الإرهابيون يستهدفون «مدينة النور» والشرطة تُحبط عملية جديدة
السبت 19/مايو/2018 - 07:41 م
طباعة
بدأ سكان الدائرة الثامنة عشرة بشمال العاصمة الفرنسية باريس، اعتياد مداهمة قوات الشرطة منزلًا هنا أو هناك في الحي ذي الأغلبية المهاجرة، كان آخرها اقتحام الشرطة مسكن طالب جامعي -مصري الجنسية- عثرت بحوزته على كيس يحوي مسحوقًا أسودَ مستخرجًا من حزمة مفرقعات، وتسجيل فيديو لكيفية إنتاج سموم أساسها مادة «الريسين».
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب، تفاصيل الواقعة في مؤتمر صحفي أمس الجمعة؛ حيث قال: إن الشرطة نفذت المداهمة يوم 11 مايو، عشية تنفيذ حمزة عظيموف الجهادي الفرنسي من أصل شيشاني -الذي كان يعيش في نفس الحي السكني- هجومًا إرهابيًّا أوقع قتيلًا في حي الأوبرا في باريس.
وأكد «كولومب» أن الشاب المصري الجنسية من مواليد عام 1998، يقيم في فرنسا بصورة قانونية، واعترف بعفوية بأنه تابع الدعاية الجهادية، وأن شخصًا على تطبيق الرسائل المشفرة «تيليجرام»، لم يعرف حتى الآن، طلب منه شراء رزمة مفرقعات؛ لإنتاج قنبلة، والتحرك في فرنسا.
وهذا هو ثالث اعتداء يتم إحباطه منذ بداية السنة الجارية من قِبل الإدارة العامة للأمن الداخلي الفرنسي، بعد ذاك الذي خطط له رجل تم توقيفه في جنوب البلاد في يناير الماضي، وآخر كان يستهدف مركزًا رياضيًّا كبيرًا في غرب البلاد.
سم الريسين
ما يميز المحاولة الأخيرة هو الاستعانة بمادة سامة لتنفيذ العملية الإرهابية؛ ما يعكس توجهًا جديدًا لدى التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم «داعش»، في التكنيك المتبع لتنفيذ هجمات في الدول الأوروبية.
وتعد فرنسا من الدول الأكثر استيرادًا لنبات الخروع الذي يُستخرج منه مادة الريسين شديدة السمية، ويدخل نبات الخروع في إنتاج المنتجات التجميلية، إضافة إلى استخدام بعض المواد الكيمائية الموجودة فيه لصناعة العقاقير الطبية.
وتمَّ استخدام سم الريسين في عملية اغتيال الصحفي البلغاري، جورجي ماركوف عام 1978، كما تم إرسال خطابات تحتوي عليه إلى البيت الأبيض، أثناء فترة رئاسة باراك أوباما الولايات المتحدة الأمريكية، ولم يُكتشف مضاد لهذا السم حتى الآن، ومن خلال القيام بمعالجات كيميائية يمكن استخراج السم في شكل سائل أو «بودرة».
استهداف فرنسا المستمر
تعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوروبية التي شهدت عمليات إرهابية، نفَّذها أتباع لتنظيم «داعش»، وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل 246 شخصًا منذ عام 2015، كما سافر نحو 600 فرنسي إلى سوريا والعراق؛ للانضمام إلى «داعش» هناك.
وخصّ محمد العدناني، المتحدث الرسمي باسم تنظيم داعش في خطاب سبتمبر 2014 -بعد فترة وجيزة من بداية الضربات الجوية، التي قام بها التحالف الدولي، الذي تشارك فيه فرنسا بقيادة الولايات المتحدة- فرنسا، ووصفها بـ«الحاقدة»، داعيًا المتعاطفين مع «داعش» إلى تنفيذ هجمات إرهابية فيها، وفي باقي دول الغرب.
ويُرجع الكاتب الصحفي جيسون بورك، في مقال له بصحيفة «الجارديان» البريطانية، استهداف فرنسا؛ للدور التاريخي الذي لعبته؛ كونها رمزًا لليبرالية والعلمانية الغربية، حتى مع رؤية المتطرفين الإسلاميين الولايات المتحدة الأمريكية مصدرًا للانحطاط الأخلاقي، والاستغلال الاقتصادي، هم يرون فرنسا قوةً ملحدةً تدافع عن القيم الغربية، مثل حرية التعبير والديمقراطية، وفي نظر الإرهابيين، تحاول فرنسا فرض هذه القيم على العالم الإسلامي.
ويُشير «بورك» إلى أن الإرهابيين في الهجمات التي ينفذونها في فرنسا، يستهدفون نمط الحياة الفرنسية، ويمكن رؤية ذلك في الهجوم على صحيفة «شارلي إبدو» يناير 2015؛ حيث إن الصحيفة مثال على حرية التعبير الذي يتمتع به المجتمع الفرنسي، أو الهجمات الإرهابية التي شهدتها باريس في نوفمبر من العام نفسه، وتم استهداف قاعة للحفلات الموسيقية، وحانة، وملعب كرة قدم.