تداعيات فوز «غني» على المفاوضات وصراعات القيادة في أفغانستان
الأربعاء 25/ديسمبر/2019 - 07:22 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
تتواتر الأنباء حول إعادة انتخاب أشرف غني لولاية رئاسية أخرى في أفغانستان، إذ كشف موقع «روسيا اليوم» الأحد 22 ديسمبر 2019 عن حصول «غني» على 50.64% من الأصوات التي تم فرزها في اقتراع الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مشيرًا إلى إعلان مفوضية الانتخابات الأفغانية أن «غني» فاز بأغلبية الأصوات التي تم فرزها، وفقًا للنتائج الأولية للاقتراع الذي تم في 28 سبتمبر 2019، وتم تأجيل إعلان نتائجه النهائية عدة مرات.
نسب رئاسية وتخوفات دولية
وطبقًا لإخبارية «طلوع نيوز» حصل أشرف غني على 923.868 صوتًا، بينما استحوذ عبدالله عبدالله على 720.990 صوتًا بنسبة 39.52% .
ومن جهتها، حرصت الكيانات الدولية على التعبير عن أملها في مستقبل أفضل للبلاد، إذ قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان «تاداميتشي ياماموتو»: إن جميع الأطراف السياسية في أفغانستان يجب عليهم العمل لتحقيق الأمن والسلام خلال المرحلة المقبلة، والالتزام بما ستفرزه النتائج.
كما شدد على ضرورة أن تقوم الهيئة المنظمة لعملية الانتخابات في الفصل في جميع الشكاوى والطعون المقدمة بشكل حيادي ومتساوٍ وقانوني للخروج من أي أزمة محتملة، فيما قالت السفارة الفرنسية في كابول إن الشعب الأفغاني يستحق عملية انتخابية شرعية، وذات مصداقية، كما يستحق دولة قانونية مستقرة، مؤكدة عدم تعارض الانتخابات كعملية ديمقراطية مع مسار المفاوضات، وهو ما يجب على الجميع العمل بموجبه.
طعون بالتزوير
من جانبه، قال فريق الحملة الانتخابية للمرشـح «عبد الله عبد الله» بأن هناك تزويرًا في نتائج الفرز لصالح أشرف غني؛ لأن المراقبين التابعين له لم يحضروا إعادة الفرز التي تمت في بعض المحافظات، مشيرين إلى أنهم سوف يتقدمون بشكاوى للهيئة الانتخابية المستقلة فور إعلان النتائج.
فيما انضم لتيار الرافضين للنتائج، المرشح الرئاسي «قلب الدين حكميتار» الذي حصل على 3.85% من نسبة التصويت، مما مجموعه 70.243 صوتًا، والذي أكد فريقه أنه لن يقبل نتائج الانتخابات الرئاسية، وسيعترض عليها، إلى جانب ذلك صرح مجلس المرشحين للانتخابات الرئاسية بأنهم لن يقبلوا بنتائج الانتخابات، قائلين: إن النتائج المزورة ستقود البلاد حتمًا إلى أزمة.
رد فعل طالبان
وفيما يخص رد فعل حركة «طالبان» التي تعتبر الجناح الأهم في التشكيلة السياسية بأفغانستان، قال قياديها «قاري سعيد خوستي» على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: إن الحركة لن تعترف بـ«دمية واشنطن» المفروضة على البلاد، (وهو الوصف الذي دأبت الحركة على قوله عن أشرف غني).
وأشار «قاري» إلى أن إعلان نجاح أشرف غني في الانتخابات الرئاسية هو ضغط أمريكي تمارسه على سير عملية المفاوضات، قائلاً: إن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تهدف إلى تأمين كرسي الرئاسة عبر أحد رجالها.
ولا تعد تصريحات الحركة بشأن الانتخابات غريبة أو مستهجنة بالنسبة للمتابع لملف التيارات السياسية والمفاوضات داخل أفغانستان، إذ اعتادت الحركة توجيه الاتهامات للحكومة حتى أثناء سير المفاوضات لتشكل ضغطًا عليها، ولتنتقص من وزنها الإقليمي والاستراتيجي الذي يتوازى مع ضعف في السيطرة الأمنية من قبل الحكومة تجاه مقاليد الدولة.
وفي هذا الصدد، يقول الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حسن أبوطالب: إن طالبان تستهدف الضغط النفسي على الحكومة الأفغانية، وإشعارها بأنها دومًا الطرف الأضعف، وذلك للانتصار عليها في معركة المفاوضات، ومحاولة كسب الامتيازات السياسية بدلًا عنها.
تداعيات النتائج على مسار المفاوضات
بناء على ما سبق، يتضح أن المشهد الأفغاني سيبقى كما هو عليه بالنسبة للمفاوضات، وليس الداخل المحتدم على أية حال، فلم يحدث تبديل في القيادة السياسية للدولة يرجح بتغيير الرؤى الاستراتيجية، ولم يحدث تصعيد لوجه جديد يريد فرض استراتيجيته، وإنما ما حدث هو إبقاء للإدارة السياسية القديمة برئاسة أشرف غني بكل ما يعنيه من تفاهمات، وتضادات سابقة وحالية مع واشنطن وطالبان.
علاوة على ذلك، لم يتبدل موقف طالبان تجاه التهكم على الحكومة التي تعتبرها ذراع واشنطن في البلاد، رغم الادعاءات الأخيرة التي قدمتها الحركة في 21 ديسمبر 2019 بشأن موافقتها التباحث مع الحكومة، بشرط انسحاب القوات الأمريكية بشكل نهائي من البلاد، وهو الشرط غير الموضوعي، فإذا انسحبت واشنطن عسكريًّا دون اتفاق واضح بين الأطراف السياسية في الداخل فمن الوارد أن تنقض الحركة على الحكم، فلا يوجد ما يلزمها اتفاقًا بعكس ذلك، وبالأخص أنها المسيطر الأمني الأكبر على قطاعات الدولة.