بنصف العقوبة.. سجون بريطانيا «مفرخة للإرهابيين»
الثلاثاء 24/ديسمبر/2019 - 08:53 م
طباعة
معاذ محمد
خلال السنوات القليلة الماضية، اتهمت وسائل اعلام بريطانية، سجون المملكة المتحدة بأنها «مفرخة للإرهابيين»، خاصةً أنها تسببت في التقاء متطرفين ببعضهم وتنمية ميولهم في هذا الشأن، حتى وصل الأمر إلى التنافس والانقسام فيما بينهم للانضمام إلى أي من تنظيمي «داعش أوالقاعدة».
الفرسان الثلاثة
في عام 2013، التقى ثلاثة رجال في سجن «بيلمارش»، بعد إدانتهم بخرق قوانين متعلقة بالإرهاب، وساهم اختلاطهم بآخرين على نفس شاكلتهم في تنمية ميولهم المتطرفة، وقرروا تأسيس تشكيل أطلقوا عليه لقب «الفرسان الثلاثة»، وكانوا على وشك تنفيذ أعمال معادية، ضد أهداف تابعة للجيش والشرطة، قبل أن تتدخل الأجهزة الأمنية.
وعلى الرغم من ذلك، ذكرت صحيفة «الإندبندنت»، أن التشكيل لم يكن الأول من نوعه، الذي تأسس داخل السجون البريطانية، وخطط لتنفيذ عمليات إرهابية.
و«بيلمارش» سجن للمجرمين الأكثر خطورة في العالم، وأغلب المعتقلين به من الإرهابيين والمتطرفين وأفراد العصابات، ويطلق عليه اسم «جوانتانمو البريطاني».
فترة عقوبة قصيرة
وبحسب إيان أكيسون، المدير السابق بالسجون، فإن الخطر الأكبر، يكمن في ذوي السجلات الإجرامية المنخفضة، خاصةً أنهم يقضون فترة عقوبة قصيرة، يقومون خلالها بالاحتكاك والتعامل مع الآخرين، والتأثير على أفكارهم.
وأكد في حوار نشرته صحفية «الجارديان» البريطانية، يناير 2019، أن السجون في البلاد تعاني اكتظاظًا وازدحامًا؛ ما يصعب على الموظفين مراقبة سلوك وتصرفات المتطرفين.
وأوضح المدير السابق، أن هناك معضلة أخرى تواجه الحكومة البريطانية داخل السجون، تتمثل في عدم وجود برامج لتقويم سلوك المتطرفين بالداخل، مشددًا على ضرورة عزلهم؛ لمنع نشر العنف والتطرف، فضلًا عن الادعاء بأنهم سجنوا ظلمًا لكسب التعاطف من النزلاء الآخرين.
من السجن إلى التفجير
في مارس 2017، كشفت السلطات البريطانية أن منفذ هجوم لندن، الذي قُتل فيه 5 أشخاص وأصيب 50 آخرين، يدعى خالد مسعود، وقضى فترات عقوبة في السجن قبل تحوله إلى متطرف، ما يرجح أنه تمت استمالته خلال قضائه العقوبة.
وفي 30 نوفمبر 2019، أعلنت السلطات البريطانية، أن منفذ هجوم بالسكين قرب جسر لندن، أسفر عن مقتل شخصين قبل أن تقتله الشرطة، يدعى «عثمان خان»، وسبقت إدانته بتهم إرهابية، غير أنه أطلق سراحه العام الماضي.
وتخفض السلطات البريطانية فترة عقوبة المدانين بجرائم إرهابية للنصف، الأمر الذي تسبب في خروج متطرفين جدد وتنفيذهم عمليات في البلاد، وأكد ذلك بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، في نوفمبر 2019، قائلًا: إن تخفيض الفترة تتيح لمجرمين خطرين يتسمون بالعنف الخروج مبكرًا من السجن، مؤكدًا أنه أمر عديم النفع.
يذكر أن الحكومة البريطانية غيرت فى عام 2008، قوانين أحكام السجن الطويلة، ونصت على أنه يتم الإفراج عن المدانين بعد قضائهم نصف مدة العقوبة تلقائيًا، بدون مراجعة مجلس العفو.
كما تم تغيير القانون مجددًا، في أواخر عام 2012، ونص على إمكانية الإفراج عن المحكوم عليهم بالسجن لأكثر من عشر سنوات، بعد قضاء ثلثي مدة حكمهم، بموافقة مجلس العفو.
صعوبات المواجهة
تبنت بريطانيا في الفترة الأخيرة بعض برامج الوقاية لمكافحة التطرف والإرهاب في البلاد، كان منها منع الاختلاط بالعناصر المتطرفة في السجون، ووضع الإرهابيين في وحدات خاصة لمنعهم من إقناع آخرين بأفكارهم.
وتعهد رئيس الوزراء البريطاني، في أغسطس 2019، بتوفير 10 آلاف مكان آخر في السجون، مؤكدًا أن ساجد جاويد، وزير المالية، وافق على إنفاق ما يصل إلى 2.5 مليار جنيه استرليني لإتمام الأمر.
وعلى الرغم من ذلك، أكدت صحيفة «التايمز» البريطانية، أن سياسة الحكومة بتخصيص وحدات فصل في السجون مشددة الحراسة لاحتجاز المتطرفين ذوي الخطورة العالية تواجه صعوبات، موضحة أن السلطات فتحت مركزين فقط من 3 مخطط لإقامتها.
كما كشفت دراسة أجرتها وزارة العدل البريطانية، العام الجاري، أن التحدي الرئيسي الذي يواجه السلطات، هو أن العديد من السجناء رفضوا المشاركة في الأنشطة التي تهدف إلى الابتعاد عن التطرف ومعالجة السلوك الإجرامي.