حادث الدوافع المجهولة.. انتحاري يفجر نفسه أمام مقر شرطة في إندونيسيا
الخميس 14/نوفمبر/2019 - 02:07 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
أعلنت الشرطة الإندونيسية، الأربعاء 13 نوفمبر 2019، وقوع تفجير انتحاري، خارج أحد مقرات الشرطة في مدينة مايدن، المطلة على مضيق ملقا بجزيرة سومطرة شمال البلاد؛ ما أسفر عن مقتل الانتحاري وإصابة 6 أشخاص آخرين.
وفي مؤتمر صحفي عقب الحادث، قال المتحدث باسم الشرطة الوطنية، ديدي براشيتو: إن الجاني تحول إلى أشلاء، وأصيب 4 ضباط، ومدنيان، أحدهما موظف بالشرطة، وذلك نتيجة للانفجار الذي حدث في موقف للسيارات، بمقر شرطة «مايدن».
وأكد براشيتو، أن أجهزة الشرطة ستفحص جميع القطع التي عثر عليها في الموقع، من قبل مسؤولي الطب الشرعي؛ لتحديد نوع القنبلة المستخدمة في الهجوم، وأضاف أن أكثر من 40 مشتبهًا بهم في العديد من المقاطعات، قد احتجزتهم فرقة مكافحة الإرهاب المعروفة باسم Densus 88 ، ما يعني أن الأجهزة الأمنية كانت تمتلك معلومات عن نشاط إرهابي محتمل ضد مراكز الشرطة والمناطق الحيوية، وبناءً عليه ترفع الدولة مستوى مواجهات التطرف.
وفي حديث آخر، أشار المتحدث باسم شرطة شمال سومطرة، تاتان ديرسان اتمايا، إلى أن المهاجم المشتبه به كان يرتدي سترة وحقيبة ظهر، وتم فحص حقيبته بشكل جيد، قبل الدخول إلى ساحة انتظار السيارات بالقرب من منطقة مكتظة بالمواطنين، ممن كانوا ينتظرون الحصول على أوراق ومستندات رسمية.
علاوةً على ذلك، ذكرت وسائل الإعلام المحلية، أن وحدة مكافحة الإرهاب في إندونيسيا ، Densus 88 ، تحقق في ما إذا كان الهجوم قد تم عن طريق أحد الذئاب المنفردة المتشبع بالمنهج التكفيري، أو مرتبطًا بشكل مباشر مع مجموعة متطرفة، وأبرزها داعش، والتي نفذت سلسلة من الهجمات في البلاد.
وعلى الرغم من عدم إعلان الحكومة بشكل رسمي عن الدافع وراء الهجوم، لكن إندونيسيا عانت من انتشار التشدد في الداخل خلال السنوات الأخيرة، فالدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 260 مليون نسمة تضم أعدادًا كبيرة من الأقليات الدينية - بما في ذلك المسيحيون والهندوس والبوذيون - الذين تستهدفهم الجماعات الإسلاموية المتطرفة، وسط مخاوف من تزايد التعصب والدموية.
وإضافةً إلى استهداف الأقليات، تبقى مراكز الشرطة وعناصرها هدفًا حيويًّا للإرهابيين، إذ يأتي هذا الهجوم بعد شهر واحد من مهاجمة متطرف منتمٍ لداعش لوزير أمن سابق وطعنه أثناء تجمع لافتتاح أحد المقرات الرسمية، وفي أغسطس 2019 ، أطلقت السلطات النار على متشدد هاجم ضباطًا في سورابايا، ثاني أكبر مدن إندونيسيا، بينما أصيب آخر بجروح خطيرة في يونيو 2019، عندما حاول تفجير نفسه خارج مبنى للشرطة في جزيرة جاوة.
حادث الدوافع المجهولة..
إجراءات داخلية
مع تزايد المخاوف من تصاعد الإرهاب الداعشي، وبالأخص بعد مقتل زعيم تنظيم داعش، أبي بكر البغدادي، أمر الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، في أكتوبر 2019، بتعزيز الأمن بعد أن طعن متشددان من جماعة إرهابية مرتبطة بداعش.
كما أطلقت إندونيسيا مطلع نوفمبر 2019، موقعًا إلكترونيًا على شبكة الإنترنت يتيح السيطرة على المحتويات الراديكالية التي يطلقها الموظفون الحكوميون على وجه الخصوص، ومصادرة المواد التي تروج للكراهية أو عدم التسامح والعنف.
يُرجع باحثو الإرهاب في إندونيسيا، الإجراءات الأمنية الأخيرة إلى معلومات حول نشاط داعش بالمنطقة، كما يؤكدون أن العملية الأخيرة مرتبطة بمقتل البغدادي، وأنها انتقام لذلك؛ إذ تناقلت الصحف الداخلية رأيًا للباحث في شؤون مكافحة الإرهاب سانتيلوس ريانتا، والذي قال: إن الفترة التالية لموت أبي بكر البغدادي، ستؤثر بالسلب على الأمن في إندونيسيا، وستزيد من نشاط الجماعات المتطرفة.
إذ نشر الموقع البحثي الإندونيسي «Journal Intelijen» في 28 أكتوبر 2019 تحليلاً لريانتا بعنوان «تأثير قتل البغدادي على الإرهاب في إندونيسيا»، ذكر خلاله أن موت أبي بكر البغدادي، سيؤثر سلبًا على عناصر التنظيم في المعقل الجغرافي له بسوريا والعراق، وسيكون لذلك تأثير على العناصر الأجنبية، التي من الممكن أن تعود إلى دولها، وهنا تكمن مشكلة الأمن ودوره في حل أزمة العائدين إلى إندونيسيا، وبالأخص مع تنامي الأفكار المتشددة بداخلها.
كما أشار الباحث، إلى أن الفترة المقبلة ستشهد أنماطًا جديدة للإرهاب في البلاد، ينبغي على الدولة مواجهتها، إذ ربما يؤثر ذلك على تصاعد دور المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة بالبلاد، أو ربما يحدث اندماج للجماعات الصغيرة مع الجماعة الداعشية الإقليمية لتنفيذ هجمات ضد مراكز الدولة الاستراتيجية.
وعن الهجمات الانتحارية وعلاقتها بالإرهاب في إندونيسيا، ذكرت دراسة لمؤسسة الأبحاث الأمريكية راند في سبتمبر 2019، أن العمليات الانتحارية، هي التكتيك الأوسع انتشارًا في جنوب شرق آسيا، وبالأخص في إندونسيا، كما أن مناطق الشرطة والجيش هي الأبرز في نسب الاستهداف.
وتتوقع للدراسة، أن تتبوأ منطقة جنوب شرق آسيا مكانة بارزة على خريطة التنظيمات الإرهابية أكثر مما سبق، وذلك اعتمادًا علبى التنشئة المتطرفة التي يتلقاها الطلاب في المدارس والجامعات وتطور الإرهاب العائلي فيما بينهم.
يذكر أن إندونيسيا، شهدت خلال الآونة الأخيرة عمليات انتحارية كبرى ففي 13 مايو 2018، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن سلسلة هجمات انتحارية، نفذها أفراد عائلة واحدة ضد ثلاث كنائس في سورابايا ثاني أكبر مدن البلاد؛ ما أدى إلى مقتل ما لايقل عن 19 شخصًا وإصابة 50 آخرين.