مخرجات «كوالالمبور».. الحرب بالسيوف والعودة للمقايضة والمعاملة بالذهب

السبت 28/ديسمبر/2019 - 12:46 م
طباعة مخرجات «كوالالمبور».. عمرو عبد المنعم
 
اقترحت الثلاث دول المجتمعة (إيران ـ ماليزيا ـ تركيا) في المؤتمر المسمى بالقمة الإسلامية الذي عقد في نهاية ديسمبر 2019 فكرة إيجاد عملة جديدة تعتمد على الذهب، وتكون أكثر استقرارًا مقارنة بالعملات المتداولة حاليًّا.

وخرج المقترح الجديد في توصيات المؤتمر بأنه يمكن استخدام المعدن النفيس (الذهب)، لتقييم أنشطة الصادرات والواردات بين الدول  الثلاثة .

 

ويعد الدولار الأمريكي هو العملة العالمية الأكثر تداولًا في مختلف الأنشطة الاقتصادية والتجارية حول العالم.

 

وطالب المقترح الجديد تسوية التعاملات بين الدول باستخدام تلك العملة (الجديدة) الذهب على أن ترتبط تلك العملة بالعملة المحلية فيما يتعلق بسعر الصرف الخاص بهذه الدول .

 

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد ربطت قيمة عملتها بالذهب، وهو ما يعرف بنظام «بريتون وودز» Bretton Woods والذي استمر حتى 1971م عندما قررت الحكومة الأمريكية وقف تحويل الدولار واحتياطيات الدول الأخرى من الدولار إلى ذهب.

 

ولم تكن إيران مطروحة على قائمة المدعوين لحضور القمة المزعومة للدول الثلاثة، ولكن بعد انسحاب باكستان تم دعوة إيران للحضور ليكتسب المؤتمر زخمًا دوليًّا.

 

وعليه تم إدراج العقوبات الاقتصادية على إيران وخاصة بعد مُنع بيع الدولار الأمريكي إلى إيران، وفرض عقوبات على الصناعات الرئيسية مثل صناعة السيارات الإيرانية وصناعة السجاد علي جدول أعمال المؤتمر .

وفي ختام جلسات المؤتمر المغلقة تم طرح فكرة استعمال عملة ذهبية للتجارة الداخلية بين الدول الثلاثة المشتركة، وذلك  لتغلب على العقوبات الأمريكية والغربية المفروضة على الدولار  ومحاولة إيجاد  تعديلات وتغييرات  جديدة في النظام المالي لثلاث دول لتقويتها وزيادة القدرة الشرائية للحد من الانهيار الاقتصادي جراء العقوبات.

 

ومن هنا طرحت الفكرة (إيجاد عملة ذهبية ) تكون سيارة بين الثلاث دولة، ونوقشت في أروقة المؤتمر الفكرة هل هي عملة جديدة أم تتخذ شكلًا جديدًا.

 

وهنا تدخل عدد من العناصر المشاركة في المؤتمر من الإخوان في طرح فكرة لماذا لا نستنسخ تجربة عملة داعش الذهبية التي أصدرتها في العراق وسوريا في أغسطس من عام  2015م .

 

فقد أصدرت داعش عملتها الذهبية بعد عام واحد فقط من نهب البنك الرئيسي في الموصل عندما اقتحموا المدينة في يونيو 2014، ويعتقد أن التنظيم استولى على ما قيمته 256 مليون دولار نقدية وكمية كبيرة من سبائك الذهب، وهنا تمكن التنظيم من طرح عملة ذهبية من فئة 5 دراهم و10 دراهم و 5 فلس و10 فلسات .

 

كان التنظيم قد أعلن إن العملات الذهبية الجديدة سوف تكسر ما أسماه «الاستعباد الرأسمالي» الذي تسببت فيه الولايات المتحدة، وأوروبا من خلال إصدار قانون احتياطي الذهب العالمي عام 1934م .

 

الاقتراح لقي بالطبع قبولًا كبيرًا في لجنة صناعة المؤتمر، وتم تداوله بقوة لتخرج توصيات بطرح عملة ذهبية فئة 5 و10 دراهم ذهبية خالصة، ووضع على الفور لجنة لدراسة جدوى المشروع ومدي نجاح الفكرة عرضها فيما بعد على بعض الدول  الأخرى .

 

 وفكرة توسيع استخدام الذهب في التجارة فكرة طرحتها معظم الجماعات الإرهابية القديمة، وخاصة تنظيم القاعدة، ففي تصورهم أن العالم سينتهي إلى صراع كبير وتنتهي كافة الوسائل الحديثة ويرجع البشر لوسائل بدائية يستخدمون فيها الخيل والبغال والحمير والسيوف، وستكون العملة الرئيسية في هذا الوقت هي الذهب والفضة وطريقة المقايضة القديمة علي السلع الغذائية بهذا العملات التقليدية  .

طرح ذلك في كتاب «دعوة المقاومة الإسلامية العالمية» لمنظر القاعدة المدعو أبو مصعب السوري فقال: إن تأسيس الجيش العثماني (الانكشارية) كان في البداية بضرب العملة من الفضة والذهب ووضع نظامًا ماليًّا للجيوش المظفرة في ذلك الوقت .

 

ويعتبر الكتاب أن ظهور مناجم الذهب والثروات الطائلة في بعض دول الخليج كانت هى المحرك  الرئيسي لليهود والصليبية العالمية للسيطرة على العالم الحديث؛ لذلك يحرمون الشراء من مصنوعات الكفار، لما يعتبرون تقوية للأعداء بإدخال العملة الصعبة إلى الدول المصدرة  لأن  القاعدة عند الفقهاء في تصورهم: (يمنع تصدير أو استيراد أي شيء فيه تقوية للكفار) و (يسمح بتصدير أو استيراد كل شيء فيه تقوية للمسلمين) وينقلون فتوى العز ابن عبد السلام  المعروف بـ(سلطان العلماء) في غير سياقها «إذا لم يبق في بيت المال شيء وأنفقتم  الذهب وغيرها من الزينة وتساويتم أنتم والعامة في الملابس سوى آلات الحرب، ولم يبق للجندي سوى فرسه التي يركبها يجوز أخذ شيء من أموال الناس في دفع الأعداء ، لأنه إذا دهم العدو وجب على الناس كافة أن يدفعون بأموالهم وأنفسهم».

 

يمثل طرح العملة الذهبية الجديدة من قبل اوردوغان وجماعته والدول المحيط به مشروعا سياسيا كبيرا أفصح عنه أردوغان مؤخرًا بكل وضوح، الرجل حينما انتقد الدول الخمس الكبرى في كلمته في هذا المؤتمر المزعوم، وقال: إن العالم أكبر من تحكم فيه خمس دول، وأن قضايا العالم الإسلامي أصبحت غير مطروحة على الأجندة العالمية وأن تمثيل العالم الإسلامي بشكل عادل على مائدة السياسة العالمية أصبح ضرورة ملحة، إضافة لتركيزه على القضية الفلسطينية وقضايا الأقليات المسلمة حول العالم.

 

تركيا  تطرح  نفسها بشكل يوحي أنها أصبحت قوة عالمية تناطح القوى الكبرى فى العالم من خلال سخرية أردوغان المتكررة من فرنسا وتغوله على أوروبا وعنترياته مع ترامب وأمريكا، ودخوله لسوريا، وحضوريا فى البحر المتوسط وليبيا.

 

هذه الأمور تعطي دلالة واضحة على الانطلاق الفعلي لمشروع تركيا نحو زعامة العالم الإسلامي من خلال المشروع الإخوانى «أستاذية العالم» أو «العثمانية الجديدة» أو «عودة الخلافة».     

 

لقد كانت تجربة داعش ملهمة لتركيا، فرغم كونه تنظيم وليس دولة استطاع بإعلانه الخلافة الإسلامية سحب البساط من أقدام معظم التنظيمات الإسلامية الأخرى، وهاجر إليه الشباب من كل فج عميق ووضع العالم العربي والإسلامي بل والعالم كله فى مأزق كبير وأصبح كابوس يرهب العالم.

 

هذه التجربة التى جذبت الشباب واستقطبت قاطني دول أوروبا أثبتت أن العالم العربي والإسلامي يعج بمشاكل كبيرة من أول الهوية وحتى إحساس المظلومية وقهر التخلف والأزمة الحضارية وهذه أبعاد كانت جاذبة للشباب لتنظيم ساذج أصبح مقلقًا للعالم، من هنا أتى أدراك تركيا والإخوان أن فكرتهم جاذبة، ولها وقع فى الشارع العربي والإسلامي والمحيط العام وبدل من كونها خطوة مؤجلة وحلم يجب أن تسبقه خطوات  أصبحت الآن قيد التنفيذ ومن هنا طرحت العملة الذهبية الموحدة للدول الثلاثة المجتمعة في المؤتمر كخطوة لإعلان أستاذية العالم والخلافة المؤجلة   .

شارك