«انشطار نهضوي».. استقالة «العذاري» وتمكين إخوان تونس

السبت 30/نوفمبر/2019 - 11:04 ص
طباعة «انشطار نهضوي».. دعاء إمام
 
إن المتتبع لفلسفة الانشقاقات داخل جماعة الإخوان، يجد أنها ليست بالحدث الجديد عليها، بينما اعتمدت الجماعة على احتواء الخلاف لفترات طويلة؛ رغبة في تجنّب إلحاق الأذى بتماسكها وبمعنويات أفرادها، بيد أن التعبير العلني عن الخلاف الذي طال أمده مؤخرًا يُعتبر أمرًا جديدًا؛ خاصة بعد أن خرج الخلاف إلى العلن، وأصبحت الانشقاقات تُعلن بمنشور على مواقع التواصل الاجتماعي.



جددت استقالة القيادي البارز في حركة النهضة زياد العذاري -امتداد جماعة الإخوان في تونس- الحديث عن التغيير الذي تشهده الجماعة، خاصة أن خروجه من الحركة جاء احتجاجًا على المسار الحالي الذي تتبعه النهضة وخياراتها الخاطئة والخطيرة التي تتبعها، والتي تضع البلاد على سكة محفوفة بالمخاطر، بحسب قوله.



ونشر «العذاري» في رسالة استقالته، أنّه اضطر للتخلي عن كل مسؤولية حزبية أو حكومية؛ لأنّه غير مرتاح للمسار الذي أخذته البلاد منذ مدة، وبخاصة لعدد من القرارات الكبرى لحزب النهضة في الفترة الأخيرة، مضيفًا: «كما لم أقتنع من جهتي بخيارات أخذتها مؤسسات الحزب (آخرها كان ملف تشكيل الحكومة القادمة)، أرى أنّها لا ترتقي إلى انتظارات التونسيين، ولا إلى مستوى الرسالة التي عبروا عنها في الانتخابات الأخيرة، بل إنني أحس وكأننا بصدد استعادة نفس أخطاء الماضي».

مخطط التمكين
قال المحلل السياسي التونسي، سالم لبِنة: إن استقالة أمين عام النهضة بعد ابتعاد لطفي زيتون وزبير الشهودي على مراحل مدروسة، وبعد تصريحات العديد من القياديين من الصف الأول، المناوئة للشيخ الأكبر-يقصد الغنوشي- في مهرجان فرقعات إعلامية محسوبة، هو إيذان بأن مخطط الانشطار النهضوي قد اكتمل.



ويعتقد أن الاستقالة تأتي ضمن خطة نهضوية تهدف إلى تكوين جهاز سياسي مركزي سري مرتبط مباشرة بالنظام الإخواني الدولي يتحكم بأسلاك خفية في أجنحة ثلاثة هي: الجناح العسكري السري الذي يحافظ على ركائزه القارة ما يظهر منها وما يخفى وعلى شبكته التنظيمية وطرق عمله الأصلية.



ويضيف في تدوينة على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: الجناح السياسي القديم الذي يبقي على تسميته (النهضة) ويلتف حوله كل من سيبقى على وفائه للشيخ المؤسس وبقية الصقور الذين سيؤجلون مؤتمرهم إلى حين، ويحورون القانون الأساسي لحزبهم، بحيث تحذف منه البنود التي تمنع «الغنوشي» من البقاء رئيسًا لهذا الجناح مدى الحياة، مع رئاسته المتواصلة للجهاز المركزي السري المذكور أعلاه.



وبحسب المحلل التونسي، فإن الجناح السياسي الجديد الذي سينشئه المغادرون الثائرون نظريًّا على شيوخهم والمتظاهرون بالتفتح على مدنية الدولة، ومن يتبعهم من الحمائم، والذي سيتخذ له اسما مدنيًّا، وستكون مهمته الانصراف طيلة السنوات الخمس القادمة إلى تجميع كل المتعاطفين مع النظرة الدينية الإسلاموية للتنظيم السياسي، واستقطاب الناخبين الذين خسرهم التنظيم الإخواني على مدى السنوات التسع السابقة، مع نسج علاقات وثيقة بأطراف وسطية تضمن لهم مزيدًا من التعاطف والتغلغل في الساحة السياسية التونسية، وتقي خطتهم السرية المجمعة من الانكشاف.



وأكد أن العمل بهذه الطريقة قد يتواصل حتى يحصل لتنظيم الإخوان التمكين الكامل، وحتى تخلو الساحة السياسية من كل تنظيم مؤثر ينافس هذين الحزبين المتكاملين، بما يمكنهما من السيطرة المطلقة على البلاد مع التظاهر بالديمقراطية النموذجية على الشاكلة الأمريكية ذات الرأسين الجمهوري والديمقراطي.



يُشار إلى أن «العذاري» شغل منصب الأمين العام لحركة النهضة، وهو من أبرز الوجوه الصاعدة فيها، إذ تولى عدّة مناصب عليا في الدولة؛ حيث التحق بالحكومة في فبراير 2015، وتقلد خطة وزير التكوين المهني والتشغيل قبل تعيينه في أغسطس 2016 وزيرًا للصناعة والتجارة ثم وزيرًا للتنمية والاستثمار والتعاون الدولي في سبتمبر، إلى أن استقال من هذا المنصب مطلع هذا الشهر، بعد انتخابه عضوًا في البرلمان.

شارك