«الإخوان» والانتخابات البريطانية.. قراءة في سياسة «الحشد الديني»

الأحد 15/ديسمبر/2019 - 12:19 م
طباعة «الإخوان» والانتخابات شيماء حفظي
 
أحاطت الانتخابات التشريعية البريطانية (ديسمبر 2019) التي فاز بها حزب المحافظين للمرة الثانية على التوالي، تساؤلات حول مستقبل جماعة الإخوان فى ظل مطالبات سياسيون بريطانيون ودوليون بحظرها، ولكن التساؤل الأكثر أهمية هل شاركت الجماعة في تلك الانتخابات؟، وهل دعمت حزب المحافظين أم العمال؟.

وحصل المحافظون على 365 مقعدًا - أعلى بكثير من 326 مقعدًا المطلوبة للأغلبية في مجلس العموم - بعد الفوز بمقاعد في شمال إنجلترا كانت في أيدي حزب العمال لعدة أجيال.
علاقة الإخوان بأحزاب بريطانيا
قبيل إجراء الانتخابات التشريعية البريطانية 2019، وجهت اتهامات لزعيم حزب العمال جيريمي كوربين، بوجود علاقات قوية له مع جماعة الإخوان في البلاد التي تحتضن أكثر تواجد للجماعة في الدول الأوروبية؛ خاصة بعد تصريح له صُنّف بأنه معادِ للسامية، لكن العلاقة بين الإخوان وبين الأحزاب البريطانية ليست قاصرة على حزب العمال، وإنما تشمل أيضًا حزب المحافظين، الذي يصنف على أنه يميني.



وتشير تقارير صحفية بريطانية، إلى أن حزب المحافظين لديه علاقات قوية مع جماعة الإخوان، التي ساعدت الحزب في العديد من الجولات الانتخابية من خلال حشد الناخبين المسلمين لانتخاب مرشحي الحزب،  إضافة إلى أن أجهزة الأمن تستخدم الجماعة كأداة ضغط على بعض دول الشرق الأوسط.



وهذه العلاقة بين حزب المحافظين الذي ينتمي إليه بوريس جونسون الفائز برئاسة الحكومة الجديدة بفارق كبير عن فوزه السابق في 2017، ربما تفسر رفض لندن مطالبات بحظر نشاط الجماعة وإن – تحفظت الحكومة على بعض أنشطة الجماعة وتوجهها لدعم التطرف– بحسب تصريحات مسؤولين بالحكومة السابقة.

«جونسون»، ذاته، قال: إن جده «علي كمال»، كان سياسيًّا تركيًّا مسلمًا، وانتقد التناول الإعلامي البريطانى بأنه ضد المسلمين، لكن التوقعات تشير إلى إمكانية اتخاذ إجراءات ضد الجماعة، لكنها لن تصل إلى الحظر، وهذه التوقعات، تشير إلى أن أقصى إجراء يمكن أن تتخذه الحكومة ضد الإخوان، هو دفع مجلس العموم لمراجعة سياساته تجاه الموارد المالية للجماعة.

الإخوان.. حشد المسلمين ضد رهاب اليمين
ربما دفعت التساؤلات الكثيرة حول كيفية التعامل المستقبلي مع الجماعة أيا كان شكل الحكومة الجديدة، ومطالبات المحافظين بمزيد من الحزم مع الجماعة في الفترة المقبلة، قيادات الإخوان في المملكة المتحدة إلى «إمساك العصا من المنتصف» دون إعلان دعم صريح لأي الحزبين.



وبحسب ما رصدته صحف بريطانية، سارع قادة الإخوان في المملكة إلى العمل لاجتذاب حلفاء في حزب العمل، والاتجاه إلى تلميع سمعة الجماعة في الصحف البريطانية.



وعلى الرغم أن المراقبين رأوا أن المحرك الأساسي لتلك الانتخابات كان الاتجاه نحو تنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما عبر عنه "جونسون" بعد الفوز بأنه حصل على "تأشيرة" لإكمال البريكست، لكن مشاركة المسلمين في تلك الانتخابات لم تكن ترتكز على هذه الخلفية بل كانت من أجل "المشاركة في الحياة السياسية" وتقليل الخطر المتوقع من الحزب اليميني.



التخوفات على مستقبل الجماعة، دفعها إلى تبني استراتيجية حشد مبنية على "استغلال الدين والعرق" من خلال تحفيز كافة المسلمين في بريطانيا – وليس الإخوان فقط – على المشاركة السياسية وتحقيق نسبة مشاركة كبيرة تعكس قوة الوجود الإسلامي في البلاد، "حيث إن الصوت البريطاني المسلم قد يكون له تأثير كبير، وهذه الرؤية، تبناها المجلس الإسلامي في بريطانيا – أكبر منظمة إسلامية في المملكة – وله علاقات مع جماعة الإخوان، وقال إن هناك 31 دائرة انتخابية، تتركز فيها قوى انتخابية مسلمة، ويمكن للمسلمين أن يكون لهم تأثير كبير على نتيجة الانتخابات.

المخاوف التي أثارها المجلس، تقول إن هناك تهديدات خطيرة من عودة أقصى اليمين وتزايد رهاب الإسلام من الحزب الحاكم (المحافظين)، ودعمه من وسائل الإعلام لتشكيل المواقف الاجتماعية حول المسلمين، وهو ما يعد محاولة لتضخيم الأمور من أجل جذب دعم كل المسلمين.


ويتضمن المجلس الأعلى للمسلمين في بريطانيا أكثر من 500 منظمة إقليمية ومحلية تابعة، بما في ذلك المساجد والجمعيات الخيرية والمدارس.



يذكر أن الموقع الرسمي لجماعة الإخوان الناطق بالعربية، تبنى هذه البيانات الصادرة عن المجلس، وأعاد نشرها مرة أخرى.



وفي نوفمبر 2019 أصدر المجلس بيانًا حث المسلمين في بريطانيا على المشاركة في الانتخابات، وقال هارون خان، الأمين العام للمجلس: «كمشاركين نشطين في مجتمعنا يمكن للمسلمين - بكل تنوعهم - أن يلعبوا دورًا مهمًا في ما قد يصبح انتخابات متقاربة.. ونأمل أن تستمع الأحزاب وتتواصل مع المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء البلاد للمشاركة في القضايا ذات الاهتمام».

وأضاف زارا محمد، الأمين العام المساعد للمجلس: «من المهم أن ندرك جميعًا - شبابًا وكبارًا - قدرتنا على إحداث التغيير من خلال المشاركة السياسية. أصواتنا مهمة. سواء كان المسجد أو التنظيم المجتمعي أو المجتمع الطلابي أو المجموعة النسائية ، يمكن لكل واحد منا أن يحدث فرقًا»، "جميعنا نتحمل مسؤولية تشجيع أكبر عدد ممكن من الناس على التسجيل للتصويت".



واعتمدت الدعوة إلى المشاركة في الانتخابات على التذكير بالخطر المتصاعد لليمين المتطرف في البلاد، الذي يستهدف المسلمين في المملكة المتحدة، حيث قال محمد كوزبار، رئيس مسجد "فينسبري بارك" الذي تعرض لهجوم من قبل إرهابي يميني متطرف في عام 2017: "نعرف الثمن الذي ندفعه جميعًا عند استبعاد بعض المجتمعات من السياسة، لقد حان الوقت للمسلمين لإسماع أصواتهم."



هذه الدعوة للمشاركة في الانتخابات لم تكن موجهة لدعم حزب معين، لكنها ركزت على حجم المشاركة بشكل عام، وهو ما ظهر في تصريح ناصر محمود نائب رئيس مسجد "برمنجهام" المركزي: "كقادة المجتمع، يجب أن نبذل قصارى جهدنا لمساعدة أعضائنا على المشاركة الكاملة في الانتخابات كما يحلو لهم. هذه المبادرة هي مفتاح إشراك مجتمعاتنا ومساعدة المسلمين على إسماع أصواتهم في هذه الانتخابات".



وتعتمد جماعة الإخوان سياسة استراتيجية الحشد الدينى، لتحقيق أهداف سياسية فى الدول، بدرجات تتوافق مع وضع الجماعة فى هذه البلاد، تتراوح بين المنافسة على السلطة، مثل نموذج تونس ومصر، أو محاولة البقاء كما فى البلدان الأوروبية. 

تخوفات من "جونسون المحافظ"

ورغم كل ما سبق، تبقى تخوفات الجماعة من حزب المحافظين قائمة، وهو ما أكده  المجلس الأعلى للمسلمين في بريطانيا، في بيان 10 ديسمبر 2019، قال فيه: إن "لدى حزب المحافظين مشكلة مؤسسية واسعة الانتشار مع رهاب الإسلام، وقد تم توثيقه بوضوح من قبل المجلس الإسلامي في بريطانيا وغيره من الأفراد والمنظمات ووسائل الإعلام.

وبعد إعلان نتيجة الانتخابات بفوز حزب المحافظين، قال هارون خان، الأمين العام للمجلس، في بيان 13 ديسمبر: "جونسون يحظى بأغلبية ولكن هناك شعور واضح بالخوف بين المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء البلاد، الآن نحن قلقون من أن الإسلاموفوبيا جاهزة للحكومة، المسلمون البريطانيون يخشون على مستقبلهم، ونحن نأمل مخلصين أن يكون هذا هو الحال ونحثه على القيادة من المركز والتفاعل مع جميع المجتمعات".

شارك