«السرورية».. بوابة تشويه الإسلام ومهد الجماعات المتطرفة في أوروبا

الأربعاء 25/ديسمبر/2019 - 08:50 م
طباعة «السرورية».. بوابة محمد يسري
 
في العقود الثلاثة الأخيرة، ظهرت تفاصيل كثيرة في الفروقات بين التيارات السلفية بأوروبا، وتنبه لها كثير من الباحثين الغربيين، الذين اعتبروا أن وضع السلفية الأوروبية في سلة واحدة، أمر يجانبه الصواب، ومن هؤلاء الباحثة الألمانية المتخصصة في الدراسات الدينية «نينا كيزيهاغه» في مقابلة مع موقع دويتشه فيله الألماني: "وأنا أقسم السلفيين إلى مجموعات أصولية وسياسية وجهادية سلفية. نسبة الثلثين منهم أصوليون وغير مُسيسين أو مُسيسون محتملون، ثم إن هناك نسبة الثلث من السلفيين الذين يؤيدون استخدام العنف وهم مستعدون للقيام به".

السرورية
لا يمكن البحث عن السلفية في أوروبا اليوم بعيدًا عن التيار السروري (نسبة إلى الشيخ السوري محمد سرور زين العابدين الذي نشأ في أحضان الإخوان المسلمين في سوريا وانتقل إلى المملكة السعودية بعد فك الارتباط السياسي للوحدة العربية بين مصر وسوريا، ليظهر على يديه نموذج جديد من التيارات الإسلامية التي تجمع بين الجانب الحركي الذي تتبناه جماعة الإخوان كجماعة سلطوية، والجانب العلمي الذي يغلب عليه منهج ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب والتمسك بما كان عليه سلف الأمة).
ومن هذا المنطلق يتشابك التيار السروري مع كل التيارات السلفية في أوروبا، سواء تلك الجماعات التي تتبنى العنف، أو التي تغلب الجانب العلمي وتؤثر التعايش، وقد بدأ ظهور التيار مبكرًا في بريطانيا في نهاية الثمانينيات، بعد انتقال محمد سرور زين العابدين نفسه إلى بريطانيا وتأسيس عدد من الكيانات السلفية أولها «المنتدى الإسلامي» الذي تصدر عنه مجلة «البيان»، مع المؤرخ محمد العبدة الذي عمل رئيسًا لتحرير المجلة، ثم تأسيس مركز دراسات السنة النبوية في برمنجهام، الذي أصدر مجلة السنة.
واستقطب المركز الكثير من المهاجرين المسلمين إلى أوروبا، خاصة القادمين من شمال أفريقيا، وأبرزهم الجزائريون الذين ساهموا معه في إنشاء مركز دراسات السنة، ومنهم الاقتصادي الجزائري، أحمد بلوافي، وعمل بلوافي أستاذًا للاقتصاد في جامعة برمنجهام ومحاضرًا في كلية لندن المفتوحة.

تشابكات وتحالفات
ويتشابك السروريون فكريًّا مع الجماعات الحركية التي تظهر الجانب الدعوي العلمي، ومن ذلك علاقة محمد سرور بأعضاء في جبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية الذين انتشروا في أوروبا، خاصة فرنسا التي كان يتردد «علي بلحاج» أحد أبرز قيادات جبهة الإنقاذ، وله علاقات قوية برموز التيار السروري في المملكة العربية السعودية، ومنهم الداعية الشهير سلمان العودة الموجود في السجون السعودية، وتطالب النيابة السعودية بإعدامه، وقد أثنى «العودة» على «بلحاج» واعتبره امتدادًا للسلف.
ورغم ذلك يشترك السروريون في أوروبا مع جماعة الإخوان في تبني إستراتيجية التغلغل في الحياة السياسية والمجتمع المدني. فيترشّحون للانتخابات.

التركيز على المتحولين للإسلام
وينشط السروريون أيضًا في أوساط المتحولين الأوروبيين للإسلام، وفي كتاب (حول صناعة سلفية ألمانية: النشأة، التطور، والنشاط الدعوي للحركات السلفية في ألمانيا نينا فيدل، أحمد محمود طه عبدالوهاب) رصدت المؤلفة هذه الظاهرة وقالت في (ص116): "محور آخر في الدعوة المعاصرة هو قصص الدخول في الإسلام، وبه قصص شخصية قصيرة يحكي فيها المتحولون للإسلام قصة دخولهم فيه ويشرحون أسبابهم وما مروا به من تجارب، في ضوء قيم الدين الجديد، ويشجعون الآخرين للسير على نهجهم، وينشر السلفيون هذه القصص إلى جانب عدد ضخم من مشاهد النطق بالشهادتين، ليس فقط لتشجيع الألمان على السلفية أو حتى الجمعية التي يعملون بها تحديدًا، كفاعل ناجح في السوق الدينية الألمانية".

أسماء بارزة
من أبرز الأسماء التي تتصل بالتيار السروري في أوروبا الداعية الألماني الشهير «بيير فيجل» المكني بأبي حمزة، الذي تحول للإسلام وبات من أشهر الدعاة ليس في ألمانيا وحدها ولكن في أوروبا كلها، وقد سافر أبو حمزة إلى المملكة السعودية ومصر، والتقى برموز التيار السروري الذين يتواصلون معه بشكل دائم حتى أنه زار مصر عام 2012 واستضافه وقتها الداعية السلفي السروري الشهير أبوإسحاق الحويني، كما تمكن في فترة وصول الإخوان للحكم في مصر من إلقاء محاضرة في جامعة كفر الشيخ وهي إحدى الجامعات الحكومية الشهيرة.
ومن الأسماء البارزة أيضًا في هذا الإطار سيف الدين أبوأنس التركي، وينشط في مجال التعريف بالإسلام، في أكثر من 70 مسجدًا، ويمتلك دار نشر، لترويج كتب التعريف بالإسلام وتعليم اللغة العربية، وله علاقات كبيرة بالتيار السلفي السروري الذي تعلم على يد عدد من رموزه (أغلبهم الآن في السجون السعودية) في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة التقى تلاميذ محمد قطب شقيق سيد قطب الذي يمثل الأب الروحي للجماعات المتطرفة.

شارك