هل تدعم دول أوروبا فرنسا في حربها على الإرهاب بالساحل والصحراء؟

الأحد 08/ديسمبر/2019 - 01:06 م
طباعة هل تدعم دول أوروبا أحمد عادل
 
يحاول تنظيم «داعش» الإرهابي تعويض خسائره في سوريا والعراق عن طريق اكتساب المزيد من الأراضي ومناطق النفوذ وخاصة فى دول الساحل الأفريقي؛ خاصة تلك التي تعاني هشاشة أمنية وصراعات عرقية وطائفية، وتمثل دولة مالى فى الغرب الأفريقي إحدى المناطق الهشة أمنيًّا، إذ أعلن رئيس الحكومة الفرنسية، أدورا فيليب، يوم الاثنين 2 ديسمبر 2019، مقتل 13 جنديًّا من قوات بلاده، في ارتطام مروحيتين خلال عملية مطاردة لمتطرفين في جنوب شرقي مالي؛ مشيرًا إلى أن القضاء على  الإرهاب لم يتحقق وأن الأمن مازال مفقودًا والاستقرار بعيد المنال.

وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورانس بارلي: إن الحرب في مالي ستكون طويلة زمنيًّا؛ مشيرًة إلى أنه جار دراسة كافة الخيارات، من أجل توفير أكبر فعالية لعمليات محاربة الإرهاب في منطقة الساحل، وأن تحقيق أهداف عملية برخان سيكون في المدى البعيد، وموضحة أن الوضع الأمني يتدهور؛ لكن قوة برخان التي تواكب القوات الأفريقية تحقق نجاحات.

 

وبحسب موقع الشرق الأوسط، تحرك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على الفور، في اتجاهين أولهما: طلب مساعدة من شركاء فرنسا الأوروبيين الذين دعاهم للانخراط إلى جانب فرنسا ليس فقط لوجيستيا وعبر تدريب القوات المالية والقوة المسماة"G5" الأفريقية المكونة من «موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد» بل أيضا العمل الميداني إلى جانب القوة الفرنسية.

 

ثانيهما: دعا ماكرون قادة البلدان الخمسة إلى قمة في مدينة بو «جنوب غربي فرنسا» في 16 ديسمبر 2019، وذلك لبحث الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، وإعادة توضيح الإطار والشروط السياسية التي تتحكم بحضور فرنسا في بلدان الساحل مع قادة الدول الخمس الأعضاء في القوة الخماسيةG5 ؛ مضيفًا أن طالما سيستمر الوضع المعادي لفرنسا في منطقة الساحل والصحراء سأسحب القوات الفرنسية الموجودة هناك .

 

وتسعى فرنسا كشريك أساسي في منطقة الساحل والصحراء الأفريقي، إنهاء سيطرة التنظيمات الإرهابية والتي أصبحت في الآونة الأخيرة تهمين على أغلب دول المنطقة .

 

فرنسا بدأت حربها ضد التنظيمات الإرهابية عام 2013، عبر عملية «برخان» التي أطلقتها في مالي، وكان الهدف الرئيسي، منع انتشار المسلحين، وتنقلهم من شمال مالي إلى العاصمة باموكو وتحويلها لبؤرة إرهابية، ولاقت العملية في بدايتها النجاحات الكبيرة ضد تلك التنظيمات ولكن عادت الجماعات مرة أخرى، وعززت من وجودها في الفترة الأخيرة .

 

ترى فرنسا أن حضورها العسكري في منطقة الساحل والصحراء، يكلفها ثمنًا باهظًا سواء ماديًّا أو بشريًّا، فعملية برخان في مالي وحدها تكلفتها سنويا 700 مليون يورو، كما أنها هناك مشاكل كبيرة تواجه باريس من الإعلام المضاد لها والذي يشير إلى أنها تسعى لحماية مستعمراتها في القارة السمراء؛ فضلًا عن انتشار الأخبار الزائفة التي يتناولها الإعلام الغربي حول حقيقة ما تنفذه القوات المشاركة في عملية برخان .

وفي نوفمبر 2019، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحفي عُقد في قصر الإليزيه، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، إلي ضرورة التركيز على مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، مطالبًا  بدعم عسكري من حلف الناتو، وذلك على أثر معضلة الأمن والجماعات الإرهابية المنتشرة في المنطقة.

 

وتعد منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، واحدة من أهم  بؤر الإرهاب في أفريقيا، إذ ينشط بها إرهابيو تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، مستغلين حالة التردي الأمني، ومستفيدين من إمكانية التنقل بحُرية وسهولة بين بلدانها مثل مالي والنيجر، إذ اضطر عشرات الآلاف من السكان المحليين إلى الفرار، بسبب الهجمات المسلحة، إضافةً إلى الصراعات الطائفية.

 

وعزز تنظيم داعش من توحشه في المنطقة، منذ أبريل 2019، عندما أعلن أبوبكر البغدادي زعيم التنظيم الذي قُتل في أكتوبر 2019، مباركة وجود عناصره في تلك المنطقة، وتأسيس ولاية غرب ووسط أفريقيا، ومنذ ذلك التوقيت، كثفت عناصر التنظيم المسلح وجودها من خلال شن عمليات إرهابية ضد المدنيين والعسكريين في تلك المنطقة.

 

كما يتمتع تنظيم «القاعدة»، بحضور قوي في منطقة الساحل الأفريقي؛ إذ تمكن من تشكيل أكبر تحالف له على مستوى العالم، وهو ما يُعرف بـ«نصرة الإسلام والمسلمين»، والذي تأسس في مارس 2017، نتيجة اندماج أربع حركات مسلحة في مالي ومنطقة الساحل، وهي: (أنصار الدين، وكتائب ماسينا، وكتيبة المرابطين، وإمارة منطقة الصحراء الكبرى).

 

الباحث في الشأن الأفريقي، ناصر مأمون عيسى، قال: إن التهديدات اللامتناهية من الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، أصبحت في الوقت الراهن تفوق ما كانت تهدده قبل عام 2013، وذلك إضافة تنظيم جديدة في المنطقة، وهو تنظيم داعش الإرهابي، والذي وجده لنفسه مكانًا لتنفيذ عملياته المسلحة ضد المدنيين والعسكريين في تلك المنطقة؛ وذلك بعد إنهاء تواجده في سوريا والعراق، على الرغم من تواجد ذيول في بلاد الشام، ولكن أصبح ليس بالقوة الجبارة التي كان عليها في السابق.

 

وأضاف ناصر، في تصريح خاص لـه، أن القوات الفرنسية المتمثلة في عملية برخان، تعاني في الآونة الأخيرة، من عدم وجود غطاء جوي يستطيع إيقاف العمليات الإرهابية قبل تنفيذها من قبل جماعات الراديكالية؛ كما أن هناك تعاونًا يتم بين بعض القبائل التي على خلاف مع حكومات منطقة الساحل والصحراء، مع العناصر المُسلحة، ذلك التعاون مفاده إعطاء معلومات على أماكن تمركز القوات الحكومية والفرنسية في منطقة الساحل والصحراء.

 

وأكد الباحث في الشأن الإفريقي، أنه لابد من إنشاء قوة أوروبية ذات أعداد كبيرة من الجنود والعسكريين وجهاز استخباراتي على أعلى مستوى بهدف إنهاء تواجد الجماعات الإرهابية وهيمنتها على أغلب دول منطقة الساحل والصحراء الأفريقية.

شارك