الرئيس السيسي وإشكالية تجديد الخطاب الديني في القمة العربية
الإثنين 01/أبريل/2019 - 03:18 م
طباعة
حسام الحداد
قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إننا أمام استحقاق آخر لا يقل إلحاحا أو تأثيرا على مستقبل منطقتنا، وهو مواجهة الإرهاب الذي يبيح قتل الأبرياء، وإن مواجهة هذا الخطر تقتدي التحرك بشكل سريع ودون مماطلة.
وأضاف الرئيس السيسي، خلال كلمته بأعمال القمة العربية العادية الـ30، أنه يجب تطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، وأنه هذه المواجهة لن تكون ناجحة إلا بتجديد الخطاب الديني؛ ليعكس الروح السمحة لديننا الحنيف بعيدا عن الدعوات للعنف باسم الدين.
وتابع السيسي: "لا يزال الدم العربي يراق في عدد من الأوطان العربية، بأيد عربية حينا، وعلى يد إرهابيين أجانب وميليشيات عميلة لقوى إقليمية، تسعى للتدخل في الشؤون العربية لإعلاء مصالحها، أحيانا أخرى".
وأكد: "ألم يحن الوقت لتسوية عربية لتلك الأزمات.. تحقن الدماء وتحفظ دولنا، وتوقف الإهدار المستمر لمقدرات شعوبنا وثرواتها؟ إننا نطالب بالتحرك الفوري، لبدء المفاوضات في إطار عملية جنيف، لتحقيق تسوية شاملة للأزمة في سوريا، تحفظ وحدتها، وسلامتها الإقليمية، التي باتت اليوم مهددة أكثر من أي وقت مضى، منذ اندلاع هذه المحنة قبل 8 أعوام، وتحقق الطموحات المشروعة لشعبها، وتعيد بناء هذه الدولة العربية العريقة ومؤسساتها، وتقضي على الإرهاب البغيض".
ومنذ ان تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الأمور في مصر، لم تتوقف مطالباته لسنوات، وخلال مناسبات عدة، بضرورة تجديد الخطاب الديني بما يتوافق مع مستجدات العصر، متوجهاً بخطابه إلى المؤسسات المعنية وبينها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، إضافة إلى المثقفين، ورغم الجهود المبذولة في هذا الصدد لكنها لم ترق بعد إلى المأمول، ومازالت غير مرضية لطموحات الرئيس المصري. وهو ما كشفه في هذه المناسبة. إذ جدد دعوته بضرورة التجديد.
ومحليا يرى السيسي أن ثمة إشكالية متمثلة في القراءة الخاطئة للنصوص الدينية التي تحتاج إلى مراجعة بعدما ساءت صورة المسلمين في أنظار العالم بسبب ما يقوم به بعض المتطرفين باسم الدين الإسلامي، الذي يتعرض لإساءة بالغة ينبغي التصدي لها، وعلى مصر أن تنتهج مساراً عملياً حقيقياً في هذا الصدد.
ورغم محاولة البعض الترويج أن ثمة صراعاً بين الأزهر الشريف والرئيس، إلا أن الواقع يشي بغير ذلك، فالسيسي يدلل باستمرار على احترامه وتوقيره لشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب وهو ما أكده خلال مناسبات عدة، فيما تأتي أهمية تجديد الخطاب الديني لكونه أحد العناصر الأساسية في مواجهة التطرف، ولم يأت اهتمام السيسي بهذه القضية من فراغ، لكن فرضتها الضرورة، في ظل ما عانت منه مصر ودول المنطقة بفعل الإسلام السياسي، فهي القضية المشتعلة منذ سنوات، وتجلت آثارها المدمرة خلال السنوات الأخيرة مع تصاعد العمليات الإرهابية، وهي الموجة التي انحسرت آثارها في مصر بعد حرب شرسة مع التنظيمات التكفيرية.
ورغم المحاولات الكثيرة لتجديد الخطاب الديني وطريقة فهمه، إلا أنها تظل ظاهرية لم تقترب من جوهر ولب القضية ومن دون العمل على إعادة فهم الدين.
وتظل المعضلة أن مصر تحارب «الإرهاب» بجدية بالغة على جبهات القتال على يد القوات المسلحة والشرطة، لكنها لا تحارب جذروه المتمثلة في الأفكار المتطرفة التي ترسخت بين قطاعات شعبية مختلفة المشارب وتسللت إلى الطبقات الفقيرة والثرية على السواء، عبر غسيل العقول وتحريف الدين الإسلامي، ومازالت تلك الأفكار تستخدم لتجنيد عناصر جديدة لا سيما بين قطاع المراهقين والشباب تحت شعارات ومفاهيم مضللة يتم تطويعها لخدمة أهداف سياسية، وازدهرت عملية التجنيد مع التطور التكنولوجي، فلم تعد المسافات تشكل عائقاً، إذ صار تجنيد الشباب متاحاً ويسيراً عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ما عزز ظهور مزيد من الخلايا العنقودية.