دلالات اختيار مالي لأول هجوم داعشي كبير تحت قيادة «القرشي»
الإثنين 04/نوفمبر/2019 - 02:04 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
أعلن تنظيم داعش الإرهابي مساء السبت 2 نوفمبر 2019 عبر قنواته على موقع التواصل الاجتماعي «تليجرام» تبنيه للهجوم الكبير الذي استهدف أحد التمركزات العسكرية بشمال مالي غرب أفريقيا، ما أسفر عن مقتل 54 شخصًا بينهم مدني واحد.
وعبرت السلطات الفرنسية عن بالغ استيائها من الحادث الأليم الذي أدى إلى مقتل أحد جنودها ويدعى «رونان بوانتو» جراء العبوات الناسفة وإطلاق النار الذي جرى بالموقع من قبل العناصر الإرهابية.
جاءت هذه العملية الكبرى بعد ساعات من اختيار «داعش» زعيمًا جديدًا وهو «أبي إبراهيم الهاشمي القرشي» خلفًا لأبي بكر البغدادي المقتول في 26 أكتوبر 2019، فهل تكون ردًا انتقاميًا على مقتل الزعيم السابق، أم إظهارًا لبقاء قوة أفرع التنظيم الإقليمية؛ وخصوصًا الأفريقية منها وإبراز عدم تأثرها بعد برحيل البغدادي؟.
تعليقًا على ذلك، يقول محمد صادق إسماعيل، الباحث في المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن هذه العملية الإرهابية لها الكثير من الدلالات، أولها هو إرادة تنظيم «داعش» إثبات وجوده على الأرض وانه لايزال قادرًا على التهديد، باستخدام تكتيك الذئاب المنفردة لتنفيذ عمليات كبيرة لإحداث تأثير عالمي واسع وإظهار استمرارية تهديد التنظيم للأمن العالمي، وخصوصًا بعد فقده العديد من عناصره وموارده اللوجستية والمالية.
أما عن الدلالات الأخري فأشار الباحث في تصريح خاص له إلى أن تزامن الهجوم مع تنصيب (معتوه) جديد لـ«داعش» ربما يحمل رؤية للزعيم الجديد ورغبة في إظهار قدرته على السيطرة على التنظيم وتواصل العمليات الكبيرة تحت إدارته.
ولكن عن السبب لاختيار مالي كبقعة جغرافية لعمليات التنظيم بدلاً من سوريا والعراق (مركز داعش)، لفت الباحث إلى أن ذلك يؤشر على فقدان التنظيم الكثير من قوته على الحشد والتأثير الأمني والسياسي والعسكري بالمنطقة.
وتوقع صادق تزايد العمليات الإرهابية لـ«داعش» خلال المرحلة المقبلة في عدة دول متفرقة ربما تطال أوروبا وذلك لتأكيد الوجود الداعشي، دافعًا باحتمالية تبني التنظيم عمليات دموية تنفذها جماعات أخرى بهدف الترويج لقوته، ولكن هذا التصعيد الداعشي لابد أن يكون رسالة للمجتمع الدولي لكي يتحمل تبعات نشأة وتربية «داعش» في المعاقل الأمريكية والتركية، كما يجب تقديم باقي الدواعش المحتجزين في مخيمات وسجون تحت سلطة الأكراد لمحاكمة جنائية عاجلة لوضع حد لعودة التنظيم.
تصاعد العنف
صُنفت العملية الأخيرة كواحدة من أقوى وأعنف الهجمات التي ضربت البلاد منذ بداية المعارك في المنطقة نتيجة لتصاعد أعداد القتلى على مدار الساعات الماضية نتيجة للإصابات الخطيرة، ولكن تؤكد الإحصائيات المعنية بمتابعة تطور الإرهاب الراديكالي الإسلاموي تأثر مالي بشكل كبير بانتشار المجموعات المتطرفة على أرضها، فطبقًا لمؤشر الإرهاب السنوي لعام 2018، الذي يصدره «معهد الاقتصاد والسلام» احتلت مالي المرتبة 22 كأكثر الدول تأثرًا بالإرهاب بين 138 دولة تمت دراسة أوضاع الإرهاب بها، كما أنها صعدت ثلاث مراتب للأعلى عن 2017، أي أن تداعيات التطرف باتت أكبر تأثيرًا على أرضها.
ولفتت الورقة البحثية إلى وفاة 63 شخصًا كنتيجة مباشرة للإرهاب في مالي خلال عام الدراسة، ومع ضحايا الحادث الأخير فمن المتوقع أن يتزايد ضحايا البلاد خلال عام 2019 أيضًا ما سيجعلها على مؤشرات الإرهاب من أكثر الدول تصاعدًا في تدهور الأوضاع الأمنية التي يعكسها الانتشار الإرهابي.
أما تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب فقد أظهر أن عام 2018 شهد تزايدًا كبيرًا للنشاط الإرهابي في المناطق الشمالية بالبلاد وسط جدية ضعيفة لتنفيذ اتفاق السلام المبرم في يونيو 2015 بين حكومة مالي وائتلافين من الجماعات المسلحة، ما يؤثر على عودة استقرار البلاد واستغلال المجموعات الإقليمية لداعش والقاعدة للوضع الأمني المضطرب بالبلاد، إذ استغل الإرهابيون التوترات الطائفية والإثنية القائمة منذ أمد طويل لزيادة العنف ضد المدنيين بشكل كبير، ما أسهم في انتقال منطقة النزاع إلى الجنوب أكثر من أي وقت مضى، إلى جانب تدهور الأمن بسرعة في وسط البلاد أيضًا في عام 2018.