«روحاني» و«تميم» في كوالالمبور.. الدوحة تواصل الخضوع لنظام الملالي
الخميس 19/ديسمبر/2019 - 11:46 م
طباعة
محمد عبد الغفار
وجدت قطر ضالتها في إيران، والعكس صحيح، وزاد التقارب بين الطرفين بعد مقاطعة الرباعي العربي «المملكة العربية السعودية، مصر، الإمارات العربية المتحدة، البحرين» للدوحة، بعد أنشطتها المشبوهة في دعم التطرف وتدمير الدول العربية.
حاولت الدوحة استغلال نظام الملالي كورقة ضغط على الرباعي العربي، بينما سعت طهران إلى إيجاد موطئ قدم آخر لها في منطقة الخليج، كي تهدد منه دول المنطقة، وتوسع وجودها الجغرافي تحقيقًا لأحلامها التوسعية.
لقاء جديد
زاد التقارب القطري الإيراني عقب المقاطعة العربية للدوحة، يونيو 2017، وتنوعت اللقاءات التي جمعت قيادات البلدين، على كافة المستويات، وكان عنوانها الأساسي التآمر على الدول العربية.
وكان آخرها، اللقاء الذي جرى بين الرئيس الإيراني حسن روحاني وأمير قطر تميم بن حمد، الخميس 19 ديسمبر 2019، على هامش القمة الإسلامية المصغرة، والتي تستضيفها العاصمة الماليزية كوالالمبور، وفقًا لما نقلته وكالة أنباء إيران الرسمية إرنا.
وأشاد روحاني وتميم بالعلاقات ما بين البلدين، ووصفوها «بالمتطورة دائمًا»، وأكد الرئيس روحاني أن «بلاده سوف تقف إلى جانب دولة قطر، وتدين أي ضغوط أو قيود تمارس عليها، وسوف تنتهز الفرصة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية».
تاريخ قديم من التعاون
شهدت علاقة إيران فتورًا شديدًا بعلاقة الدول الخليجية، خصوصًا مع وقوف الأخيرة إلى جانب العراق خلال حرب الخليج 1991، واستمرت هذه العلاقة دون تطور كبير مع كافة الدول ما عدا قطر، التي سارعت إلى التعاون مع نظام الملالي عقب أن وضعت الحرب أوزارها.
ورغم العلاقة المتوازنة التي سعت إليها قطر مع طهران منذ الثورة الإيرانية 1979، فإن التقارب الشديد ما بين الطرفين جاء بعد عام 1991، حيث اتفق الطرفين على إقامة مشروع مائي يربط البلدين.
ويهدف المشروع المائي الذي اقترحته إيران إلى مد خطوط أنابيب يقوم بنقل المياه من نهر الكارون، جنوب غرب إيران، إلى قطر، وذلك كخطة لمعالجة نقص المياه في الدوحة.
ولم تتوقف العلاقة بين الطرفين عند هذا الحد، ولكنها امتدت إلى زيارات رسمية، مثل زيارة وزير الكهرباء والماء القطري إلى طهران في عام 1995، لتوقيع اتفاقيات بينهما، ثم زيارة وزير الخارجية حمد بن جاسم آل ثاني إلى إيران، 1996، حاملًا رسالة من الأمير القطري حمد بن خليفة إلى الرئيس الإيراني علي أكبر رافسنجاني.
ثم زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى طهران في عام 2000، وكانت أول زيارة يقوم بها حاكم دولة خليجية إلى إيران منذ عشرين عامًا، وأسفرت عن توقيع عدد كبير من الاتفاقيات والبروتوكولات ما بين الطرفين في مختلف المجالات.
ورغم خطورة الملف النووي الإيراني على المنطقة والعالم، فإن رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني، 10 مارس 2008، اعتبر أن «الأخوة في إيران يؤكدون رسميًا الطابع السلمي للبرنامج النووي، بهدف استخدامه في إنتاج الطاقة الكهربائية».
- قطر تفقد سيادتها لصالح الملالي
مع تكرار محاولة قطر التدخل في شؤون الدول العربية، ودعم الجماعات المتطرفة التي تسعى للسيطرة وهدم بناء هذه الدول، وعدم استجابتها للمحاولات الدبلوماسية، لجأ الرباعي العربي إلى مقاطعة الدوحة ووضع 13 مطلبًا لإعادة العلاقات لطبيعتها، 5 يونيو 2017.
لم تتراجع الدوحة عن مواقفها المتطرفة؛ حيث لجأت إلى إيران وتركيا، رغم علاقتهما المتوترة مع الدول العربية، كي تزيد الأمر تعقيدًا وسوءًا، وأصبحت طهران هي الفائز الأكبر من ذلك؛ حيث تدخلت بقوة في الشؤون الداخلية القطرية.
1- الوضع الاقتصادي:
تعرضت الدوحة لأزمات اقتصادية صعبة نتيجة لقراراتها السياسية الخاطئة، ووجدت طهران التي تتعرض لحصار اقتصادي نتيجة لبرنامجها النووي في ذلك فرصة، كي تجد مخرجًا ماليًّا لها.
وظهر ذلك في مناسبات عدة، حيث استغلت البنوك الإيرانية ذلك وعملت على إيجاد علاقات مصرفية بينها وبين بنك قطر الوطني، أكبر البنوك القطرية والمؤسس في 1964، وهو دليل على قوة العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.
كما ارتفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 5 مليارات دولار بعد أن كان قرابة المليار فقط، بالإضافة إلى مناقشة الطرفين لإنجاز التبادلات الاقتصادية بين الطرفين بعملات دول المنطقة دون العملات الرئيسية لهما.
إضافة إلى توقيع تركيا وإيران وقطر اتفاقًا تجاريًا، نوفمبر 2017، في العاصمة الإيرانية طهران، يقضي بتسهيل نقل البضائع التجارية والعبور الاقتصادي بين الدول المذكورة.
ونجحت طهران في إقناع الخطوط الجوية القطرية باستغلال المجال الجوي الإيراني، بواقع 20 رحلة إضافية يوميًا، وبرسوم تصل إلى 2000 دولار مقابل كل رحلة، كرسم استغلال للمجال الجوي.
ولا تخفي أي من الدولتين قوة التعاون فيما بينهما، حيث أكد رئيس الوزراء القطري الأسبق الشيخ حمد بن جاسم خلال كلمته بمؤتمر يالطا الأوروبي الاستراتيجي، أن إيران شريك استراتيجي قوي لبلاده.
وأضاف رئيس الوزراء القطري الأسبق «لا تنسوا أن إيران جارة لتسع أو 11 دولة كبيرة، وتجارة كبيرة يمكن أن تتم، لا يمكن حجر إيران، يمكن حجرها من البحر، ولكن لا يمكن حجرها من كل جيرانها، ولا يمكن حجر تجارتها عبر كل جيرانها».
ويتضح أن مستقبل العلاقة الاقتصادية ما بين الطرفين سوف يشهد تطورًا كبيرًا خلال الفترة المقبلة، خصوصًا مع عدم رغبة الدوحة في التراجع عن موقفها الرافض للمطالب العربية، مما يعني أن نظام الملالي سوف يستمر في استغلال قطر اقتصاديًا للخروج من أزماته المتكررة.
2- العلاقات العسكرية:
يخرج إلى السطح أنباء عن مفاوضات لبناء قاعدة عسكرية إيرانية في الدوحة، كي تستغل في الدفاع عن قطر في حالة تعرضها لهجوم عسكري.
ونشرت قناة العالم الإيرانية عبر حسابها الرسمي في موقع التغريدات القصيرة تويتر تدوينة، يونيو 2017، قالت بها: إن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بحث مع الرئيس الإيراني حسن روحاني إمكانية تأسيس قاعدة عسكرية في الدوحة، بهدف «تعزيز أمن واستقرار المنطقة»، وفقًا لتغريدة القناة الإيرانية.
وهو ما أكد عليه سفير إيران في قطر محمد علي سبحاني في كلمته بحفل السفارة بمناسبة العيد الوطني الأربعين لإيران، فبراير 2019، حيث أشار إلى أن بلاده سوف تدعم قطر عسكريًا في حالة لم يتم حل الأزمة سلميًّا.
ويخشى نظام الحمدين على نفسه، لذا لجأ إلى استقدام قوى عسكرية تركية وإيرانية إلى بلاده كي تحميه من الشعب القطري أولًا ومن أي أزمة إقليمية ثانيًا، لذا من المتوقع أن يستمر التعاون العسكري ما بين الطرفين على أعلى المستويات.