«حمس» الجزائرية.. حركة الالتفاف على مسار الديموقراطية والتلون بالسياسة
السبت 07/ديسمبر/2019 - 02:56 م
طباعة
محمد يسري
ليس من السهل تحديد البداية الفعلية لتاريخ ظهور جماعة الإخوان في الجزائر، نظرًا لعدة اعتبارات، على رأسها أنها نشأت على يد الوافدين الذين تأثروا بفكر الجماعة الأم في مصر، إذ الأفكار عادة ما تسبق التكوين التنظيمي، وكانت أفكار جماعة الإخون قد تغلغلت إلى أغلب أقطار العالم الإسلامي خلال فترة الستينيات والسبعينيات على رأسها الجزائر التي لعبت فيها الجماعة دورًا كبيرًا في تحولات التيار الإسلامي.
وعلى كلٍّ فقد ارتبط الظهور العلني الأول للجماعة باسم محفوظ نحناح الذي بايع الجماعة، ورفيق دربه، محمد بوسليمان الشيخ الذبيح "ذي القبرين "- كما يطلقون عليه- خلال فترة الثمانينيات كما اعتاد بوسليماني القول بذلك في الكثير من المواقف التي أكد خلالها أن الإعلان الفعلي عن ظهور الجماعة في الجزائر بدأ متأخرًا في الثمانينيات بعد خروجه من السجن مع رفيقه نحناح، وأرجع أيضًا أن أهم العوامل التي ساعدت على هذا الظهور استقرار التنظيم الدولي للجماعة بقيادة سعيد رمضان في سويسرا مطلع الثمانينيات.
البداية
أسس نحناح وبوسليماني جماعة «الموحدين» السرية عام 1976 وضم إليها ما طالته يده من الطلبة وأساتذة الجامعات والمدارس المتأثرين بفكر مالك ابن نبي بالجامعة المركزية ذوي الميول الإسلامية، وكانت الحركة تعمل على «مواجهة التوجه الاشتراكي الذي تبناه النظام الجزائري بعد الاستقلال وأدت نشاطات هذه الجماعة المعادية لاشتراكية الدولة إلى اعتقال الشيخ نحناح مع عدد من أعضائها». وبعد خروجهم من السجن نهاية الثمانينيات أسسوا جمعية الإرشاد والإصلاح الخيرية والتي تحولت إلى حزب بعد دستور فبراير 1989م، الذي أباح التعددية وكان هذا الحزب فيما بعد حركة مجتمع السلم الإسلامي، بحسب ما ذكره إبراهيم البيومي في كتاب (الحركة الإسلامية في الجزائر وأزمة الديمقراطية ، ص 40(
حمس.. حركة مجتمع السلم الإسلامي
في 6 ديسمبر 1990م، ظهرت حركة المجتمع الإسلامي (حمس)، برئاسة الشيخ محفوظ نحناح، وفي 29 مايو 1991 عقدت أول مؤتمر للحزب، وتم اعتماد القانون الأساسي والنظام الداخلي واللوائح الضابطة للمسار السياسي، وانتخب الشيخ محفوظ نحناح رئيسًا للحزب، الذي سرعان ما جاءت أحداث العشرية السوداء ودخل خلالها الحزب في صراعات مع جبهتين، مع الدولة من جهة ومع جبهة الإنقاذ، انحاز الحزب ظاهريًّا بعدها إلى الدولة ووقعت خلال هذه الفترة حربٌ دموية راح ضحيتها مئات الآلاف من الضحايا، ذكر تقارير رسمية منها تقرير مؤسسة السلام العالمي المنشور عام 2015 أن الفترة ما بين عامي 1994 و1996 وحدها شهدت أكثر من 140 مجزرة، وبين عامي 1997 و1998 ما بين 400 إلى 450 حادثة، وأن مجموع عدد الضحايا في العشرية السوداء بلغ 44 ألف حالة وفاة بينهم 18 ألف حالة اختفاء، في حين أكدت تقارير حكومية أن عدد القتلى وصل إلى 850 قتيلًا شهريًّا منذ بداية الأزمة حتى عام 1996 فقط، وارتفع متوسط أعداد القتلى 2500 قتيل شهريًّا في خلال عامي 1997 و1998.
في حين ذكرت تقارير أخرى أن عدد الضحايا خلال العشرية السوداء بلغ أكثر من 200 ألف شخص بين مفقودين وقتلى.
تطورات والتفاف
في عام 1997م، اضطرت حركة مجتمع السلم (الإسلامي) إلى إزالة صفة الإسلامي من اسمها لتصبح حركة مجتمع السلم (حمس) للتكيف مع قوانين الجمهورية لعام 1996م، والتي تحظر «استخدام الثوابت الوطنية لأغراض سياسية. وترى بعض الأدبيات أن الحركة ممثلة للتيار العالمي للإخوان المسلمين».
المشاركة في الانتخابات
شاركت الحركة في انتخابات الرئاسة التي جرت عام 1995، ودفعت بمرشحها محفوظ نحناح الذي حصل على المرتبة الثانية بعد الرئيس اليامين زروال الذي فاز بنسبة 61% من إجمالي الأصوات.
وتترقب الجزائر خلال الشهر الحالي الانتخابات الرئاسية ويتذبذب موقف الحركة بقيادة عبد الرزاق مقري من المشاركة في الاستحقاق الانتخابي الذي أعلن في وقت سابق عدم المشاركة في دعم أي من المرشحين.
أول حزب انشق عن الحركة الأم «حمس»، أسسه القيادي السابق في الإخوان، عبد المجيد مناصرة، مع عدد كبير من كوادر الإخوان انشقوا عن الحركة الأم في 2008، وذلك بسبب خلافات مع قيادة الحركة حينها التي كان يترأسها وزير الدولة أبو جرة سلطاني، حيث أسسوا حزبًا سياسيًّا بديلًا تحت اسم «جبهة التغيير».
حزب حركة تجمع أمل الجزائر
أسس هذا الحزب وزير الأشغال العمومية في الجزائر عمار غول، ويرجع الانشقاقُ هذا عن حركة «حمس» – حسب المؤسسين – إلى الأخطاء التي ارتكبتها الحركة بقيادة «أبو جرة سلطاني»، التي منها انفصالها عن التحالف الرئاسي المؤيد للرئيس بوتفليقة، مقابل الدخول في تحالف الإسلاميين باسم «الجزائر الخضراء»، أملًا في تحقيق فوز الإسلاميين في انتخابات البرلمان الماضية مايو 2012.
حزب «الحركة من أجل الدعوة والتغيير»
انشق هذا الحزب عن «حركة مجتمع السلم» حين كان يتزعمها وزير الصناعة السابق عبد المجيد مناصرة. بالرغم من امتلاكها المرجعية والثوابت نفسها، فإنها لم تستطع توحيد صفوفها في تكتل واحد بسبب الصراع على زعامة التيار الإسلامي.
حزب حركة البناء الوطني
انشطر هذا الحزب في 7 أغسطس 2014 من رحم الحركة الأم، مجتمع السلم «حمس» ويعد مؤسسه مصطفى بلمهدي، أحد رجال المؤسس الراحل محفوظ نحناح، ومن «الرعيل الأول» الذي أسس مع نحناح «حركة المجتمع الإسلامي». وقد انشقَّ بلمهدي بسبب خلافات مع قيادة الحركة حينها، التي كان يرأسها وزير الدولة «أبو جرة سلطاني»، وأسسوا حزبًا سياسيًّا بديلًا تحت اسم «جبهة التغيير» بقيادة وزير الصناعة الأسبق، عبدالمجيد مناصرة، ثم انشق بلمهدي مع عدد من القياديين في جبهة التغيير، ليؤسسوا مجددًا «حركة البناء الوطني» بسبب خلافات داخلية بين قيادات حركة «جبهة التغيير».