المؤامرات الخارجية.. ذريعة الملالي لإحكام قبضته البوليسية على إيران

الثلاثاء 03/ديسمبر/2019 - 07:36 م
طباعة المؤامرات الخارجية.. نورا بنداري
 
توالت اعترافات مسؤولي نظام الملالي في إيران بشأن قتل واعتقال المتظاهرين خلال الاحتجاجات الأخيرة، ما يفقد النظام شرعيته الاجتماعية والدستورية كذلك، رغم أنه (أي النظام) يصدر لشعبه المقهور أن البلاد تتعرض لمؤامرات خارجية حتى يتمكن من إحكام قبضته البوليسية على كل من يحتج أو يعارض سياساته القمعية تلك.

تظاهروا.. اقتلوهم
وفي سياق هذا، اعترفت «ليلى واثقي» حاكمة مقاطعة قدس، الواقعة غرب محافظة طهران في فيديو لها نشرته وسائل الإعلام الإيرانية في 1 ديسمبر 2019، بأنها أمرت شخصيًا قوات الشرطة بإطلاق النار على المتظاهرين خلال الاحتجاجات الأخيرة في إيران، معلنة أنها أصدرت أوامرها للشرطة بإطلاق النار على كل من يدخل مبني المقاطعة، وزعمت «واثقي» أن المتحجين سرقوا الحواسيب والتليفزيون وكانوا لصوصًا، وليسوا محتجين على ارتفاع أسعار البنزين، لذلك أمرت بقتلهم، كما بينت أنه عندما استولى المحتجون على مبنى الحكومة توجهت إلى قوات الحرس الثوري بالتعاون مع قوات الأمن المكلفة بحماية مبنى الحكومة المحلية.
وبالإضافة لذلك، نشر موقع «إيران واير» في 1 ديسمبر الجاري، مقاطع مصورة؛ تظهر استخدام القوات العسكرية الإيرانية الدبابات والمدافع الرشاشة الثقيلة ضد المتظاهرين في مدينة «ماهشهر الساحلية» في مقاطعة خوزستان الجنوبية الغربية، في السادس عشر من نوفمبر 2019.

روايتان للقتل
انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية، صور وفيديوهات على شبكات التواصل الاجتماعي، كشفت أن قوات الأمن الإيرانية النظامية وقوات من الحرس الثوري هما من أطلقوا الرصاص على المحتجين السلميين، خلافًا لما يدعيه النظام الإيراني من أن جهات مسلحة مندسة بين المحتجين، هي من أطلقت النار على المتظاهرين، وهذا ما زعمه «علي فداوي»، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، في تصريحات صحفية له 24 نوفمبر 2019 مدعيًا أن"بعض المحتجين كانوا مسلحين وكانوا يقتلون المتظاهرين الآخرين."
ويروج النظام الإيراني هاتين الروايتين بقتل المتظاهرين، فهو كما يزعم لم يقتل المحتجين السلميين بل قتل المتظاهرين المخربين واللصوص كما زعمت «ليلي واثقي»، وأن العدد الذي يتم تسريبه بشأن القتلى غير حقيقي، أما الرواية الثانية التي يصدرها هذا النظام أن هناك قوى أخرى أرسلت أفرادًا مسلحين تابعين لها لنشر الفوضي في إيران وهم من قاموا بقتل المتظاهرين.
إلا أن الشعب الإيراني كذب هذه الروايات التي يصدرها النظام القاتل، وأكد أن مسؤولي الملالي وقياداته هم من قاموا بقتل المتحجين؛ خوفًا من تفشي ظاهرة الاحتجاج الشعبي، الأمر الذي يهدد النظام الإيراني بقوة، كما رأي النشطاء الإيرانيون من خلال حملتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي فندوا فيها أكاذيب الملالي.

الكتلة الصامتة
في تصريح له أوضح «أحمد قبال» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن المسؤولة الإيرانية المحسوبة على التيار المحافظ المتشدد، تتحدث من منطلق تبنيها لرؤية النظام الذي يصدر إلى مناصريه صورة المدافع عن الإنجازات والمتصدي لمؤامرات الخارج وهي رؤية تستجدي تعاطف وتأييد الكتلة الصامتة وهي نسبة ليست ضئيلة وتخشى من انفلات الأوضاع الأمنية.
ولفت «قبال»، إلى أن المسؤولة الإيرانية «ليلى واثقي» لم تخرج في تصريحاتها عن المألوف، كما زعم نظامها، طبقًا لرؤية تحيل إلى المتظاهرين صفة اللصوص والإفساد في الأرض، وهي اتهامات تبرر للنظام ليس فقط العنف والاعتقال بحق المتظاهرين، وإنما التصدي بالقتل المباشر كجزاء للإفساد في الأرض، وهذه التصريحات ربما تزيد من رصيد «واثقي» لدي النظام، لكنها ستظل وصمة عار تلاحقها، إذا أخذنا في الاعتبار أنها تمثل تحريضًا صريحًا على القتل خارج إطار القانون، ولن تُمحى من ذاكرة المعارضة الإيرانية.

مؤامرة كونية ضد النظام
من جانبه، أكد «إياد المجالي» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن المسؤولة الإيرانية هي جزء من السلطة السياسية الحاكمة في طهران، ومن ثم أكدت أقاويل هذه السلطة، إذا أن الحكومة الإيرانية والمرشد الأعلى أعلنا منذ اليوم الاول لاندلاع هذه التظاهرات أنها أعمال تخريبية، تهدف لإسقاط مشروع الدولة، وهي جزء من مؤامرة خارجية ضد المشروع الإسلامي الإيراني، لذلك جاءت ممارسات النظام باستخدام القمع والمواجهة لفئات واسعة من أبناء الشعب الإيراني الذي خرج للشوارع في حركة احتجاجية بسبب اتخاذ الحكومة مزيدًا من القرارات لرفع أسعار الوقود، لتتسع دائرة المطالب الشعبية لاحقًا وترتفع لمستوى إسقاط النظام والدعوة بالموت لكل من «خامنئي» و«روحاني».
وأوضح «المجالي» في تصريح له، أن قوات الحرس الثوري والباسيج بالإضافة لقوات مكافحة الشغب مارسوا عمليات صدام واعتقال وتنكيل بأعداد كثيرة من المحتجين، دعا لها أعلى سلطة سياسية في إيران في مسوغ أنها مؤامرة لجهات خارجية دفعت بهؤلاء للتخريب والعنف والاحتجاح غير المبرر في وقت لا يجوز فيه المطالبة بشيء.

شارك