«حزب التحرير».. ماضي «الجهاد» ومستقبل «داعش» يعززان المخاوف الأمنية الروسية

الإثنين 25/نوفمبر/2019 - 11:30 ص
طباعة «حزب التحرير».. ماضي نهلة عبدالمنعم
 
نشرت هيئة مكافحة الإرهاب التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي «FSB» السبت 23 نوفمبر، مقاطع مصورة لمساكن تم اقتحامها في مناطق متفرقة بالبلاد للقبض على متورطين بالتعاون مع تنظيم «داعش» الإرهابي، وأوضحت اللقطات استهداف أعضاء من حزب التحرير المحظور لتصنيفه إرهابيًّا بالقانون الروسي.

ودفع «FSB» بأن المقبوض عليهم وعددهم 11 شخصًا كانوا يخططون لإحداث «انقلاب عنيف» بالداخل، وهو ما تأكدت منه السلطات عبر معلومات استباقية وردت إليها، بالإضافة إلى المضبوطات التي وجدت بحوزة المتهمين مثل منشورات الدعاية المغرضة، وكتيبات الإرهاب، واستراتيجيات التطرف، ودعوات تأسيس الخلافة.



ولفت مسؤولو الأمن إلى أن العملية تمت دون إطلاق رصاصة أو إصابة أحد، محذرين من احتمالية عودة المتطرفين للعمل بسرية «تحت الأرض» ما يهدد أمن البلاد.



وعلى الرغم من عدم انتشار عناصر «داعش» بشكل كبير داخل الحدود لكن السلطات تتخوف من موجات العائدين والفكر الأصولي لدى بعض المواطنين.

داعش في روسيا



ربطت أجهزة الأمن بين العناصر المقبوض عليها مؤخرًا وتنظيم «داعش» كمرتكز لعلاقات تعاونية يشوبها التمدد الإرهابي، فالبلاد التي تشهد استنفار أمني واسع ضد الجماعات المتطرفة سبق ومنيت بضربات مفزعة من التنظيم، ففي أبريل 2017 اعترف «داعش» بمسؤوليته عن عمليتين إرهابيتين ضربتا البلاد مستهدفة أفراد من الأمن، وفي ديسمبر 2017 تبنى التنظيم المسؤولية عن الهجوم الذي وقع بأحد المراكز التجارية في سان بطرسبورج مخلفًا عشرات القتلى.



وعلى الرغم من هذه العمليات لم يتمكن التنظيم من بسط نفوذه بقوة داخل البلد أو تنفيذ عمليات قوية بداخلها، وفي مونديال كرة القدم لعام 2018 مثال، إذ لم يستطع التنظيم تعكير صفو الأمن بداخل الدولة أو إحداث أي هجمة ولو صغيرة بعكس سيل التهديدات التي أضافها التنظيم على مواقعه الإعلامية بتطبيق تيليجرام الإلكتروني، كما أكد معهد الاقتصاد والسلام وفرعه الرئيسي بسيدني الأسترالية خلال مؤشر الإرهاب لعام 2019 أن موسكو تحتل المرتبة 37 عالميًّا من حيث نسبة التأثر بوقوع الضحايا الناجمين عن العمليات الإرهابية.

تصاعد المواجهة



ومن الواضح أن الإرهاب في روسيا يقترن أكثر بالضربات الاستباقية والوقائية، ففي 15 يوليو 2019 نشرت أجهزة الأمن فيديو لقواتها أثناء اقتحام منازل يعتقد بوجود عناصر داعشية بداخلها، وهو ذات الشيء الذي يتكرر باضطراد، ففي 27 سبتمبر 2019 تمكنت الأجهزة من السيطرة على خلية تجمع الأموال، وتسهل انتقالها بين موسكو والعراق وسوريا المعاقل الجغرافية الأساسية لداعش.



وما يظهر تخوفات البلاد بشكل أعمق من التيارات الإسلاموية المتطرفة هو تصنيفها السابق لجماعة الإخوان كتنظيم إرهابي وحظر جميع أنشطته، وهو ما طبقته أيضًا في 2003 على حزب التحرير الإسلامي (حزب راديكالي إسلاموي أسسه القاضي الفلسطيني تقي الدين النبهاني (1911-1977) في 1953 على معتقدات حسن البنا زعيم ومؤسس جماعة الإخوان، وفارضًا له ديناميكية الخلافة كعنصر حاكم للدولة الثيوقراطية التي يسعى لتأسيسها).



واللافت في الأمر أن حزب التحرير على الرغم من حظره في روسيا، لكنه يمتلك مكتبًا إعلاميًّا بالداخل يتابع أنشطة عناصره بالبلاد، وينشر المقالات المنددة للحاكم والداعية إلى الانتقام من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.



وبناء على ذلك يبدو تزايد التخوفات من الحزب وعناصره مؤخرًا منطقية مع نشاط روسيا في استجلاب الأطفال وصغار السن من معسكرات داعش بالشرق الأوسط إلى وطنهم، وبالتوازي مع محاولات عودة الدواعش إلى بلدانهم المجاورة، فمن المحتمل أن تؤجج ثانية الحروب التي دُفعت سياسيًّا بالماضي للانتقام من الدب الروسي، ما يهدد بزعزعة استقرار المنطقة.



ونتيجة للاضطراب السياسي والاستقطاب الأيديولوجي بالثمانينيات وجدت التيارات الراديكالية الإسلاموية كحركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة» طريقها للمنطقة، ما يزيد من مخاوف روسيا لاستغلال فلول حزب التحرير والتيارات الصديقة للعمل الخفي، مثلما دفعت سلطات روسيا المتخوفة من عودة عملهم تحت الأرض مرة أخرى.

شارك