الحوثي والمنظمات الأممية باليمن.. عندما تجتمع المصالح لدعم «أذناب» إيران
الإثنين 23/ديسمبر/2019 - 10:15 م
طباعة
محمد عبد الغفار
للحروب مبادئها، وللقانون الدولي قواعده الصارمة، التي تلتزم بها الدول في أقصى تأزم المواقف وتعقدها، لكن الميليشيات الإرهابية لا تعترف بهذه المبادئ، وهو ما يحدث من ميليشيات الحوثي، الذراع السياسي لنظام الملالي في اليمن، وفي المناطق التي تقع تحت سيطرتها الجغرافية.
هجوم على منظمات دولية
تقع محافظة الضالع، الواقعة في وسط اليمن، بصورة شبه كاملة تحت سطوة قوات الحوثي، بينما تستمر المواجهات بينها وبين الجيش اليمني للسيطرة عليها، وتحكم الميليشيا المدعومة من إيران وفقًا لمبدأ الغابة.
ووفقًا لما نقلته وكالة روسيا اليوم، فإن مقرات 5 منظمات دولية تعمل في محافظة الضالع تعرضت لثلاث انفجارات، 22 ديسمبر 2019، دون أن تصدر بيانات مؤكدة من هذه المنظمات حول طبيعة الهجوم أو عدد الضحايا.
واستهدف الانفجار منظمات «ميرْسَي كُور»، و«أكتد ACTED»، و«منظمة لجنة الإنقاذ الدولية»، و«أوكسفام»، و«مركز هيا لتنمية المرأة»، وكلها منظمات تعمل في مجال الإغاثة والتنمية الدولية، وتنتشر في عدة دول حول العالم، وتواجدت في مناطق النزاع بالشرق الأوسط مثل سوريا واليمن.
وصرح رئيس المركز الإعلامي لجبهة الضالع اليمنية «ماجد الشعيبي»، أن المنظمات الدولية تم استهدافها من قبل جماعات إرهابية بقذائف RBG، ولكنها لم تحدث ضررًا كبيرًا في المباني، كما أن هذه المؤسسات كانت قد أجلت موظفيها في وقت سابق.
وأشار الشعيبي إلى أن الخطب الدينية في مساجد الضالع خلال صلاة الجمعة الماضية، ركزت على ضرورة استهداف هذه المنظمات، بدعوى تعارضها مع التقاليد والأعراف القبلية في المحافظة التي توجد بها ميليشيا الحوثي.
وأضاف رئيس المركز الإعلامي لجبهة الضالع اليمنية، أن الجماعات الدينية في المدينة رأت ضرورة استهداف هذه المنظمات، خصوصًا وأنها تستهدف النساء، وفقًا لرؤيتهم، بعد أن تم التحريض عليها من قبل عناصر تابعة للحوثي، المستفيد الفعلي من هذه الحرب.
الحوثي والتنظيمات الدولية.. مد وجزر
شهدت علاقة الميليشيا المدعومة من نظام الملالي بالتنظيمات الدولية مدًا وجزرًا، منذ الانقلاب الحوثي على الشرعية، أغسطس 2014، وهو ما انعكس سلبًا على حل الأزمة اليمنية حتى الآن.
وتعاملت المنظمات الدولية مع الميليشيا الانقلابية بصورتين متضادتين، فتارة يتم التعاون ما بينهما وترى المؤسسات الأممية في الحوثي شريكًا معترفًا به في السلطة باليمن، وتقدم له يد العون والمساعدة، والتي يستغلها الحوثي لصالح أنصاره والتنكيل بالشعب اليمني، ويعتبرها موردًا لوجستيًّا في حربه ضد الدولة والشعب.
وتارة أخرى، يرى الحوثي في هذه المؤسسات معرقلًا لأهدافه الخبيثة باليمن، ويسعى للانتقام منها وإرهابها ومنعها من أداء عملها على النحو الملائم؛ كي لا تنقل الانتهاكات التي يقوم بها في صفوف الشعب اليمني.
الحوثي مدعوم أمميًّا
قدمت عدة منظمات دولية دعمًا واضحًا لميليشيا الحوثي في اليمن، مثل مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي قدم 20 سيارة رباعية الدفع إلى الحوثيين، وذلك عبر المركز التنفيذي لنزع الألغام، تحت زعم مساعدتهم في نزع الألغام، مايو 2019.
ولذات الهدف، قدمت الأمم المتحدة مبلغ 20 مليون دولار للميليشيا الحوثية، عام 2018؛ بهدف نزع الألغام التي زرعتها الميليشيا المدعومة من إيران في مدينة الحديدة.
كما أبرمت منسقية الشؤون الإنسانية، التابعة للأمم المتحدة، مذكرة تفاهم مع جماعة الحوثي، سبتمبر 2018، وينص الاتفاق على إقامة جسر جوي لنقل جرحى ومصابي الميليشيا المدعومة من إيران إلى الخارج لمدة 6 أشهر.
واستغلت ميليشيا الحوثي سيطرتها لفترة على موانئ اليمن، مثل الحديدة والصليف وعدن، في نهب المساعدات الغذائية التي تصل إلى البلاد بصورة أممية عبر البحر، وهو ما أكده وزير الإدارة المحلية ورئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح، في تصريحات صحفية.
وأضاف فتح، أن ميليشيا الحوثي احتجزت ونهبت أكثر من 63 سفينة إغاثية منذ اغتصابها للسلطة، كما صادرت 550 قافلة مساعدات للشعب اليمني تم تقديمها من قبل برنامج الإغاثة الإنسانية.
وكانت الطامة الكبرى، عندما أثنى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث على الانسحاب الحوثي الأحادي من موانئ الحديدة، مايو 2019، على الرغم من أن الميليشيا الانقلابية لم تقم بهذا الأمر على أرض الواقع آنذاك.
وهو ما اعتبر استكمالًا لما قام به من سبقوه؛ حيث سمح جمال بن عمر للحوثي بالمشاركة السياسية، وطالب بإطلاق دستور فيدرالي يقسم البلاد طائفيًّا ومذهبيًّا، ثم جاء إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وسعى إلى إدخال الحوثي كممثل عن الشعب اليمني في مؤتمر جنيف ومبادرات الحل السياسي.
رغم مساعدات المؤسسات الأممية، إلا أن الميليشيا الحوثية تعمل على مواجهة هذه المنظمات والإضرار بعناصرها الموجودين في اليمن، وعرقلة عملهم خصوصًا في المناطق التي تسيطر عليها جغرافيًا.
ولم يكن سماح الحوثي باستهداف مقرات 5 منظمات أممية في الضالع هو الأول من نوعه، ولكن كان هناك مواجهات سابقة بين الطرفين، خصوصًا فيما يتعلق بالمساعدات الغذائية الأممية الخاصة بالشعب اليمني.
وأشارت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن «ليز جراندي» إلى أن ميليشيا الحوثي تضع العراقيل والعقبات أمام استكمال البرامج الإغاثية الإنسانية للأمم المتحدة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي.
وأبرزت جراندي، يوليو 2019، أن ميليشيا الحوثي ترفض الاستجابة لأي مبادرة للحل أو تسهيل عمل الموظفين الأممين؛ ما يهدد بإيقاف عمل هذه البرامج في هذه المناطق؛ لحفظ سلامة وأمن العناصر التابعة للمنظمة الدولية.
كما قام الحوثي بطرد ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أحمد العبيد من صنعاء، أكتوبر 2019، بعد أن هبطت طائرته قادمة من اليمن، مع سحب تصريح سفره باعتباره شخصًا غير مرغوب في تواجده باليمن، بهدف عرقلة عمله وترهيبه، وذلك على خلفية تقرير خبراء الأمم المتحدة، والذي أدان ارتكاب الحوثي جرائم ضد حقوق الإنسان.
وأبرز المدير التنفيذي في برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، يناير 2019، أن المساعدات الغذائية المخصصة لليمنيين يتم سرقتها من قبل أنصار ميليشيا الحوثي، ويتم تسليمها إلى شركاء محليين ثم يتم توزيعها على أنصار الحوثي، معبرًا أنه «سرقة للطعام من أفواه الجائعين».