تداعيات التمدد الإيراني في «ليبيريا» على معايير التحرر
الخميس 26/ديسمبر/2019 - 08:39 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
على ساحل المحيط الأطلسي في غرب أفريقيا تمتد ليبيريا كدولة حديثة التأسيس والامتداد السياسي، ونظرًا لكونها أرضًا أفريقية لديها ما لم يكتشف بعد، حرصت إيران على نشر نفوذها بداخلها.
ومن أهم الأذرع التي استخدمتها طهران للتمدد بالداخل كانت الأنشطة التعليمية المعتمدة على الاستمالة الدينية للمذهب الشيعي بما يُحقق التغيير الديموجرافي المنشود الذي يسهل لها الارتباطية وضمانة التغلغل على غرار نموذج «الزكزاكي» بنيجيريا المضطربة.
منح التعليم داخليًّا وخارجيًّا
تهتم إيران بنشر منهجها الخاص من التشيع على مستوى الداخل والخارج فى ليبيريا من خلال تقديم منح للدراسة في طهران، إلى جانب تسهيل الإجراءات لاستقطاب الطلاب لدراسة العلوم المختلفة بالجامعات والمعاهد الإيرانية، ففي أكتوبر 2014 نشر موقع «All Africa» خبرًا يفيد بإعلان الطائفة الشيعية بالبلاد تأسيس مسجد ومدرسة في العاصمة "مونروفيا" أطلق عليهما مسمى «أهل البيت»، وذلك كمجمع تعليمي تثقيفي يخص الشيعة.
وأورد الموقع أن هذا التأسيس هو مشروع لـ«الجمعية العالمية لأهل البيت في لندن» والتي يترأسها المرجع الشيعي سيد محمد موسوي، وتكلف المشروع أربعمائة ألف دولار أمريكي.
علاوة على ذلك، تمنح إيران طلاب ليبيريا منحًا متعددة بجامعاتها في الداخل، ومن أبرز هذه الكيانات جامعة شريف التكنولوجية، وجامعة طهران للعلوم الطبية التي تقدم لهم الزمالة في بعض التخصصات المهمة كالتكنولوجيا البيولوجية وعلاج أمراض التصلب المتعدد.
كما تمكن طهران طلاب ليبيريا عبر برامج خاصة من السفر للدراسة في مواقع عالمية أخرى مستخدمة مراكزها التمويلية، فمن أشهر المنح المقدمة من إيران لطلاب ليبيريا من خلال هذه الخدمة في 2019، كانت منحة مؤسسة "مؤمن" المنشأة خصيصًا من أجل هذا الغرض، إذ أنها أحد الأذرع العاملة في هذا المجال لدي إيران منذ 1984، وتقوم بتخصيص الأموال المطلوبة للدراسة في الخارج.
تمدد ليبرالي أم تمزيقي؟
اشتقت دولة ليبيريا اسمها من الترجمة الإنجليزية لمصطلح الحرية كمنطقة جغرافية أسست لجمع شمل العبيد المحررين، وهي بذلك تستهدف الخروج من نمط الاستبداد بالأغلبية إلى رحاب معايير الحرية والتحرر، ولكن هل يخل انقسام طائفة المسلمين بداخلها إلى سنة وشيعة ممن يُدعمون إيرانيًّا بهذه الثقافة التي شهدت بالفعل خللًا نتيجة الحرب الأهلية الماضية(1999 ــ 2003).
ويذكر موقع «World population review» أن عدد سكان البلاد يبلغ 4 ملايين و900 ألف نسمة أغلبهم ينتمى الى الديانة المسيحية، بينما ينتمي 12% منهم إلى الإسلام وغالبيتهم من السنة، أما الشيعة فهم أقلية بالداخل.
وبناء على ذلك، يبقى التساؤل واردًا حول مجهودات إيران وعلاقتها برفض التيار الآخر في البلاد، ففي مايو 2018 احتدمت معركة دينية في البلاد إثر اتهام وجهه رئيس المجلس الوطني للمسلمين في ليبيريا، الشيخ موسى بامبا الى الإمام الأكبر لمسلمي ليبريا علي كراي بأنه ينتمي لطائفة الشيعة.
وعلى هذا الوقع احتدمت مناقشات جدلية ومعارك لفظية بين الشيخين وأتباعهما في البلاد، ما دعا "كراي" لنفي انتمائه للشيعة، وهنا يبدو تعامل المواطنين مع التشيع كجريمة انتهجها الآخر على عكس المفروض في بلد يهدف إلى إرساء الحرية وخصوصًا الدينية إذ ترفض الحكومة تصنيف أي أديان كعقيدة للأغلبية لإبقاء الليبرالية مرتكزًا سياسيًّا واجتماعيًّا.