باللجوء إلى تركيا.. مستثمرون يهربون من إيران لتفادي العقوبات الأمريكية
الإثنين 11/نوفمبر/2019 - 06:34 م
طباعة
نورا بنداري
لا تزال العقوبات الأمريكية تهدد الاقتصاد الإيراني، وهو ما يستدعي طهران الى التفكير جديًا، فيما يخص الاتفاق النووي وإجراءاتها وسياستها، التي تزيد من فرض واشنطن المزيد من العقوبات علي نظام الملالي.
التوجه إلى تركيا
يأتي هذا في سياق، ما أعلن عنه كل من «والي وان» رئيس بلدية «ولاية وان» شرقي تركيا، ورئيس البلدية بالوكالة «محمد أمين بيلمز»، في تصريحات صحفية لوكالة الأنباء التركية في 8 نوفمبر 2019، أن العديد من الشركات الإيرانية، نقلت مصانعها إلى دول أخرى؛ بسبب العقوبات، وأن ولاية وان التركية، هي المكان الأنسب لهذه الشركات، وأنهم أجروا- خلال الفترة الماضية - اتصالات ومباحثات كثيرة مع الجانب الإيراني، بشأن هذه الاستثمارات.
بل نقلت صحفية «أحوال تركية» عن مصادر إيرانية «لم تسمها» قولهم: إن إيران تسعى جاهدة إلى الالتفاف على العقوبات الأمريكية والدولية، من خلال نقل جزء كبير من الاستثمارات إلى تركيا، لاسيما في مجال صناعة السيارات، مشيرةً إلى أن شركة «إيران خودرو كومباني»، وهي من كبرى شركات السيارات الإيرانية، نقلت أعمالها، حتى تقيم مصنعًا في ولاية وان، شرقي تركيا.
الالتفاف على العقوبات
وكشفت المصادر، عن أن «فرشاد مقيمي» الرئيس التنفيذي للشركة الإيرانية والوفد المرافق له، حضروا في وقت سابق إلى الولاية التركية، والتقوا رئيس البلدية ورئيس مجلس إدارة المنطقة الصناعية «محمد أصلان»، وعدد من الشخصيات، وعقب ذلك، التقى المستثمر الإيراني، مسؤولي الإدارة العامة لوكالات التنمية ومكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية، ووفقًا للمصادر، فإنه من المرتقب أن تقوم الشركة الإيرانية بإنشاء مصنع على مساحة 50 هكتارا، في المنطقة الصناعية بالولاية، ومن المنتظر أن يوفر فرص عمل لنحو 1000 شخص في المرحلة الأولى.
وأشار «محمد أصلان»، مدير المنطقة الصناعية بالولاية التركية، في تصريحات صحفية له، أن المستثمرين الإيرانيين اتجهوا إلى تركيا؛ لعدم قدرتهم على بيع منتجاتهم في السوق الأوروبية؛ بسبب العقوبات، موضحًا أن «ولاية وان» تتمتع بموقع استراتيجي، يجعلها بوابة إيران على الغرب وبوابة تركيا على الشرق، وأن الولاية تلقت خلال السنوات الأخيرة، طلبات استثمار كثيرة من الشركات الإيرانية، وأضاف أن بعض الشركات الإيرانية التي خصصوا لها أراضٍ من قبل، بدأت في الإنتاج بالفعل.
طهران.. مدينة الاستثمارات الهاربة
ويرجع سبب توجه الشركات الإيرانية إلى إغلاق مصانعها في طهران ونقلها إلى دول أخرى إلى العقوبات الاقتصادية، التي فرضتها واشنطن على طهران منذ مايو 2018، بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بل وزادت واشنطن من فرض العقوبات؛ بسبب سياسات نظام الملالي في المنطقة، القائمة على الانتهاكات النووية والتدخل في شؤون الدول الأخرى، ودعم الجماعات الإرهابية.
هذا ما دفع بالشركات الإيرانية والأجنبية أيضًا؛ لمغادرة طهران حتى لا يجري إدراجهم ضمن القائمة السوداء في الولايات المتحدة، وذلك بعدما وجهت واشنطن تحذيرات إلى الدول، بعدم التعامل مع إيران، كما حظرت على أي دولة شراء النفط الإيراني، معلنةً أن من يقوم بذلك، سيتم فرض عقوبات عليه، وهناك من الدول من التزمت بذلك ومنعت تعاملها مع طهران، ودول أخرى لم تستجب لمطالبات الولايات المتحدة، وتشبثت بشراكتها مع إيران، من بينهم تركيا التي لم تسلم من العقوبات الأمريكية، خلال السنوات الأخيرة.
لم يقتصر الأمر على الشركات العاملة في صناعة السيارات، بل أن هناك شركات أخرى في مجالات مختلفة، تعاني من تدهور الاقتصاد الإيراني؛ بسبب العقوبات الأمريكية، في يونيو الماضي، أعلن «جلیل طباطبائي» رئيس جمعية شركات الأسفلت في إيران، أن 80% من مصانع وشركات إنتاج الأسفلت في محافظتي طهران والبرز، تم إغلاقها في السنتين الماضيتين، مؤكدًا في تصريحات صحفية له لوكالة تسنيم الإيرانية، أن عشرة مصانع فقط بقيت تعمل حاليًا من أصل 65 مصنعًا في صناعة الأسفلت، أما البقية فأغلقت بسبب عدم وجود طلب لمنتجاتها، وأن سبعة مصانع من العشرة المتبقية أيضًا، مهددة بالتوقف الكامل عن الإنتاج.
ا
أزمة تصفية الأعمال
أوضح «أحمد قبال»، الباحث المتخصص في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن العقوبات الأمريكية، وفق سياسة العقوبات القصوى، والتي تتوالى بشكل تدريجي وتصيب الاقتصاد الإيراني بأزمات شديدة، أضحت تؤرق جميع الشركات والاستثمارات الأجنبية داخل إيران، حتى أن المستثمر الإيراني أيضًا، أصبح يعاني من تداعيات تلك العقوبات، ويسعى للتخلص من تعاملاته داخل إيران، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب وحتى الإيرانيين عن الانتقال من إيران، وتصفية أعمالهم؛ خشية العقوبات الأمريكية.
ولفت «قبال» في تصريح له، أن تركيا بوصفها الدولة الأقرب جغرافيا إلى إيران، كانت مرشحة بقوة لجذب تلك الاستثمارات، لكن تركيا وبخلاف ما يبدو على أنه هروب الاستثمارات الإيرانية باتجاه تركيا، ليست الدولة الأكثر أمانًا لتلك الاستثمارات، إذا أخذنا في الاعتبار العديد من قضايا الفساد وغسيل الأموال، التي تورط فيها إيرانيون وأتراك، كانوا على علاقات قوية مع شركات «الحرس الثوري الإيراني»، وعملوا لصالح الاقتصاد الإيراني، وفق استراتيجية؛ الهدف منها تخطي العقوبات الأمريكية.