على طاولة نيامي.. التنمية ومحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي

الثلاثاء 17/ديسمبر/2019 - 08:52 م
طباعة على طاولة نيامي.. أحمد عادل
 
تعيش منطقة الساحل والصحراء الأفريقي، حالة من الانفلات الأمني نتيجة تمدد الجماعات المُسلحة في المنطقة التي شهدت في الفترة الأخيرة نقل الصراع الإرهابي من بلاد الشام في سوريا والعراق إلى منطقة الغرب الأفريقي.
وتحاول دول الساحل والصحراء، الخروج من ذلك المأزق الأمني الذي طالما أرق وأعاق عجلة التنمية في تلك الدول.
وعلى الفور وبعد الهجوم الذي أعلن تنظيم داعش الإرهابي عن تبنيه الخميس 12 ديسمبر 2019 والذي استهدف معسكرًا في إيناتيس قرب الحدود مع مالي، ما أسفر عن مقتل 71 عسكريًّا نيجريًّا وفقدان آخرين لم يحدّد عددهم بعد، وذلك وفقًا لما نقلته وكالة فرنس برس الفرنسية، دعا زعماء مجموعة الساحل الخمسة المؤلفة من النيجر ومالي وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا، إلى عقد قمة مُصغرة الأحد 15 ديسمبر 2019، في العاصمة النيجيرية نيامي، على مدار يومين،  والتي كان من أهم مخرجاتها، الحرص على مزيد من التعاون والمساعدات الدولية بين الدول الأعضاء وبعضها البعض ، وكذلك القضاء على المجموعات الإرهابية.
وكان البيان الختامي لقمة نيامي، شدد على ضرورة دعم قوات مجلس الأمن الدولي ومنحها تفويضًا بضرورة تحسين التنسيق بين القوة المشتركة وقوات الدفاع والأمن الوطنية والقوات الدولية الحليفة؛ مشيرًا إلى أن ضرورة وتعزيز التنسيق بين أجهزة الأمن والاستخبارات في مكافحة الإرهاب والجريمة عبر الحدود.
وأضاف البيان، أن قادة دول الساحل الخمس اتفقوا على محاربة التنقيب غير الشرعي عن الذهب، والذي يعد أحد أهم مصادر تمويل الإرهاب، وكذلك تهريب السلاح والمخدرات، التي أظهرت تعاون كبير مع الجماعات المُسلحة في عملية التمويل.
وأعلنت فرنسا، الاثنين 17 ديسمبر 2019، أن الرئيس إيمانويل ماكرون، قرر عقد قمة مع قادة دول مجموعة الساحل الخمس يوم 13 يناير 2020، في مدينة بو في جنوب غرب فرنسا بهدف مراجعة أهداف المشاركة العسكرية الفرنسية في المنطقة، كما ستضع الأسس لزيادة الدعم الدولي لدول الساحل.

الوجود الفرنسي
وتسعى فرنسا كشريك أساسي في منطقة الساحل والصحراء الأفريقي، إنهاء سيطرة التنظيمات الإرهابية والتي أصبحت في الآونة الأخيرة تهمين على أغلب دول المنطقة.
فرنسا بدأت حربها ضد التنظيمات الإرهابية عام 2013، عبر عملية «برخان» التي أطلقتها في مالي، وكان الهدف الرئيسي، منع انتشار المسلحين، وتنقلهم من شمال مالي إلى العاصمة باموكو وتحويلها لبؤرة إرهابية، ولاقت العملية في بدايتها النجاحات الكبيرة ضد تلك التنظيمات ولكن عادت الجماعات مرة أخرى، وعززت من وجودها في الفترة الأخيرة.
وترى فرنسا أن حضورها العسكري في منطقة الساحل والصحراء، يكلفها ثمنًا باهظًا سواء ماديًّا أو بشريًّا، فعملية برخان في مالي وحدها تكلفتها سنويا 700 مليون يورو، كما أنها هناك مشاكل كبيرة تواجه باريس من الإعلام المضاد لها والذي يشير إلى أنها تسعى لحماية مستعمراتها في القارة السمراء؛ فضلًا عن انتشار الأخبار الزائفة التي يتناولها الإعلام الغربي حول حقيقة ما تنفذه القوات المشاركة في عملية برخان.
وفي نوفمبر 2019، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحفي عُقد في قصر الإليزيه، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، إلي ضرورة التركيز على مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، مطالبًا  بدعم عسكري من حلف الناتو، وذلك على أثر معضلة الأمن والجماعات الإرهابية المنتشرة في المنطقة.

الإرهاب في الساحل والصحراء 
وتعد منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، واحدة من أهم  بؤر الإرهاب في أفريقيا، إذ ينشط بها إرهابيو تنظيمي القاعدة وداعش، مستغلين حالة التردي الأمني، ومستفيدين من إمكانية التنقل بحُرية وسهولة بين بلدانها مثل مالي والنيجر، إذ اضطر عشرات الآلاف من السكان المحليين إلى الفرار، بسبب الهجمات المسلحة، إضافةً إلى الصراعات الطائفية.
وعزز تنظيم داعش من توحشه في المنطقة، منذ أبريل 2019، عندما أعلن أبوبكر البغدادي زعيم التنظيم الذي قُتل في أكتوبر 2019، مباركة وجود عناصره في تلك المنطقة، وتأسيس ولاية غرب ووسط أفريقيا، ومنذ ذلك التوقيت، كثفت عناصر التنظيم المسلح وجودها من خلال شن عمليات إرهابية ضد المدنيين والعسكريين في تلك المنطقة.
كما يتمتع تنظيم القاعدة، بحضور قوي في منطقة الساحل الأفريقي؛ إذ تمكن من تشكيل أكبر تحالف له على مستوى العالم، وهو ما يُعرف بـ«نصرة الإسلام والمسلمين»، والذي تأسس في مارس 2017، نتيجة اندماج أربع حركات مسلحة في مالي ومنطقة الساحل، وهي: (أنصار الدين، وكتائب ماسينا، وكتيبة المرابطين، وإمارة منطقة الصحراء الكبرى).
على طاولة نيامي..
وفي تصريح له، يري ناصر مأمون عيسى، الباحث في الشأن الإفريقي، أن دول منطقة الساحل والصحراء، أصبحوا الآن يأنوا من تهديدات الجماعات المسلحة والتي حولت المنطقة إلى سوريا والعراق.
وأكد ناصر، أن عجلة التنمية ستبقى متوقفة بسبب تلك التهديدات التي تمارسها التنظيمات الإرهابية، التي تقف حجر عثرة في طريق دول الساحل والصحراء وتحرمها من الموارد الطبيعية  كالذهب والنفط والبترول، كما أن على فرنسا الشريك الكبير في منطقة الساحل والصحراء، نظرًا لما تتمتع به من مصالح إقليمية وقوى كبيرة المتمثلة في عملية برخان، الاهتمام بشكل كبير ودفع مزيد من القوات لحماية الدول وكذلك التعاون مع القوى الدولية الأخرى في المجال الاستخباراتي.

شارك