أدوية مغشوشة وجمعيات مشبوهة.. مصادر تمويل «إخوان موريتانيا»
الأحد 22/ديسمبر/2019 - 09:42 م
طباعة
دعاء إمام
تسعى السلطات الموريتانية إلى تجفيف منابع التمويل المتدفق لجماعة الإخوان الإرهابية، عبر بعض التجار في أنجولا، الذين يتلقون عشرات الملايين من الدولارات، كتبرعات للفقراء والمحتاجين، إذ يمتلك فرع الإخوان في موريتانيا هيئات تتكفل بالعمل الفعلي لجمع المال وتسهيل وصوله إلى الحركات الإرهابيَّة.
ويمتلك إخوان موريتانيا، ممثلين في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، «تواصل» (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) مؤسسات تجارية كبيرة، ويباشرون تسيير ميزانيات ضخمة تطال جميع المجالات التجارية من صيدليات ومحطات بنزين ومحلات بيع الملابس والمواد الغذائية ووكالات تأجير السيارات وبيع العملات الصعبة في السوق السوداء.
تهريب الأدوية
اعتمد التنظيم الإخواني في موريتانيا على تسريب الأدوية المغشوشة كمصدر تمويل أساسي، إذ كشف قانون الصيدلة الجديد المزيد من الأدلة بخصوص تورط الجماعة في تسريب الأدوية المغشوشة للأسواق هناك؛ وبدأت السلطات الموريتانية مطلع الشهر الجاري حملة ضد الصيدليات والعيادات الطبية الخاصة غير المطابقة للقانون الجديد.
ونفذت وزارة الصحة حملات مداهمة ضد أوكار الأدوية المغشوشة في البلاد؛ ما أثار غضب إخوان موريتانيا ودفعهم لتنظيم وقفات احتجاجية ضد القانون، وربط نشطاء موريتانيون بين وقوف بعض قادة التنظيم إلى جانب موردي الأدوية المغشوشة، وتدخل العديد من التجار المحسوبين على الجماعة في ظاهرة الاتجار بالأدوية المزورة وإغراق الصيدليات في البلاد بهذه الأدوية المشبوهة، كجزء من وسائل تمويل أنشطة الجماعة.
المال القطري_التركي
كشفت صحيفة «البديل» الموريتانيَّة، عن تلقي حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، تمويلات ضخمة من منظمات موالية للجماعة في قطر وتركيا، مشيرة إلى أن السلطة امتلكت أدلة سرقة الأموال التي تتدفق للحزب بهدف إنفاقها على الفقراء.
كان التقرير المنشور بعنوان «كيف استطاع تواصل سرقة أموال الفقراء والتغرير ببعض الشباب؟»، بمثابة التمهيد لقانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الذي صادقت عليه الحكومة الموريتانيَّة، في يناير الماضي، وهو يقضي بفرض قيود على عمليات تحويل الأموال، وفرضه رقابة على مصادر تمويل الجمعيات الأهليَّة.
ويتألف القانون من عدة أبواب، تتضمن الأفعال التي يجرمها القانون، والتدابير التي يجب أن تتخذها المؤسسات الماليَّة لتجنب غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وآخر يضبط عمل الجمعيات غير الربحية التي يطالبها القانون بالتقيد بإجراءات خاصة لتجنب الوقوع في الجريمة، كما ينص على تحديث آليات الرقابة لمحاربة غسيل الأموال؛ كإنشاء لجنة وطنية لمكافحة تمويل الإرهاب، بالإضافة إلى وحدة أخرى للرقابة تهتم فقط بقضايا تمويل الإرهاب.
وبحسب الصحيفة _«البديل»_ استصدر الإخوان فتوى، من هيئة تابعة له مكلفة بالإفتاء بضرورة دفع أموال الزكاة في صناديق لتمويل الحزب، وأصبحت زكاة المنتسبين، خصوصًا من كبار التجار توجه إلى تمويل الحزب بدلًا من صرفها على فقراء المسلمين.
وسبق ذلك، قرار من البنك المركزي الموريتاني، في أغسطس2017، طالب فيه الشركات والوكالات التي تقدم خدمات تحويل الأموال في البلد، خمسة عشر يومًا، لتسوية وضعيتهم القانونيَّة.
وأصدر البنك تعميمًا يحذر فيه من مزاولة هذه الأعمال دون ترخيص قانوني، مضيفًا أن القانون المتعلق بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، يلزم الاشخاص الاعتباريين والطبيعيين، الحصول على ترخيص من البنك المركزي قبل مزاولة أي نشاط تحويل أموال أو قيم؛ استنادًا إلى المادة 25 التي تحدد العقوبات على الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين يقدمون خدمات تحويل الأموال أو القيم دون ترخيص.
يُشار إلى أن وكالات تحويل الأموال التابعة للإخوان تمتلك أفرعًا في الداخل وأحيانًا في الخارج، تنتشر في العاصمة نواكشوط، ويلجأ إليها المواطنون في العادة بحثًا عن سرعة معاملاتها، التي لا تتطلب الكثير من الوقت.
خدمات مقابل التصويت
بعد هزيمة حزب «تواصل» في الانتخابات البلدية بمدينة الغايره بولاية لعصابه، عمدت عناصر الجماعة مباشرة بعد إعلان النتائج إلى سحب سيارة إسعاف، كانت قد قدمتها منظمة إخوانية لنقل المرضى، وعرضَها للبيع.
وكان الحزب «تواصل» عضو التنظيم الدولي للإخوان، قد تصرف بنفس الطريقة في العام 2013 بعد هزيمته في بلدية كرو، حيث استعاد شاحنة لحمل القمامة، كان قد تبرع بها أحد تجار الحزب للبلدية قبل هزيمتهم في الانتخابات؛ ما يعني أن التبرعات التي يحصل عليها الحزب لخدمة الفقراء، يستغلها الإخوان كدعاية سياسية مقابل التصويت، وفي حال خسارتهم يتم بيعها وأخذ أموالها لخزينة الحزب.
الجمعيات
تعتبر الجمعيات أكثر مصادر التمويل لجماعة الإخوان في موريتانيا، إذ تتعدد المسميات والأهداف في حين تتفق أغلبها في أنها وسائل لتدفق المال من الخارج، على سبيل المثال تركز أنشطة جمعية الإنارة لمكافحة الفقر على جمع المال من قطر، وجمعية اليد العليا لعون المحتاجين ورعاية الأطفال، وهي تقوم بجباية المال من دولة الكويت.
كما دشن حزب «تواصل» جمعية المستقبل للثقافة والتعليم وأعلنوا عن انطلاق أنشطتها بتاريخ 25 يونيو 2008 في حفل سياسي حضره سعد الدين العثماني رئيس الوزاء المغربي الحالي، ممثلًا لحزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية للإخوان في المغرب.
وحصلوا على ترخيص جمعية المرأة للتربية والثقافة (النسخة النسائية لجمعية المستقبل)، وافتتحوا مركز النور الصحي في فبراير 2008 وأطلقوا عليه اسم «طب الإصلاحيين»، وقبل ذالك بأشهر دشنوا الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني في ديسمبر 2007.
وجمعية بسمة وأمل الحاصلة على ترخيص بتاريخ 28 مارس 2007 وجمعية التعاون للأعمال الخيرية في موريتانيا، والجمعية الموريتانية لرعاية الطفولة، إضافة إلى الكونفدرالية الوطنية للشغيلة.
وكان مشروعهم الأهم الذي انتهزوا فرصة تحقيقه في هذه الفترة هو ترخيص أهم مؤسستين إعلاميتين لهم؛ وهما مؤسستا: السراج للإعلام والنشر، الحاصلة على تصريح لدى وكيل الجمهورية بنواكشوط بتاريخ 4 يناير 2007، ووكالة أنباء الأخبار المستقلة المسجلة بتاريخ7 أبريل 2008.
تسول وتبييض أموال
بحسب الصحفي الموريتاني عبد الله ولد محمد لوليد، يسعى قادة الإخوان في موريتانيا إلى التغطية على التمويلات الخارجية الضخمة التي يتلقونها من خلال توزيع رسائل تسول مرفقة بدراسة تقدير للتكاليف للمؤتمرات الجماهيرية التي ينظمها الحزب، ويتم توزيع هذه الرسائل على الأفراد والمؤسسات.
ويقول «لوليد» إن أول ما يتبادر إلى ذهن المتلقي لهذه الرسائل هو أنه أمام حزب سياسي ديمقراطي ينوي تنظيم مؤتمر، ومن حقه الاستفادة من تبرعات المناضلين والمناصرين على غرار الأحزاب والهيئات العصامية التي تعتمد على هذا النوع من التبرعات وعلى عمل المتطوعين، غير أن المتلقي يدرك التناقض وعدم الجدية من خلال الكميات وعدد الضيوف المفترضين.
وتابع:«لا غرابة في ذلك فهذه الحملات تهدف إلى ذر الرماد في العيون من أجل التغطية على التمويلات الخارجية الضخمة التي يتلقونها، وليست هذه أولها، كما أنهم يلجؤون إلى السوق السوداء في جميع التحويلات المالية المهمة انطلاقًا من مبدأ الإخوان في التكتم على الأموال، حيث لا يعثر لها على أثر في حالة ارتكاب هذه المؤسسة أو تلك سلوكيات تؤدي إلى حلها، مخافة تأميم هذه الأموال من طرف الدولة».
ولفت إلى أن الحزب الإخواني عمل على تحويل ساحات المساجد المسيرة من طرفهم إلى محلات تجارية، وشاركوا في احتلال قطعة أرضية كانت مخصصة لتوسعة مسجد وحولوها إلى شقق ومحلات تجارية ومعهد تجاري حر، وهو ما أثار حفيظة المنفقين، حيث تساءلوا عن المبلغ المالي الذي تبرعوا به من أجل توسعة المسجد وزاد من الصدمة أنهم يمتلكون وثيقة بخط يد محمد الحسن ولد الددو، الأب الروحي لإخوان موريتانيا يؤكد فيها أن المبلغ المخصص لتوسعة المسجد وصل محله.
بدوره ألقى الناشط السياسي الموريتاني محمد الأمين، الضوء على الدعم القطري لتمرير تمويلات بملايين الدولارات نحو الجماعة، مبينًا أن هذه الأموال يتم تبييضها من خلال صرفها في تمويل محلات تجارية وجامعات ومراكز ثقافية ومدنية يديرها عناصر الجماعة لتمرير أجنداتهم الخطيرة.
وحذر الأمين من خطورة هذه الجماعة، معتبرًا أنه من غير المستغرب في حالة التغاضي عنها أن يصبح لديها تنظيم أمني تصرف عليه من خلال هذه الأموال.