ملف «الباليستية».. صواريخ العناد الإيراني تتحطم على صخرة العقوبات الأمريكية
الجمعة 15/نوفمبر/2019 - 10:42 ص
طباعة
علي رجب
في إطار بلطجتها واستفزازها لدول العالم، وخرقها لكل الاتفاقيات والبروتوكولات الخاصة بضوابط التسليح العسكري، تُصر إيران على ملف الصواريخ الباليستية، في ظل مخاوف الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية مما تشكله هذه الصواريخ من تهديد للأمن الأوروبي، فالصواريخ الباليستية ذات قدرة تفجيرية يتراوح رأسها الحربي في معظم الصواريخ من 500 إلى 1000 كجم من المتفجرات التقليدية ولكنها قد تمثل إزعاجًا لإسرائيل وأوروبا مع إعلان مساعد الحرس الثوري الإيراني في الشؤون الحقوقية والبرلمانية، محمد صالح جوكار أن الصواريخ الإيرانية بإمكانها أن تضرب أي نقطة في شعاع 2000 كيلومتر و«أن صواريخنا القصيرة المدى تطال الأساطيل الأمريكية في الخليج بسهولة».
الحرس المستفز
شدد قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، الخميس 14 نوفمبر 2019، على أن قدرات الصواريخ الإيرانية خط أحمر ولن يتم التفاوض عليه أو المساومة، في إشارة إلى مطالب الدول الكبرى بإعادة الاتفاق النووي وإدخال القدرات الصاروخية الإيرانية ضمن الاتفاق.
ورأى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الاتفاق النووي مع إيران «سيئ للغاية»، وأن المفاوضين الأمريكيين لم يكونوا على مستوى المسؤولية الوطنية في الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة.
خطة مشتركة وقلق خليجي
وكان أحد أبرز أسباب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني أو «خطة العمل الشاملة المشتركة " Joint Comprehensive Plan of Action المعروفة اختصارًا بـJCPOA، في مايو 2018، أن الاتفاق النووي لم يحمل بُعدًا إقليميًّا ولا ينطوي على أي نقاط تكبح الطموح الإيراني للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، واستمرار تطور برنامج طهران للصواريخ الباليستية الموجهة طويلة الأمد وهو ما يهدد حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وصولًا إلى القارة الأوروبية.
كذلك أبدت دول الخليج قلقها من القدرات الإيرانية الصاروخية، وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، الأحد 10 نوفمبر 2019: إن إجراء محادثات جديدة مع إيران لا يجب أن يتطرق إلى الملف النووي فحسب بل يجب أن يعالج المخاوف المتعلقة ببرنامج الصواريخ الباليستية والتدخل الإقليمي، مضيفًا أن مناقشة تلك الملفات تعني أن دول المنطقة تحتاج للمشاركة فيها.
لا تفاوض
وحول إمكانية إجراء مفاوضات بشأن القدرات الصاروخية الإيرانية، أبدى «سلامي» اعتراضه جملة وتفصيلًا زاعمًا أن قدرات طهران الدفاعية: «لا يمكن التفاوض بشأنها ولا خفضها ولا تجميدها ولا السيطرة عليها» على حد زعمه.
وفي يوليو 2019، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، علي رضا مير يوسف، قوله: إن برنامج طهران للصواريخ الباليستية غير مطروح للتفاوض.
كذلك تشير قائد قاعدة ثامن الأئمة التابعة للحرس الثوري الإيراني حسين مرتضوي، إلى مخططات إيران التوسعية في الشرق الأوسط والمنطقة، فقد قال مرتضوي، اليوم الخميس 14 نوفمبر2019: «طوال تاريخ إيران، وطئت أقدام الإيرانيين مرتين فقط سواحل البحر المتوسط، الأولى في زمن كورش، ومرة ثانية في العصر الحالي بتوجيه وإدارة ولي الفقيه، علي خامنئي، وهذا شرف لكل المسلمين».
توسع وتهديد
الملف الباليستي يؤكد مساعي إيران التوسعية في المنطقة وتهديد أوروبا وحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، إضافة إلى إسرائيل والمصالح الأمريكية ليس في الخليج ولكن أيضًا في وسط آسيا.
وتملك طهران بحسب تقرير حول التوازن العسكري أصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية هذا العام، 32 بطارية من صواريخ أرض جو "سام-300" الروسية، تسلّمتها من قبل موسكو بدءًا من عام 2016. وطوّرت إيران كذلك نسخها من هذه الأسلحة، وبينها منظومتا «باور 373» و«سام رعد»، واللتان يتم عرضهما مع منظومات أخرى في الاستعراضات العسكرية.
كذلك يعد «سجيل» أول صاروخ أرض-أرض بعيد المدى يعمل بالقود الجامد وتدعي إيران بأنها أنتجته بتقنية محلية وبواسطة خبراء منظمة الجوفضائية التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية. هذا الصاروخ من طراز الصواريخ الباليستية ويبلغ مداه حوالي 2000 كيلومتر وله منصة متحركة، وأنتجت إيران لحد الآن طرازين لهذا الصاروخ الذي يعد أهم صاروخ بالستي في ترسانة إيران، سجيل1 وسجيل2.
ومن الصواريخ الباليستية الإيرانية صواريخ «شهاب-3آ» المتوسط المدى (1300 كيلومتر)، وصاروخ «شهاب-3ب» يبلغ مداه 2000 كيلومتر و«شهاب-3د» ويبلغ مداه من 2200 إلى 3000 كيلومتر، أما الصاروخ البعيد المدى من عائلة شهاب يبلغ مداه 3000 كيلومتر ويطلق عليه اسم «شهاب-4»، ولاحقًا ادعت إيران بأنها حولت هذا الصاروخ إلى صاروخ فضائي باسم «کاوشگر 1» ولكن فشلت إيران في وضع قمر صناعي بواسطة هذا الصاروخ في المدار.
رسالة إلى واشنطن
فيما ترى المحللة في مؤسسة «راند» للاستشارات الأمنية لبيكا واسر، فإن هذا الاستهداف «يوضح قدرات إيران العملية في هذا المجال، ونيتها توجيه رسالة للولايات المتحدة».
وأضافت «واسر» في تصريحات صحفية، أنّ الحادثة تُظهر أنّ الإيرانيين «اشتروا أو طوّروا هذه القدرات المضادة للطائرات، وأنّهم يعرفون كيفية استخدامها»، مضيفةً: «تدّعي إيران أنّها استخدمت نظامًا محليًَّا من طراز «سام». وإذا كان ذلك صحيحًا، فإنه سيكون أمرًا مهمًا؛ لاسيما وأنها تستطيع توفيره للجماعات المتحالفة معها في المنطقة»، بحسب وكالة (د.ب.أ).
خارطة طريق
ووضع الخبراء خارطة طريق لوقف التهديد الإيراني عبر 8 خطوات مهمة، تستلزم استخدام أحدث التقنيات والمصادر العلمية المفتوحة لمراقبة البرنامج النووي الإيراني، وخنق محاولات نظام الملالي لتطويره، من خلال عملية رصد شاملة لا تسمح لهم أن يفعلوا شيئًا من خلف ظهر العالم.
ولفت التقرير الذي يشتمل على مجموعة من الأسرار المهمة إلى أن إيران اختارت الصواريخ الباليستية كأسلوب مفضل في نقل الأسلحة النووية، وستسعى لاستخدامها في حروبها التقليدية؛ الأمر الذي يستلزم ردع ذلك بقوة ودون تهاون.
وجمع مشروع ويسكونسن في يونيو 2018 فريقًا مكونًا من لجنة من الخبراء والباحثين؛ لمناقشة كيفية دعم الأدوات والبيانات المفتوحة المصدر للجهود الأمريكية والجهود المتعددة الأطراف لتقييد برنامج إيران الصاروخي، سواء من خلال العقوبات أو اتفاق نهائي.
خنق إيران أمريكيًّا
ويصر النظام الإيراني أن برنامج الصواريخ الباليستية غرضه فقط هو الدفاع عن التهديدات الخارجية وخاصة الإسرائيلية.
من جانبه يرى الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد بناية، أن ملف الصواريخ الباليستية سكون أبرز العقبات في ملفات التفاوض الإيرانية الأمريكية؛ لافتًا إلى أنه لم يكن هناك رغبة أمريكية قوية في خنق إيران والتوصل لاتفاق جديد فإن ذلك يعني توجه إيران إلى الاستمرار في البرنامج الصاروخي وكذلك تطوير هذه الصواريخ بما تحمل رؤوس نووية تهدد حلفاء أمريكا في المنطقة، مصالح واشنطن.
وأضاف بناية أن إيران تراهن على رحيل ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما يشكل لها فرصة جديدة في التوصل لاتفاق جديد أكثر أريحية بالنسبة لطهران، كما حدث في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وأوضح أن نجاح ترامب في الفوز بولاية ثانية يعني أن إيران ستسير في طريق صعب ووعر من أجل الخروج من الخنق الاقتصادي الذي تعيش فيه، وقد تقدم تنازلات في ملفات عديدة من أهمها ملف الصواريخ الباليستية.