مع اختلاف أوراق اللعبة.. ميليشيات أردوغان على المحك بعد تسع سنوات من الإرهاب التركي

الأربعاء 25/ديسمبر/2019 - 11:53 م
طباعة مع اختلاف أوراق اللعبة.. سارة رشاد
 
لم يحمل عام 2019 تحولًا يذكر في بوصلة الأولويات التي اعتمدتها تركيا منذ بدء ما يعرف بـ«الربيع العربي»؛ إذ واصلت أنقرة جهودها نحو تمكين جماعات الإسلام الحركي، سواءً عبر توفير السلاح أو الغطاء السياسي.
ورغم التكلفة الضخمة التي تحملتها أنقرة سواءً على المستوى السياسي أو المادي، وفقًا لتصريحات للمعارضة التركية، إلا أن العام يختتم أيامه وقد باعدت تطورات الأحداث في بؤر التوتر بين أنقرة وتمرير أهدافها.

استماتة تركيا للتدخل في ليبيا
رغم أن التصريحات المتواصلة التي تطلقها أنقرة على لسان رئيس جمهوريتها أو مسؤوليها الحكوميين، عن سير المعارك في العاصمة الليبية طرابلس، قد تعكس ثقة  تركية في القدرة على الحيلولة دون سيطرة الجيش الليبي على العاصمة، إلا أنها على الجانب الآخر تكشف عن خوف تركيا العميق من سيناريو تحرير طرابلس.
الباحث الليبي، محمد الزبيدي،  أوضح في تصريحه، أن أنقرة تدرك أهمية ليبيا في خارطة النفوذ التركية بالمنطقة، ولهذا لسبب تدافع باستماتة عن بقاء العاصمة في أيدي الميليشيات.
ولفت إلى أن «الغطرسة التركية» في التصريحات، رغم ما يبدو فيها من قوة، إلا أنها تفضح حالة ضعف ورعب تركي من افتقاد العاصمة.
وأوضح أن تركيا تتعامل مع ليبيا على أنها كنز بلا صاحب، ومن ثم خسارته ستكون مؤلمة.
ومنذ اندلاع معارك التحرير بالعاصمة طرابلس، مطلع أبريل 2019، وتهاجم تركيا الجيش الوطني الليبي، واصفةً تحركه لتحرير العاصمة من الإرهاب، بـ«العدوان» على الشرعية.
الهجوم ذلك تحول إلى دعم غير معلن من تركيا للميليشيات المسلحة في طرابلس، عبر أسلحة وأفراد، ثم انتقلت إلى الإعلان عندما تحدث الرئيس التركي، قبل أسبوعين، في حوار مع فضائية «تي أن تي» عن استعداد بلاده لإرسال قوات عسكرية؛ لدعم الميليشيات في طرابلس، حال ما طلبت الوفاق ذلك.
الأمر لم يتوقف عند ذلك، إذ واصل الرئيس التركي تبريره التدخل في ليبيا، وقال أردوغان في كلمة له خلال حفل تدشين غواصة حربية جديدة: إن الرمز التركي، كمال أتاتورك كان مقاتلًا بالجيش العثماني في ليبيا، وكان يكافح هناك في الجبهات، متابعًا أنه لذلك يتوجب على تركيا الوجود هناك، على حد اعتباره.
وواصل تبريره زاعمًا أن حوالي مليون تركي يوجدون في ليبيا، معتبرًا ذلك سبب آخر للتدخل.
وفي هذا السياق، رجح الزبيدي أن يشهد العام الجديدة انهيار كامل في نفوذ تركيا بليبيا، مشيرًا إلى أن 2019 جاءت محملة بخسائر للسياسات التركية في ليبيا، بعدما تمكن الجيش الليبي من إحكام قبضته على الشرق والجنوب الليبي.

سوريا والتضحية بالفصائل
على الجانب السوري، لم يختلف الأمر كثيرًا، من حيث ضعف شوكة الميليشيات الممولة تركيًّا، وإن اختلفت المعطيات.
وبينما تدافع تركيا عن الميليشيات في ليبيا وتجد المبررات لتمرير ذلك، تصمت في أغلب الأحيان على الضربات التي يوجهها الجيش السوري للفصائل المسيطرة على إدلب.
ولهذا الصمت، دعم مراقبون احتمالية أن تتجه تركيا نحو رفع يدها عن الميليشيات، وتحديدًا هيئة تحرير الشام؛ لإرضاء الطرف الروسي المُصر على تفكيك الهيئة باعتبارها فصيلًا إرهابيًّا.
وفي قراءته للمشهد، قال الباحث السياسي محمد فراج أبو النور: إن الحل العسكري في إدلب قادم لا محالة، معتبرًا أن المشهد يسير بثبات نحو تلك الخطوة.
واتفق مع الرأي القائل بانهيار السياسات التركية في إدلب، مشيرًا إلى أن مستجدات الأحداث، أثبتت أن تركيا اضطرت للتخلي عن سياساتها الداعمة للميليشيات.
ولفت إلى أنها مضطرة للتخلي عنهم، بل والمساهمة في تفكيكهم إرضاءًا لروسيا.
وتستعين تركيا بروسيا في مواجهة أوروبا في بعض القضايا، منها استيراد السلاح.
وتوقع أن يشهد العام الجديد إطلاق للعملية العسكرية الشاملة من قبل الجيش السوري؛ لتطهير إدلب، بعد جولات عدة شهدت المدينة خلال العام المنصرم.
وبهذا الطرح تكون تركيا على وشك خسارة كل من سوريا وليبيا، عبر انكسار شوكة الميليشيات، رغم سلسلة التدخلات التي بذلتها خلال التسع سنوات الماضية، والتي وفرت فيها الدعم المادي والعسكري للإسلاميين.

شارك