عدم استقرارها يهدد الجميع.. مالي تشهد «عولمة الإرهاب» بعمليات داعش المتصاعدة
الجمعة 22/نوفمبر/2019 - 10:56 ص
طباعة
شيماء حفظي
بعد انفراط عقده في سوريا والعراق، ودخوله مرحلة التفكك في ليبيا، وفقدانه كل قطعة أرض سيطر عليها في أوج قوته الدموية منذ سنوات، يحاول تنظيم داعش الإرهابي الآن تعويض ما مُنِيَ به من هزيمة بكسب مساحات من أراضي دول الساحل الأفريقي، خاصة تلك التي تعاني من هشاشة أمنية وصراعات عرقية وطائفية، ولن يجد التنظيم الإرهابي أنسب من مالي لتحقيق مبتغاه؛ حيث أعلن داعش (في غرب أفريقيا)، مسؤوليته عن مذبحة استهدف فيها دورية للجيش في شمال مالي قتل خلالها 30 جنديًّا، وذلك حسب بيان نشره موقع (سايت إنتليجنس جروب) الذي يُتابع ما يصدر عن الجماعات المتشددة.
بؤرة ساخنة
وذكر الجيش أن عشرات الجنود أصيبوا أيضًا في الكمين الذي نُصب في تابانكورت بمنطقة جاو، وبحسب وكالة رويترز، يُعد هذا الهجوم، ثالث ضربة كبيرة توجهها الجماعات المتشددة لقوات مالي خلال الشهرين الماضيين. وينفذ المتشددون عمليات تزداد تطورًا في أنحاء منطقة الساحل.
أحد هذه العمليات الكبيرة، كانت استهداف موقع عسكري في أوائل نوفمبر 2019 ما أودى بحياة ما لا يقل عن 53 جنديًّا.
ويقول الجيش المالي، الذي يشتبك في معارك بشكل روتيني مع المتطرفين في شمال البلاد المضطرب: إن 17 من الإرهابيين قتلوا بعد تنفيذهم العملية في تابانكورت في منطقة غاو، المتاخمة لبوركينا فاسو والنيجر.
لكن على الرغم من محاولة الجيش التصدي للمتطرفين، يقول المسؤولون الأمريكيون: إن منطقة الساحل التي تقع جنوب الصحراء الكبرى، تهدد بأن تصبح ملاذاً آمناً للإرهابيين للتخطيط لشن هجمات في جميع أنحاء العالم وتنفيذها.
ووفقًا لتقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، نشر الخميس 21 نوفمبر، تعتبر مالي - التي تبلغ مساحتها ضعف مساحة ولاية تكساس على حسب تعبير الصحيفة - نقطة ساخنة مثيرة للقلق بشكل خاص.
عولمة الإرهاب
وتقول ويتني بيرد، نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون غرب أفريقيا والشؤون الأمنية، في جلسة استماع بالكونجرس في وقت سابق من هذا الشهر «إن عدم الاستقرار السريع في الساحل يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة ويقوض أهدافنا الدبلوماسية».
وأضافت عن المنطقة «أنها تمكن من انتشار الإرهاب وخنق النمو الاقتصادي وتحبط المؤسسات الديمقراطية».
ويقول بكاري سامبي، مدير مركز دراسات السلام التابع لمعهد تمبكتو في داكار، للصحيفة: «إنه بعد هزيمة داعش في سوريا والعراق، فإن منطقة الساحل هي المستقبل الاستراتيجي للجهادية المعولمة» -على حد وصفه-
وأضاف سامبي أن الجماعات الإرهابية تستغل الفوضى الليبية والدول الضعيفة ومواطن الضعف وزراعة الجذور المحلية للتطرف والإرهاب.
ولقي أكثر من 100 جندي حتفهم في مالي منذ أكتوبر الماضي، في اشتباكات شبه أسبوعية في الوقت الذي تحاول فيه البلاد التي تعاني من نقص الموارد التخلص من آفة بدأت جذورها بعد انهيار الحكومة الليبية في عام 2011
عودة المرتزقة
وبحسب تحليل بدء انتشار الإرهابيين والمتطرفين بمنطقة الساحل الأفريقي، فإنها ظهرت بعدما عاد المرتزقة المدججون بالسلاح الذين كانوا يعملون في ليبيا إلى موطنهم الأصلي مما أثار سلسلة من ردود الفعل من العنف.
وقال دينيس هانكينز، سفير الولايات المتحدة لدى مالي لصحيفة واشنطن بوست في أكتوبر، إن الإرهابيين «حطموا الأنظمة التي تتعامل عادة مع العنف بين الطوائف».
وتعود تلك العمليات بالتأثير ليس فقط على جنود الجيش المالي لكنها تطال المدنيين، حيث لقى أكثر من 800 مدني حتفهم في أعمال العنف منذ شهر يناير، ارتفاعًا من حوالي 574 في العام السابق، وفقًا لمشروع بيانات النزاع المسلح وبيانات الأحداث.
ووفقًا لتقرير الخريف الصادر عن مركز رصد النزوح الداخلي – نقلته الواشنطن بوست، فإن ما لا يقل عن 140 ألف مدني هربوا من منازلهم هذا العام، وهي زيادة تبلغ سبعة أضعاف تقريبًا على مدار الـ 12 شهرًا الماضية.
وفي محاولات لمواجهة التطرف، خصص زعماء غرب إفريقيا مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لتمويل المعركة ضد الإرهابيين، لكن محللي الأمن يقولون إن الجهد يحتاج إلى مزيد من المساعدة من المجتمع الدولي.