبيق سيرة النبى في الوقت الحالى من خلال الدعوة لإرساء دعائم الرحمة والمحبة والتعايش والسلام في العالم أجمع، ومواجهة العنف والكراهية والتطرف بسبب انحراف البعض عن المنهج النبوى".
(فيتو)
الصوفية.. دولة الأرواح التي يخشاها داعش والأصوليون
جل ما تخشاه التنظيمات التكفيرية هو الإسلام في عمقه الصوفي وبعده الشعبي، ذلك أنه معني بالعلاقة العمودية مع الخالق ولا دخل له في التفاصيل والشؤون الدنيوية. وما يريده الإسلام السياسي هو تأسيس دولة مبنية على مجموعة أباطيل وأوهام، لذلك يقدم داعش بشراسة على هجومات دموية تستهدف الصوفية والإسلام بنسخته الشعبية كما فعل أخيرا في شمال سيناء.
كشف الهجوم الدموي على متصوفة مسجد الروضة بالعريش في شمال سيناء وراح ضحيته 309 أشخاص وإصابة نحو مئة أثناء صلاة الجمعة 24 نوفمبر، عن لاعب رئيسي تاريخي يخشاه التطرف والإرهاب أكثر من كل هؤلاء، وهو الصوفيون.
التنظيم الذي بدأ عام 2010 بمغامرة أبي بكر البغدادي عبر تفجيراته في قلب بغداد ثأرا لمقتل رفيقه أبي عمر البغدادي ومساعده، ينتهي بتفجيرات وقتل عشوائي وذئاب منفردة في مختلف بلاد العالم.
الإصدار الذي أطلقه تنظيم “ولاية سيناء” نهاية العام الماضي بعنوان “نور الشريعة” تحدث عن نسف الأضرحة والمقامات والقبض على أبناء التيار الصوفي ومنعهم من مباشرة أورادهم وأذكارهم الجماعية بشكل متكرر.
التطور الأخير في سيناء يحمل عدة تفسيرات، منها كونه أتى نتيجة انشقاق داخل داعش على خلفية الصراع بين البنعلية والحازمية بالنظر إلى أن التيار الحازمي لا يعذر عوام الفرق المخالفة بالجهل.
وربما سيطر على التنظيم أخيرا قادة أجانب بعد مقتل قادة الصف الأول للتنظيم من المصريين ممن كانوا يحرصون على عدم الاعتداء على أبناء قبائلهم رعاية للقرابة.
المتغيرات داخل داعش واستقبال تنظيم ولاية سيناء لقادة فارين من سوريا والعراق، علاوة على التنافس مع القاعدة والرغبة في تأسيس خلافة بديلة، وسعي التنظيم لفرض سلطة الأمر الواقع في شمال سيناء، جميعها عوامل تؤشر على أنه لم تعد هناك أماكن خارج نطاق استهداف داعش.
من المفترض أن تولد ممارسات السلفية الجهادية الغضب الشعبي، بسبب هتك حرمة الإنسان وحرياته وبسبب تشويه الدين والمعتقد، ومن الطبيعي أن يضمحل داعش بتصوراته السوداء ليظل فقط كحالة أمنية.
الأهم من انهيار نموذج داعش أمام العامة هو عثورهم في فورة ضيقهم على النموذج وعلى الوجهة، التي ليست تلقاء مع رجال الدين ممن اتضحت محدودية قدراتهم على إنتاج البديل، كما أنها ليست تلقاء نسخ من الإسلام السياسي مختفية بتصورات ومناهج داعشية تحت عناوين أحزاب سياسية.
تاريخيا وجد التياران الرئيسيان؛ الأصولي العنيف، والآخر الصوفي الروحاني، وطارد الأول الثاني وقتل مفكريه وفلاسفته، وما يجري هو مواصلة للصراع المصيري لأن انتصار الصوفية هو انتصار للإسلام على مختطفيه وساجنيه بزنزانة الجمود الفكري والتحجر العقائدي.
انتصار الصوفية هو انتصار للإسلام الحقيقي على مختطفيه وساجنيه بزنزانة الجمود الفكري والتحجر العقائدي
حديثا لعب الإسلام السياسي بزعامة الإخوان دورا في ترجيح كفة الأصولية المتشددة في الصراع لحسابات سياسية، فعمد إلى خلق جبهة متزمتة. ويشي الصراع القائم ببعث الفكرة العقلانية التقدمية من تحت الركام، والمرشح للانتصار لها على مدى منظور هو الجمهور الذي أريد تغييبه.
فرق الأصوليون الراديكاليون أتباع الأديان رغم وحدة منبعها وأدخلوا المسلمين في صراع مع العالم كله، وحولوا علاقة التكامل إلى تهديد وثأر وتكبير أثناء قطع الرؤوس.
في حين لا تقف الصوفية عند الاختلافات التي تفرضها شرائع الأديان، بل تتجاوزها إلى البحث عن الحقيقة، ولا تنظر إليها بوصفها نهاية المطاف من الدين والتدين بل هي “مجرد وسائل لاستلهام الينابيع البعيدة للإيمان دون أن يعني ذلك التنصل من فروض وأحكام تلك الشرائع”.
وتنادي الصوفية بالقيم العليا النبيلة التي يحتاج إليها الناس في كل عصر ومكان، مثل المحبة والتسامح، والتي تصلح أن تكون الرابط القوي والقادر على الصمود بين أتباع الديانات والثقافات والحضارات.
دولة الصوفية هي دولة افتراضية تحكم بالمحبة والترفع، لا دولة الإكراه والسيف والقصاص، ومن ثم فلا يملك القدرة على تقريب المختلفين في العقائد والمذاهب غير التصوف. من وراء الصوفية يستهدف داعش الإسلام الشعبي العام لأنه يمثل الخطر الأكبر عليه، بالنظر إلى أن مجال نشاطهما واحد.
ولو ترك التنظيم من يحتجزهم بالقهر والإكراه من البسطاء وأنصاف المتعلمين أحرارا لعادوا لصوفيتهم المعبرة عن فهمهم الفطري للدين.
مشاهد الفرحة التي تغمر البسطاء في مدن سوريا والعراق بعد إجبار التنظيم على الرحيل عنها، تنطوي على الهاجس الأكبر الذي يؤرق داعش، فهو لا يخشى الجيوش ولا الأجهزة الأمنية بقدر خوفه من طوفان الرفض الشعبي لممارساته.
فما الظن إذا عكف الملايين على النموذج الإسلامي الصوفي العقلاني الذي يملك تفكيك ونسف مقولات التنظيم؟
وتنحصر مساحة تجنيد داعش في نطاق البسطاء ممن لا يفرقون بين التأويل الأصولي والدين فكلاهما عندهم واحد، وإذا لم يخدمهم الحظ بالنشأة في أسرة سليمة الفطرة وبيئة خالية من محفزات الطائفية، فهم عرضة للاستقطاب الداعشي.
قيام داعش نابع من هشاشة النظام ومن توفر شريحة سنية قدمت له العون كرد على الهيمنة الشيعية والعلوية
وبالرغم من عدم اشتهار أقطاب التصوف في التعليم والإعلام أمثال ابن سينا والتوحيدي والفارابي وابن رشد، مقابل اشتهار ابن تيمية والمودودي وقطب، فالملايين من المصريين الذين تفصلهم عن التصورات الفلسفية والرؤى الصوفية أزمان بعيدة، رافضون بالفطرة السوية للأصولية المتحجرة ويمارسون حياتهم وفق الذوق الصوفي والتأويل العقلاني للدين.
ليست فصائل السلفية الجهادية فحسب بل الأصوليون على مختلف مشاربهم من سلفية علمية وحركية وإسلام سياسي وجهادي، جميعهم ينظرون إلى هذا الإسلام الذي تعبر عنه الصوفية كعدو أول، لأنه لا يحتاج لكي يسود ليزيح تماما تلك النسخ المشوهة سوى إلى فضاء مفتوح دون قهر أو إكراه.
وتركزت حملات تشويه التيار السلفي للصوفية على إظهار بعض الممارسات الفردية التي تقع في الموالد، هروبا من جوهر القضايا التي تتوج الصوفية كزعامة إسلامية مؤهلة لحل مختلف الإشكاليات التي عجزت عنها العديد من المؤسسات والتيارات.
الكراهية لأي شخص لدى الصوفية مرفوضة بالمطلق فهم رسل محبة وسلام. وتؤمن الصوفية بخلاصة فلسفة الإسلام في الاعتقاد والتدين، فهو سلوك فردي دون وصاية أو وسيط، وليس لأحد إجبار آخر على اعتناق ما يعتنق، ولدى الصوفية الاعتقاد المشهور القائل بأن “الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق”.
يبحث الصوفيون عن معراجهم إلى الله بمعالجة جوهر الدين من صبر وإخلاص وتوكل وزهد وإيثار وعطاء، أما الأصوليون فيتوسلون بشتى الطرق للوصول إلى السلطة.
جماعات الإسلام السياسي غارقة في استعلاء وأنانية مفرطة وشره في التملك، والصوفية يكفيهم الحب للناس جميعا ليشعروا بالغبطة والامتنان.
الوظيفة السياسية للصوفية نهوض بدور المصلح بين الناس والتوفيق بين المتخاصمين، بينما الإرهاب التكفيري يصنع الفتن ويزرع الانقسامات.
لذا يدرك داعش وطيف الإسلام السياسي بأن الخطر الفعلي الذي يتهددهما هو الصوفية التي لديها الحل العملي دون مطامع؛ فهي تأخذ من الدين جوهره وغاياته تاركة قشوره وتأخذ من الحداثة جوهرها تاركة شططها وانحرافاتها.
ويصعب على أي مؤسسة دينية معاكسة مسار الأصولية كما تفعل الصوفية، فالمؤسسة الدينية تسعى هي الأخرى لتصبح سلطة شاملة ومهيمنة في كل المجالات. تأسيس داعش لدولة لم يكن نابعا من مقدرة ذاتية بل بالدرجة الأولى من هشاشة نظام الدولة ومن توفر شريحة سنية قدمت له العون كرد معنوي للهيمنة الشيعية والعلوية السلطوية في بغداد ودمشق.
ولا تؤسس الدول بالتفجيرات وإطلاق النار والذبح وإعلان الحرب على الجميع، فالدول ليست مجرد مساحات جغرافية وبعض الأسلحة، بل امتداد ثقافي وحضاري وتاريخي وميراث قيمي وتفاعل اجتماعي.
تعود مختلف الفصائل إلى تكتيكات التنظيمات المعتادة، بعد الفشل في تجربة الدولة وهذا ينطبق على داعش والإخوان، مستهدفة البيئات الشعبية التي ترى في حضورها والالتفاف الشعبي حولها ما يهدد وجودها بالكامل ويجعل عودتها محل شك.
العلمانية لا ترهب إلا الإرهابيين
الإسلاموفوبيا، خدعة وفخّ للمغفلين، يخلط بها الإسلاميون الأوراق، فيوهمون الناس أنّ كلّ من يعاديهم يعادي الإسلام والمسلمين.
هل أصبحت الإسلاموفوبيا سلوكا ثقافيا في فرنسا حقا، كما تروج صحف اليسار وطوائفه وبعض الكتاب ومعظم الصحافيين؟ ألا يقدم هؤلاء بترويجهم لكلمة إسلاموفوبيا صورة مشوّهة عن وضع المسلمين في فرنسا ويضللون الرأي العام ويقدمون دعما للإخوان وعموم الإسلاميين من حيث لا يدرون؟ فهل أصبحت فرنسا مذبحة للمسلمين والعرب؟ هل يمكن الحديث عن رهاب ما؟ هل هو خوف لاعقلاني من الإسلام كما توحي به كلمة إسلاموفوبيا؟
في فرنسا، لا يمكن أن تجد بسهولة إنسانا مكوّنا تكوينا طبيعيا يكره المسلمين لكونهم مسلمين أو يكره الإسلام أو أي ديانة أخرى. حتى الأقلية العنصرية لا تجرؤ على إظهار ما يختلج في دواخلها من أحقاد. ففضلا عن وقوف القانون بالمرصاد لكل من تسوّل له نفسه الأمّارة بالكراهية أن يعتدي على الغير جسديا أو ماديا، تجد الأفكار العنصرية مناهضة شديدة وحاسمة من لدن المجتمع المدني الفرنسي.
ولئن كان العنصريون يمرحون ويسرحون في بلادنا، فينعتون هذا بالضال وذاك بالكافر المغضوب عليه، عبر وسائل الإعلام الرسمية ومختلف المنابر وخطب الجمعة المنقولة على أمواج الأثير، دون أن يلاحقوا قانونيا ودون أن يُسألوا إعلاميا، فإنّ إخوانهم في كره الآخر في الغرب وفي فرنسا تحديدا، سرعان ما يجدون أنفسهم متّهمين في المحاكم بمجرّد محاولة التعبير همسا عن كرههم للآخر.
في بلاد المسلمين تمارس العنصرية علانية أمام ربّ العالمين، ولو لم يغضّ الغربيون الطرف عمّا يقال عنهم عندنا وكيف ينظر إليهم جيرانهم المسلمون، وكيف تصفهم كتب المسلمين لأصبحوا عنصريين أجمعين. وبغض النظر عن الإرهاب، فمن يتابع ما يرتكبه الإسلاميون من اعتداءات على الفضاء العلماني في فرنسا لا يحزن فحسب، بل يستغرب كيف لا يصوّت الفرنسيون في أغلبهم لصالح اليمين المتطرف؟
الإسلاموفوبيا، خدعة وفخّ للمغفلين، يخلط بها الإسلاميون الأوراق، فيوهمون الناس أنّ كلّ من يعاديهم يعادي الإسلام والمسلمين، بل هو مريض يعاني اضطرابا نفسيا، يجعله يخاف خوفا لاعقلانيا من الشريعة. فالشريعة، حسبهم، ليست خطيرة ومن يخاف منها فهو مريض مسكين أو جاهل أو عنصريّ يكره العرب والمسلمين. في بلدانهم الأصلية كانوا ولا يزالون يعتبرون كلّ من لا يجاريهم في غيّهم سفيها وماسونيا وشيوعيا.
ويحرمونه حتى من حقّ الانتخاب (السفيه لا يحقّ له الانتخاب في برنامج الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية، وللقارئ أن يتخيّل ما يقصد الأصوليون بالسفيه).
لكل إنسان الحقّ في أن يحمل من اللباس ما أراد لكن حينما يتمترس داخل ذلك الحجاب الشامل، يصبح هذا الأمر متعلقا بالأمن
وتلك تهم محسنة لخّصها إخوانهم في الغرب في عبارة “الخوف اللاعقلاني من الإسلام”، لتتماشى مع متطلّبات الأسلمة.
لا أحد ينكر أن في فرنسا إرادة حقيقية لجعل الإسلام يتمتع بمكانة مساوية لكلّ الديانات الأخرى، وهذا أمر طبيعي في إطار العلمانية الفرنسية. “أنا محظوظة أن أولد في هذا البلد ذي الثقافة المسيحية اليهودية، الذي أتاح لي عن طريق علمانيته أن أمارس شعائري الدينية بكل حرية، ودون أن يتدخّل أحد في ضميري واعتقاداتي”. هكذا تعترف فضيلة عمارة قبل أن تتبوّأ منصبا وزاريا في عهد نيكولا ساركوزي.
الإسلاموفوبيا، بهذا الاختراع يحاول الإخوان وحلفاؤهم اليساريون تغطية حقيقة الهجوم الإسلامي على أوروبا، وصدّ بل وتجريم كلّ نقد نزيه يوجه لأيديولوجيتهم، وإسكات المسلمين الرافضين للشريعة وتعطيل كل محاولة انعتاق من الدين في بلدان الإسلام. حيلة الإسلاموفوبيا هي خط أمامي في حربهم ضدّ العلمانية التي بدأت تتخلّص من عقدتها رويدا رويدا داخل المجتمعات العربية.
هل هو إسلاموفوبي من ينادي بفصل الدين عن الدولة، والمساواة بين الرجل والمرأة والعيش تحت إرهاب نيران جهنم، ويدين قطع يد السارق ورجم الزاني والزانية وعدم اعتبار الآخرين “قردة وخنازير”؟ إنّ كره هذه العادات والأفكار لا يعني البتّة كره المسلمين، وانتقاد تدخّل الشريعة في حياة الناس الحميمية ليس انتقادا للمسلمين. العلماني فرنسيا كان أو عربيا أو توغوليا، لا يكره المسلمين وإنما يكره رجم المسلمات وجلد المسلمين وضرب أعناقهم ودفعهم إلى معاداة بقية الإنسانية.
لا أحد من العلمانيين تزعجه صلاة إنسان أو صومه شهر رمضان أو حجه إلى مكة أو الفاتيكان، ذلك حق تكفله القوانين في بلدان العلمانية. ما هو غير مقبول هو أن يتحوّل الاعتقاد الخاص إلى قضية عامة، وأن يحاول بعض “الحدَاثفُوبيين” ترتيب العالم للآخرين إرضاء لباتولوجيتهم وعقدهم الشخصية ورهابهم من الغيب.
لكل إنسان الحقّ في أن يحمل من اللباس ما أراد لكن حينما يتمترس داخل ذلك الحجاب الشامل، يصبح هذا الأمر متعلّقا بالأمن العام إذ يمكن لأيّ كان أن يختفي تحت هذه الخيمة المتنقلة ليرتكب أفعالا ضدّ المجتمع؟ هل يحقّ لأحد أن يخفي هويته في مجتمع ديمقراطي؟ هل يحقّ للمواطن أن يتحوّل إلى شبح؟
لكي يرضى الإخوان المسلمون عن الجمهورية الفرنسية، وكي يكون بنو جلدتهم مسلمين “صالحين”، ينبغي على هؤلاء اتباع ملّتهم وعلى الجمهورية تركهم يعيثون في العلمانية فسادا، يروجون لقطع الأيدي ويسيلون دم الأضاحي في العمارات ويصلون صلاة الجمعة حيثما أرادوا، ويحرمون بناتهم من حضور حصص الرياضة ودروس الجهاز التناسلي.. وإن لم يقبل الفرنسيون بكلّ هذا سيصنّفون مع الذين بنفسهم مرض، الذين يكرهون العرب ويخافون الإسلام دون سبب.
لا يكره معظم الفرنسيين معظم المسلمين ولا يخافونهم. على عكس ما تحاول الجماعات الإسلامية ترويجه إنهم ليسوا مرضى بل يهابون بوعي من الإسلام الشامل، الشريعة.
لا مجال للحديث عن إسلاموفوبيا وهمية! هناك فقط حداثوفوبيا يعاني منها المتأسلمون فإن خاف الغربيون من أحكام الشريعة التي يبشر بها الإخوان، فهو خوف واع مشروع لأنها تهدد بإطفاء الأنوار الأوروبية والعودة بالإنسان إلى قرون الظلام.
(العرب اللندنية)