حادثة الأحساء.. هل السعودية على حافة أزمة مذهبية؟

الأربعاء 05/نوفمبر/2014 - 02:38 م
طباعة حادثة الأحساء.. هل
 
أثار حادث محافظة الأحساء في المنطقة الشرقية بالسعودية، أثناء إحياء ذكرى عاشوراء، العديد من التساؤلات حول المرتكب وهويته والجهة التي تقف خلفه، والتوقيت والمكان الذين وقع فيهما، ومن المستفيد منه، في ظل غياب تام من المعلومات عن تفاصيله، وعدم تبني أي جهة خلال الساعات الماضية مسئوليتها عنه، وهل للحادث علاقة بردود الفعل في +العوامية على حكم القتل تعزيرا على الشيخ نمر بن باقر النمر الذي أصدرته المحكمة الجزائية المتخصصة، وما حدث بعده من مواجهات بين مجهولين والدوريات الأمنية، أم له علاقة بمن يكفرون الشيعة ويرون في احتفالاتهم بيوم عاشوراء من الشركيات أو من الكفر؟

ملثمون أطلقوا النار

ملثمون أطلقوا النار
تنفرت قوات الأمن السعودية في وقت متأخر من مساء البارحة، وذلك بعد أن أقدم 3 ملثمين على فتح نيران رشاشاتهم الآلية على مجموعة من المواطنين أمام حسينية بقرية الدالوة بمحافظة الأحساء شرق السعودية.
وارتفعت حصيلة الحادث الإرهابي الذي شهدته قرية الدالوة في محافظة الأحساء مساء أمس من خمس حالات، إلى سبع حالات وذلك بعد تدهور صحة اثنين من المصابين التسعة الذين دخلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج، ولا يزال سبعة من المصابين يتلقون العلاج حالياً في مستشفى الملك فهد في الهفوف.
وأدت المواجهات بين قوات الأمن السعودية وعدد من المطلوبين في محافظتي شقراء والقصيم إلى مقتل أحد المطلوبين، وأحد العناصر الأمنية التابعة لقوات الطوارئ الخاصة، وذلك عقب عملية مداهمة تمت لخلية إرهابية في إحدى الاستراحات في محافظة القصيم، وذلك عقب هجوم نفذته الخلية في الأحساء أثناء خروج مجموعة من المواطنين من حسينية "المصطفى" في قرية الدالوة في الأحساء، بواسطة أسلحة كانت في حوزتهم، أدت إلى مقتل خمسة مواطنين وإصابة تسعة آخرين لحظة تنفيذ الهجوم، في حين ارتفعت الحصيلة إلى سبع حالات وفاة.
شهدت قرية الدالوة التابعة لمحافظة الأحساء مساء أمس فصول حادثة إرهابية استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والمسدسات عقب قيام مجهولين بفتح النيران على مجموعة من المواطنين كانوا يتواجدون في أحد الحسينيات في ذات القرية، وذكر المتحدث باسم شرطة المنطقة الشرقية العقيد زياد الرقيطي أنه وأثناء خروج مجموعة من المواطنين قام ثلاثة ملثمون بفتح نيران أسلحة رشاشة، ومسدسات شخصية كانت في حوزتهم عقب ترجلهم من السيارة التي كانت تقلهم على المواطنين أثناء خروجهم، وأسفر الهجوم الإرهابي إلى مقتل خمسة مواطنين وإصابة تسعة آخرين تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج. 

مقتل رجلي أمن واثنين مطلوبان

مقتل رجلي أمن واثنين
وفي بيان ثانٍ لوزارة الداخلية قالت فيه إنّه تم رصد وجود عدد من المشتبه بتورطهم بالمشاركة في ارتكاب الجريمة الإرهابية، بمجمع استراحات بحي المعلمين بمحافظة بريدة بمنطقة القصيم، وأثناء مباشرة رجال الأمن في إجراءات القبض عليهم تعرضوا لإطلاق نار كثيف من أسلحة رشاشة، حيث تم التعامل مع الموقف بمقتضى الأنظمة والرد على مصدر النيران بالمثل؛ مما أسفر عن مقتل المطلوبَين وعددهم (2)، كما نتج عن تبادل إطلاق النار استشهاد النقيب محمد حمد العنزي، والعريف تركي بن رشيد الرشيد، وإصابة وكيل الرقيب عبد الرحمن خليفة الحربي والعريف عبد الرحمن شجاع الحربي، وتم نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة. وكشفت وزارة الداخلية السعودية عن ارتفاع عدد الموقوفين على خلفية حادثة الأحساء إلى 20 شخصاً.

المركز الرئيسي للشيعة

المركز الرئيسي للشيعة
تقع الأحساء في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط والتي تعد المركز الرئيس للشيعة الذين يشكلون نحو عشرة بالمئة من سكان السعودية ذات الغالبية السنية، وتعد مناطق القطيف والأحساء مركزين رئيسين لحركات الاحتجاج لدى الطائفة الشيعية في السعودية، احتجاجا على ما يقولون إنّه تهميش لوجودهم وتمييز ضدهم في المؤسسات والمناصب الحكومية، وأظهرت تسجيلات مصورة بثت في مواقع للتواصل الاجتماعي، وتزعم أنها تصور محصلة الهجوم حيث تظهر جثة على الأرض والدماء، تحيط بها خارج مبنى، وأناسا يتحركون مسرعين ويطلبون المساعدة، ويحتفل الشيعة حول العالم بذكرى عاشوراء إحياء لمقتل الإمام الحسين حفيد النبي محمد في معركة قبل 1300 عام.

الشارع السعودي

الشارع السعودي
شرارة خطيرة يجب إطفاؤها بشجب فعل فاعلها من الجميع وإيقاع العقوبة المستحقة عليه.
أحد الرموز الشيعية المعروفة في السعودية "حسن النمر" استنكر ما أسماها "الجريمة"، مقدمًا التعازي لأهالي الأحساء "على هذه الجريمة الدنيئة"، كما دعا إلى "التحلي بأعلى درجات اليقظة، وتحاشي ردود الأفعال الساذجة، وكذلك حث على التعامل بأعلى مراتب الإحساس بالمسئولية، وأعلى مستويات الرقي الأخلاقي، فلا مجال لغير الأحاسيس النبيلة".
وأضاف السيد النمر: "نقول ذلك لأن هذه الجريمة والمجزرة- فيما نرى- لم يُقصَد بها شيعة أهل البيت (عليهم السلام) فقط ولا بالخصوص أهل الدالوة الكرام، وإنما أريد بها إيقاع فتنة هوجاء بين شريحتين كريمتين من المسلمين؛ تفيأتا منذ زمن بعيد ظلال شجرة التعايش والمحبة، واستظلتا بظلها على الرغم من ثقافة الكراهية والبغضاء، التي يراد غرس بذرتها واستنباتها بشتى السبل".
في الوقت ذاته، عبّرت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية عن استنكارها الشديد للحادثة، جاء ذلك على لسان الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور "فهد بن سعد الماجد" الذي قال: "إن هذا الحادث الإجرامي اعتداء آثم وجريمة بشعة يستحق مرتكبوه أقسى العقوبات الشرعية، لما انطوى عليه من هتك للحرمات المعلومة بالضرورة من هذا الدين ففيه هتك لحرمة النفس المعصومة وهتك لحرمات الأمن والاستقرار وحياة المواطنين الآمنين المطمئنين وهتك للمصالح العامة، وما أبشع وأعظم جريمة من تجرأ على حرمات الله وظلم عباده وإخافة المسلمين فويل له من عذاب الله ونقمته ومن دعوة تحيط به". 
وأصدر علماء القطيف في السعودية بياناً، حول جريمة إطلاق النار على المواطنين العزل في قرية الدالوة في منطقة الأحساء، ثمنوا فيه موقف مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وهيئة كبار العلماء لمواقفهم "الشرعية والوطنية المسئولة".
كما أشاد بيان علماء القطيف بأداء الأجهزة الأمنية لمبادرتها "بمحاصرة الجناة وتعقبهم؛ حرصاً على إطفاء شرارة الفتنة".

إغلاق قناة وصال

إغلاق قناة وصال
إثر الجريمة التي راح ضحيتها عدد من المواطنين السعوديين، الذين كانوا يؤدون مراسم عزاء عاشوراء في قرية "الدالوة" من محافظة الأحساء شرقي السعودية، إضافةً إلى رجلي أمن من شهداء الواجب في أعقاب مطاردة الجناة الذين اتّضحت علاقتهم بتنظيم إرهابي... تمّ إغلاق مكتب قناة "وصال"؛ بسبب خطابها الطائفي التحريضي ضد الشيعة.
وجاء على لسان وزير الثقافة والإعلام السعودي السابق، عبد العزيز خوجة، عبر تغريدة على حسابه الخاص على "تويتر" بثها في الساعة 12 منتصف الليل: "لكلّ من سأل، لقد أمرتُ بإغلاق مكتب قناة "وصال" في الرياض ومنع أي بثّ لها من المملكة العربية السعودية، وهي ليست قناة سعودية من الأساس".
وأكد الوزير في تغريدات أخرى تعليقاً على جريمة قرية "الدالوة" أنّ "الوحدة الوطنية خط أحمر، والمملكة وطن نهائي لكل أبنائه بلا تمييز ولا تفرقة". مضيفاً: "الإرهابيون ليسوا منا، والطائفيون ليسوا منا، والمملكة هي مملكة الإنسانية، دينها الإسلام، وعمادها المواطن، والتسامح شعارنا، والتعايش معاشنا، والعدالة رايتنا، والأمان ثروتنا".
وقال: تحية ﻷهل الأحساء ولشهدائها الأبرار ولشهداء الواجب الوطني من رجال الأمن الأبطال، مؤكداً أن الإرهاب لا دين له، ولا مذهب له، وأن الإرهابيين أعداء لكل الأديان والمذاهب وللإنسانية جمعاء. محذراً بقوله: الحذر الحذر من محركي الفتنة خارجاً وأذناب التطرف داخلاً.
وأكد أن وزارة الثقافة والإعلام "لن تسكت إزاء أي وسيلة إعلامية مقروءة أو مسموعة أو مرئية أو رقمية تحاول النيل من وحدة الوطن وأمنه واستقراره، وسنتصدى بكل حزم وصرامة لكل مؤججي الفتن بالتعاون مع رجال الأمن البواسل والمواطنين النبلاء".

المشهد الآن

فيما يبدو أن الهجوم على أحد مساجد الشيعة في السعودية، يثير التخمينات بأن الجهاديين السنة سعوديي المولد، الذين انضموا للتنظيمات المسلحة في العراق وسوريا، جلبوا حماستهم العنيفة إلى المملكة، وهي النتيجة التي يخشاها حكام السعودية منذ فترة طويلة.
فالسعودية تعيش حالة من التوتر، خاصة في المناطق الشيعية في القطيف والأحساء، منذ أن أصدرت محكمة سعودية حكما يقضي بإعدام ناشط شيعي وهو الشيخ نمر النمر، الذي قاد تظاهرات في منطقة القطيف بعد اندلاع ثورات الربيع العربي، فهل حادثة الأحساء سيضع السعودية على حافة أزمة مذهبية أم السلطات ستستطيع الخروج من النفق المظلم؟

شارك