«شريعة الملالي».. الجَلد بلا عدد عقوبة انتقاد النظام

الأحد 29/ديسمبر/2019 - 12:29 م
طباعة «شريعة الملالي».. نورا بنداري
 
يعمل نظام الملالي دائمًا على التخفى داخل عباءة الدين من أفعاله بحق الشعب والمعارضين له، عبر استحداث قواعد جديدة لا تمت للشريعة الإسلامية بأي صلة؛ والتى كان آخرها استخدام عقوبة «حد الجلد» في معاقبة المعتقلين في سجونه.

ِ

ورغم أن الشريعة الإسلامية لا يطبق فيها عقوبة الجلد إلا في ثلاث حالات وهي: "الزنا" و"قذف المحصنات" و"شرب الخمر"، وأدناها ثمانون وأقصاها مائة جلدة، إلا أن نظام الملالي استحدث شريعة خاصة به، تمكنه من استخدام عقوبة الجلد وفق أهوائه لتصفية حساباته مع معارضيه حتي في الحالات التي لا يستوجب فيها تطبيق حد الجلد.

 

وهناك عقوبة أخري ليس لها حد مقرر شرعًا وهي: «التعزير»، فهي تطبق على كل معصية ليس بها حد ولا كفارة، ومتروك لولي الأمر أو القاضي تقدير العقوبة المناسبة للجريمة، وفي حالة استخدام الجلد فأقصي حد في هذه الحالة وفقًا لاجتهاد علماء الإسلام 39 جلدة.

 


وإذا افترضنا أن نظام الملالي يستند في معاقبته للمعتقلين على عقوبة التعزيز، فإننا نجد أنه وضع حدودًا للجلد غير مطابقة لحدود الشريعة الإسلامية، وتراوحت وفقًا لشريعة الملالي المزعومة ما بين 1100، 138، 100،  74 جلدة، وغير ذلك أيضًا.

تهم جلد الإيرانيين

رغم أن الجلد وسيلة مشرعة فى الشريعة الإسلامية بقواعد محددة، لكن النظام الإيراني استخدمه كوسيلة من وسائل القمع والتنكيل بالمعارضين، ففي مارس 2019، أصدر النظام حكمًا ضد المحامية «نسرين سنودة»، بالسجن 38 عامًا وعقوبة 148 جلدة، ومن التهم التي صدر فيها حكم الجلد كانت أيضًا 74 جلدة بسبب ظهورها علنًا بدون غطاء رأس في جلسات التحقيق، و74 جلدة أخرى بسبب نشرها معلومات كاذبة تسببت في إزعاج الرأي العام بحد وصفه.


وأصدرت محكمة جنايات إيلام جنوب غربي البلاد في أبريل 2019، حكمًا ضد 15 عاملًا شاركوا في تجمع احتجاجي، للمطالبة بأجورهم المتأخرة، اشتمل على السجن لمدة 9 سنوات وعقوبة 1100 جلدة، وفي يناير 2019، حكم على «إلهام أحمدي» عضو جماعة كونابادى الصوفية، بـ148 جلدة بسبب حديثه العلني المنتقد لنقص الرعاية الطبية للسجناء وسوء الأحوال المعيشية في سجن قرچك.


السياط تلهب جلود الصحفيين

لم يسلم الصحفيون أيضًا من تطبيق عقوبة الجلد عليهم، إذ أصدرت منظمة العفو الدولية؛ في يناير 2017 تقريرًا أعلنت فيه أن العديد من الصحفيين والمدونين حكم عليهم بالجلد بسبب عملهم، وبينت أن هناك صحفيًّا تعرض لأربعين جلدة في مدينة «نجف آباد» بمحافظة أصفهان، بعدما زعمت إحدى المحاكم أنه نقل أخبارًا غير دقيقة بشأن عدد الدراجات النارية التي صادرتها الشرطة في المدينة.

وفي يوليو 2017؛ حكمت محكمة إيرانية على الصحفي «محمد رضا فتحي» بـعقوبة 459 جلدة بسبب مزاعم عن "نشر أكاذيب" و"إشاعة القلق في ذهن الجمهور" من خلال الكتابات التي يكتبها، إضافة إلى حالات كثيرة.

وينص قانون العقوبات الإيراني على الجلد بـ74 جلدة إذا أدين المتهم بنشر الأكاذيب وإهانة مسؤولين يؤدون واجباتهم، إضافة إلى أن هذا القانون، يحوي أكثر من 100 جريمة يعاقب عليها بالجلد؛ وتشمل السرقة، والاعتداء، وتخريب الممتلكات العامة أو الخاصة، والتجديف، وغيرها من الأفعال التي قد لا تعتبر فعلًا إجراميًّا تؤدي إلى استخدام العقوبة، مثل دعم ومناصرة حقوق المعلمين، ممارسة شخص شعائر دين مختلف، الاحتجاج على الأجور المتأخرة، استضافة حفل يختلط فيه الجنسان، خلع غطاء الرأس في الأماكن العامة، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة في عام 2018.

افتراء على الشرع

يوضح الدكتور علي محمد الأزهري، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف، أن ما تفعله السلطات الإيرانية من اعتداءات على الصحفيين من أجل تكميم الأفواه يعد ظلمًا فادحًا، وافتراء على الشرع، فالإسلام لم يقل بالجلد من أجل نقل الخبر، ولكن وضع ضوابط للجلد، فلا يكون إلا في الزاني غير المحصن، والقاذف بالزور، وشارب الخمر.
 

وبين «الأزهري» في تصريح له، أن الزاني عقوبته مائة جلدة، ويجلد القاذف ثمانين جلدة، وفى الخمر أربعين الى ثمانين، مشيرًا إلى أن غير هذه الجرائم لا يزيد الجلد عن عشر جلدات، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي بردة الأنصاري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله».

حد الجلد وفقًا للشريعة

ولفت «الأزهري» الى أن حد الجلد عند أصحاب المدارس الفقهية مختلف؛ فقيل أكثره تسع وثلاثون جلدة، وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن، وقيل: إن أكثره خمسة وسبعون سوطًا وهو قول أبي يوسف، وفي رواية أخرى عن أبي يوسف أن أكثره تسعة وسبعون سوطاً وعند المالكية إن أكثره خمسة وسبعون سوطاً، ومنها أنه لا يجاز به الثمانين جلدة، ومنها أنه لا يتجاوز المائتين، ومنها أنه ينتهي إلى ثلاثمائة ولا زيادة عن هذا العدد، وعند الشافعية قيل إن أقصى ما يبلغ به في جلد الحر تسع وثلاثين جلدة وفي جلد العبد تسع عشرة جلدة فما دون، وقيل، لا يزيد على عشرين جلدة للحر والعبد، وتقاس حسب كل معصية فليس هناك من عدد محدد.

 
وأضاف عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، أن التعزير بالجلد قيل أنه لا يزيد على عشر جلدات بالنسبة للحر والعبد، ولا حد لأقله ولا لأكثره، وفي مذهب الحنابلة، قيل إن أكثره عشر جلدات، وقيل أيضًا إنه لا يبلغ به أكثر الحدود، وهي إما أربعون وإما ثمانون، وهناك من قال إنه لا يزاد في التعزير بالجلد على الجناية عن الحد المشروع في جنسها.

شارك