بطرق بديلة.. إيران تتحايل على العقوبات الأمريكية لبيع نفطها
الأربعاء 04/ديسمبر/2019 - 08:19 م
طباعة
نورا بنداري
يحاول مسؤولو نظام الملالي تصدير رسالة لدول العالم وتحديدًا للولايات المتحدة، تحمل مزاعم فحواها أن العقوبات الأمريكية لم تؤثر سلبًا على الاقتصاد الإيراني، وأن طهران لديها المزيد من الطرق والأساليب للتصدي لهذه العقوبات، وأن ما يتم الترويج له بخصوص أن طهران تعاني من ما يطلق عليه «تصفير صادرا ت النفط الإيراني»، ليس صحيحًا، وذلك بفضل الطرق البديلة التي تنتهجها إيران لبيع نفطها.
هذا فحوى ما تروج له إيران، ويظهر التناقض في تصريحات المسؤولين الحكوميين حول مدى تأثير العقوبات الأمريكية على اقتصاد بلدهم، لذا نجد أنهم في أوقات يروجون لـ"موقف المظلوم" بالقول إن هذه العقوبات تؤثر بشدة على إيران ويجب إيقافها إذا أنها لم تستطع تصدير النفط حتي لحلفائها، وفي أوقات أخري يتخذون "موقف المنتصر" غير المتأثر بأي شيء، بالقول إن العقوبات الأمريكية لم تمنع إيران من تصدير نفطها، وذلك لأن طهران لديها العديد من الأساليب والطرق التي تمكنها من فعل ذلك.
اعتراف رسمي بالأزمة
وتجلى هذا التناقض الصارخ، في تصريحات «إسحق جهانغيري» النائب الأول للرئيس الإيراني، الذي أوضح خلال مراسم الاحتفال بالذكرى الـ23 لليوم الوطني للتصدير في طهران 2 ديسمبر الجاري، أن سياسة "الضغوط القصوى" التي تنتهجها واشنطن ضد إيران، جعلت البلاد تشهد أوضاعًا صعبة لم تشهدها إيران منذ الثورة الإسلامية، لأن الأمريكيين وفقًا لزعمه ركزوا أقصى ضغوطهم على الحياة المعيشية للشعب الإيراني، كما لفت النائب الإيراني أن الحرب الاقتصادية الأمريكية تهدف إلى انهيار الاقتصاد الإيراني والتسبب بضغوط على المجتمع الإيراني وخروج الشعب باحتجاجات عارمة تؤدي إلى انهيار إيران بالكامل.
ووفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية «إرنا»؛ أكد «جهانغيري» أن ضغوط العقوبات الأمريكية، أدت إلى عدم قدرة الدول الصديقة لإيران، على شراء النفط منهم خوفًا من فرض عقوبات عليها، إضافة إلى أن العقوبات المفروضة على شركات الشحن والنقل والموانئ وشركات التأمين؛ شلت حركة السفن التي لا تستطع التحرك من دون التأمين، كما أعاقت قدرة المصدرين على تحصيل أموال منتجاتهم المصدرة.
تحايل إيراني
ولكن ذلك لم يمنع النائب الإيراني من إظهار أن إيران تستطع التحايل على العقوبات الأمريكية وتصدر نفطها، حيث أكد «جهانغيري» أن أمريكا لم تستطع تصفير صادرات النفط الإيراني رغم ممارسة أقصى الضغوط النفسية والاقتصادية على إيران، لأن طهران وفقًا لما صرح به؛ لديها الطرق البديلة لبيع النفط رغم العقوبات الأمريكية، وشدد على أن الوضع في إيران أفضل بكثير مما كان يحلم به الأمريكيون، وهو نتاج نشاط وتلاحم المنتجين والمصدرين في البلاد.
طرق بيع النفط
وبالنسبة للطرق البديلة التي تمكن النظام الإيراني من بيع نفطه لتجاوز العقوبات الأمريكية على الخام الإيراني، يأتي من بينها؛ طرق التهريب؛ حيث تقوم إيران بتهريب النفط بشاحنات عبر العراق وأذربيجان، أو عبر ناقلات بحرية تعمل على فصل أجهزة الإرسال والاستقبال، للهرب من الأقمار الصناعية، ولذلك أوضحت شركة استقصاء البيانات «كبلر» في مايو الماضي، أن السفن الإيرانية تحجب أجهزة تتبع إبحارها بنسبة 80% من الوقت، ويعني ذلك أنه من الصعب تتبع ماهية حمولة السفينة ومن أين جاءت وإلى أين تذهب؟" ومن ثم يتم نقل براميل النفط الإيرانية بين السفن في عرض البحر.
والطريقة الأخرى، التي تعمل بها إيران هي "منح خصومات" شديدة لشراء نفطها وذلك للدول التي تمتلك معها خطوط أنابيب مشتركة؛ لأن طهران لديها خطوط أنابيب ممتدة مع كل من تركيا وأذربيجان وتركمانستان وأرمينيا، ومن هذه الخصومات، تأمين ناقلاتها والدفع المؤجل، وغالبًا من يتم عرض ذلك من خلال شركات خاصة؛ ومن أجل ذلك تستخدم إيران ناقلات غير معرفة (لا تحمل علمًا إيرانيًّا) بحيث يصعب رصدها إلكترونيًّا من الجو.
إضافة لذلك، فإن إيران تلجأ إلى تعبئة مواردها النفطية لبيعه في السوق السوداء، كما تقوم أيضًا بالتخزين فتلجأ إلى المخزون العائم للنفط، بمعنى تحميله في الناقلات، وإبقائه في البحار بانتظار تصريفه.
تصرفات الملالي
على صعيد متصل أوضح «اياد المجالي» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن تصريحات النائب الاول للرئيس الإيراني؛ التي شكلت بمجملها حالة من التناقض والتقاطع مع واقع الحال في الوقت الذي يشير فيه إلى قسوة العقوبات الاقتصادية وآثارها المدمرة ليعود ويؤكد أن العقوبات تلك لم تمنع من استمرار ايران بتصدير النفط، ذلك إشارة واضحة أن النظام السياسي يلتف على العقوبات ويعلن استثمار العديد من الثغرات القانونية والنقاط الحدودية التي تمكنه من تصدير النفط الايراني، وذلك عبر طرق من بينها، موانئ البصرة في جنوب العراق والأسواق العراقية التي تفتح ذراعها لجميع المنتجات الايرانية، وهذه التصريحات هي من جانب التجاذبات الكلامية واستفزاز الإدارة الأمريكية.
ولفت «المجالي» في تصريح له أن مسارات الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة ضد طهران قد أتت أكلها في تدمير الاقتصاد الإيراني وحرمت الخزينة من عائدات مالية تقدر بثمانية مليار دولار من عوائد النفط الإيراني منذ يونيو ٢٠١٨ عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
وأضاف الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن تعاطي السلطات الإيرانية ومؤسسات النظام الإيراني مع هذه العقوبات الخانقة، هو ما أدى إلى تردي الأوضاع المعيشية لكافة فئات الشعب وازدياد حدة معدلات الفقر والبطالة.