حداد عام بكنائس الكلدان ... لاستهداف المسيحيين في بغداد
الأربعاء 14/مارس/2018 - 02:25 م
طباعة
حالة الحزن والكابة مازالت تسيطر علي المسيحيين في العراق علي اثر مقتل عائلة مسيحية هي عائلة الطبيب هشام مسكوني وزوجته الدكتورة شذى مالك ووالدتها ببغداد إضافة إلى مقتل شاب مسيحي آخر على يد مسلحين قبل أسبوعين.والامر الذى اعتبر سلسلة اجرامية تتعقبهم للقتل علي الهوية الدينية حتى ولو كان الامر مرتبط باهداف جنائية و أقام المسيحيون في بغداد، حداداً في عموم الكنائس الكلدانية على مقتل العائلة وطالب ممثل الأمين العام في بغداد، يان كوبيش، الحكومة العراقية، بحماية الأقليات.
وكان بطريرك الكلدان لويس رفائيل ساكو، دعا، لإعلان الحداد. وقال في بيان: «استنكاراً لاستهداف الدم العراقي، ندعو أولادنا جميعاً لإظهار حدادهم بوضع شريط أسود على صدورهم أثناء دوامهم الرسمي»، مطالباً وزارة الداخلية بـ«ملاحقة الجناة والكشف عنهم ومعاقبتهم بأسرع وقت، لتُثبِت أن دم المواطن العراقي لا يذهب سدى، وتطمئن المواطنين لأن من مسؤوليتها حمايتهم جميعاً».
وكانت عصابة هاجمت، الخميس الماضي، منزل الطبيب مسكوني وسرقت ممتلكات الأسرة بعد أن قتلت الثلاثة طعناً بالسكاكين. وقبل حادث عائلة مسكوني بأسبوع، قتل الشاب المسيحي سامر صلاح الدين بالرصاص في حي النعيرية ببغداد الجديدة.
ورغم موجة التنديد الواسعة باستهداف المسيحيين وبقية الأقليات في بغداد التي أطلقتها شخصيات وأحزاب سياسية عراقية، أثار صمت وزارة الداخلية وعدم تعليقها على حوادث الاستهداف استغراب أغلب المراقبين المحليين.
وطالب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش، الحكومة العراقية، باتخاذ خطوات فاعلة لدعم وحماية الأقليات، وحثّ «القيادات الدينية والسياسية والمدنية وكذلك عامة الناس على الوقوف إلى جانب مواطنيهم الأكثر ضعفاً». وقال بيان: «يمثّل المسيحيون واحداً من المجتمعات القديمة في هذا البلد، وقد تضاءل حجم هذا المجتمع الأصلي، الذي بلغ تعداده في الثمانينات قرابة 1.3 مليون نسمة، إلى ما يُقدّر بنحو 400 ألف نسمة اليوم، وفقاً لقياداتهم المجتمعية». ولفت البيان إلى أنهم «عانوا خلال السنوات الثلاث الماضية من إرهاب داعش، ولا سيما مجتمعاتهم في محافظة نينوى، ولكنهم عانوا أيضاً من الأعمال الإجرامية في أجزاء أخرى من البلاد».
كما أشار بيان البعثة الأممية إلى تعرض مواطنين من أقليات أخرى غير مسيحية إلى عمليات استهداف مماثلة، حيث «خطف مواطنٌ من الصابئة المندائية من متجره في بغداد وعُثر على جثته فيما بعد في أحد الشوارع. وفي الناصرية جنوباً، تعرّض مواطنٌ صابئي مندائي آخر للطعن في متجره، إلا أنه نجا بعد أن هبّ جيرانه المسلمون لنجدته».
وتعليقاً على استهداف المسيحيين وبقية الأقليات، قال أستاذ علم النفس في الجامعة المستنصرية دريد جميل، لـصحيفة «الشرق الأوسط»: «أنا خائف جداً، قد يكون حادث مقتل الطبيب وأسرته بهدف السرقة، لكن تكرار الحوادث ضد المسيحيين في الشهر الأخير، يشير ربما إلى استهدافهم من جهات غير معروفة بهدف دفعهم إلى مغادرة البلاد». وحول تفاصيل حادث أسرة الطبيب مسكوني، ذكر دريد، أنهم وجدوا «الطبيب مسكوني مقتولاً في باب المنزل، فيما قتلت زوجته على السطح، أما والدتها التي كانت تزورهم قادمة من محافظة بابل، فقتلت في المطبخ».
وبخصوص القوائم الانتخابية التي تمثل المسيحيين في العراق، أشار دريد جميل، وهو مرشح للانتخابات عن حركة «بابليون» المسيحية، إلى وجود 7 قوائم انتخابية هي «بابليون، والرافدين، والرابطة الكلدانية المقربة من البطريرك ساكو، وبيت نهرين، والتجمع السرياني، وأبناء النهرين، والتجمع السرياني الكلداني الآشوري». ولفت إلى أن تلك القوائم «تنافس ضمن دائرة انتخابية واحدة على 5 مقاعد نيابية (كوتا) مخصصة للمكون المسيحي».
إلى ذلك، قال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ، إن «استهداف المسيحيين هو استهداف مباشر للوحدة الوطنية، وهو تهديد خطير لا بد من التصدي له بكل الطرق والوسائل». واعتبر الجبوري في بيان أن «ما تعرض له العراق بجميع مكوناته، وخصوصاً المسيحيين، يندرج ضمن محاولات إثارة الفرقة والنعرات بين أبناء المجتمع التي تهدف إلى إفراغ البلد من طاقاته ومكوناته الأصيلة».
بدوره، حذّر الأمين العام لحزب «المؤتمر الوطني» آراس حبيب، مما سماه «طرفاً ثالثاً» يحاول تعكير الأمن في بغداد. وقال حبيب في بيان إن «محاولات تعكير الأمن في بغداد عبر استهداف أبناء المكونات يقف وراءها طرف ثالث مستفيد»، مبيناً أن «الحوادث المتكررة ضد إخوتنا وشركائنا في الوطن أبناء المكون المسيحي الأصلاء، إنما تمثل حلقة في مسلسل التآمر على وحدة وطننا وتكامل نسيجه المجتمعي عبر دفع الإخوة المسيحيين إلى الهجرة خارج البلاد».
وفي موضوع ذي صلة بالشأن المسيحي، وافق مجلس الوزراء العراقي قبل أيام على تعويض الدرجات الوظيفية لتاركي الوظيفة من المسيحيين. وأظهرت وثيقة صادرة عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء قراراً بالموافقة على «تعويض الدرجات الوظيفية عن حركة الملاك من المكون المسيحي من أبناء المكون نفسه، وكل حسب منطقته شريطة تنفيذه بعد نفاذ قانون الموازنة الاتحادية». أعلن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي يوموالثلاثاء عن وجود أيادٍ تريد استهداف المسيحيين لأهداف وصفها بالمشؤومة ولأغراض تآمرية خطيرة، وفيما أكد القاء القبض على بعض المتورطين بالجرائم التي استهدفت ابناء هذا المكون، دعا المسيحيين الى البقاء وعدم الهجرة.
وقال العبادي في مؤتمره الأسبوعي أن "جزءا من مؤامرة تخويف المسيحيين يهدف الى أجبارهم على الهجرة خارج العراق".
وكشف رئيس الوزراء عن إن التحقيقات جارية مع المتورطين لمعرفة من يقف ورائهم والخطة التي يرومون تحقيقها خاصة بعد وقوع جريمتين في هذا الاطار في العاصمة بغداد خلال الاسبوعيين الماضيين، مبينا ان احدى الجرائم وقعت بهدف الاستيلاء على عقارات ومواقع معينة.
وشدد العبادي على أن مسؤولية الدولة حماية جميع المواطنين ومنهم المسيحيين وهم مواطنون اصلاء وندعوهم الى البقاء وعدم الهجرة.
وفي ذات الشأن، شهدت جلسة البرلمان العراقي التي عقدت يوم الثلاثاء استنكارا برلمانيا ضد الجرائم البشعة التي طالت عدد من المواطنين المسيحيين في بغداد،ومطالبات بملاحقة المجرمين وحماية ارواح الناس.
اذ تلا النائب يونادم كنا بيانا استنكر فيه الجرائم البشعة التي طالت عائلة الطبيب المسيحي هشام مسكوني وزوجته الدكتورة شذى ووالدتها في منطقة المشتل ببغداد والشاب سامر صلاح الدين ججو الذي قتل في 25 فبراير الماضي بمنطقة النعيرية، اضافة الى قتل المواطن الصابئي وسرقة محله.
وأشار كنا الى ان تكرار هذه الجرائم دون الكشف عن المجرمين او اية اجراءات رادعة يثير القلق والاستغراب ويزعزع تقة المواطن بالدولة، مطالبا الحكومة بتحمل مسؤولياتها في حماية المواطنين وملاحقة المجرمين القتلة وفرض سلطة القانون عبر حصر السلاح بيد الدولة
وأستنكر رئيس البرلمان سليم الجبوري الاعمال الاجرامية التي وقعت ضد المواطنين الابرياء سواء من المسيحيين او من تم استهدافهم على الطريق بين بغداد وكركوك، داعيا الجهات الامنية الى اتخاذ كافة الاجراءات الكفيلة بتوفير الحماية للمواطنين.
من جانبه، طالب النائب جوزيف صليوا خلال الجلسة ذاتها وزارة الداخلية بالكشف عن نتائج التحقيقات بشأن ملابسات الجرائم التي راح ضحيتها عدد من المواطنين المسيحيين في بغداد .
ووقعت حوادث اجرامية في العاصمة بغداد قبيل أيام أسفرت عن مقتل طبيب مسيحي وعائلته في منطقة المشتل طعنا بالسكاكين بعد اقتحام منزله من قبل مسلحين، فضلا عن خطف وقتل مواطن صابئي يملك محلا للمجوهرات في بغداد الجديدة .
وكانت وزارة الداخلية اعلنت عن اعتقال مجموعة اشخاص يشتبه بتورطهم في جريمة قتل العائلة المسيحية ببغداد.
واستضاف برنامج "هموم عراقية" على أثير راديو "سبوتنيك" الخبير في شؤون الأقليات صائب خدر نايف يقول حول استهداف الأقليات في العراق:
"إن مسألة استهداف الأقليات ليست مسألة جديدة على العراقيين، فمسلسل الاستهداف بدأ منذ العام 2005 مروراً بالعام 2014 ويستمر لحد الآن، وأعتقد إن هذا الاستهداف يدخل في أجندات ومحاور سياسية إقليمية لإفراغ البلد من تنوعه الثري الذي يمثل عصب وجمال البلد وتنوعه الذي لا يضاهيه في التنوع البلدان الاخرى، وعمليات الاستهداف هذه هي امتداد لعمليات ثانية استهدفت الايزيديين والصابئة والمسيحيين وباقي الأقليات في بغداد وباقي محافظات العراق، وهو مؤشر خطير لإفراغ البلد من محتواه، وبالتالي يجب الاهتمام في هذا الموضوع كونه يعتبر بمثابة ناقوس خطر للمرحلة المقبلة."
وأضاف نايف "دائماً ما تقيد الجرائم التي تستهدف الأقليات ضد مجهول، فالحادثتان اللتان وقعتا مؤخراً قُيدتا ضد مجهول، وهو موضوع يثير علامات الاستفهام حول عدم وجود تحقيقات جدية في عمليات الاستهداف هذه، مما يعتبر مؤشرا سلبيا بالنسبة للأقليات، يشعرون معه أن أرواحهم رخيصة، لذا فإن القبض على المجرمين وإيقاع العقوبات اللازمة بهم يعد ذلك نوع من التضامن مع الأقليات، كما أن الطابع العشائري الموجود في المجتمع العراقي يعتبر هو الآخر أحد أسباب الإفلات من العقاب، كون الأقليات التي تعيش في العراق ليس لديها مفهوم الثأر والطابع العشائري، وهم يعولون على سلطة الدولة والقانون، وإن عملية القبض على مرتكبي الجرائم ضد الأقليات وتقديمهم للعدالة سوف يكون مؤشرا إيجابيا للأقليات ويشعرهم بوجود سلطة الدولة والقانون."
وعن الجهد الدولي في حماية الأقليات، يقول نايف: " أنا لا أؤمن بالتدخلات الدولية، حيث يوجد في العراق دستور وقوانين، لذا فإنه وتحت ذريعة حماية الأقليات سوف تتدخل الدول بالشؤون الداخلية العراقية. إن الصراع بين الكبار يؤثر على الأقليات، فهم يكونون ضحية الصراعات والأجندات السياسية الداخلية والإقليمية والدولية، كما وإن إفراغ المجتمعات في سوريا والعراق من الأقليات يصب في صالح اجندات معينة، وتؤثر عملية إفراغ المجتمعات من الأقليات على البيئة الاجتماعية للدول، ومن هنا تكمن أهمية تدخل المجتمع الدولي عبر المنظمات الدولية بقرارات تلزم الدول بحماية الأقليات."
وعن ردود الأفعال داخل العراق حول الجريمة التي حدثت ضد مواطنين مسيحيين يقول نايف "هناك تضامن عراقي مع ملف الأقليات، وخاصة المجتمع البغدادي، حيث أنه متضامن ومتعاطف مع الأقليات وما يتعرضون له، وكذلك هناك تعاطف من قبل الحكومة العراقية، لكن التعاطف لا يكفي، فالأقليات لا تحتاج إلى تعاطف، وإنما إلى أدوات لحمايتهم عبر تشريعات وقوانين وإجراءات إدارية وتنفيذية قوية."