زيارة كبير المفاوضين الإيرانيين إلى الصين.. مناورة أو تحالف في وجه واشنطن؟
السبت 30/نوفمبر/2019 - 02:05 م
طباعة
علي رجب
في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي، مع استمرار خروقات نظام المرشد علي خامنئي له، وبعد تلويح فرنسا أحد أبرز الدول الموقعة على الاتفاق بأن مسألة تفعيل آلية فض النزاع المنصوص عليها فيه مع إيران باتت قيد البحث، وهو ما يؤدي إلى توقيع عقوبات دولية، وصل نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، السبت 30 نوفمبر، إلى العاصمة الصينية بكين لإجراء مشاورات سياسية تتركز على مستقبل الاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية عام 2015.
وذكرت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية أن عراقجي سيجري مباحثات رفيعة المستوى مع كبار المسؤولين الصينيين، مضيفة أن اجتماعات المسؤول الإيراني ستركز على سبل الحفاظ على الاتفاق النووي، المعروف رسميًّا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
وكان وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان، قد أعلن الأربعاء 27 نوفمبر 2019، أن مسألة تفعيل آلية فض النزاع المنصوص عليها في الاتفاق النووي مع إيران، والتي قد تؤدي إلى توقيع عقوبات دولية باتت قيد البحث؛ نظرًا لانتهاك طهران المتكرر للاتفاق.
وأكد الوزير الفرنسي أن تفعيل الآلية يأتي على خلفية الإجراءات المتسلسلة التي اتخذتها السلطات الإيرانية بعدم الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة، مضيفًا أن بلاده ما زالت تنادي بوقف التصعيد.
ومن جانبه، هدد «عراقجي»، بما أسماه «تغيير النهج الإيراني» تجاه الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في مايو العام الماضي، داعيًا الدول الأوروبية إلى بذل جهودها للحفاظ على هذا الاتفاق.
وفي 25 نوفمبر 2019 قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، إن اجتماعًا ستعقده اللجنة المشتركة الخاصة بالاتفاق النووي بين إيران، ومجموعة 4+1 في العاصمة النمساوية فينا في السادس من ديسمبر.
وكانت إيران أعلنت مطلع نوفمبر الجاري، بدء المرحلة الرابعة من تقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ردًّا على ما تصفه طهران بعدم تنفيذ الدول الغربية التزاماتها تجاه إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق من جانب واحد، في مايو 2018.
وفي 18 نوفمبر، أفاد تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن طهران انتهكت بندًا آخر للاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى، في وقت نددت فيه الدول الأوروبية بالخطوة وهددت بفرض عقوبات على طهران إذا لم تتراجع عن «هذا المسار».
وفي تصريح مفاجئ، قال السفير الإيراني لدى المملكة المتحدة «حميد بعيدي نجاد»، في تصريحات صحفية لجريدة «الإندبندنت» البريطانية: إن حكومة بلاده تواجه ضغوطًا كبيرة في الفترة الماضية من قبل القوى السياسية الداخلية الإيرانية والمواطنين، الذين يطالبونها بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.
واعتبر السفير أن هذه الاقتراحات الداخلية تأتي كرد فعل على عدم التزام الأوروبيين بتنفيذ قراراتهم الخاصة بالاتفاق النووي، معتبرًا أن طهران ستواصل تخصيب اليورانيوم بصورة مستمرة مرة كل شهرين، ولن تتوقف إلا إذا عاد الأوربيون إلى الاتفاق مرة أخرى؛ لأن طهران لن تلتزم بمفردها بهذا الاتفاق.
ويرى الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور محمد بناية، أن زيارة كبير المفاوضين في البرنامج النووي الإيراني عباس عراقجي، إلى بكين تأتي في إطار سياسة اللعب على الصراعات بين الدول الكبرى لتحقيق الأهداف والمصالح الإيرانية في استمرار الوضع الحالي للاتفاق النووي، وأيضًا تجنب فرض أي عقوبات دولية بوجود قوى دولية كبرى مثل الصين لها ثقلها في المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأيضًا أحد المشاركين في الاتفاق النووي.
وأضاف «بناية» أن زيارة «عراقجي» إلى بكين تهدف بخروج إيران بشكل المنتصر في ملف الاتفاق النووي على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع نهاية الولاية الأولى له، متابعًا أن إيران تهدف من زيارة «عراقجي» إلى بكين، الحصول على دعم من الحكومة الصينية في مواجهة الضغوط والعقوبات الأمريكية، وتلعب بذلك على تقديم إغراء للجانب الصيني للاستثمار بمزايا واسعة، بالإضافة إلى التعاون في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب، خاصة في أفغانستان.
وشدد الخبير في الشؤون الإيرانية، على أن الزيارة تعد أيضًا مكسبًا سياسيًّا لإيران بتوجيه رسالة إلى واشنطن بأنها قادرة على نسج تحالفات قوية مع كل من الصين وروسيا، في التغلب على العقوبات الأمريكية، وأيضا الإبقاء على الاتفاق النووي بصورته الحالية، رغمًا عن أنف «البيت الأبيض» وهو ما يمثل انتصارًا سياسيًٍّا كبيرًا في وجه واشنطن.
واختتم بناية تصريحاته، بالتأكيد على اللاعب السياسي الإيراني يجيد صناعة التحالفات المختلفة والمتناقضة، واللعب على الأزمات، واقتناص الفرص وأخطاء الدول السياسية في التوصل إلى أهدافه، وتحقيق مصالحه، كصانع السجاد الذي يصبر طويلًا للوصول إلى أهدافه.