أول عملية «رسمية» تحت زعامة «الهاشمي» تصدم برامج المعالجة البريطانية

الأحد 01/ديسمبر/2019 - 11:28 م
طباعة أول عملية «رسمية» نهلة عبدالمنعم
 
أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي السبت 30 نوفمبر، تبنيه عملية الطعن التي وقعت بجسر لندن، وأسفرت عن مقتل اثنين، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفرقة، زاعمًا أن المنفذ استجاب لدعاوى التنظيم حول استهداف رعايا التحالف الدولي وقتلهم.
وفي الجمعة 29 نوفمبر نفذ الإرهابي «عثمان خان» عملية جسر لندن الجديدة قبل أن تقتله عناصر الشرطة البريطانية بالرصاص للسيطرة على طعناته المتتالية للمارة، وذلك في إعادة لإنتاج المشهد السابق لحادثة الجسر، والتي وقعت في 3 يونيو 2017 بعدما قامت عناصر موالية لداعش بتنفيذ حادث دهس للمارة على الجسر؛ ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص، وثلاثة من المهاجمين، بالإضافة إلى عشرات الإصابات.

ملاحظات حول عودة التطرف للمنطقة
وتحيط هذه العملية بعض الإشكاليات والملابسات، فهي تعد أول حادثة يتبناها تنظيم «داعش» رسميًّا في أوروبا بعد مقتل الزعيم والمؤسس «أبي بكر البغدادي» وتنصيب «أبي إبراهيم الهاشمي القرشي»؛ ما يعني في مؤشراته الأولية أن القيادة الجديدة للتنظيم تنشط حاليًّا لإعادة أوروبا لمسرح العمليات الإرهابية بعد أن خفتت بداخلها الهجمات إبان المرحلة الأخيرة للبغدادي، وانشغاله بالمعارك المحتدمة على الجغرافية التأسيسية للتنظيم في سوريا والعراق.
كما أن هذا الحادث يدل على محاولات عناصر التنظيم تنفيذ تعليمات خطاب المتحدث الرسمي الجديد «أبو حمزة القرشي»، والتي أكد خلالها أن داعش مازال يسير على خطوات البغدادي، بما يشمل دعوته لمهاجمة مصالح ومواطني الدول الأجنبية.

ذئاب منفردة داعشية الهوى
في هذا الصدد، يقول هشام النجار، الباحث المختص في شؤون الحركات الإرهابية: إن الفترة القليلة التي تولى خلالها الهاشمي القرشي منصب قيادة داعش لا تعتبر بالفترة الكافية لتأسيس نظام اتصالي مترابط يسمح بمرور أوامر عليا من القيادات لعناصر الخلايا النائمة لتنفيذ هجمات.
ويُرجح الباحث في تصريحه لـه أن تكون هذه العملية الأخيرة قد تمت بناء على دافع شخصي من المنفذ الذي يحمل الفكر الداعشي وعقيدته حول مهاجمة الأجانب ومواطني دول التحالف، أي أن المنفذ ينتمي لاستراتيجية «الذئاب المنفردة» فهو من وجهة نظر «النجار» مجرد ذئب نشط ينتمي لخلية نائمة تابعة فكريًّا لداعش، وأراد تنفيذ وصايا التنظيم.
وسواء صُنف الحادث بدافع عقائدي شخصي أو بناء على اتصال تنظيمي رأسي، فمن المؤكد احتواؤه على تأثيرات وتداعيات على التنظيم وانتشار عناصره، وهو ما لفت إليه «النجار» قائلاً: إن «داعش» يواجه نقصًا عدديًّا كبيرًا في العناصر المرابطة على الجبهات الداخلية للتنظيم في سوريا والعراق، ولذلك سيوظف هذه الحوادث لزيادة التجنيد، كما أن تراجعه التنظيمي في الفترة الأخيرة من خلال قتل قياداته أو سجنهم وضعه في احتياج لعمليات ذات تغطية إعلامية واسعة ليحقق من خلالها الدعاية والترويج لوجوده، وإقناع المزيد من المضطربين عقائديًّا للانضمام إليه.

ملاحظات حول برامج معالجة التطرف
وذكرت التقارير الأمنية المحلية أن عثمان خان كان قيد الحبس نظرًا لاتهامه في عام 2012 بالتخطيط لتفجير بورصة لندن مع بعض شركائه لكن أفرج عنه في ديسمبر 2018 بشروط إجرائية، مثل وضع سوار إلكتروني بقدمه لتتبع مساره، كما خضع لإحدى برامج معالجة التطرف المعتمدة من قبل الحكومة، والتي أعدتها الجامعات المتخصصة والخبراء.
ولكن بعد تنفيذ عثمان للهجوم المتطرف أضحت برامج معالجة التطرف قيد التشكيك والمراجعة، إذ أعلنت المملكة المتحدة مرارًا عن تنفيذ برامج متخصصة لعلاج أولئك الذين انحرفوا نحو الأفكار التكفيرية والراديكالية، وذلك مثل برنامج «DB»، والذي خضع له أنجم تشودري الملقب بخطيب الكراهية، والذي انضوى عثمان تحت تعاليمه لفترة من الوقت.
وكان «DB» يتضمن إخضاع المتطرفين لبرامج معالجة نفسية لتعديل الأنماط السلوكية والتراكمات الذهنية التي أفضى تبنيها لارتكابهم الأعمال العنيفة والجرائم، إلى جانب ارتداء سوار إلكتروني لتحديد مسارات المشتبه بهم.

ازدواجية المعالجة
وعن جدوى هذه الإجراءات، يقول هشام النجار: إن النظام الحاكم للمملكة المتحدة يتبنى مدخل مزدوج في معالجة أنماط التطرف بداخله، فهو من جهة يطبق برامج لمعالجة المتطرفين نفسيًّا واجتماعيًّا، ولكنه من الجهة الأخرى يترك بعض المجموعات المتشددة تعيش بسلام بداخله، وتقوم بتجنيد المزيد من العناصر.
ومن الأمثلة على ذلك، بحسب «النجار» جماعة الإخوان التي تعد بريطانيا أكبر حاضنة أوروبية لها ولأنشطتها وللفعاليات التي يقوم عناصرها بتنفيذها، معتبرًا الإخوان بعقيدتها الرجعية مرتكزًا مهمًّا لخلق عناصر متطرفة تنشط بحرية داخل المجتمع.
وفيما يخص فرص الإرهاب في بريطانيا أو اتساع رقعة العمليات بداخلها، تجدر الإشارة إلى أن مؤشر الإرهاب الدولي لعام 2019، والذي يصدره معهد الاقتصاد والسلام بسيدني، صنف لندن كأول الدول في نطاق الاتحاد الأوروبي من حيث سقوط ضحايا ناجمين عن العمليات الإرهابية خلال عام الدراسة، فضلاً عن احتلالها المركز 28 عالميًّا في نسب الإرهاب.

شارك