دعوة للدول المعنية بالأمر وجهتها وزارة  الخارجية الأمريكية أمس الاثنين على لسان المتحدث باسمها لاستعادة  مواطني تلك الدول الذين كانوا في صفوف داعش واعتقلوا في سوريا.

فبعد أسابيع من دراسة الدول الحليفة مسألة الإرهابيين الباقين في سوريا وما يمكن أن تفعله بشأنهم، أعلنت واشنطن بوضوح تفضيلها ترحيلهم إلى بلدانهم، وقالت واشنطن إن قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد تحتجز الإرهابيين "بشكل آمن وإنساني".

وفي هذا الإطار قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية روبرت بالادينو، في بيان، إن "الولايات المتحدة تدعو الدول الأخرى إلى استعادة ومحاكمة مواطنيها الذين تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية، وتشيد بجهود تلك القوات المتواصلة لإعادة هؤلاء الإرهابيين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية".

يشار إلى أنه في 19 ديسمبر، فاجأ الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، حلفاءه الغربيين بالإعلان عن أن الولايات المتحدة ستسحب جنودها وعددهم 2000 من سوريا، معلنا هزيمة تنظيم داعش، ولكن بعد أقل من شهرين على إعلان نية سحب قواتها، وصفت واشنطن داعش بأنه لايزال يمثل تهديدًا إرهابيًا كبيرًا، وأن مقاتليه يشكلون مصدرًا قلق.

حيث قال بالادينو: "رغم تحرير المناطق التي كان يسيطر عليها داعش في العراق وسوريا، إلا أن التنظيم لا يزال يشكل تهديداً إرهابيا كبيراً، ويجب العمل معاً لمعالجة هذا التحدي الأمني الدولي المشترك".

وأعلنت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) جينا هاسبيل أن قوات سوريا الديمقراطية تحتجز مئات الأجانب الذين وصلوا إلى المنطقة بهدف الانضمام لصفوف تنظيم داعش الإرهابي.

وأوضحت هاسبيل، خلال جلسة استماع في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي، الثلاثاء الماضي، أن هناك مئات من الإرهابيين الأجانب، بخلاف أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تعمل بتصميم على كشف هوياتهم وإعادتهم إلى أوطانهم.

وأشارت مديرة وكالة الاستخبارات الأمريكية إلى أن واشنطن تبذل جهوداً كي لا يتمكن هؤلاء الإرهابيون من العودة إلى ساحة المعركة مرة أخرى.

ويبدو أن ملف مقاتلي داعش الذين تعتقلهم سوريا الديمقراطية يمثل قضية شائكة ، فهذه القوات تؤكد أنها أسرت أكثر من 900 مقاتل أجنبي واحتجزت 400 ألاف من عائلاتهم، ويبدو أن الأعداد تتزايد بسبب الحملة على أخر منطقة يسيطر عليها التنظيم في سوريا، وأعلنت سوريا الديمقراطية أنها لن تتمكن من حراسة معتقليها بعد انسحاب القوات الأمريكية، غير أن استجابة الدول للدعوة الأمريكية قد تكون ضعيفة، فدول قليلة تفاعلت سابقًا مع القضية من خلال استقبال بعض عائلات المقاتلين.

وتعد فرنسا من بين أكثر الدول قلقاً من عودة المقاتلين الأجانب المنضمين لصفوف داعش إلى بلدانهم، إذ شهدت سلسلة من الهجمات التي كان وراءها تنظيم داعش، ومن بينها الهجوم في باريس في نوفمبر 2015 ما أدى إلى مقتل 130 شخصاً.

وفتحت فرنسا الأسبوع الماضي الباب أمام إعادة مواطنيها من سوريا، بعد أن أكدت مسبقاً أنه يجب محاكمة الإرهابيين في المنطقة التي يحتجزون فيها وألا يعودوا إلى فرنسا.

وذكرت الخارجية الفرنسية أن هدفها "تجنب فرار وانتشار هؤلاء الأشخاص الخطرين"، مقرة بأن الوضع على الأرض يتغير بسبب الانسحاب الأمريكي.

وقالت الخارجية في بيانها "نظرًا للتطور في الوضع العسكري في شمال شرق سوريا، والقرارات الأمريكية، ولضمان أمن الفرنسيين فإننا ندرس جميع الخيارات لتجنب فرار وانتشار هؤلاء الأشخاص الخطرين".

وأضاف البيان "إذا اتخذت القوات التي تحرس الإرهابيين الفرنسيين قراراً بطردهم إلى فرنسا، فسيتم وضعهم فوراً في تصرف القانون".

وأوضحت الوزارة أن الإرهابيين، الذين انضم العديد منهم إلى "داعش"، سيواجهون أقسى الإجراءات القانونية، وأضافت "هؤلاء الأشخاص انضموا طوعاً إلى منظمة إرهابية تقاتل في بلاد الشام، وشنت هجمات في فرنسا وتواصل تهديدنا".

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني أن باريس يمكن تستعيد 130 من المحتجزين من ضمن نحو 70 طفلا وتعد فرنسا مصدرًا لعدد كبير من المقاتلين، ومن أكثر الدول التي تبنى التنظيم هجمات داخلها.

واشنطن وصفت القضية بالتحدي الأمني الدولي المشترك، ويبدو أن طريقها للحل ما يزال بعيدًا وربما يظل المعتقلون عبء على عاتق مقاتلي سوريا الديمقراطية وأحد متاعبهم بعد الانسحاب الأمريكي