تصدير «داعش» وخيانة الحلفاء.. لعبة أمريكا لحماية مصالحها في سوريا

الأربعاء 04/ديسمبر/2019 - 08:21 م
طباعة تصدير «داعش» وخيانة معاذ محمد
 
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء 4 ديمسبر 2019، أن الولايات المتحدة وضعت النفط في سوريا تحت سيطرتها، مؤكدًا أنه بات بمقدور واشنطن التصرف به كما تشاء.
وأضاف «ترامب» بعد لقاء جمعه مع الأمين العام للناتو ينس ستولتنبيرج، في لندن، على هامش افتتاح أعمال قمة حلف شمال الأطلسي: «لقد حاول داعش حفظ سيطرته على النفط، أما الآن فأصبحنا نحن الذين نسيطر عليه بشكل كامل، وأقول بكل صراحة: إننا نتمتع في هذا الشأن بدعم عدد كبير من الناس المختلفين».
وأكد الرئيس الأمريكي، أنه «في حقيقة الأمر، لم يبق في الأراضي السورية من عسكريينا سوى من يحمون النفط، النفط في أيدينا ويمكننا أن نفعل به ما نشاء».
ويعمل الرئيس الأمريكي بنظام «المصلحة» في الشمال السوري، بداية من تحالفه مع «الأكراد» للحرب ضد داعش الإرهابي، إلى سيطرته على النفط الذي استعادته قوات سوريا الديمقراطية من التنظيم، والذي لا يخص بلاده، وإنما هو ملك لدمشق.

التخلي عن الأكراد
على الرغم من اعتبار قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، حلفاء وشركاء لأمريكا في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهاب، إلا أنه في 9 أكتوبر 2017، أعلن «ترامب» سحب قواته من الشمال السوري، بعدما أعلنت تركيا شنها العملية العسكرية في المنطقة.
وبدا أن هناك تلاعبًا من قبل واشنطن بـ«الأكراد»، خصوصًا أن «ترامب» برر تخليه عنهم وعدم التعاون معهم في مواجهة التوغل التركي، في 10 أكتوبر 2019، قائلًا: «إنهم لم يساعدونا في الحرب العالمية الثانية، لم يساعدونا في نورماندي على سبيل المثال»، إلا أن مسؤولًا كبيرًا في وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، أعلن في 16 أكتوبر 2019، أن بلاده تريد مواصلة التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، في الحرب ضد «داعش».
وذكرت صحفية «واشنطن بوست»، في تقرير لها، 16 أكتوبر 2019، أنه لا جدوى من التظاهر بأن «ترامب» لم يكن على علم بهدف «أردوغان» من غزو الشمال السوري، لافتةً إلى أنهما تحدثا هاتفيًّا في 6 أكتوبر 2019، قبل أن يأمر «دونالد» بسحب القوات الأمريكية من شمال سوريا.

الحفاظ على القاعدة النووية
في هذا التوقيت، كشفت تقارير أمريكية، نقلًا عن مسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن واشنطن تدرس خططًا لنقل نحو 50 قنبلة نووية خاصة بها، جرى تخزينها في قاعدة «إنجرليك» جنوبي تركيا، والتي تبعد نحو 400 كلم عن الحدود السورية، إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، عن مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن اسمه، قوله: إن الأسلحة النووية باتت عمليًّا «رهينة» لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وحذرت الصحيفة ذاتها، في تقرير آخر، 22 أكتوبر 2019، «نيويورك من الثقة في أمر القاعدة الجوية، خصوصًا أنها تابعة للحكومة التركية، وإذا تدهورت العلاقات الأمريكية معها، فسيكون وصول واشنطن إلى تلك القاعدة غير مضمون».

الاستعانة بروسيا
سمح انسحاب القوات الأمريكية لروسيا بالتدخل في الشمال السوري، على الرغم أن إبعاد موسكو عن نفط الشرق الأوسط باستمرار، بحسب صحيفة «التيليجراف» البريطانية، في تقرير لها أكتوبر 2019،  كان أحد الاستراتيجيات التي تنتهجها الولايات المتحدة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
واتفقت أنقرة وموسكو، في 22 أكتوبر على عدد من البنود لوقف هجوم تركيا على المقاتلين الأكراد في الشمال السوري، قضى بنشر قوات سورية وروسية في شمال شرق سوريا، وإبعاد وحدات الشعب «قوات سوريا الديمقراطية»، عن المنطقة بعمق 40 كلم.

ملامح العودة
عقب اطمئنان الولايات المتحدة على الوضع في الشمال السوري، خصوصًا بعد اتفاق موسكو وأنقرة الذي قضى بإبعاد الأكراد عن المنطقة، خططت للعودة من جديد، للاستيلاء على حقول النفط وعدم تركها لتنظيم «داعش»، بحسب الأسباب المعلنة، غير أن هناك مخططات أخرى ينتهجها «ترامب» من وراء ذلك.
وكشفت وزارة الدفاع الأمريكية، في 24 أكتوبر 2019، عن خططها لتعزيز الوجود العسكري لها في شمال شرق سوريا؛ من أجل حماية حقول النفط هناك من السقوط مجددًا بأيدي تنظيم داعش.
وأوضح مارك إسبر، وزير الدفاع الأمريكي، في بيان له 25 أكتوبر 2019، أن واشنطن ترغب في ضمان عدم وصول إرهابيي داعش إلى النفط، مشيرًا إلى أن الحقول قد تسمح للتنظيم المتشدد بالحصول على موارد تمكنه من الظهور مجددًا.

اتهامات روسية
اعتبرت موسكو في 26 أكتوبر 2019، أن المقاتلين الأكراد هم السبب الرئيسي في استعادة حقول النفط من أيدي التنظيم، متهمة الولايات المتحدة بممارسة «اللصوصية» على مستوى عالمي، خصوصًا بعد إعلان نيتها حماية حقول النفط في شرق سوريا.
وأكدت روسيا، أنه «ليس أي من حقول النفط الواقعة على أراضي سوريا العربية ملكًا لإرهابيي تنظيم داعش، ولا للمدافعين الأمريكيين، بل تعود إلى جمهورية سوريا».
من جانبه، أكد الجنرال إيجور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، أنه لا توجد في القانونين الدولي والأمريكي نصوص تقر بشرعية وجود قوات أمريكية لحماية الموارد الطبيعية والمعادن في سوريا، خصوصًا أنها تعود إلى الأخيرة، مشددًا على أن واشنطن تمارس نشاط قطاع الطرق.
وكشف المتحدث باسم الوزارة، عن أنه يتم تهريب شاحنات النفط المستخرج من حقول شرقي سوريا إلى دول أخرى، تحت حماية جنود الولايات المتحدة الأمريكية، وموظفين من مؤسسات أمنية خاصة.
ويرى نيك هيراس، الخبير في النزاع السوري بمركز الأمن الأمريكي، أن الاستراتيجية الجديدة التي تنتهجها واشنطن، تشكل تحولًا كاملًا للولايات المتحدة، التي كانت تبرر وجودها في سوريا بمكافحة تنظيم «داعش.
ووفقًا لبريت ماكجولاك، الموفد الأمريكي الخاص السابق لسوريا، في مؤتمر صحفي، فإن ما تفعله واشنطن أمرًا غير قانوني، مشيرًا إلى أن النفط السوري ملك لشركة حكومية محلية، مضيفًا أن الولايات المتحدة اقترحت من قبل فكرة استغلال النفط بالاتفاق مع موسكو، وإيداع الأرباح في صندوق للتنمية.

شارك