«الإغاثة الإسلامية».. الباب الخلفي لـ«الإخوان» للتمدد في الداخل الأمريكي

السبت 14/ديسمبر/2019 - 12:51 م
طباعة «الإغاثة الإسلامية».. أسماء البتاكوشي
 
في الوقت الذي تزداد فيه المطالبات بحظر جماعة الإخوان في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن منظمة «الإغاثة الإسلامية» -إحدى منظمات الإخوان في الخارج- لا تزال تعمل.

ومن جديد بدأت تتعالى الأصوات داخل الكونجرس الأمريكي؛ للمطالبة بحظر نشاط الجماعة، في إطار لعبة المساومات مع الإدارة الأمريكية.


كما بدأت المراكز البحثية المهتمة بشؤون الجماعات الإرهابية، سلسلة من التقارير تسلط الضوء على ضرورة التعامل مع حالة جماعة الإخوان، وحظر نشاطها الاقتصادي في أمريكا، ومخالفة القوانين والقواعد الفيدرالية الأمريكية.


ويسعى بعض النواب بالكونجرس، لفتح ملف نشاط الإخوان، معتمدين بذلك على ملف الجماعة، فضلًا عن تقارير الاستخبارات الأمريكية التي تحذر من إهمال الملف الجماعة، وعدم وضعه على الأولويات، والمطالبة بالكشف عن المسكوت عنه في دوائر محددة تحاول غلق الملف، وإنهاء التحقيقات الفيدرالية.

وعلى ما يبدو، فإن التقارير والمواقف الأمريكية تشير إلى احتمالية إدراج الجماعة على قائمة الإرهاب، وحظر نشاط الإخوان، والمنظمات التابعة لها.

لكن ما يلفت الانتباه هو استمرارية عمل منظمة الإغاثة الإسلامية، وتلقيها الأموال من الحكومة الأمريكية، إذ إنه في أكتوبر 2019، سلمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية «USAID» ما يقرب من 400 ألف دولار إلى المنظمة.

وتأسست المنظمة بمدينة برمنجهام في بريطانيا عام 1984، وفقًا لمزاعمها أنها جاءت استجابة للمجاعات التي اجتاحت بعض دول أفريقيا في ذلك الوقت.

وتعتبر الإغاثة الإسلامية هي أول منظمة غير حكومية تحصل على تمويل من الحكومة البريطانية؛ حيث إنه في عام 1994 تلقت 180.000 ألف جنيه إسترليني لتمويل مركز التدريب المجتمعي شمالي كردفان بالسودان.

وفي 1997 أسست شركة تيك الدولية لإدارة إعادة تدوير الملابس الممنوحة للمنظمة في المملكة المتحدة.

وعملت منظمة الإغاثة الإسلامية على مدار 30 عامًا، وتنشط في أكثر من 40 دولة حول العالم.

وتعرف «الإغاثة الإسلامية» نفسها بأنها «منظمة دولية غير حكومية» تسعى لمحاربة الفقر والظلم وعدم المساواة، وتعمل في مجال الإغاثة العاجلة والطوارئ، وتنمية الشعوب الفقيرة. 

وتصف المنظمة نفسها بأنها «تتمتع بمركز استشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، وهي أحد الموقعين على مدونة الصليب الأحمر، والهلال الأحمر الدولية لقواعد السلوك».

وتزعم «الإغاثة الإسلامية» أنها تعمل لتحقيق عالم مليء بالتكافل، وتمكين المجتمعات الفقيرة، والوفاء بالالتزامات المجتمعية، وتستجيب فيه لمعاناة الآخرين، وهذه فكرة مطابقة لمنهج جماعة الإخوان.

أذرع المنظمة

وتمتد أذرع المنظمة في أنحاء كثيرة من بلاد العالم، من أفريقيا إلى أفغانستان وألبانيا، والأردن والبوسنة والهرسك، السودان والصومال، وباكستان والهند، وروسيا ومالي وكينيا وفلسطين وسوريا، وتجمع الأموال من خلال التبرعات، إذ تخصص في موقعها الإلكتروني أيقونة باسم «سلة التبرع» مقيمة بالدولار الأمريكي، وينشئ الموقع سلة تبرع للشخص لتأكيد عودته للتبرع أكثر من مرة.

وتعتبر الإغاثة الإسلامية أكبر مؤسسة إخوانية في الخارج؛ حيث تجمع سنويًّا مئات الملايين من الدولارات كتبرعات ومنح.

وسلط تقرير لـ«منتدى الشرق الأوسط» على أن منظمة الإغاثة الإسلامية تتبع أيديولوجية الإخوان؛ إذ إن المؤسس المشارك لها هو عصام الحداد القيادي البارز بالجماعة، ومستشار السياسة الخارجية للرئيس المصري المخلوع محمد مرسي 2013.

وسجن في مصر بتهمة تمويل الإرهاب، من خلال استغلال الجمعيات الخيرية العالمية مثل الإغاثة الإسلامية.

والحكومة المصرية ليست وحدها التي اعتبرت المنظمة تابعة لجماعة الإخوان؛ إذ إن الحكومة الألمانية صرحت بأن «الإغاثة الإسلامية» لها «روابط مهمة» مع جماعة الإخوان.

بالإضافة إلى أنه في أبريل 2019 توصل تقرير للحكومة السويدية إلى الاستنتاج ذاته.

وفي عام 2005 اتهمت السلطات الروسية «الإغاثة الإسلامية» بدعم الإرهاب في الشيشان.

بينما في 2012 أغلق العملاق المصرفي السويسري «يو بي إس» حسابات الإغاثة، وفرض حظرًا على الهبات القادمة إليها من زبائنها؛ خوفًا من التقارير حول تمويلها للإرهاب، كما فعل بنك «إتش إس بي سي» الأمر ذاته عام 2016.

كما كشفت «مذكرةٌ مُسرّبةٌ»، أعدت من قبل الهيئة التونسية للتحاليل المالية؛ أن تحقيقًا يجري في البلاد مع مسؤول مرموقٍ في منظمة الإغاثة الإسلامية، على خلفية مخاوف من أن الأموال التي منحت للفرع التونسي من هذه الجمعية، من جانب الفرع البريطاني لها، استخدمت لتمويل من يصفون أنفسهم بـ«الجهاديين» عبر الحدود الليبية.

وتزايد الاعتراف أن تطرف الإغاثة الإسلامية بدأ يؤثر على مصادر دخلها، وفقًا للبيانات الواردة في تقاريرها السنوية الخاصة؛ إذ شهدت انخفاضًا في حجم الأموال الواردة من الحكومات الأوروبية من أكثر من 7 ملايين دولار في عام 2011 إلى ما يقل قليلًا عن مليون دولار في عام 2018.

وفي الأعوام الأخيرة لم يبلغ عن أي منح على الإطلاق من الحكومات البريطانية والإسبانية والسويدية.

لكن في الوقت ذاته، وبحسب تقرير «منتدى الشرق الأوسط» فعلى الرغم من ازدياد المخاوف الأوروبية تجاه المنظمة والتغلغل الذي تقوم به، فإن المحير للغاية أن فرع «الإغاثة الإسلامية» في أمريكا لا يزال يتلقى أموالًا سخية على نحو متزايد من الحكومة الأمريكية، بحسب تقريرها عام 2018؛ إذ إن فرع الولايات المتحدة هو الفرع الأكثر ربحية لها، بلغت إيراداته أكثر من 145 مليون دولار في عام 2017.

تهديدات الإغاثة الإسلامية

أشار بحث أجراه الصحفي الأمريكي المتخصص في شؤون مكافحة الإرهاب، ستيفن إمرسون، في إحدى دراساته عن الإخوان، أن المنظمة والمؤسسات التابعة لها، المنتشرة على شكل جمعيات ومنظمات وهيئات مستقلة، تستهدف الجوانب الثقافية والعلمية والاجتماعية والدينية، ليست أكثر من واجهات إخوانية في تيار عالمي له أبعاد سياسية مدروسة.




وذكر البحث، المكوَّن من 35 صفحة، أنّ العديد من الجمعيات والمنظمات الإسلامية على علاقة بجماعة الإخوان، وتعمل على بناء مجتمعات موازية داخل أوروبا، بقيم تختلف عن قيم المجتمع الأوروبي وعاداته.




ووفق التقرير المشار إليه سلفًا فإنه يبدو أن الأمريكيين والحكومة أقل إدراكًا للخطورة التي تشكلها الإغاثة الإسلامية مقارنة بالعديد من نظرائهم في بقية العالم. 




ويقول علي بكر الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية: إن منظمة الإغاثة الإسلامية مسجلة بالأوراق الرسمية لدى الجهات الحكومية البريطانية كمؤسسة غير ربحية لكنها تتلقى تمويلًا بمليارات الدولارات في جميع الدول التي تعمل بها، مستغلة هذه التمويل في تنفيذ أجندتها المتطرفة.




وتابع «بكر» في تصريح لـه، أن الإغاثة الإسلامية تعتبر العمل الخيري ستارًا للتمويل الإرهابي والأجندات المتطرفة التي تقوم بها جماعة الإخوان.




وأكد الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية أن مؤسسي المنظمة نجحوا في تسجيلها بألمانيا في المجلس الأعلى للتبرعات؛ ما يسهل عليهم جمع مليارات الدولارات شهريًّا خلف ستار العمل الخيري، فضلًا عن أنها تتعاون بشكل وثيق مع جميع المنظمات التابعة لجماعة الإخوان الموجودة بألمانيا.




ولفت إلى أن أن حجم الأعمال الخيرية التي تقوم بها الهيئة كان مبهرًا بما فيه الكفاية لجعل المسؤولين في أمريكا يغضون الطرف عن علاقة الهيئة بشبكات التطرف العالمية، على الرغم من تعالي المطالبات بحظر تلك المنظمات.




ويرى «بكر» أن الإغاثة الإسلامية ما هي إلا ترس مهم في آلة خطرة، ربما تكون ازدواجيتها نجحت في كَسْب وسائل إعلام ومسؤولين، لكن يتعيّن الآن على الحكومات في أوروبا وأمريكا أن تنتهج نهج الإمارات العربية المتحدة، التي صنفتها كمنظمة إرهابية عام 2014؛ لارتباطها بالتنظيم الدولي للإخوان، ويأتي ذلك عبر تقييد نفوذ المنظمة الدولية ومئات ملايين الدولارات التي تمتلكها.

شارك