بابا نويل في الموصل ومسيحيون يبحثون عن الهجرة من العراق

الأربعاء 27/ديسمبر/2017 - 03:32 م
طباعة بابا نويل  في الموصل
 
جانب من المسيحيين في الموصل يحاولون تحدي الحياة ونشر الامل والاحتفال باعياد الميلاد وجانب اخر يبحث عن الهجرة باي شكل .وحول  الجانبين  يدور هذا التقرير  .فحول التفاؤل قال موقع عنكاوا العراقي ان أشجار أعياد الميلاد ظهرت من جديد في محال وأسواق مدينة الموصل وبالإمكان مشاهدة شخصيات ودمى سانتا كلوز أو بابا نويل منتشرة في شوارع الموصل، حيث أصبح للطوائف المسيحية المختلفة من آراميين وآشوريين وكلدانيين وسريانيين من أبناء الموصل شيئا خاصا يحتفلون به هذا العام بعد مضي ثلاث سنوات من سلطة مسلحي تنظيم "داعش" المتطرف.

وقالت غنوة غسان، فتاة عمرها 17 عاما، "ربما يكون من الغريب أن تظهر فتاة برداء سانتا كلوز في شوارع هذه المدينة. ولكنني أردت أن اعطي الناس هدايا بسيطة، وأريد أن احيي عيد الكريسماس في مكان كان ممنوعا فيه اثناء سيطرة داعش."وهي مرتدية زي بابا نويل، قامت غنوة غسان بتوزيع ألعاب ومستلزمات مدرسية لأطفال مسيحيين ومسلمين من المتواجدين في شوارع وأزقة مدينة الموصل القديمة التي تغمرها الانقاض.

وبعد ثلاث سنوات من هيمنة تنظيم "داعش" والتي تخللتها جرائم قتل واختطاف وتهجير بحق مسيحيي مدينة الموصل ومناطق سهل نينوى فإن عودة أعياد الميلاد تؤشر لنقطة أمل بعودة الكثير من أهالي الموصل المسيحيين إلى ديارهم مع هذه المناسبة. وقالت برناديت المصلوب، 59 عاما وهي موظفة آثار من قرية كريسماس في قضاء الحمدانية جنوب شرق الموصل، إن "اولادنا الشباب قضوا الليل وهم يزينون مدينتنا بالأضوية والديكورات بنفس الطريقة التي اعتدنا القيام بها قبل مجيء "داعش"."وكان مسيحيو قرى سهل نينوى من كلدانيين وآشوريين وسريانيين قد أشعلوا "شعلة كريسماس" في باحة كنائسهم التي تعرضت اغلبها للتدمير والحرق من قبل "داعش".

وقال القس مارتن باني، مطران كنيسة كرمليس للكلدان الكاثوليك، أن "الاحتفال بأعياد الميلاد هنا في قريتنا تعتبر رسالة وهو انه على الرغم من جميع التهديدات والاضطهاد والقتل الذي واجهناه في العراق، لدينا أمل بان هذا البلد سيتغير نحو الاحسن"، مشيرا إلى أن كنيسته الكلدانية تقوم بتوزيع اشجار اعياد الميلاد.

وأضاف القس باني "آخر قداس أعياد الميلاد اقمناه هنا كان في العام 2013 والآن فإن الصليب يرفع من جديد فوق كنسية القديس بولص في قريتنا." وعبر العلمانيون والليبراليون المسلمون عن ارتياحهم أيضا بعودة أعياد الكريسماس، ويقولون إن فكر تنظيم "داعش" التكفيري هدد أساليب حياتهم كما هدد مسيحيي المنطقة.

وقال علي البارودي 29 عاما، وهو محاضرفي اللغة الإنجليزية في قسم الترجمة بجامعة الموصل، "شعرت بالفرح والسعادة عند دخولي قاعة محاضرتي الصباحية لأرى شجرة الميلاد المضيئة بعد ثلاث سنوات قاتمة من حكم "داعش"."المسيحيون الذين عادوا إلى مناطق شرق الموصل هم اكثر من الذين عادوا لمناطق غرب الموصل القديمة التي ماتزال بحاجة إلى إعمار.

وقال سعد أحمد، 32 عاما وهو مسلم من سكنة شرق الموصل، "يوم أمس قامت مجموعة من شباب الموصل بتنظيف كنيسة هنا ليتمكن المسيحيون من الاحتفال وحضور القداس. وكذلك تم تزيين المطاعم والمحال بأشجار الميلاد وشخصيات سانتا كلوز." وقال أحمد إنه ما تزال هناك كنائس أخرى متضررة أو محجوزة من قبل الحكومة، مشيرا إلى أن الكنيسة الموجودة في منطقة المهندسين تستخدم الآن كسجن."

وترجح منظمات خيرية ومنظمات إغاثة مسيحية تراجع عدد مسيحيي العراق إلى أقل من 300 ألف فقط. ويقول ميرفي توماس، المدير التنفيذي لمنظمة التضامن المسيحية في لندن، أن "هجرة الاقليات العرقية في العراق قد تستمر طالما هناك آمال ضعيفة باسترجاع الاستقرار للبلد." ويقول بعض وجهاء الطائفة المسيحية أن عودة جميع مسيحيي الموصل إلى احيائهم وقراهم ماتزال غير متوقعة على المدى المنظور.

وقال سامر إلياس، وهو أكاديمي مسيحي هرب من الموصل إلى كردستان بعد دخول داعش، أن "الكنيسة الكلدانية لها اجندة سياسية حول هذا الموضوع، فهي ترحب بالذين عادوا وتستهجن الذين غادروا وهاجروا." وتعلق الطبيبة النفسية اوفون ايدواردـ من منطقة القوش في سهل نينوى، قائلة أن "زينة اعياد الميلاد والطقوس المألوفة في هذه المناسبة لا يمكن لها أن تهدئ من مخاوفي من المستقبل". وأضافت ايدوارد "نعم هناك أشجار مضيئة وناس يتحدثون عن استعداداتهم للاحتفال، ولكن طائفتنا المسيحية ماتزال متضررة من آثار الحرب، الناس يحتفلون من دوافع سلوكهم بمشاعر باردة ."
 بينما علي جانب الالم والبحث عن الهجرة   قال المطران عمانوئيل يوخنا   مدير برنامج منظمة الإغاثة المسيحية في شمال العراق.في مقابلة مع الموقع الالماني  DW يعيش غالبية مسيحي العراق في إقليم كردستان العراق بشمال البلاد. والخلاف بين أربيل وبغداد يثير قلقهم، ما جعلهم يحزمون حقائبهم استعداداً للقادم. ويطالب المطران بربط المساعدات للعراق بشروط. وهذا نص الحوار الذى اجراءه ماتياس فون هاين

DW: كم عدد المسيحيين الذين مازالوا يعيشون في العراق وفي كردستان العراق؟

الاركذياقون عمانوئيل يوخنا: في كافة أنحاء العراق يعيش نحو ربع مليون مسيحي. 80 إلى 85 في المائة منهم يعيشون في كردستان العراق وفي محافظة نينوى، التي تقع فيها أيضا الموصل. وفي الأجزاء الأخرى من العراق يعيش حوالي من 40 ألفا إلى 50 ألف مسيحي. والمسيحيون هم السكان الأصليون للعراق حيث يعيشون منذ 2000 سنة كمسيحيين، وقبلها كآشوريين قبل أن يأتي العرب والإسلام بفترة طويلة. واليوم نحن كأقلية. لكن من المهم بالنسبة لهويتنا داخل أنفسنا أننا نحن السكان الأصليون في البلاد.

وقبل أن تتفجر العداوة بين كردستان والحكومة المركزية في بغداد، كان كردستان العراق مكانا جيدا للعيش، جزيرة أمل ـ ليس فقط للمسيحيين، بل أيضا بالنسبة إلى أقليات أخرى مضطهدة. وبعد الاستفتاء على الاستقلال ورد الفعل القوي للحكومة المركزية، بات الناس قلقين جدا. والآن توجد أسئلة أكثر من أجوبة.

هل بفعل الوضع غير المستقر يمكن القول بأن الربع مليون مسيحي، المتبقين في العراق حزموا امتعتهم استعداداً للهرب؟

لسوء الحظ يجب علي القول بأن الكثيرين يفعلون ذلك، لاسيما في سهل نينوى. وإلى حد الآن لا يُعرف من سيحكم هناك، وكيف سيكون المشهد السياسي بعد استرداد المنطقة من جديد من (أيدي) ما يسمى بـ"الدولة الإسلامية (داعش)، وتفجر النزاع بين الحكومة المركزية العراقية والمنطقة المستقلة الكردية. ولهذا نحن نعيش في فترة انعدام أمان. نحن ننتظر ـ ونأمل دوما في ذلك ـ رسالة حب وتضامن وثقة من بغداد: "تألمتم بما يكفي تحت داعش. والآن تم الاستيلاء على مدنكم. سنقوم بدعمكم، وسنمدكم بأي نوع من المساعدة لإعادة بناء حياتكم". لكن لسوء الحظ بغداد فعلت العكس: أرسلوا الجيش. ونحن، كمجموعة مسالمة، مصدومين من الوضع.

الاركذياقون عمانوئيل يوخنا، قلق على مستقبل المسيحيين في العراق

هل تعتقد أن التصرف القوي للحكومة المركزية العراقية له ربما علاقة بالحملة الانتخابية؟ في مايو/ أيار  المقبل ستكون انتخابات، وربما يراهن رئيس الوزراء حيدر العبادي على منتخبيه، وغالبيتهم من الشيعة.

التوقيت غير مناسب بالنسبة إلينا. وبصرف النظر عن الحجج والتعليلات المضادة لها بشأن الاستفتاء حول الاستقلال في كردستان اتضح لنا بسرعة أنه يتم استغلال الاستفتاء كذريعة لبث عدم الاستقرار في كردستان. وكنا ننتظر أن يكون النموذج الكردي في التعامل مع الأقليات سيكون قدوة بالنسبة للأجزاء الأخرى من العراق وليس العكس. والآن تأتي الحملة الانتخابية، ويحاول كل سياسي استغلال الوضع لانتزاع مكاسب. نعم أعتقد أن الحملة الانتخابية تلعب دوراً مهما في طريقة تعامل الرئيس العبادي مع الوضع.

ما الذي يجب فعله كي يشعر المسيحيون في العراق بأنهم في وطنهم؟

كأقلية مسالمة سنشعر بأننا في وطننا عندما نشعر بالأمان. ولذلك نحن ندعو أربيل وبغداد ـ ولاسيما بغداد ـ للاستماع إلى صوت الحكمة، والجلوس على طاولة الحوار وإيجاد الحل للمواقف المختلفة. وهذا سيعيد ترميم ثقتنا.

والنقطة الثانية هي أن الكثير من المسيحيين يعيشون في سهل نينوى، الذي هو جزء من المنطقة المتنازع حولها بين أربيل وبغداد. نحن نتمنى أن يتم هنا تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، التي تنص على أن الناس في المناطق المتنازع عليها هم من يحددون جهة انتمائهم في إطار استفتاء شعبي. وبعدها سيعرف الناس إلى أية جهة ينتمون وتحت أي مظلة دستورية وإدارية سيعيشون. فتحت تنظيم "داعش" لم يتم فقط تدمير البنى التحتية، بل حتى تعايش الأقليات دُمر والثقة المتبادلة أيضا. نحن نحتاج بسرعة إلى مخطط طويل المدى لإعادة بناء كل شيء مادي والعودة مجددا إلى هذا التعايش السلمي بين الجميع. وهذا يحتاج إلى مقاربة متعددة الجوانب: من خلال وسائل الإعلام ومراجعة القوانين والدستور وكذلك تعديل مخططات التدريس.

ما هو أهم إجراء يجب اتخاذه الآن؟

نحن نحتاج إلى اعتراف واضح من أربيل وبغداد بأن المناطق التي تقطنها أقليات وطنية مثل المسيحيين والإزيديين لن تكون هدفا لعمليات عسكرية. وعوض ذلك يجب بذل جهود مشتركة من أربيل وبغداد لإعادة إعمار هذه المناطق.

ما هو نوع المساعدة التي يمكن للخارج أو أوروبا تقديمها؟

المهم أن تكون نوعا من برنامج مارشال في صيغة أصغر؛ لإعادة إعمار المناطق المدمرة. نحن المسيحيين ـ وكذلك الإيزيديين ـ قلقون جدا لأنه يتم تجاوزنا في إعادة البناء. نحن نخشى أن تُصرف، لأسباب سياسية، المخصصات لإعادة البناء في المناطق السنية بالأساس، ونبقى في النهاية في مؤخرة الذيل.

وبغض النظر عن هذا وجب على بروكسيل وبرلين والمجتمع الدولي أن يربط مساعداته للحكومة العراقية أو الكردية بشرط حماية حقوق الأقليات.

شارك