الألغام و«طالبان».. متلازمة القتل والاعتراف الانتقائي

الخميس 28/نوفمبر/2019 - 06:24 م
طباعة الألغام و«طالبان».. نهلة عبدالمنعم
 
عبر الرئيس الأفغاني، أشرف غني الخميس 28 نوفمبر 2019، عن إدانته لمقتل 13 مدنيًّا بينهم نساء وأطفال؛ نتيجة انفجار لغم بأحد الطرقات بمنطقة صهيب بإقليم قندوز شمال البلاد، متهمًا حركة «طالبان» بارتكاب هذه العملية الإرهابية التي تؤكد على حد تعبيره (أن الحركة عدوة للشعب).
كما ذكر قائد شرطة المقاطعة، الجنرال عبد الرشيد بشير أن طالبان هي من وضعت اللغم على قارعة الطريق، وأن هذه هي الاستراتيجية المستخدمة بكثرة من جانب عناصر الحركة، ووقع الضحايا بين قتيل ومصاب أثناء ذهابهم لحضور حفل زفاف، إذ ينتمي الضحايا لعائلتين على صلة قريبة ببعضهما.
وأسهم ذلك في إحداث صدمة إنسانية داخل البلاد المأزومة عسكريًّا وحربيًّا، إذ قال نائب مجلس إقليم قندوز، صافي الله أميري إن (الحادث صدم الناس في كل مكان) وقتل 13 من أفراد أسرتين وأطفالهم.

قتل المدنيين
من جانبها، لم تعلق طالبان بشكل واضح عن الحادثة أو تنفي مسؤوليتها عنها، وعلى الأرجح لا تستطيع أي جماعة بسهولة وسرعة أن تعلن مسؤوليتها عن الحادث نظرًا لوقوع جميع ضحاياه من المدنيين والأطفال، إذ فقدت أسرة أربعة من أطفالها، والخامسة لا تزال تعاني من إصابات.
وفي حال استمرت الدولة في كيل الاتهامات لطالبان بشأن هذا اللغم، فمن المحتمل أن تلتصق بها هذه الوصمة أيضًا، فطالبان اعتادت منذ فترة على نشر هذه الألغام على قوارع الطرق، ففي مطلع نوفمبر 2019 قتل تسعة أطفال في أعمار تتراوح بين التاسعة والثانية عشر بولاية تخار شمال شرق البلاد أثناء ذهابهم للمدرسة، نتيجة لانفجار أحد الألغام التي تضعها طالبان، وتدعي أنها لاستهداف العسكريين.
فبعد الحادثة بساعات نشرت الحركة خبرًا يفيد بقتل جنديين من القوات الأفغانية نتيجة لانفجار عبوة ناسفة، وضعت بجنبات أحد الطرق في منطقة هزارتك رباط بمديرية شهر صفا بولاية زابل في جنوب البلاد.
ما يعني ضمنيًّا أن طالبان مستمرة في تكتيكها العسكري المرتبط بوضع الألغام والعبوات الناسفة على الطرق، وفي حين سقط نتيجته عسكريون تتسارع لتعلن مسؤوليتها، وفي حين وقع مدنيون تتوارى خلف البيانات والرسائل المضللة.

نسب الضحايا المرتفعة
يتضح مما سبق أحد الأسباب التي جعلت أفغانستان تحتل المرتبة الأولى عالميًّا كأكثر دولة في نسبة وقوع الضحايا الناجمين عن الإرهاب، إذ ذكر مؤشر الإرهاب العالمي «GTI» لعام 2019، والذي يصدره معهد الاقتصاد والسلام «IEP» أن أفغانستان احتلت لأول مرة قائمة دول العالم في سقوط الضحايا.
إلى جانب ذلك، تصدرت أفغانستان قائمة العمليات الإرهابية العشرين الأكثر فتكًا (والتي يصدرها المعهد أيضًا) إذ وقع بداخل البلاد 16 عملية من العشرين الأكثر إسقاطًا للضحايا، وأرجعت الورقة الإحصائية سبب كثرة القتلى في البلاد إلى الهجمات المتفرقة التي تنفذها طالبان بالداخل.
وأعلن المركز الأسترالي، حركة طالبان كأكثر الحركات الإرهابية نشاطًا خلال عام الدراسة، وبالطبع اعترضت الحركة على هذا التصنيف، وأصدرت بيانًا رسميًّا توعدت فيه العاملين والباحثين بالمعهد، مدعية بأن واشنطن أغلب ضحاياها من المدنين، وهو الاتهام الذي تستمر الحركة في صياغته للجميع دونها.

ورقة ضغط
تكشف الفترة الأخيرة عن اعتداءات متكررة ويومية من طالبان ضد أهداف متفرقة، ففي اليوم الواحد تنشر الحركة العديد من الأخبار حول الهجمات الإرهابية التي تُنفذها، ويترافق ذلك مع الأنباء المتداولة حول عودة المفاوضات مع واشنطن إلى مسارها.
وفي الحالة الأولى أثناء بداية المفاوضات المعطلة وحتى خلالها كانت الحركة تُكثف من هجماتها، وهو ما يحدث حاليًّا، وفي هذا الصدد يقول الباحث في شؤون الحركات الإرهابية، علي بكر في تصريح لـه إن استمرار الهجمات في الفترة الماضية وحتى الآن هو أمر طبيعي، فخلال المفاوضات يود كل طرف أن يُثبت قوته على الأرض، ولذلك تتصاعد الضربات من كل الأطراف تجاه بعضهم البعض، ومن خلال ذلك تحاول الحركة أن تمتلك ورقة ضغط، وتثبت أنها الأكثر فاعلية وسيطرة.

شارك