إرهاب وخطف واغتيال.. مخابرات أردوغان تطارد معارضيه في أوروبا
الثلاثاء 17/ديسمبر/2019 - 01:07 م
طباعة
أسماء البتاكوشي
قبضة أمنية لتصفية المعارضين وتعديلات دستورية للسيطرة على مفاصل الدولة، هي انتهاكات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي لم تنتهِ عند حدود دولته بل تمددت إلى خارج الحدود لتصل إلى حد اختطاف معارضين أتراك في دول أجنبية.
أواخر مارس 2018، هبطت طائرة مملوكة لشركة السياحة والبناء التركية «Birlesik insaat Turizm Ticaret ve Sanayi»، في مطار مدينة بريشتينا عاصمة كوسوفو، وبعد ساعات، أعلنت 6 عائلات تركية مقيمة بكوسوفو اختطاف ذويهم المنتمين لحركة الخدمة (جماعة كولن) المعارضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
في وقت لاحق، اكتشفت العائلات أن جهاز الاستخبارات التركي قد اختطف ذويهم ورحلهم إلى تركيا، وذلك بعد أن كشف مؤسسة «Corrective» الألمانية المعنية بالتحقيقات الاستقصائية في ديسمبر 2018 أن الطائرة التي هبطت في عاصمة كوسوفو كانت تابعة لشركة مملوكة للاستخبارات التركية.
الاستخبارات التركية.. ذراع أردوغان الطولى لـ«خطف المعارضين»
خلال الأشهر التالية، تكرر سيناريو الاختطاف في أكثر من دولة أوروبية، ففي سبتمبر 2018 اختطفت الاستخبارات التركية 7 رجال يعملون في مدرسة تابعة لحركة الخدمة التي أسسها فتح الله كولن - تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب المزعوم 2016- وأعادتهم من مولدوفا إلى تركيا.
بينما فشلت الاستخبارات التركية في خطف فيصل أكجاي، مدير إحدى مدارس حركة الخدمة في العاصمة المنغولية أولان باتور، وذلك في يوليو 2018.
وبحسب تقارير لعدة منظمات حقوقية منها منظمة العفو الدولية (غير حكومية يقع مقرها في لندن) فإن الاستخبارات التركية تمكنت من خطف 100 رجل، من 18 دولة منها «كوسوفو، وباكستان، وماليزيا، وأوكرانيا» بصورة مخالفة للقانون الدولي.
واعترف إبراهيم كالن، مستشار أردوغان، في تصريحات صحفية في عام 2018، أن النظام التركي يقوم بعمليات الخطف لأعضاء حركة الخدمة، سواء كانوا في الولايات المتحدة أو في الدول الأوروبية وغيرها، موضحًا أن الاستخبارات التركية ستواصل عمليات الخطف؛ لأن هناك تعليمات واضحة وصارمة من أردوغان في هذا الشأن.
من جانبه أكد إسحاق إنجي، رئيس تحرير مجلة زمان التركية المعارضة، أن أردوغان يلجأ لخطف وتهديد معارضيه من الخارج خاصة أنصار حركة الخدمة؛ موضحًا أن حالات الخطف تمت في دول أوروبية وأخرى أسيوية منها: ماليزيا وأذربيجان وباكستان، وذلك بسبب رفض القضاء في تلك الدول تسليم أعضاء حركة الخدمة لنظام أردوغان.
وتابع «إنجي»: عقب الرفض اتفقت المخابرات التركية مع بعض العناصر المسلحة في تلك البلاد، ودفعوا رشاوى لهم لخطف المعارضين التركيين، مبينًا أن المخطوفين كلهم مدرسين ليس لهم أي علاقة بالسياسة.
وبحسب عائلات المختطفين فإن هؤلاء الرجال بعد عودتهم إلى تركيا، يتم اتهامهم بالإرهاب ووضعهم في السجون، ومن ثم تقديمهم لمحاكم خاصة أسسها الرئيس التركي.
محاكم الجزاء.. قضاة أردوغان في مواجهة رجال كولن
لجأ الرئيس التركي لتأسيس محاكم خاصة لضمان إدانة الأفراد الذين تختطفهم الاستخبارات التركية من خارج البلاد، وذلك بحسب ما قاله إسحاق إنجي رئيس تحرير صحيفة زمان التركية.
وأضاف إنجي في تصريح لـه إنه ليس هناك دليل واحد يدين الأشخاص المنتمين لحركة الخدمة، لكن «أردوغان» أسس محاكم تعرف باسم الصلح والجزاء؛ لمحاكمة أبناء حركة الخدمة، وإدانتهم عبر القضاة الموالين له.
كما عمدت الاستخبارات التركية إلى الاستعانة بجماعات وتنظيمات مسلحة، وشخصيات عصابية؛ لاغتيال أعضاء حركة الخدمة المقيمين في الخارج، وذلك وفقًا لمقال سابق نشرته مجلة «مليت» للكاتب التركي المحسوب على الحكومة تونجا بانجين.
حركة الخدمة.. التهديد الأخطر لحكم الديكتاتور
في سياق متصل، أكد إسحاق إنجي أن الرئيس التركي حاول استغلال مؤسسات حركة الخدمة في 170 دولة، بعد سيطرة «الإخوان» على الحكم بمصر في 2012، لإحياء الخلافة -على الطريقة الإخوانية- ظنًا منه أنه سيكون خليفة للمسلمين، وهو ما رفضه فتح الله كولن رئيس حركة الخدمة الذي أصر على إبقائها حركة مدنية بعيدة عن السلطة تمامًا.
ولفت رئيس تحرير زمان التركية إلى أن «أردوغان» أعلن الحرب على «كولن» وحركة الخدمة، وسعى عبر الضغط على عدة دول لتصنيفها كحركة إرهابية مسلحة، ومن ثم بدأ في اختطاف أنصارها من كل مكان.
من جانبه، قال خبير الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، بشير عبدالفتاح، إن أردوغان يتخيل أن كولن سيكون البديل له أو سيقدم بديلًا من داخل حركة الخدمة على الأقل؛ مضيفًا أن هذا هو السبب الذي دفع الرئيس التركي لتكليف الاستخبارات باختطاف أنصار «كولن» من الخارج، في محاولة لإضعاف حركة الخدمة وتفويت الفرصة عليها في الإطاحة بأردوغان من الحكم.
وأوضح «عبدالفتاح» في تصريح لـه أن أردوغان لديه هوس بالمعارضة، ولا يقبل حتى بالمعارضة الشفهية لظنه أنها ستنقلب عليه، معتبرًا أن سياساته لن تعود عليه بالاستقرار بل ستأتي بنتائج عكسية، وتزيد من عدد معارضيه والرافضين له، وستؤدي لتشويه صورته أمام العالم وإظهار أنه حاكم ديكتاتور.