الانتخابات في بريطانيا.. مستقبل «كوربن» على المحك والسبب «الإخوان»
الخميس 12/ديسمبر/2019 - 06:47 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
على وقع المسؤولية السياسية والتحديات المستقبلية الضخمة للمملكة المتحدة، اصطف البريطانيون الخميس 12 ديسمبر 2019 في طوابير طويلة؛ انتظارًا لدورهم في اقتراع الانتخابات التشريعية العامة، التي من المقرر أن تحسم نتيجتها العديد من الملفات، وأهمها «البريكست»، وما يتضمنه من اتفاقيات حول خروج بريطاني آمن، وبأقل الخسائر من التكتل الشهير والقوي «الاتحاد الأوروبي»، إلى جانب عدد من القضايا الداخلية التي تروج لها الأحزاب تحت بند المنافسة الانتخابية.
تنافس وبرامج مصيرية
في خضم المنافسات المتبادلة، يبرز حزب المحافظين الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون ومواطنته السابقة تريزا ماي على رأس قوائم المرشحين في مقابل حزب العمال المعارض، الذي يتزعمه «جيرمي كوربين» المثير للجدل، والذي تطاله شبهات التعاون الوثيق والمباشر مع جماعة الإخوان، سواء في الداخل الأوروبي أو الخارج الشرق أوسطي.
ومن جهته، أعلن «جونسون» لناخبيه أنه يدخل الانتخابات لإتمام خطة البريكست، وإنهاء المماطلة بشأن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، إذ يأمل المحافظون في نسبة كبيرة من التمثيل البرلماني تمكنهم من حسم تشكيل الحكومة بما يمهد لوضع نهاية للخروج الآمن من الاتحاد الأوروبي باتفاق رسمي، بالإضافة إلى ذلك تعهد جونسون بتحسين أوضاع التعليم والأمن والصحة، وبالأخص بعد انتشار صورة لطفل صغير يفترش الأرض أثناء تلقيه الرعاية الطبية؛ نظرًا لعدم وجود أسرة كافية في أحد المستشفيات.
أما حزب العمال، فأشار زعيمه «كوربن» إلى وعود بتنفيذ استفتاء آخر بشأن البريكست، وسط مناوشات كلامية بين الحزبين، فالعمال يدفع بعدم وجود رسوم بين أيرلندا الشمالية ومحيطها؛ ما يضعف الخطة الموضوعة من المحافظين للانسحاب، وهو ما يكذبه «جونسون».
علاوة على ذلك، يقول جيرمي كوربن: إنه سيفرض ضرائب جديدة على الأغنياء؛ من أجل أن يحيا الفقراء حياة كريمة، مع زيادة النفقات على الخدمات الرئيسية للمواطنين.
أزمة بريكست والمصير المنتظر
منذ تصويت البريطانيين في 2016 على الخروج من الاتحاد الأوروبي تم تأجيل تنفيذ الاتفاقية بشكل نهائي ثلاث مرات لرفض البرلمان الصيغ النهائية المعدة، لكن الموعد النهائي المحدد للتنفيذ قريبًا هو 31 يناير 2020؛ ما يعطي زخمًا أكبر للانتخابات التشريعية الجارية حاليًا.
وينضوي اتفاق البريكست على وثيقتين أساسيتين تتضمنان أولا، بنود الانفصال عن الاتحاد، والتي تأتي في 585 صفحة، وثانيًا إعلان سياسي مكون من 26 صفحة يضمن البنود الخاصة بتنظيم علاقات المستقبل بين المملكة المتحدة وبين الاتحاد الأوروبي.
ويشمل الاتفاق بنودًا رئيسية تتعلق بالالتزامات المالية لبريطانيا تجاه الاتحاد، ووجود فترة انتقالية حتى الانفصال النهائي، وتنظيم للعلاقات بين أيرلندا الشمالية ودولة أيرلندا بما يحفظ الاتفاقيات السابقة بخصوص هذا الأمر، إلى جانب البنود الأخرى المتعلقة بالهجرة والتنقل بين الدول.
ومن شأن هذا الاتفاق وبالتبعية نتائج الانتخابات أن تؤثر على مستقبل لندن ومستوى اقتصادها وعلاقاتها مع دول الجوار الأوروبي، ففي الوقت الذي ارتأى فيه الشعب مصلحة قومية أكبر في الانفصال عن أوروبا اقتصاديا، يدفع «كوربن» بأن هذا الاتفاق ورعاته من حزب المحافظين يمهد لعلاقات أقوى مع واشنطن وسط تبادل باحتمالات الإخفاق المستقبلي.
علاقة الإخوان بمستقبل بريطانيا
على اعتبار بريطانيا العاصمة الأوروبية لجماعة الإخوان كان من الطبيعي أن يتردد ذكر الجماعة في المناوشات الانتخابية الجارية حاليًا، إذ استدعت الصحف ماضي جيرمي كوربين القريب، من خلال دعم جماعة الإخوان ورفعه شعار رابعة مع بعض المواطنين أثناء زيارته مسجد فينسبري في 2018.
كما كشفت الصحف البريطانية في أغسطس 2018 وجود وثائق تظهر سفر النائب إلى تونس وإقامته في فندق خمسة نجوم، تبلغ تكلفة إقامة الليلة الواحدة فيه إلى 1000 جنيه إسترليني، بدون تسجيل الرحلة ونفقاته في السجل الرسمي لأعضاء البرلمان والمسؤولين، كما هو متبع قانونًا في المملكة المتحدة، والأهم من ذلك أن هذه الزيارة تضمنت لقاءات وجلسات مع عناصر الإخوان بتونس وحضور مؤتمر لهم.
وبناء على ذلك، اتهمت مواقع إخبارية بريطانية «كوربين» بالتعامل المباشر مع جماعة الإخوان، وتوليها لإدارة صفحته على موقع التواصل «فيس بوك» المسماة «ندعم جيرمي كوربين» «We Support Germy corbyn»، والتي تم إطلاقها بالتوازي مع بدء الحملات الانتخابية الأخيرة، إذ نشر موقع «Spiked» في تقرير له في 3 ديسمبر 2019 أن كوربين وحزبه على علاقة وثيقة بالرابطة الإسلامية في بريطانيا المعروفة بـ«MAB» والتي تتولى إدارة مسجد فينسبري بارك، ما يبرهن ظهور النائب بالمسجد الواقع في دائرته الأصلية، مشيرًا إلى تكرار وصف كوربين لحزب الله اللبنانى بالصديق.
وإلى جانب ذلك، كشفت الصحف عن اتصالات غريبة بين أبو حمزة المصري (مسجون في معتقل «ADX Florence» شديد الحراسة بولاية كولورادو الأمريكية بتهم تتعلق بالإرهاب والتطرف) وستيفن كولز الشاذ جنسيًا أثناء وجود الأول في محبسه، والمهم في هذه النقطة أن كولز هو نائب قس كنيسة سانت توماس، والتي تبعد قليلا عن مسجد فينسبري بارك، أي أنها في نفس دائرة كوربين، كما أن ذات المسجد شهد العديد من خطب الكراهية لأبي حمزة، ولكولز علاقات صداقة قوية مع جيرمي كوربين أيضًا.
وبالتوازي مع ذلك، دخلت وسائل إعلام محسوبة على الإخوان معركة من العدم لصالح كوربين، إذ نشر موقع عربي 21 تقريرًا في 3 ديسمبر 2019 يتحدث عن شركات استثمارية مملوكة لدول الخليج تعمل على تشويه «كوربن»، وذلك استنادًا على مقال نشر حول تأثير فوزه بالانتخابات التشريعية على الشرق الأوسط، واتهمه بقطيعة محتملة مع هذه الدول باستثناء قطر، وهو ما لم يفنده الموقع، بل عمل كأنه بوق لتلميع نائب بريطاني ضد مقالة تحليلية حول الانتخابات وحسب.