بانتظار النتائج لاستغلالها سياسيًّا.. إخوان الجزائر يراقبون تحركات «أردوغان» في ليبيا

السبت 28/ديسمبر/2019 - 12:45 م
طباعة بانتظار النتائج لاستغلالها دعاء إمام
 
عاشت تنظيمات الإسلام الحركي في المغرب العربي على وجه الخصوص حالة قلق؛ سببها تحرك الجيش الليبي نحو العاصمة طرابلس، في أبريل 2019؛ وتخوفت الجماعات التي تحكم في بعض البلدان المغاربية، من اهتزاز مكاسبها حال ما فقدوا ليبيا، إذ يتمتع الإسلام الحركي على المستوى المغاربي، بتجربة أفضل حالًا منها في المشرق العربي.



ورغم حالة القلق التي انتابت الإخوان في تونس والجزائر تحديدًا، عقب تحركات المشير خليفة حفتر، جاءت دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتنعش آمال الأحزاب الكبرى الموالية للجماعة، لاسيما حركة النهضة في تونس، وحركة مجتمع السلم «حمس»، في الجزائر.

ضبط الحدود

اتخذ المجلس الأعلى للأمن الجزائري، في اجتماع برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، الخميس 26 ديسمبر 2019، إجراءات لحماية الحدود مع ليبيا، مشيرًا إلى أنه درس الأوضاع في المنطقة، وبوجه الخصوص على الحدود الجزائرية مع ليبيا ومالي، مؤكدا أن المجلس قرر جملة من التدابير يتعين اتخاذها لحماية الحدود، وكذا إعادة تفعيل وتنشيط دور الجزائر على الصعيد الدولي؛ خاصة في ما يتعلق بهذين الملفين، وبصفة عامة في منطقة الساحل والصحراء وفي أفريقيا.

وفي وقت سابق، قال «تبون»، إن بلاده هي أكثر المعنيين باستقرار ليبيا، وستبذل المزيد من الجهود من أجل الحفاظ على وحدتها.

وكانت حكومة الوفاق، التي يرأسها فايز السراج، وهي موالية لجماعة الإخوان في ليبيا، طالبت رؤساء خمس دول هي: الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وتركيا، والجزائر، بتفعيل اتفاقيات التعاون الأمني.

«إخوان» الجزائر و«وفاق» ليبيا

بالتركيز على الحالة الجزائرية، يتضح التدخل السافر من قبل الذراع السياسية لجماعة الإخوان في الجزائر «حمس»، التي هاجم زعيمها عبد الرزاق مقري، تحرك الجيش الوطني الليبي نحو العاصمة طرابلس، معتبرًا إياها عملًا استفزازيًّا لبلاده، زاعمًا أن تحرك الجيش الليبي في المنطقة الغربية هو نوع من الضغط على المؤسسة العسكرية في الجزائر، لتسير في ركب الأجندات، حسب وصفه.

وفي مؤتمر صحفي وصف «مقري» تقدم الجيش الليبي تجاه الحدود الشرقية للجزائر مجازفة من المشير «حفتر» بنفسه، وباستقرار المنطقة ككل، وعلقت الحركة لافتة كبيرة على واجهة مقرها بالعاصمة الجزائرية، للقائد العام للقوات المسلحة الليبية، خليفة حفتر، مدون تحتها بالفرنسية، ومتوعدة إياه فيها بـ«مفاجأة كبيرة» حال ما اقترب من الحدود الجزائرية.

كما نظمت «حمس» ملتقى مغاربيًّا لمناقشة الأزمة الليبية في أبريل 2016، وقال «مقري» إنه يرفض أي تدخل أجنبي في ليبيا، مشددًا على أن الدول الغربية التي كانت تنوي شن تدخل عسكري في ليبيا، تعلم جيدًا أنه دون مشاركة الدولتين الجارتين -يقصد الجزائر وتونس- فمصير تدخلها هو الفشل.

وفي ضوء هذا التصريح يمكن فهم الجولات التي يقوم بها «أردوغان» لتونس من جهة، ومطالب حكومة الوفاق للجزائر من جهة أخرى؛ رغبة في كسب تحالف الجارتين قبل تدخله العسكري في ليبيا.

كما اجتمع «مقري» بزعيم إخوان تونس راشد الغنوشي، مع القيادي الإخواني الليبي علي الصلابي عضو الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في فبراير 2017، في اجتماع غير معلن شارك فيه رئيس الديوان بالرئاسة الجزائرية أحمد أويحيى؛ للحديث عن تفعيل العلاقات المغاربية، وكل هذا يأتي على خلفية الأزمة الليبية.

واعترف «مقري» أن للحركة شبكة علاقات وصداقات جيدة في ليبيا، وأنها تستطيع إنجاح أي حوار بما تملكه من تجارب سابقة في هذا الجانب، زاعمًا أن لقاءه بالـ«الصلابي» وكل اللقاءات بين الحركة وقيادات إسلامية ليبية كانت لقاءات ودية، ولم يجرِ التطرق خلالها إلى مبادرة لرعاية الحوار الليبي.

وبحسب صحيفة الشروق التونسية، فإن «الغنوشي» استكمل تلك اللقاءات، واجتمع برئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، وعبد الحكيم بلحاج رئيس حزب الوطن الليبي، وقيادات من الإخوان، والجماعة المقاتلة فى إحدى القصور الرسمية بإسطنبول في فبراير 2017.

وأشارت الصحيفة إلى أن اللقاءات تمت برعاية قيادات إخوانية من الجزائر وتونس، وبإشراف تركيا؛ من أجل مناقشة مستقبل ليبيا، والتفاهم على كيفية صنع المشهد الليبي، مشددة على أن اجتماعات بلحاج والسراج تم تحضيرها بين الجزائر وتونس، بقيادة زعيم النهضة، وذلك على إثر الزيارة الخاطفة التي قام بها رئيس حركة مجتمع السلم.

وأبرزت «الشروق» تدخل أطراف أخرى من قطر وتركيا، سمحا بهذه اللقاءات، وأن جماعة طرابلس اشترطت أن تكون الحكومة التركية شاهدة على ما يتم التوصل إليه من نتائج، والوعود المقدمة من جميع الأطراف، مخافة الرجوع عنها بما لا يخدم جماعة الإخوان، وتحييدهم من المشهد، وكانت تركيا حاضرة كضامن للاتفاق، حسب الصحيفة.
التزام الصمت

يبدو أن الوقت الحالي الذي يشهد تفاهمات بين الرئيس الجزائري و«حمس»، جعل من الصعب على الحركة الحديث أو التصريح بموقفها تجاه ما يجهزه «أردوغان» للجانب الليبي، إذ التزمت الحركة الصمت، في حين يظهر «تبون» في الصورة منفردًا، ويعلن وحده عن موقف بلاده إزاء الوضع مع الجارة ليبيا.

أردوغان ولعبته المكشوفة

بدوره، قال عاطف السعداوي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن المسألة الليبية لم تعُد شأنًا داخليًّا؛ ولكنها أصبحت ساحة للحرب بالوكالة، وبالتالي ستكون هناك محاسبة على المواقف المتخذة، متوقعًا أن يؤدي الأمر إلى توتر في العلاقات بين الجزائر ودول عربية مهمة؛ خصوصًا مصر والخليج، نظرًا لأن الجزائر أصبحت خياراتها تدعم المواقف التركية - القطرية وحكومة السراج.

وتابع الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن أكبر دليل على هذا الأمر هو رهن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حضوره مؤتمر برلين، بالدول المشاركة، وإصراره على دعوة الجزائر وتونس، لافتًا إلى أن الموقف التونسي لا يختلف كثيرًا عن الجزائري؛ لكنه ليس معلنًا بنفس الحدة، ولغة الاستعداء التي استخدمها الرئيس الجزائري الجديد.

شارك