«أحزاب الأمة» و«الإخوان».. الغاية واحدة والوسائل تتغير حسب الظروف
الثلاثاء 24/ديسمبر/2019 - 08:57 م
طباعة
أحمد سامي عبدالفتاح
كأجنة مشوهة خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية، ظهرت عدة أحزاب إسلاموية لها مزيج من الأفكار التكفيرية والوسطية في آن، حسبما تقتضيه المصلحة وفق ما تحدده قيادات الحزب، وانتشرت تلك الأحزاب تحت اسم "الأمة في عدة دول عربية كالسودان والكويت والإمارات وسوريا على سبيل المثال، وتم حظرها نهائيا لممارسته ايدلوجيات تكفيرية متشددة.
يتشارك حزب الأمة مع تنظيم الإخوان العديد من الإفكار فيما يتعلق بشئون المنطقة، فعلى سبيل المثال، يدعي الحزب موفقته على المشاركة في العملية الديمقراطية، لكنه في ذات الوقت يدعم اسقاط الأنظمة الحاكمة بالقوة رغم يقينه التام بأن ذلك قد يؤدي إلي فوضي خلاقه داخل البلاد. ويعد ذلك في حد ذاته اختلافا بين أحزاب الأمة بصفة عامة وبين تنظيم الإخوان، فرغم أن الأخير لا يمانع استخدام الثورات للوصول إلي الحكم، إلا أن الفترة ما قبل الربيع العربي أكدت أن التنظيم يفضل سياسة "المهادنة والتغلغل الخفيط" في المؤسسات القومية على سياسة التصادم لما تحمله الأخيرة من اجراءات عقابية تتضمن اعتقال ومصادرة أموال بتهم أنشطة مشبوهه.
أحزاب الأمة الخليجية بصفة عامة تتبني رؤي مناقضة للنظام الدولي المتعارف عليه، فتجد هذه الأحزاب تتبني نظرية المؤامرة في خطابها السياسي، وتفسر معظم القرارات الدولية على أنها حرب ضد الإسلام. ويعد ذلك في حد ذاته سلاح يهدف لتحقيق منفعتين، الأولي هي استثارة النزعه الدينية لدي المنتمين للحزب وزيادة قدرته الاستقطابية للعديد من الأفراد المعارضين للسلوكيات الغربية في المنطقة، أما الثانية فهو استخدام التدخل الغربي كوسيلة لتفسير فشل الأحزاب الإسلامية في الفترة الأخيرة. فعلى سبيل المثال، ترجع أحزاب الأمة أن سبب الإطاحة بمرسي للرفض الغربي لوجودة على سدة الحكم في مصر، وتتعمد تجاهل الفشل السياسي والإدراي الذي أصاب مصر ابان فترة حكم الإخوان، كما يتعمد تجاهل التظاهرات الشعبية التي طالبت رحيل حكم الإخوان.
ففي تغريدة لحسن الدقي بتاريخ 26 ابريل، ذكر أن المنطقة وضعت في اختيار مزدوجن وهو أن تختار بين" حكم العسكريين" أو "حكم العلمانيين"، ويتضح من هذه التغريدة رغبة الحزب التامة في اقامة دولة ديينة تقوم على اقنصاء الأخر وفق لتوجهاته الدينية قبل السياسية، ما يعني أن فكرة مدنية الدولة تعد غائبة لدي حزب الأمة تماما، ويتباهي الحزب تماما باعلانه هذا الأمر. بالمقابل من ذلك، نجد أن تنظيم الإخوان في مصر قد تخلي عن شعاره الديني التاريخي" الإسلام هو الحل" من أجل التحالف مع عدد من القوي المدنية في السباق الإنتخابي البرلماني الذي جري نهاية 2011 وأوائل 2012، ما يعني أن تنظيم الإخوان يتبع سياسة "التحايل"، بينما يفضل حزب الأمة سياسة "الصدام المباشر".
الموقف من القوي الغربية في حد ذاته يعد نقطة خلافية مع تنظيم الإخوان، حيث يفضل الأخير سياسية" الإندماج من أجل التأثير" ويقصد منها أن يعمل التنظيم إلى الإستثمار في مراكز القرار داخل الدول الغربية من أجل التأثير في عملية صناعه القرار بما يحقق صالحه. وليس بالضرورة أن تكون الإستثمارات مادية، وإن كان له تأثير كبير، ولكن قد تكون أيضا بشرية، وفيها يتبني الحزب دعم أشخاص أو حركات معينة، أو إنشاء علاقات منفعية مع شخاصيات عالمية من أجل زيادة القوة الناعمة للتنظيم، ولعل علاقات "يوسف ندي" واستثمارات التنظيم في أوروبا خير دليل علي ذلك.
فكرة تقبل الأخر لا تعد موجودة لدي أحزاب الأمة، فبينما يراوغ تنظيم الإخوان في تعريف العلاقة مع غير المسلمين، نجد أن حزب الأمة يفاخر بقدرته على تسميه الأسماء بمسمياتها، وفق لتوجهاته، فنجد خطابه السياسي يطلق على غير المسلمين لقب" كفار". ففي تغريده قام بها اليوم، الأربعاء 1 مايو، حسن الدقي أطلق على القوي الغربية لفظ مشركين منقدا التعاون العربي مع الدول الغربية. ويعد هذا الأمر نقطة خلافية مع تنظيم الإخوان، حيث يفضل الأخير التقرب من الدول الغربية وزيادة قدرته التأثيرية مع مرور الوقت، ولا يلجأ التنظيم للتصادم مطلقا إلا في حالة ما كان ذلك هو الوسيلة الأخيرة. والأمثلة علي تبني الإخوان هذه النقطة كثيرة ومتعددة، لعل أبرزها تجربة العدالة والتنمية في تركيا. ففي تركيا، تقرب العدالة والتنمية من أوروبا، واستغل رغبته في الإنضمام للاتحاد للحصول على مساعدات واستثمارات أوروبية، قبل أن يبدأ الحزب منذ عدة سنوات في تبني سياسة عدائية علنية ضد أوروبا. وفي تغريدة أخري لمؤسس الحزب في 30 ابريل، انتقد حسن الدقي قيام الإمارات ببناء معبد للهندوس رغم أن سياسة الأخيرة تأتي في اطار التعايش والتسامح وتقبل الأخر، وتسهم في تقديم رؤية ايجابية للاسلام.
الموقف من النزعات المسلحة يعد أمرا خلافيا جديدا، حيث نجد أن حزب الأمة أقرب إلى التنظيمات الجهادية من تنظيم الإخوان رغم أن الأخير يعد الملهم الفكري لكافة الحركات الجهادية. بعبارة أخري، دوما ما يفضل تنظيم الإخوان بناء مليشيا قوية تابعه له، لكن التنظيم في الوقت ذاته لا يمانع بناء علاقات مع تنظيمات متطرفة غير مصنفة ارهابية من أجل التنسيق ومواجهة الأعداء المشتركين. وفي هذا، لا بد من الإشارة أن التنظيم يحرص على الإبتعاد عن التنظيمات المصنفة ارهابيا، ولكن هذا لايعني انقطاع تام للعلاقات بين الطرفين، خاة أن كلا الطرفين يواجهون اعداء مشتركين. فعلى سبيل المثال، نجد أن فيلق الشام ذات التوجه الإخواني قد تحالف مع جبهة النصرة في 2015 تحت لواء جيش الفتح الذي استطاع السيطرة على ادلب في نفس العام، لكنه ابتعد سريعا عن جبهة النصرة وخرج من الجيش الذي انهار لاحقا حتي لا تطاله اتهامات التطرف أو التصنيف ارهابيا.
بالمقابل من ذلك، يصر الخطاب السياسي لحزب الأمة على اطلاق لفظ" حملات صليبية" على الأزمات في الشرق الأوسط، ما يعني دعوة صريحة للجهاد ضد من يطلق عليم الحزب" عملاء للحملات الصليبية"، وفق خطابه السياسي. في عام 2013، افتتح حسن الدقي مخيما لتدريب المقاتلين التابعين لمليشيا "لواء الأمة"، وقد استعان بشخصيات في تنظيم القاعدة من أجل الحصول على دعم لهذه المليشيا. فعلى سبيل المثال، في عام 2016 قابل الدقي محمد شوقي الإسلامبولي أحد قادة القاعدة المدرج على لائحة عقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية مع القيادي في القاعدة رفاعي أحمد طه، كما حضر مراسم عزاء قائد القاعدة رفاعي طه الذي قتل في غارة أمريكية على مقر للقاعدة في سوريا. كما يحمل جزب الأمة رؤي السلفية الجهادية التي تؤكد ضرورة مقاتلة أعداءالإسلام، وفق بياناتهم الصحفية. ولعل الخلاف الذي حدث بين الدقي والتنظيم السريف في 2003 خير مثال على ذلك، حيث عقد الدقي مؤتمرا علنيا ضم صغار أعضاء التنظيم، قبل أن يدعوهم لقتال من وصفهم في مؤتمره الصحفي بأعداء الإسلام. ويؤكد هذا الأمر أن حزب الأمة ومؤسسه حسن الدقي يحملان فكريا اسلامويا مكنه من لعب دور الوسيط بين عدد من التنظيمات الإسلاموية في سوريا وبين المتطرفين الراغبين في الإندماج في الأعمال القتالية، ما يعني أن دوره كان أشبه بما يطلق ليه " الوسيط" من أجل التربح المالي.