لكل بداية نهاية.. كيف اصطاد الصقر العراقي زعيم «داعش» الإرهابي؟

الإثنين 18/نوفمبر/2019 - 09:07 م
طباعة لكل بداية نهاية.. محمد عبد الغفار
 
ما زالت أصداء مقتل زعيم تنظيم داعش «أبوبكر البغدادي» تلقي بظلالها على الساحة العالمية، خصوصًا بعد الإعلان الأمريكي المفاجئ عبر الرئيس دونالد ترامب، 29 أكتوبر 2019، في مؤتمر صحفي.
وجذبت هذه العملية أنظار العالم أجمع، وانتشرت الأسئلة حول حقيقة مقتله؟، وطبيعة العملية التي قامت بها القوات الأمريكية الخاصة والتي نتج عنها التخلص من البغدادي؟، ومن وشى به من رفاقه؟، وغيرها من التفاصيل التي سعى الجميع إلى التعرف عليها.

الزبيعي طرف الخيط
وسعت الصحف العالمية إلى الإجابة عن هذه التساؤلات لجذب أنظار الجمهور، وللتعرف على حقيقة الأوضاع خصوصًا بعد اعتراف التنظيم بعملية القتل، وتعيينه خليفة للبغدادي ومتحدثًا رسميًّا باسمه.
وفي تقرير جديد، الأحد 17 نوفمبر 2019، أعلنت شبكة CNN عبر موقعها الرسمي باللغة الإنجليزي عن عملية «عين الصقر»، وهي التسمية الحركية لمحاولة القبض على زعيم التنظيم الإرهابي.
ووفقًا لتقرير الشبكة، فإن أجهزة المخابرات العراقية عملت على تعقب زعيم داعش «أبوبكر البغدادي» لمدة سنوات، حتى حصلوا على أول خيط يمكنهم تعقبه لإلقاء القبض عليه أو تصفيته.
وتمثل الخيط في إلقاء القبض على الأخ غير الشقيق لـ«أبوبكر البغدادي»، مايو 2019، ويسمى محمد علي ساجد الزبيعي، الذي انضم إلى تنظيم داعش الإرهابي في عام 2015، وأصبح بعد ذلك واحدًا من القادة الموثوق بهم داخل صفوف التنظيم بسبب صلة القرابة مع زعيمه.
وأوضح العقيد سعد العلاق، قائد الاستخبارات العسكرية العراقية، في مقابلة إعلامية نادرة، أن هذا الخيط يعد تمثيلًا لأحدي التكتيكات التي اتبعها الأمن العراقي في متابعة البغدادي، حيث بحث عن المقربين منه.
وأضاف العلاق، الأحد 17 نوفمبر 2019، تابعنا خطوات البغدادي بصورة غير مباشرة عن طريق عائلته، وبواسطة هذه السرية، استطعنا أن نمنح البغدادي الأمان بأنه غير مراقب، ولا يتم تتبع خطواته وتحركاته.
ولعب الزبيعي دورًا مهمًا في مساعدة «أبوبكر البغدادي» على خداع السلطات أثناء سفره ما بين المدن والقرى، ولكن بعد إلقاء القبض عليه في أحد أحياء العاصمة العراقية بغداد في مايو 2019، ساهم في منح الأمن معلومات خطيرة حول زعيم التنظيم الإرهابي، وفقًا لما نشرته وكالة CNN.
وبناءً على معلومات الزبيعي، الذي اقترح أن زعيم داعش من المحتمل أن يكون في محافظة إدلب السوري، وصلت قوات الأمن إلى نفق في غربي العراق بالقرب من الحدود السورية، واكتشفوا وجود متعلقات خاصة بـ«أبوبكر البغدادي»، بالإضافة إلى خرائط وملاحظات ورقية مكتوبة بخط يده بالقرب من النفق.
وأضاف المصدر الذي تحدث لشبكة CNN، أن قوات الأمن العراقية أصبحت قادرة بعد ذلك على الكشف تدريجيًا عن شبكة البغدادي في سوريا، مما ساعدهم في إلقاء القبض عليه، بعد أن شاركوا المعلومات مع القوات الأمريكية المتمركزة في سوريا والعراق، كجزء من تعاونهم مع  CIA والوحدات الأمريكية الأخرى، قبل أن يتم العمل مع قوات سوريا الديمقراطية للكشف عن مكان البغدادي.
وترى الصحفية الأمريكية كلارسا وارد أن وجود البغدادي في إدلب يعد أمرًا عجيبًا، حيث تقع المدينة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، والتي ترتبط بعلاقات وروابط مع تنظيم القاعدة، وعلى الرغم من أن التنظيمات الجهادية تمتلك روابط متعددة على الجانب الإيديولوجي، فإن تنظيمي داعش والقاعدة ظلا لسنوات يتقاتلان في سوريا، لذا ليس من المرجح أن يكون البغدادي موجودًا في هذه القرية تحديدًا، والتي تبعد 3 أميال فقط عن الحدود التركية.
ويفسر العلاق هذه النقطة الخلافية للمسؤولين، حيث يرى أن العديد من قادة التنظيم الإرهابي انتقلوا إلى شمالي سوريا، كي يكونوا أقرب من مصادر تمويلهم، كما أن المعارك الدائرة حول نهر الفرات في الحدود السورية -العراقية أزعجت البغدادي وقادته، مما دفعهم إلى السفر إلى الغرب للبقاء بعيدًا عن هذه المواجهات المسلحة.

عين الصقر.. لكل بداية نهاية
تسعى الأجهزة الأمنية العراقية إلى تتبع قائد تنظيم داعش الإرهابي منذ إعلانه الخلافة في مسجد بالموصل، يوليو 2014، وللقبض عليه، أرسلت الجواسيس إلى المدينة بصورة مستمرة، وتم إغلاق أحياء في المدينة أكثر من مرة بسبب أنباء عن وجوده بها، ولكنه كان يغير من موقعه أكثر من 10 مرات في اليوم الواحد.
ووفقًا لبيانات عملية عين الصقر التي استمرت بها القوات العراقية لمدة 5 سنوات، فإن البغدادي ظل في العراق طوال فترة ازدهار التنظيم الإرهابي، قبل أن ينجح الجيش العراقي في الفوز بالمعارك، والاقتراب من مدينة الموصل، مما دفع البغدادي إلى الهروب إلى سوريا في أغسطس 2017، ولكن ذلك لم يمنع الأمن العراقي من الاستمرار في تتبعه حيث وصل إلى مدينة دير الزور، فبراير 2018.
وفي هذه الفترة، لعب والد ثالث زوجة لـ«أبوبكر البغدادي» دورًا مهمًا في انتقال أفراد التنظيم بصورة سرية ما بين مدينتي الموصل في العراق، والرقة في سوريا، وهو الشخص الذي عرف باسم «شبح الصحراء» لدى قوات الأمن.
وفي فبراير 2018، نجحت قوات الأمن العراقية في القبض على محمد الدليمي المعروف باسم «أبوإبراهيم»، وهو ابن أحد أبرز قادة التنظيم السابقين، والمسؤول عن تشفير الرسائل بين أفراد التنظيم، مما أدى إلى الحصول على المزيد من المعلومات عن البغدادي ومرشديه، وهو ما اعتبرته ثاني خطوة في نجاح عملية عين الصقر.
وفطن البغدادي إلى أن القبض على الدليمي سوف يصعب من موقفه، ويسهل عملية إلقاء القبض عليه، لذا تحرك من مخبئه في مدينة دير الزور، وهو ما ساهم في زيادة العلاقة والتعاون ما بين الجانب العراقي والقوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية، بهدف تعقب زعيم «داعش» وإسقاطه.
ووفقًا لما صرحت به المخابرات العراقية في حوارها مع تقرير قناة  CNN، فإن البغدادي استمر في التحرك داخل الصحراء السورية بين حمص وتدمر، وذلك حتى فترة شهر مارس من هذا العام على الأقل، قبل أن يتوجه إلى الشمال حيث تم اكتشاف موقعه في محافظة إدلب، وقتله بواسطة عملية عسكرية أمريكية.

شارك