براجماتية أنقرة.. تركيا تتخلى عن «تحرير الشام»
الأحد 08/ديسمبر/2019 - 01:04 م
طباعة
سارة رشاد
من جديد عاد الحديث عن العلاقة بين أنقرة وبما تعرف بـ«هيئة تحرير الشام»، كبرى الفصائل المسلحة في الشمال السوري، عقب تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو خلال مشاركته في أعمال منتدى «الحوار المتوسطي» في روما، الجمعة 6 ديسمبر والذي نفي تعاون دولته مع الهيئة، قائلًا: إن أنقرة لا تجد اختلافأ بين تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة».
وبينما يحمل استخدام "أوغلو" المسمى القديم لتحرير الشام وهو «جبهة النصرة» دلالة، إذ جرت العادة على أن في استخدام مسمى جبهة النصرة تلميح للعلاقة بين «الهيئة» و تنظيم «القاعدة» ومن ثم هجوم مبطن، آثار التصريح تساؤلات حول نظرة تركيا للهيئة وما إذ كان في حديث "أوغلو" إشارة لرفع أنقرة يدها عن الفصيل أم يبقى مجرد تصريح فرضته الضرورة.
عامل التوقيت الذي خرج فيه التصريح يصب في اتجاه تخلى تركيا عن الهيئة، إذ نشرت صحف سورية، سبتمبر الماضي أنباء عن اتجاه أنقرة لاستخدام ورقة حل تحرير الشام في التفاوض مع روسيا.
ونشر موقع «قاسيون» السورى تقريرًا في الثالث من سبتمبر الماضي تضمن تسريبات نسبها لمصادر فيما تسمى بالمعارضة السورية، أفادت بأن الأتراك وضعوا ثلاثة شروط على روسيا وإيران، مقابل مطالبة قادة تحرير الشام، بحل «الهيئة».
ولفتت المصادر إلى أن هذه الشروط هي انسحاب الجيش السوري، وإيران من المناطق كافة التي سيطروا عليها منذ بداية توقيع اتفاق "سوتشي"، قبل عامين، ووقف أي عمل عسكري مرتقب للجيش في إدلب، من لحظة حل «الهيئة»، إلى جانب وضع جميع الطرق الدولية تحت رعاية وإشراف الجيش التركي.
ويبقى هذا التصور بالرغم من عدم تأكده، مؤشرًا على احتمالية تخلي تركيا عن الهيئة، وهو ما دعمه تقرير نشره موقع «ترك برس» في 25 سبتمبر الماضي ناقش فيه مدى إمكانية بدء تركيا عمل عسكري ضد «الهيئة».
واستند هذا التقرير إلى قمة ثلاثية جمعت روسيا وإيران وتركيا في أنقرة، منتصف سبتمبر الماضي، وعلقت تركيا بعدها بأن وجود تحرير الشام يعد ذريعة لروسيا والجيش السوري بضرب إدلب.
وقالت أنقرة على لسان أحد مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن تركيا عاجزة عن الحفاظ على الهيئة، مشيرًا إلى أن بلاده لن تصبر إلى ما لا نهاية على ما يحدث في المحافظة الواقعة شمال غربي سوريا.
وفي ضوء ذلك يرى الناشط السوري، عمر رحمون، أن تصريحات أوغلو الأخيرة عن مساواة تركيا بين «داعش» و«الهيئة» تحمل علامات حول التعامل مع الأخيرة بالأسلوب نفسه الذي تعاملت مع «داعش».
ولفت فى تصريح لـه إلى أن تركيا طالما استخدمت هيئة تحرير الشام، كورقة لتمرير مصالحها في الشمال السوري، وستتخلى عنها مهما طال الوقت، متابعًا: أعتقد أن الفترة الراهنة ستشهد لحظة التخلي عن الفصيل الإرهابي في ظل التمسك الروسي بتفكيك تحرير الشام.
ومن جانبها تقول نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تركيا دولة براجماتية تتعاون مع المتطرفين زاعمة دعمها للإسلام، وتتخلى عنهم عندما تتطلب الحاجة.
ولم تستبعد «الشيخ» أن تستغنى تركيا عن «تحرير الشام» في الفترة الراهنة، معتبرة أن الظرف السياسي يشجع أنقرة على تنفيذ هذه الخطوة، لافتة إلى أن هذه اللحظة كانت متوقعة، إذ كانت أنقرة تدعم «داعش» في وقت من الأوقات وتمرر مقاتليه من أراضيها، فيما تخلت عنه عندما انتهت مصلحتها معه.