بحكومة الكفاءات المستقلة.. «نهضة» تونس تناور للسيطرة على مقاليد الحكم
السبت 28/ديسمبر/2019 - 12:57 م
طباعة
أسماء البتاكوشي
لا تتوقف مناورات حركة النهضة التونسية -الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية- للسيطرة على الحكم؛ لكنها في الوقت ذاته تسعى جاهدة من أجل البقاء في الظل، خصوصًا بعد تخلي حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، عن مشاورات تشكيل الحكومة، التي يجريها «الحبيب الجملي» رئيس الوزراء المكلف من قبل الحركة، فلجأت إلى خطة بديلة، وهي إطلاق مبادرة حكومة الكفاءات المستقلة.
ولم يُجر «الجملي» أي لقاءات رسمية مع ممثلي الأحزاب السياسية أو الشخصيات المستقلة؛ خاصة بعد إعلانه تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، مكتفيًّا بالنظر في السير الذاتية التي تلقاها من المستقلين.
ويعكف الجملي على اختيار شخصيات لتعيينها على رأس 15 وزارة كانت ستمنح لشخصيات منتمية لأحزاب سياسية.
وعلى التوازي لاتزال المشاورات غير المعلنة مستمرة بين «النهضة» و«قلب تونس» وبعض رؤساء الكتل البرلمانية.
ووفق بعض التسريبات فإن الجملي ينوي تعيين القاضي «محمد علي البرهومي» على رأس وزارة العدل، واللواء طبيب مصطفى فرجاني على رأس وزارة الصحة.
بينما رشحت حركة النهضة لوزارة الداخلية «سفيان الصيد» رئيس الديوان السابق بوزارة الجماعات المحلية، و«سفيان السليطي» الناطق الرسمي باسم قطب مكافحة الإرهاب المرشح من قبل «ائتلاف الكرامة»، الذي يعد حليفًا لـ«النهضة».
واللافت للانتباه هو إصرار حركة النهضة على السيطرة على وزارة الداخلية؛ حيث إنها تتمسك بتعيين «السليطي»، وكذلك «الصيد»، وأسماء أخرى ملاحقة قضائيًّا؛ لتتمكن من السيطرة على الوزارتين، وذلك بحسب ما قاله هشام العجبوني القيادي في حزب التيار الديمقراطي.
حكومة نهضاوية
وتروج حركة النهضة للحكومة المستقلة إعلاميًّا، وهي حكومة حتى لو أفرزت وجوهًا غير متحزبة، ستكون مقربة من أحزاب سياسية معينة؛ لتنال الثقة بالبرلمان؛ ما ينفي عنها أي استقلالية، الأمر الذي تعتبره الصحف التونسية مناورة نهضاوية يتم الترويج لها؛ لعدم القول إن الحركة هي الحزب الحاكم، وإبعاد الأنظار عن تحالفها مع حزب قلب تونس الذي طالما عادته، وشنت حملات هجومية عليه؛ ما يفقدها ما بقي لها من مصداقية أمام ناخبيها.
بدوره، قال أبو الفضل الإسناوي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عن تقارب «النهضة» من قلب تونس: إن الحركة لجأت لحزب نبيل القروي «قلب تونس»؛ لأنه يمثل المخلص لها، والمنقذ من كل أزماتها الراهنة، نظرًا لتوازي مقاعده في البرلمان معها، وبالتالي لجأت له؛ لأنها وجدت نفسها في حرج كبير.
وتوقع بلحسن اليحياوي، الكاتب والمحلل التونسي، أن تكون الحكومة المقبلة نهضاوية بامتياز؛ ما يأتي عن طريق ترشيح أسماء من الموالين لها دون الانضمام للحركة بشكل علني.
وتابع في تصريحات خاصة لـه أنه بذلك تكون النهضة الرابحة من جهتين، أولها بقاؤها في الحكم من وراء الستار، وتصدير «المستقلين» لسياساتها؛ حيث سيرفع عنها الحرج في حال فشلت الحكومة المستقلة، فستكون بعيدة عن ذلك.
وأشار إلى أن «الجملي» يعتبر حصان طروادة النهضة؛ حيث إنها تحاول جاهدة إنجاح تشكيل المشاورات والتلون على كل شكل؛ لأنه إذا انتهت المهلة المحددة قبل أن يتم الإعلان، فإن رئيس البلاد قيس سعيّد سيكلف شخصية أخرى مستقلة بالمهمة، وهذا ما تخشاه «النهضة» قدر الإمكان.