"أنصار الفرقان".. الصداع المزمن في رأس النظام الإيراني

الجمعة 07/ديسمبر/2018 - 02:37 م
طباعة أنصار الفرقان.. أميرة الشريف
 
استمرارا للنهج الذي تتبعه كافة التنظيمات الإرهابية في المنطقة العربية والعالم بأكمله وقيامها بالتفجيرات الانتحارية، وبالتحديد التنظيم الإرهابي "داعش"، أعلنت جماعة أنصار الفرقان الموالية لـ"داعش" والتابعة لحركة "جند الله" الإرهابية في إيران، تبني الهجوم الانتحاري بسيارة مفخخة في مدينة تشابهار الإيرانية الساحلية جنوب شرقي إيران الذي هز المدينة أول أمس، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة آخرين، وفقا للتلفزيون الإيراني الرسمي، وغالباً ما تعلن تلك التنظيمات بأنها "تدافع عن حقوق البلوش والسنة بشكل عام في إيران".

التأسيس

التأسيس
تعد حركة أنصار الفرقان إحدى الحركات المسلحة ضد الوجود الإيراني في إقليم بلوشستان ذو الأغلبية السنية، وتري الحركة أنها حركة مذهبية عقائدية تريد تحرير إقليم بلوشستان من ما وصفته بالاحتلال الإيراني، فيما ترى المؤسسات الأمنية الإيرانية إنها حركة إرهابية تكفيرية تستهدف إثارة العنف في الإقليم السني.
وفق تقارير إعلامية،  كان أول ظهور لاسم جماعة الفرقان كان عام 1995م، عندما أعلن المولوي صلاح الدين (والمولوي هو الزاهد العالم الذي وفر علمه) تأسيس جماعة الفرقان في إقليم بلوشستان لمواجهة العدو الإيراني،  لكن أول ظهور لاسم جماعة الفرقان كان عام 1979م حين تبنت مسئوليتها عن اغتيال آية الله مرتضى مطهري، أحد أبرز مثقفي إيران، لكنها اختفت عن الساحة بعدها بقليل لتتواجد فعليا على الساحة مع إعلان المولوي صلاح الدين.
في 5 ديسمبر 2013 أعلنت فيه جماعة الأنصار اتحادها مع جماعة الفرقان، لتشكل ما يعرف بجماعة أنصار الفرقان، وتولى إمارتها المولوي صلاح الدين، بينما تولى أبو حفص البلوشي أمير جماعة الأنصار المسؤول العسكري لجماعة أنصار الفرقان.
ووفق بيان الحركة أنذاك، فقد اندمجت كل من حركة الأنصار مع الفرقان تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله" والجهاد في سبيل الله ﻹسقاط النظام اﻹيراني، وإعلاء كلمة الله، ورفع الظلم، ونصرة المستضعفين، وإقامة شريعة رب العالمين، وليكون جهاد لعودة الخلافة وفق أرائهم.
وتستغل الحركة منطقة الجبال الصعبة على الحدود الايرانية الباكستانية الأفغانية، ويعد معسكر أسامة بن لادن التدريبي أحدث المعسكرات لتخريج المقاتلين الجدد في الحركة.

الحركة والبلوش

الحركة والبلوش
 في 2015 ظهر لأول مرة عبر مداخلة هاتفية على قناة فضائية تدعى الوصال، أبو حفص البلوشي  قبيل مقتله علي يد القوات الايرانية، للمطالبة بإخراج ما يصفونه بالاحتلال الإيراني عبر مواجهتهم بحركة مسلحة.
وقال البلوشي في المداخلة إن البلوشيين صار الحرس الثوري أمامهم كالدجاج، وأنه يريد أن يحول بلوشستان إلى ثورة مسلحة، كالتي حدثت في ليبيا ضد نظام معمر القذافي، للتخلص مما أسماه النظام الصفوي.
وفي إحدى التسجيلات المصورة للجماعة تقول إنها ليست قومية وليست وطنية، وأنها جماعة داعية لتحكيم شرع الله في الأرض داعين كل المسلمين إلى الانضمام بالحركة ودعمها.
وبرزت بعدها خلافات وانشقاقات بين أعضاء جماعة "جند الله" التي ولد من رحمها "جيش العدل"و"حركة أنصار إيران" و"حزب الفرقان"، حيث اندمج الأخيران معاُ تحت إسم "أنصار الفرقان".
وفي ديسمبر 2017، فجرت الجماعة أنبوب نفط في محافظة خوزستان، ما اعتبر توسيعا لعملها خارج نطاق محافظة سيستان وبلوشستان المحاذية للحدود مع باكستان.
وقتلت السلطات الإيرانية بين عامي 2015-2017 الزعيمين المتعاقبين للجماعة، هشام عزيزي المعروف بأبي حفص البلوشي وجليل قنبر الذي اتهمته إيران بالمسؤولية عن العديد من الهجمات على مساجد وحسينيات وقوات الشرطة.
وتهدف الجماعة بحسب قولها إلى إسقاط السلطة القائمة في طهران والتي تصفها بـ "الصفوية" في إشارة إلى الدولة الصفوية التي كانت قائمة في إيران بين القرنين السادس عشر والثامن عشر.
وأعلنت هذه الجماعات دعمها لحقوق أهل السنة والأقليات العرقية فى إيران وتطالب باطلاق سراح أعضاءها من السجون الإيرانية.

البلوش وصراع الهوية

البلوش وصراع الهوية
تعتبر حركة "أنصار الفرقان" ثاني تنظيم بلوشي مسلح من ناحية العديد والعدة بعد "جيش العدل" الذي تكون هو الآخر من أعضاء "جند الله" الذي تفكك بعد اختطاف وإعدام زعيمه عبدالمالك ريغي.
وتتهم التنظيمات والمجموعات والأحزاب البلوشية المسلحة والسلمية المعارضة للسلطة المركزية في إيران، طهران بممارسة التمييز العرقي والطائفي ضد الشعب البلوشي والعمل على تجويعه وعدم تطوير إقليمها الذي تطلق عليه هذه التنظيمات اسم "بلوشستان الغربية" والتي تجاور "بلوشستان الشرقية"، وهي إحدى ولايات جمهورية باكستان.
والبلوش أو "بلوچ" إحدى كبرى القوميات في إيران، حيث يبلغ عددهم حوالي 4 ملايين نسمة، إضافة إلى البلوش في باكستان حوالي 10 ملايين نسمة، وأفغانستان مليونان، وحوالي مليون بلوشي في المهجر، وكانت لهم مملكتهم التي خضعت للسلطة الاستعمارية فتم تقاسمها بين الهند الخاضعة لبريطانيا وإيران، وبعد استقلال باكستان أصبحت ولاية بلوشستان الشرقية جزءاً من باكستان في عام 1984.
وتحظى بلوشستان الكبرى بموقع استراتيجي في غاية الأهمية، حيث تطل على بحر عمان وبحر العرب وتضم أراضي البلوش موارد طبيعية كالغاز والنفط والذهب، إلا أن البلوش من أفقر الشعوب وأكثرها اضطهادا.
وفي إيران تتهم المعارضة البلوشية السلطات الإيرانية بتعريض المعارضين البلوش ورجال الدين إلى الإعدام والسجن.
في عام 1947 أعلن البلوش دولتهم المستقلة إثر الانسحاب البريطاني من الهند، برئاسة خان كلات، أحمد يار خان، وجرت انتخابات نيابية، وشكّل القوميون البلوش الحكومة، ولكن هذه الدولة المستقلة لم تستمر سوى ثمانية أشهر، وقامت باكستان بضم الأراضي البلوشية إليها وبموافقة جدلية للخان البلوشي الذي كان بمثابة حاكم البلوش مير أحمد يار خان.
 وفي عام 1970 في باكستان، أُعلنت بلوشستان إقليمًا منفصلاً له حكومته وبرلمانه، وأُجريت انتخابات وهيمن القوميون البلوش على غالبية البرلمان الإقليمي لبلوشستان.
وبعد أن قامت مجموعة من البلوش بتكوين دوله تسمى "دولة البلوش" وأطلق عليها بلوش ستان لانها قريبة من دوله باكستان، احتلت إيران وباكستان دوله البلوش التى أسسها البلوش، وهاجر بعضٌ من البلوش إلى إيران وبعض إلى دول الخليج والأغلب إلى دولتهم الأصلية ولا ننسى إنجازات البلوش في تقدم الحضارة العربية ، فكان البلوش في الكويت يحرسون بوابات الشيوخ، والشيوخ وثقوا بالبلوش لأنهم يتحلون بأخلاق الأمانة والقوة والشجاعة، وكانوا يطلقون على البلوش حكام الليل، وللبلوش كلمات مشهورة لتخويف العدو وهي " صاحي" و "منو هناك".
وتسعي أنصار الفرقان إلي انفصال الشعب البلوشي عن إيران واستقلالها، ما يشير إلي صعوبة استمرارية الحركة، وانتهائها في القريب العاجل.

العمليات الإرهابية

العمليات الإرهابية

وكان أول عمليات إرهابية تبنتها الحركة، في مايو 2014 حيث تبنت أنصار الفرقان تفجير قطار شحن تابع للحرس الثوري في مدينة زاهدان السنية، وقالت الجماعة في بيان لها إن هذا الهجوم يأتي ردًا على دعم طهران للنظام السوري، كما نفت الجماعة صلتها بجند الله.
وفي 11 ابريل 2015 أعلنت جماعة أنصار الفرقان في بلوشستان أنها أسقطت مروحية تابعة للحرس الثوري الإيراني.
وفي 25 مايو 2017 نفذ "أنصار الفرقان" هجوماً استهدف قطارا حمل بضائع للحرس الثوري الإيراني حسب ما أكده "أبو حفص" المتحدث الرسمي باسم التنظيم حينها، أنذاك.
وبثت الجماعة المناهضة للنظام الإيراني، فيديو لمروحية تابعة للحرس الثوري بعد إسقاطها، وأظهر التسجيل أنذاك حطام الطائرة وهو يشتعل، بالإضافة إلى جثة عسكري إيراني ملقى على الأرض من طاقمها.
وكانت أبرز أنشطة أنصار الفرقان ركزت بشكل أكبر على الاغتيالات والهجوم على القواعد واغتيال أنصار الجمهورية الإيرانية واستهداف المراكز الاقتصادية.
ورأي أبو حفص البلوشي المسؤول العسكري قبل مقتله، أن هزيمة النظام الإيراني لن تكون إلا بنقل المعارك العسكرية إلى داخل الأراضي الإيرانية، ليسهل ضربها من الداخل مما يؤدي لتفتتيها، وأن إيران عملت على نقلت معاركها خارج حدودها.
وقد أكد أبو حفص البلوشي  أنذاك،  إعداد خطط كاملة لشل النظام الإيراني، ولكن يحول بينهم وبين ذلك الإمكانيات المادية، وقد دعا البلوشي الأمة الإسلامية لمواجهة الروافض ودعم الفصائل المجاهدة داخل الأراضي الإيرانية لتدمير مشاريعها الاستعمارية.
وينشط المعارضون البلوش في كل من إيران وباكستان وأفغانستان بسبب تقسيم أراضي بلوشستان بين الدول الثلاث إبان الحرب العالمية الأولى.

علاقتها بجند الله

علاقتها بجند الله
جماعة جند الله الإيرانية واحدة من أكثر جماعات العنف المسلح غموضًا، فهي تنشط في مثلث ساخن يربط الحدود الإيرانية الباكستانية الأفغانية ويربطها البعض بـ"القاعدة"، بينما يتهمها آخرون بأنها مجرد مخلب استخباراتي موجه ضد حكام طهران.
تأسست جماعة "جند الله" على يد الشيخ عبد المالك في العام 2002، الذي ينتمي إلى قبيلة "ريجي"، إحدى أكبر القبائل البلوشية، وهو أحد خمسة أشقاء، أحدهم معتقل حالياً في سجون طهران، بينما قتل الثالث في عملية تفجير بسيارة مفخخة، وله شقيق آخر يقال إنه المنظر الحقيقي لجماعة "جند الله"؛ لأن ريجي مجرّد القائد الميداني للتنظيم.. وأما الشقيق الخامس فهو الذي يعود تاريخ مقتله إلى 2002، بداية الشرارة الأولى للمواجهات، التي انطلقت ضد السلطات الإيرانية في إقليم "سيستان وبلوشستان"، عندما قتله عناصر الحرس الثوري أمام عيني شقيقه عبد المالك، الشاب الذي لم يتجاوز عمره آنذاك 23 عاماً، فجمع عدداً من رفاقه للقيام بعمليات مسلّحة ضد القوات الحكومية؛ حتى ترفع يدها عن سكان الإقليم الذي يقطنه السُّنّة جنوب شرق إيران، ومنها تحوّل هذا الشاب إلى أكبر مناهض لنظام طهران.
وتعد جماعة "جند الله" تنظيما إسلاميا سنيا سلفيا، ذات ميول متطرفة، وتمتاز بروابطها المتشعبة مع نظيراتها من الحركات الأصولية السنيّة في أفغانستان وباكستان، ذات نفس الميول والتوجهات السنيّة السلفية المتشدّدة، وهي تنظيم يقبل ويعتمد الأعضاء على أساس الاعتبارات الاثنية– العرقية، ومظلة التنظيم الشعبوية في الداخل الإيراني هم من السكّان المحليين، من البلوش السنّة وهم أغلبية محافظة سيستان وبلوشستان– الإيرانية، في جنوب شرق إيران، ويرفع التنظيم شعار الدفاع عن أهل السنة في إيران كلها و"حماية علمائنا ومساجدنا ردًّا على المظالم التي نتعرض لها من قبل السلطة الحاكمة في إيران"..
وتصنف إيران تنظيم "جند الله" كجماعة إرهابية تقوم بتهريب المخدرات، وقتل المدنيين العزل في إقليمي سيستان وبلوشستان الإيرانيين، فقد قام التنظيم بأكثر من 35 عملية خطف رهائن، و25 عملية ابتزاز، وأکثر من 40 عملية مسلحة في قطع الطرق؛ ما أسفر عن مصرع وإصابة 474 شخصًا.
وتعد حركة أنصار الفرقان الصداع المزمن في رأس النظام الإيراني، والذي تسبب في العديد من التفجيرات الإرهابية في إيران، حيث قام بالعديد من العمليات الانتحارية، انتقاما من النظام، وشل حركة الأخير، والعمل علي مواجهة الروافض ودعم الفصائل المجاهدة داخل الأراضي الإيرانية لتدمير مشاريعها الاستعمارية، وتعتبر المساعي التي تقوم بها الحركة ما هي إلا تعجيلا بالقضاء عليها وانهيارها تماما.
للمزيد عن جماعة جند الله أضغط هنا  
والعمليات الإرهابية أضغط هنا

شارك