مجلس الإنقاذ الوطني.. ماذا يريد الحوثيون باليمن؟

السبت 01/نوفمبر/2014 - 11:40 ص
طباعة مجلس الإنقاذ الوطني..
 
منحت جماعة الحوثي الرئيسَ اليمني، عبد ربه منصور هادي، مهلة عشرة أيام؛ لتشكيل الحكومة الجديدة، ولوحت بتشكيل ما أسمته "مجلس إنقاذ وطني"، في حال لم يستجب لذلك في الموعد المحدد، في خطوة اعتبرها محللون أنها: "استكمال للحلقة الأخيرة للانقلاب على الدولة، والسيطرة على آخر مؤسساتها، وهي الرئاسة".

تلويح بمجلس إنقاذ وطني

تلويح بمجلس إنقاذ
وجاء هذا التصعيد من قبل جماعة الحوثي، في ختام اجتماع شارك فيه مشايخ قبليون وشخصيات سياسية أخرى، تحت شعار"الاجتماع الموسع لمشايخ وحكماء اليمن" بالعاصمة صنعاء.
الاجتماع الذي جاء استجابة لدعوة زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، شاركت فيه قيادات من حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، والمتهم بالتحالف معهم، في حين قاطعته شخصيات قبلية وسياسية؛ بحجة أنه لا يخدم استقرار ومصلحة البلاد.
وفي خطوة بدت أنها تكتيك بمثابة "خط رجعة"، تعمّد الحوثيون أن تأتي رسالة مهلة العشرة الأيام الممنوحة للرئيس اليمني لتشكيل الحكومة، على لسان أحد قياداتهم، وهو الشيخ ضيف الله رسام، وليس من خلال البيان الختامي.
وفي كلمته أمام الاجتماع، قال رسام: إن "المجتمعين قرروا إنشاء مجلس إنقاذ وطني من الثوار، في حال لم يستجب الرئيس هادي بتشكيل الحكومة الجديدة، خلال عشرة أيام".
وخلافًا لكلمة رسام، دعا البيان الختامي إلى: "الالتزام بتنفيذ اتفاقية السلم والشراكة، ووجوب الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة".
واتفاق السلم، وقعته جماعة الحوثي مع قوى سياسية أخرى، برعاية المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر، عشية سيطرتهم على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر الماضي، قبل أن يتوسعوا إلى معظم محافظات الشمال، دون مقاومة من القوات الحكومية.
وينص الاتفاق على تشكيل حكومة محاصصة سياسية، تأخر تسمية رئيسها أكثر من نصف شهر، قبل أن يكلف الرئيس اليمني، خالد بحاح، بتشكيلها، مقابل رفع مخيمات اعتصام الحوثيين، وانسحابهم من العاصمة صنعاء ومحافظة عمران (50 كلم).
غير أن الخلافات بين المكونات المختلفة، حول نسب التمثيل وحصص الحقائب، أعاقت تشكيل الحكومة، وبدأ البحث عن خيار تشكيل حكومة كفاءات.

وثيقة جديدة

وثيقة جديدة
وحمل البيان إشارات تمثل انقلابًا على مؤتمر الحوار الوطني، الذي اختتم أعماله أواخر يناير الماضي، وشارك فيه الحوثيون، وانتهى بوثيقة تمثل حلولًا لكافة مشاكل اليمن، وفي مقدمتها القضية الجنوبية، الناشئة إثر إقصاء الجنوبيين من الوظائف والقرار السياسي، من قبل نظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، عقب انتصاره في حرب صيف 94، بين الشمال والجنوب.
 وخلافًا لما اقترحه مؤتمر الحوار بحل القضية الجنوبية في إطار الدولة الفيدرالية- دعا البيان الصادر عن اجتماع الحوثيين إلى: "تشكيل لجنة جنوبية شمالية خاصة بالقضية الجنوبية، تعنى بالتشاور مع كافة فصائل الحراك الجنوبي؛ للتوصل إلى حل عادل للقضية الجنوبية".
ومنذ سيطرتهم على صنعاء، أواخر سبتمبر الماضي، وسع الحوثيون من خارطة نفوذهم، من خلال ما يسمونها "اللجان الشعبية"، وهي عبارة عن ميليشيا مسلحة تابعة لهم، حلت مكان الأمن والجيش، وأقامت نقاطًا للتفتيش في شوارع المدن ومداخلها.
وجاء البيان، ليعزز شرعيتها على حساب الجيش والأمن النظاميين، مؤكدًا على ضرورة: "تشكيل لجان ثورية في جميع المحافظات اليمنية؛ للوقوف إلى جانب المواطنين، في المطالبة باستعادة حقوقهم المسلوبة، والحفاظ على المكتسبات العامة والخاصة، والرقابة على أداء أجهزة ومؤسسات الدولة".
وقد خرج المجتمعون في هذا اللقاء التشاوري بالآتي:
1. التشديد على ضرورة الالتزام بتنفيذ اتفاقية السلم والشراكة الذي جاء نتيجة تضحيات الشعب اليمني في ثورة 21 من سبتمبر المباركة، ووجوب الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة وفقاً للمعايير الواردة في الاتفاقية باعتبار ذلك الخطوة الأساسية في مسار العملية السياسية، والتحذير من الاستمرار في محاولات البعض لعرقلة هذا المسار طمعاً في الحصول على مكاسب سياسية خاصة أو استجابة لرغبات خارجية مشبوهة.
2. التأكيد على أن الشعب اليمني لن يفرط في استحقاقات المرحلة وأنه على استعداد تام لاتخاذ الخيارات البديلة المناسبة في حالة تجاهل المتغيرات التي أنتجتها ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
3. وجوب الإسهام المجتمعي في معالجة القضية الجنوبية خصوصاً في ظل مؤامرة بعض قوى النفوذ والفساد في الداخل، وكذا بعض الأطراف الخارجية التي لا تعنيها معاناة أبناء الجنوب بقدر ما تجعلها وسيلة لتنفيذ مشاريعها المشبوهة، مستخدمة في سبيل ذلك أكثر من وسيلة، منها زرع العناصر التكفيرية في أكثر من منطقة في الجنوب بهدف تنفيذ مخططات لا تخدم أبناء الجنوب.
4. تشكيل لجنة جنوبية شمالية خاصة بالقضية الجنوبية تعنى بالتشاور مع كافة فصائل الحراك الجنوبي للتوصل إلى حل عادل للقضية الجنوبية.
5. الإشادة بالدور الإيجابي والمسئول للجان الشعبية في حفظ الأمن والسلم الاجتماعي, وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وفي ذات الوقت إدانة الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية، وكذلك بعض الخطابات الحزبية التي تشكك في دورها الوطني، في الوقت الذي تخلت فيه تلك الأطراف عن مسئولياتها تجاه أمن واستقرار الوطن والمواطنين.
6. إدانة ما تقوم به العناصر التكفيرية من أعمال إجرامية وغير إنسانية بحق الجيش والأمن وبحق المواطنين الآمنين، وما تقوم به من نهب وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، في ظل صمت مريب من قبل بعض القوى السياسية، واعتبار تلك العناصر التكفيرية أدوات استخباراتية تستهدف تدمير الوطن وتعبث بأمنه واستقراره، وهذا ما يحتم على أبناء الشعب اليمني التوحد في مواجهة هذا الخطر، ومساندة المؤسستين الأمنية والعسكرية، والعمل على تقوية عودها حتى تتمكن من القيام بمهامها على أكمل وجه، وكذلك الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام وصولاً إلى بناء الدولة اليمنية القوية والعادلة.
7. إدانة وتجريم كل المحاولات الانتهازية الهادفة لتوفير الغطاء السياسي والإعلامي للعناصر التكفيرية، وكذا تجريم الدعوات المذهبية والطائفية والمناطقية والخطابات التحريضية التي تهدد النسيج الاجتماعي.
8. وجوب تكاتف الجهود الرسمية والمجتمعية في مكافحة الفساد بكل أشكاله وصوره، والعمل الفوري على تجفيف منابعه في كل مؤسسات وأجهزة الدولة.
9. التشديد على ضرورة قيام الدولة بكافة مؤسساتها المدنية والعسكرية بواجباتها في حفظ السكينة العامة، ومواجهة المخاطر التي تهدد المصالح والممتلكات العامة والخاصة, وعلى أهمية المساندة المجتمعية والسياسية للدولة في مواجهة كافة التحديات التي تمر بها البلد.
10. العمل على تشكيل لجان ثورية في جميع المحافظات اليمنية للوقوف إلى جانب المواطنين في المطالبة باستعادة حقوقهم المسلوبة والحفاظ على المكتسبات العامة والخاصة والرقابة على أداء أجهزة ومؤسسات الدولة.
11. في الأخير يؤكد المجتمعون على أنهم ماضون في عملية التغيير وفي المسار الصحيح الذي عبرت عنه أهداف الثورة واتفاق الشراكة والسلم، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام التعاطي غير المسئول في القضايا المصيرية التي يتحدد على أساسها مستقبل هذا الوطن وأمنه واستقراره، وستظل الخيارات مفتوحة ما لم يتحمل الجميع مسئولياتهم الوطنية التاريخية .

قبائل قاطعت المؤتمر

قبائل قاطعت المؤتمر
وقبيل عقد الاجتماعات صدرت العشرات من بيانات الرفض والمقاطعة من كبار شيوخ ووجهاء القبائل اليمنية، حيث أعلن عدد من القبائل اليمنية أغلبها محسوب على جماعة الإخوان المسلمين أو التي لا تتلاقي مع جماعة الحوثي وترفض نفوذهم، فيما أخرى حضرت الاجتماع.
وقالت مصادر قبلية وإعلامية يمنية متطابقة أن أبرز مشايخ القبائل اليمنية قاطعو مؤتمر الحوثي، هو الشيخ ونجل زعيم قبائل بكيل الشيخ ناجي بن الشايف، إضافة إلى زعيم قبائل حاشد صادق الأحمر وأشقائه والشيخ زيد أبو علي الرافض لفكرة المؤتمر وحضوره، والشيخ يحيى القاضي شيخ بني حشيش والشيخ ناجي جمعان شيخ بني الحارث، والشيخ يحيى المطري، والشيخ محمد شرده يرفض، والشيخ علي مقصع شيخ قبائل سنحان.
وقاطع 30 شيخ قبيلة من مشايخ وأعيان محافظة البيضاء، منهم "الشيخ صالح الرماح – الشيخ حسن الهدار – الشيخ علي الشرفي – الشيخ قاسم المشدلي – الشيخ أحمد العمري – الشيخ عبد الله الحميقاني – الشيخ عبد القوي حسن الحميقاني – الشيخ الخضر العزاني – الشيخ حسين عيدروس الثريا". 
كما قاطع عدد من مشايخ محافظة عدن، المؤتمر ومنهم: "الشيخ علي صالح الطيري، الشيخ مصلح المفلحي، الشيخ حسن جيد، الشيخ محمد أبو الرجال، الشيخ محمد أحمد جرعون، الشيخ أحمد الواقدي، الشيخ ناجي عتيق والشيخ فضل الجبري" . 
مشايخ المحافظات الجنوبية لم يكونوا بمنأى عن تلك المواقف الرافضة والمنددة بذلك المؤتمر حيث أعلن مشايخ ووجهاء المحافظات الجنوبية رفضهم القاطع والمطلق المشاركة في المؤتمر الذي دعا إلى عقده زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي، معتبرين الدعوة لمثل هذا المؤتمر ينبغي بأن تأتي من الجهات الرسمية، وينبغي أن يكون الهدف منها أنها التمرد وسحب الميليشيات المسلحة من كافة البلدات اليمنية لا دعمها وتأييدها أو التجاوب لدعواتها .
وقال مشايخ ووجهاء المحافظات الجنوبية في بيان صادر عنهم تلقى "حياة عدن" نسخة منه بأن على زعيم جماعة الحوثي الاعتراف أولاً بشرعية الدولة، والعمل على رفع ميليشياته المسلحة من صنعاء والبيضاء وإب وعمران وباقي المناطق اليمنية وإعادة الأسلحة المنهوبة من معسكرات الجيش، ومن ثم الدعوة وبالتنسيق مع الجهات المختصة لعقد مثل هذا المؤتمر وماعدا ذلك فهو استخفاف واستهتار وانتقاص من مكانة قبائل اليمن ودورها القبلي والاجتماعي وهو محاولة لإلباس عمليات التمرد والتمدد للميليشيات المسلحة- شرعية من خلال البيان الذي قالوا بأنهم يدركون بأنه قد جرى إعداده مسبقاً من قبل مدير مكتب زعيم الميليشيات الحوثية مهدي المشاط، ولن يتم التشاور مع الحاضرين في إعداد فقرات ومضمون البيان الصادر عنهم .

الموقف الخارجي

الموقف الخارجي
وبدورهم, دعا سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية اليوم, جميع الأطراف إلى العمل معا بروح من استشعار الأهمية والالتزام من أجل تنفيذ التزاماتها في اتفاق السلم والشراكة ومن ضمنها الاتفاق على مجلس الوزراء الجديد.
وأكد السفراء في بيان لهم اليوم, على أهمية وجود حكومة تتحلى بأعضاء مؤهلين وقادرين على إظهار النزاهة والكفاءة والحيادية والالتزام بتعزيز حقوق الإنسان وسلطة القانون؛ من أجل حماية وتعزيز المصلحة الوطنية بالشكل الأفضل.
وقال الوزراء إنه ينبغي أن تشمل الحكومة الجديدة تمثيلا للمرأة والشباب ممن تنطبق عليهم المعايير، وعلى جميع الأطراف أن تعمل بعد تشكيل الحكومة بأسلوب بناء من أجل تلبية تطلعات الشعب اليمني.
وأضاف البيان أن الدول العشر تولي "أهمية كبيرة لدور حكومة اليمن باعتبارها الجهة الوحيدة من الدولة والتي تتحمل مسئولية الأمن الوطني، ودعوا الحوثيين لأن يوقفوا استحواذهم المستمر على الأنشطة العسكرية وأنشطة الدولة، ومن ذلك سيطرتهم على مناطق مختلفة، والاستيلاء على المعدات العسكرية الحكومية والتي يجب عليهم أن يعيدوها للدولة، وتعطيل عمل الوزارات، والجهات الحكومية، ومشاريع الدولة، والتي يجب أن يسمح لها فورا بالاستمرار في أعمالها بدون ترهيب أو تدخل في شئونها".
ومن جانبه التقى المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر، أمس الجمعة، بممثلي القوى السياسية لمناقشة تقريب وجهات النظر حول تشكيل الحكومة الكفاءات القادمة، بعيدا عن المحاصصة الحزبية، لتؤكد مصادر حضرت الاجتماع أن الاجتماع ناقش تفويض الرئيس هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح لاختيار وزراء حكومة الكفاءات.

المشهد

المشهد
فيما يبدو أن دوامة المتمرات والتحالفات والمفاوضات سوف تستمر طويلا، بالتوازي مع انتشار الحوثيين في المحافظات اليمنية، والصراع الدائر بين القاعدة والإخوان والأنصار الله.
ومع التهديد بمجلس الإنقاذ الوطني من قبل المجتمعين في العاصمة صنعاء أمس الجمعة يؤدي إلى عدة احتمالات، أن يكون المجلس سلطة بديلة عن سلطة الرئيس هادي، الذي تم منحه مهلة 10 أيام، وإما أن يستخدم الرئيس الضغوط الحوثية؛ من أجل الضغط على الأحزاب، بقبول شروطه بالمشاركة، أو أن تتجه الأمور نحو نهاية حكم هادي. وهنا يكون الوضع مفتوحًا على احتمالات كثير.

شارك