الجزيرة القبرصية.. شاطئ النجاة الوحيد لسفينة أردوغان المنهارة

الأربعاء 04/ديسمبر/2019 - 03:28 م
طباعة الجزيرة القبرصية.. أحمد سامي عبدالفتاح
 
لا يزال الخلاف قائمًا بين تركيا والاتحاد الأوروبي بسبب تقسيم جزيرة قبرص إلى شقين، أحدهما يقع تحت سيطرة تركيا، في حين يقع الآخر تحت السيطرة اليونانية. 

بدأت الأزمة داخل قبرص منذ العام 1974 حينما دعمت اليونان انقلابًا عسكريًّا على نظام الحكم في قبرص، ما دفع تركيا للتدخل عسكريًّا واحتلال الجزء الشمالي الشرقي من الجزيزة قبل أن يتم إعلانه دولة مستقلة.

كما أن ما تسمى دولة شمال قبرص لا تعترف بها إلا تركيا في العالم، فالاتحاد الأوروبي نفسه يتعامل معها على اعتبار أنها جزء لا يتجزأ من أراضي قبرص، كام قامت الأمم المتحدة برعاية المفاوضات بين الشطرين الشرقي والغربي للم الشمل وإعادة الوحدة مرة أخرى، لكنّ المفاوضات لم يكتب لها النجاح.

تاريخيا، كانت قبرص دولة مستقلة ولا ترتبط بالجغرافيا التركية ولا يحمل سكانها أي روابط عرقية مع الأتراك، ولكن بعد أن سيطرت عليها تركيا في القرن السادس عشر، بدأت حملات الهجرة المنظمة من أجل تغيير التركية الديموجرافية للجزيرة. وقد ظلت الجزيرة خاصة لسيطرة التركية حتي تم توقيع معاهدة لوزان في عام 1919 قبل أن تنتقل الجزيرة للسيادة البريطانية حتى حصلت على استقلالها في 1960. 

تتمسك تركيا بالسيطرة على الجزء الشمال من الجزيرة لعدة أسباب، أولها أن هذا الجزء يشكل القبارصة الأتراك أغلبيته، ومن ثم ترى تركيا أن خروجها من هذا الجزء سوف يمنح اليونان المقدرة للسيطرة على الجزيزة بشكل كامل. والسبب الثاني هو رغبة تركيا في التمدد خارج حدودها خاصة في المناطق التي كانت خاضعة للسيطرة العثمانية قديمًا. 

والأهم من ذلك أن تركيا تعاني نقصًا في موارد الطاقة والغاز لدرجة أن ما يقارب من 15- 20 % من ميزانيتها السنوية يتم إنفاقها على الغاز والبترول المستوردان من دول مثل إيران والعراق وقطر، ولذلك تصر تركيا على التواجد في قبرص على اعتبار أن شرق المتوسط ممتلئ بالغاز الطبيعي الذي قد يشكل دفعة لاقتصاد التركي على اعتبار أنه سيمنح الحكومة التركية الفرصة لترشيد الإنفاق على الطاقة، فضلا عن أنه قد يمنح تركيا المقدرة على دخول سوق الطاقة كمصدر. 

على صعيد آخر، اكتشافات الغاز قد تمكن تركيا من ممارسة نفوذ على أوروبا بطريقة غير مباشرة خاصة إذا استغلت موقعها الجغرافي وتمكنت من إقناع الجدول الأوروبي من شراء الغاز بسعر أقل من الغاز المستورد من روسيا أو من الشرق الأوسط، وهذا الأمر بالتأكيد سوف يكون له أثر كبير على الاقتصاد الأوروبي لأنه سوف يساهم في استقرار سعر الصرف المحلي لليرة فضلا عن أنه سوف يمنح تركيا المزيد من الموارد الأجنبية، ما سوف يهسم في استقطاب الاستثمار وتحسين تصنيف الاقتصاد التركي لدي وكالات الائتمانات العالمية. 

يدرك الساسة الأتراك جيدًا أن الوجود العسكري بقبرص يشكل عقبة أمام انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي؛ لأن أوروبا لن تسمح لدولة عضو باحتلال دولة أخرى. 

ورغم ذلك، تتعامل تركيا مع الوجود العسكري في الجزيرة القبرصية على أنه وجود مشروع وليس احتلالًا؛ رغم أن الأمم المتحدة لم تعترف به، ولا تزال تعترف بالجزيرة كدولة موحدة عضوة في الاتحاد الأوروبي. وتبرر تركيا موقفها بأنها دخلت قبرص في 1974 أي قبل نحو ثلاثين عاما من انضمام قبرص للاتحاد الأوروبي وتعير أن الجزء الغربي من الجزيرة قد انضم للاتحاد بمحض ارادته في حين لا يزال الجزء الشرقي دولة مستقلة حتي لم تقيم معها أي دولة أي تمثيل برلماني. 

من جانبه، أكد الباحث محمد عبد القادر رئيس تحرير شئون تركية بمركز الأهرام أن تراجع قيمة الليرة التركية يعد محفزًا لتركيا من أجل التواجد في قبرص، كما أكد أن الخلل الهيكلي الذي يعاني منه الاقتصاد التركي يشكل ضغطا على الساسة الأتراك من اجل ايجاد حلول جوهرية بأسرع وقت ممكن، وهو الأمر الذي قد يوفره الغاز القبرصي في حالة تم اكتشافه.

شارك