غاز ليبيا في جيب أردوغان.. الإدانات تلاحق حكومة «الوفاق» وأوروبا تعاقب «أنقرة»

الأحد 01/ديسمبر/2019 - 11:52 ص
طباعة غاز ليبيا في جيب محمود محمدي
 
في ظل حالة التردي الاقتصادي الذي تعيشه تركيا مؤخرًا بسبب سياسات حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقًا بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط مع ما تُعرف بـ«حكومة السرّاج في ليبيا»؛ وذلك من أجل تمكين أنقرة من استكشاف الطاقة في تلك المنطقة بما يساعد في حل الأزمة الاقتصادية التركية.

 

ووقعت حكومة السرّاج- المدعومة قطريًّا وتركيًّا- اتفاقًا بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط مع أنقرة، بما يمكن أنقرة من استكشاف الطاقة هناك، إلا أن الحكومة التركية لم تقدم تفاصيل عن الاتفاق الذي أعلنته الخميس 28 نوفمبر 2019، فضلًا عن اتفاق لتوسيع نطاق التعاون الأمني والعسكري.

 

ووقع الاتفاقان في اجتماع بإسطنبول الأربعاء 27 نوفمبر 2019 بين أردوغان والسرّاج؛ إذ أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن هذا الاتفاق يعني حماية حقوق تركيا بموجب القانون الدولي، مضيفًا: «يمكن توقيع مثل هذه الاتفاقات مع دول أخرى إذا تم التغلب على الخلافات، وأن أنقرة تؤيد الاقتسام العادل للموارد بما في ذلك قبالة قبرص».

الصدام مع أوروبا

على الرغم أن أنقرة لم تذكر أين تلتقي الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، فإن عمليات التنقيب التي تنفذها تركيا تغضب كلًا من القبارصة اليونانيين واليونان والاتحاد الأوروبي.

 

بدورهم، وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات اقتصادية على تركيا قبل أسبوعين لمعاقبتها على عمليات التنقيب قبالة ساحل قبرص في انتهاك للمنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة قبالة الجزيرة المقسمة.

 

كما أن هذا الخلاف يضع تركيا في مواجهة مع عدة دول في شرق المتوسط أبرمت اتفاقات بحرية وأخرى تتعلق بمناطق اقتصادية مع اليونان وقبرص، ما يترك أنقرة بلا حلفاء تقريبًا في المنطقة.

إدانات متتالية

في السياق ذاته، أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة رفضها القاطع لاتفاقية الدفاع المشترك التي أبرمها السراج مع أردوغان، معلنة أن الاتفاقية تمثل غطاء من «الوفاق» لتحقيق مآرب أردوغان الاستعمارية في ليبيا، مشددة على عدم شرعية الاتفاقية لكونها تتطلب مصادقة مجلس النواب المنتخب في حال التسليم جدلًا بشرعية السراج.

 

وأشارت إلى أنها تهدف إلى تقويض جهود القوات المسلحة الليبية في اجتثاث الإرهاب من العاصمة طرابلس وطرد المليشيات المسلحة منها.

 

فيما وصف البرلمان الليبي، الاتفاق بأنه خيانة عظمى للبلاد، حيث قالت لجنة الخارجية والتعاون الدولي بالبرلمان، في بيان لها: إن «النظام التركي عدو ومعتد على الشعب الليبي وداعم للتنظيمات الإرهابية والميليشيات، وتحالف السراج ومجلسه الرئاسي معه خيانة عظمى وتهديد للأمن القومي الليبي والعربي وللأمن والسلم في البحر الأبيض المتوسط بشكل عام».

 

وأوضحت اللجنة أن الهدف من هذا الاتفاق المشبوه هو تزويد الميليشيات والتنظيمات الإرهابية المنضوية تحت الطائرات المسيرة والسلاح والذخائر والخبراء العسكريين الأتراك في تحدٍ صارخ لقرارات مجلس الأمن بشكل علني وعلى مرأى ومسمع البعثة الأممية في ليبيا.

مصر تدين الاتفاق

على صعيد متصل، أدانت مصر الإعلان عن توقيع أنقرة مع السراج، مذكرتيّ تفاهم في مجال التعاون الأمني، وفي مجال المناطق البحرية.

 

وأكدت الخارجية المصرية في بيان صحفي أن مثل هذه المذكرات معدومة الأثر القانوني، إذ لا يمكن الاعتراف بها على ضوء أن المادة الثامنة من اتفاق «الصخيرات» السياسي بشأن ليبيا، الذي ارتضاه الليبيون، تحدد الاختصاصات المخولة لمجلس رئاسة الوزراء، حيث تنص صراحةً على أن مجلس رئاسة الوزراء ككل – وليس رئيس المجلس منفردًا – يملك صلاحية عقد اتفاقات دولية.

 

ولفتت الخارجية إلى أنه من المعروف أن مجلس رئاسة الوزراء منقوص العضوية بشكل بَيّن، ويعاني حاليًا من خلل جسيم في تمثيل المناطق الليبية، ومن ثم ينحصر دور رئيس مجلس الوزراء، محدود الصلاحية، في تسيير أعمال المجلس، وأن كل ما يتم من مساعٍ لبناء مراكز قانونية مع أية دولة أخرى يعدّ خرقًا جسيمًا لاتفاق «الصخيرات».

 

وتابعت الخارجية: في كل الأحوال فإن توقيع مذكرتيّ تفاهم في مجاليّ التعاون الأمني والمناطق البحرية وفقًا لما تم إعلانه هو غير شرعي ومن ثم لا يلزم ولا يؤثر على مصالح وحقوق أية أطراف ثالثة، ولا يترتب عليه أي تأثير على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط، ولا أثر له على منظومة تعيين الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط.

 

وتحث جمهورية مصر العربية المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسئولياته لمواجهة هذا النهج السلبي الذي يأتي في توقيت دقيق للغاية تتواصل فيه الجهود الدولية بالتنسيق والتعاون مع الأشقاء الليبيين في إطار مسار برلين للتوصل لاتفاق شامل وقابل للتنفيذ يقوم على معالجة كافة جوانب الأزمة الليبية، بما يحافظ على وحدة ليبيا وسلامتها الإقليمية، ويساعد على استعادة دور مؤسسات الدولة الوطنية بها، ويساهم في محاربة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة واستعادة الأمن، كما تعبر مصر عن مخاوفها من تأثر عملية برلين السياسية جراء هذه التطورات السلبية.

 

يشار إلى أن تركيا تنخرط في دعم حكومة السراج والتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة التابعة له بالمال والسلاح على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي بحظر توريد السلاح إلى ليبيا منذ 2011.

 

وكان الجيش الوطني الليبي قد أطلق عملية «طوفان الكرامة» في أبريل 2018؛ لتحرير طرابلس من التنظيمات الإرهابية، وفي هذا الإطار تمكنت القوات الليبية من إسقاط أكثر من 30 طائرة تركية مسيّرة تابعة للمليشيات.

شارك