نحو اللامركزية.. تطور إرهاب «القاعدة» من الأممية إلى النخبوية

الخميس 26/ديسمبر/2019 - 09:52 م
طباعة نحو اللامركزية.. أحمد سلطان
 
بداية عام 2011، توقع  عدد من الخبراء الغربيين أن ينزوي تنظيم القاعدة ويضمحل بسبب ما عُرف وقتها بثورات الربيع العربي، إلا أن السنوات التالية أثبتت أن الفوضى الناجمة عن أحداث هذا الربيع المزعوم كانت أحد أهم العوامل التي بعثت تنظيم القاعدة من رقاده، علاوة على تسببها في تغيرات بنيوية وهيكلية مؤثرة على التنظيم الذي تأسس في أواخر ثمانينيات القرن العشرين.
وفي هذا السياق صدرت دراسة أعدها الباحث تشارلز ليستر لمعهد هدسون للدراسات الأمنية والاستراتيجية عن تأثير الأزمة السورية على وضع تنظيم القاعدة وأفرعه.
في أوائل عام 2014، بعث عطية عبد الرحمن الليبي (الرجل الثالث في القاعدة ومسؤول العمليات الخارجية بالتنظيم قبل مقتل أسامة بن لادن) رسالة لأمير التنظيم أسامة بن لادن، يقترح فيها إرسال «إخوة القاعدة» إلى الدول التي شهدت احتجاجات ضد الأنظمة لاستغلال الفوضى فيها وتأسيس شبكات وفروع للقاعدة هناك، بحسب الدراسة.
كان تنظيم القاعدة يعاني في تلك الفترة ولم يستطع أن ينفذ أية عمليات كبيرة منذ هجمات الـ11 من سبتمبر، إلا أنه استفاد من حالة الفوضى التي خلقتها الثورات العربية ونجح في تجنيد الآلاف من العناصر الجدد، كما توضح الدراسة.
نجح التنظيم في التمدد إلى سوريا عبر جبهة النصرة التي ظهرت كفصيل قوي على الساحة السورية، ودعمت القاعدة الجبهة بمجموعة من أبرز قادتها أو ما عًرف بمجموعة خراسان (عدد من قادة القاعدة القدامى، انتقلوا من أفغانستان إلى سوريا وانضموا لجبهة النصرة).
تماهت جبهة النصرة مع الفصائل السورية المسلحة، ورفضت أن تتبنى أيدولوجية صارمة في مواجهة تلك الفصائل، بعكس ما فعله تنظيم داعش الذي كفر الفصائل وخاض عددًا من المعارك ضدها.
وافقت قيادة القاعدة المتمثلة في أيمن الظواهري ونوابه (سيف العدل وأبو محمد المصري، وأبو الخير المصري قبل مقتله)، على نهج جبهة النصرة، إلا أن قادة الجبهة وعلى رأسهم أبو محمد الجولاني، وأبوعبد الله الشامي فكوا الارتباط مع القاعدة مشكلين جبهة فتح الشام التي تحولت لاحقًا إلى هيئة تحرير الشام.
انشق عدد من قادة القاعدة الذين كانوا داخل جبهة النصرة، وأعلنوا رفضهم لفك الارتباط بين الجبهة وتنظيم القاعدة، وفي نهاية عام 2017 عمل القادة المنشقون على تأسيس كيان جديد تابع للقاعدة، حمل في البداية اسم أنصار الفرقان ومن ثم تحول إلى «حراس الدين» في فبراير عام 2018.
أيد قادة تنظيم القاعدة خارج سوريا تنظيم «حراس الدين» ودعوا مناصري التنظيم في سوريا للانضمام إليه، وتزامن ذلك مع سعي «حراس الدين»  لتأسيس تجمع للفصائل ذات الأيديولوجية الجهادية.
انضمت فصائل «أنصار التوحيد، وأنصار الدين، وأنصار الإسلام» إلى تحالف «حراس الدين» وتأسست غرفة عمليات وحرض المؤمنين، والتي تعتبرها الدراسة حيلة من تنظيم القاعدة لحماية فرعه الجديد في سوريا عبر تشكيل تحالف إرهابي موسع.
وخلصت الدراسة إلى أن تنظيم القاعدة سيعود إلى استراتيجيته القديمة المعروفة بـ«جهاد النخبة»، وسيتوقف مستقبلًا عن تبني ما سماه بـ«جهاد الأمة»، موضحةً أن تنظيم القاعدة لم يعد يسيطر على أفرعه الخارجية بنفس الطريقة القديمة.
وتوقعت الدراسة أن يستمر تنظيم القاعدة في العمل بالطريقة اللامركزية بينما سيسعى عدد من الإرهابيين لتأسيس تنظيمات أكثر تشددًا لمواصلة شن الهجمات الإرهابية على الدول الغربية والولايات المتحدة.

شارك